غريمانسا أموروس: الضوء يوحِّدنا جميعاً

أضاءت «نور الرياض» بتركيبها الفني

تصميم «احتضان» الذي عُرض في «نور الرياض»
تصميم «احتضان» الذي عُرض في «نور الرياض»
TT

غريمانسا أموروس: الضوء يوحِّدنا جميعاً

تصميم «احتضان» الذي عُرض في «نور الرياض»
تصميم «احتضان» الذي عُرض في «نور الرياض»

للفنانة الأميركية من أصول بيروفية غريمانسا أموروس، أعمال مستوحاة من الموروث الثقافي المُلهم، والتقاء الماضي بالمستقبل. طُرح تصميمها «AMPLEXUS» (احتضان) في مهرجان «نور الرياض 2022» الشهر الفائت.
يميّزها اعتمادها على سيكولوجية الإنسان، وتأثير نمط الحياة السريع في البشر.
تتفنن في نحت الضوء، فتحاكي أعمالها علاقة المجتمع بالتاريخ والتكنولوجيا والهندسة المعمارية للمدن.
تتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن الاتصال بواسطة الفهم البشري للعالم، واستخدام عناصر الطبيعة الأساسية (النار، والماء، والتراب، والضوء) للغوص في المشاعر الإنسانية، ورابط الفرد مع بيئته الاجتماعية.
تستضيفها متاحف ومؤسسات وجامعات، لإلقاء محاضرات تمكّن شابات، وتجذب فنانين وطلاباً وأساتذة يعملون في الهندسة المعمارية والعلوم والتكنولوجيا. وتُعرض لها أعمال في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، ومتاحف عالمية بينها متحف «لودفيغ» الألماني.
تشرح المقصود بـ«AMPLEXUS»: «هو تركيب منحوت ضوئي يجسّد الهوية العالمية، صُمم خصيصاً للنسخة الثانية من مهرجان (نور الرياض) لاحتضان الوعي المجتمعي والهندسة المعمارية للمدينة، والسحر الجامح للصحراء نفسها».
ألهمَ شروق الشمس وغروبها وكثبان الصحراء في الرياض إنشاء «AMPLEXUS»، بموازاة إعادة تفسير العمارة الإسلامية التقليدية في العصر الرقمي. تقول: «بالنسبة إليَّ، كان الأمر يتعلّق أيضاً بالتوازن. فاللون الأحمر قد يعني الحب والعاطفة للبعض، أما للآخرين فقد يعني الدم أو الشيء الأقوى».

الفنانة الأميركية البيروفية غريمانسا أموروس

لفتت هذه الأمواج المتشابكة من الضوء الأحمر انتباه المشاة في «حي السفارات» بالعاصمة السعودية؛ حيث وقف العمل الفني البارز لغريمانسا أموروس، واستوقف العابرين لالتقاط صور «سيلفي». يسعدها أنّ حضوره لفتهم في قلب المساحة العامة التي يحتضنها، وتأمّلوا ملياً في محاولة استنتاج الأفكار التي ألهمتها لإخراج هذا التركيب الفني بتلك الصورة.
أتى العمل ضمن النسخة الثانية من احتفالية «نور الرياض» الذي انتهت فعالياته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مستضيفاً أكثر من 100 فنان معاصر ينتمون لأكثر من 40 دولة حول العالم، بينهم أموروس.
تكوّن التجهيز الفني من مجموعة أنابيب متشابكة، تشكل نسيجاً متألقاً يسري فيه الضوء بشكل مستمر. اختارت فنانته تصميمه باللون الأحمر الذي يكتسب رمزيات قد تبدو متناقضة عبر ثقافات ومفاهيم مختلفة. فهو -كما قالت أعلاه- لون الحب والدم. فتنها استخدام الضوء منذ أعمالها الأولى، وتعزو سبب اختيار اللون الأحمر لمراقبتها شروق الشمس وغروبها خلال زيارتها السابقة للرياض: «سحرني المشهد اليومي المعتاد، بينما ينعكس على كثبان الصحراء الرملية في البر خارج المدينة».
لِمَ اختيار «AMPLEXUS» (الاحتضان)، اسماً لعملها الفني؟ هي إن كانت في استلهامها لعناصر العمل مأخوذة بالطبيعة، فإنها عبر المواد المستخدمة فيه حاولت إعادة تفسير الرمزيات المميزة للعمارة الإسلامية التقليدية وزخارفها، بشكل قد لا يبدو واضحاً في مخرجات قطعتها الفنية. الأخيرة تميل أكثر لنمط العصر الرقمي بأنابيبها المضيئة، الأمر الذي يفتح مجالاً أوسع للزائرين للخروج بانطباعات وتفسيرات متباينة أثناء تفحصهم لها.
تميل غريمانسا في أغلب أعمالها إلى مزج تركيباتها من النحت الخفيف بالفيديو والصوت والإضاءة: «أجد في المزج مادة غنية تعكس مختلف المشاعر الإنسانية، ومحاولة الحواس إدراك العناصر الطبيعية للبيئة المحيطة بالإنسان، وهو ما يبرز في عملي السابق (قصة حب مستمرة مع المجهول)؛ حيث استلهمتُ مشاهداتي لظاهرة الشفق القطبي الشمالي خلال رحلتي إلى آيسلندا. هناك، أدركتُ القوة التي تحملها هذه التشكيلات الضوئية الطبيعية في السماء، وقدرة الضوء على تجاوز كل الحدود الاجتماعية والجغرافية. الضوء يوحدنا جميعاً».
اكتسب عملها في الرياض صعوبة فنية، ناجمة عن رغبتها في تحقيق التوازن بين المواد المستخدمة، والمزج الواضح بين العناصر الهندسية والتكنولوجيا، وجماليات القطعة الفنية بعد إنجازها.
بحب، تتحدث عنه: «على الرغم من شغفي باستخدام عناصر مختلفة في أعمالي، كألياف الورق المصنوعة يدوياً، والبولي كربونات الشفافة، والمواد المعدنية الخام، بجانب تقنيات الإضاءة، أجد نفسي ملتزمة بألا تؤدي كل هذه العناصر إلى التضحية بالعناصر الجمالية للتركيب الفني».
تُكمل بأنّ «AMPLEXUS» الذي كُلفت بتجهيزه خصيصاً لـ«نور الرياض»، يمثّل نموذجاً لـ«فن التركيب»: «هو نمط من الفنون البصرية المعاصرة التي تعتمد على الأعمال الفنية ثلاثية البُعد، بحيث توضع للعرض في مساحات عامة أو خاصة، بجانب المعارض والمتاحف، تمزج بين فن النحت، واستخدام المواد الطبيعية واليومية، بجانب الوسائط الجديدة، مثل الفيديو، والصوت، والأداء، والواقع الافتراضي، والإنترنت. تهدف غالباً إلى تغيير مفهوم المكان بالموقع الذي أنشئت فيه، سواء كان العمل موقتاً أو دائماً».
طوال مسيرتها، وظَّفت غريمانسا أموروس الضوء كوسيط لإنشاء تركيباتها الفنية التي تدفع الزائرين لإعادة التفكير في عناصر تراثهم الثقافي ومجتمعاتهم، مع علاقة كل ذلك بالتكنولوجيا.
يلتقي الماضي بالمستقبل في فنها، هي التي بدأت مشوارها المهني بدراسة الطب النفسي في بلدها الأصلي بيرو، قبل أن يدفعها شغفها بالرسم والنحت إلى الذهاب أبعد من الهواية. عندها، صقلت ولعها بالخرائط بالالتحاق بمدرسة لتعليم الرسم، إلى أن انتقلت لمواصلة دراستها الفنية في نيويورك. هناك اكتشفت فرصاً جديدة لموهبتها، أخذتها لإتقان الفن ثلاثي البُعد.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.