لم تعد معركة الزبداني وريف محافظة دمشق مقتصرة على العامل العسكري فحسب، بل ثمّة عوامل أخرى دخلت على الخطّ، بات يستخدمها طرفا الصراع، النظام السوري والمعارضة، في الحرب المفتوحة بينهما على غير جبهة، وإذا كان للنظام الأفضلية العسكرية في العاصمة وريفها تسليحًا وعديدًا وعتادًا، فإن المعارضة تمسك بورقة التحكم بتزويد دمشق وأطرافها بالمياه والكهرباء، ما يضطر النظام إلى تقديم تنازلات لها في أكثر من مكان.
ومع الحديث عن انقطاع عشوائي للتيار الكهربائي عن العاصمة دمشق وريفها، وحرمان معظم أحياء دمشق من مياه الشرب ومياه الصرف الصحي منذ أربعة أيام، وإخضاع هذه المناطق إلى تقنين قاسٍ، عزا النظام ذلك إلى النقص الحاد في تأمين المازوت، ما أوقف تشغيل مضخات المياه، إضافة إلى إصابة محولات الكهرباء بأعطال تحتاج إلى أيام لإصلاحها. أعلنت المعارضة أنها هي من قطعت المياه عن أحياء واسعة في العاصمة ومناطق أخرى خارجها تقع تحت سيطرة النظام، كردّ على العملية العسكرية التي يخوضها النظام و«حزب الله» في الزبداني. وتصميمها على إبقاء هذه المناطق محرومة من الطاقة ما لم تتوقف الحرب التدميرية على الزبداني.
وفي ظلّ إصرار النظام على إعطاء مبررات أخرى لإغراق العاصمة في الظلمة والعطش، أعلن عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، أن «فصائل في المعارضة أقدمت منذ أربعة أيام على قطع المياه عن أحياء كثيرة داخل دمشق وخارجها». وأكد الداراني لـ«الشرق الأوسط» أن «قوات المعارضة التي تسيطر على وادي بردى القريب من الزبداني ومياه نبع بردى الذي يعدّ المصدر الوحيد لمياه الشرب ومياه الخدمة التي تغذي دمشق، أقدمت على قطع المياه عن هذه المناطق ردًا على الحرب والحصار المفروضين من قبل النظام وحزب الله على الزبداني»، مشيرًا إلى «محطة عدرة الكهربائية ومحطة الناصري في القلمون الشرقي وفي ريف دمشق تقعان تحت سيطرة المعارضة التي تتحكم بها».
الداراني الذي عبّر عن «رفض المعارضة لأي تفاوض مع النظام حول مسألة إعادة توزيع الطاقة ما لم يوقف عملياته العسكرية في الزبداني ويكفّ عن قصفها بالبراميل المتفجرة»، أشار إلى أن «ورقة الضغط هذه كانت ناجعة من قبل، إذ سبق للمعارضة أن قطعت خلال شهر أبريل (نيسان) المياه عن دمشق وفجرت محطة عدرة الحرارية، ولم تسمح بإعادة المياه والكهرباء إلا بعد أن خضع النظام لشروطها ووافق على إطلاق سراح عشرات النساء المعتقلات من سجونه». وقال: «النظام سيخضع في النهاية لشروط الثوار، إذ إنه لن يستطيع تحمّل انقطاع المياه والكهرباء لفترة طويلة، لأنه بعد أسبوع أو أكثر لن تبقى الأمور على ما هي عليه، فالناس في الداخل لن تسكت، وعندها سيكون مجبرًا على تخفيف ضغط الناس عليه والرضوخ لشروط الثوار». وأعلن الداراني أنه «حتى في المواجهة العسكرية لم يحقق النظام أي تقدم ميداني في الزبداني، بل على العكس انقلب السحر على الساحر، واليوم (أمس) نفذ الثوار هجومًا معاكسًا على الجهة الشرقية للمدينة وكبد النظام خسائر كبيرة، كما قتل ثلاثة عناصر من حزب الله في هذا الهجوم».
في هذا الوقت، بقيت مدينة الزبداني هدفًا لقصف الطيران النظامي السوري، الذي نفّذ ما لا يقل عن 10 غارات على عدة أحياء، فيما استمرت الاشتباكات في محيط المدينة وأطرافها، بين قوات النظام و«حزب الله» اللبناني والمسلحين الموالين للنظام من جهة، ومقاتلي الفصائل المعارضة من جهة أخرى. وأعلن ناشطون عن مقتل عنصرين من «حزب الله» جراء هذه الاشتباكات في محيط المدينة. في حين أعلن موقع «الدرر الشامية» المعارض أن «المقاتلين صدّوا صباح السبت (أمس) هجومًا لقوات الأسد وميليشيا حزب الله على مدينة الزبداني وكبدوهم خسائر في الأرواح». ونقل الموقع عن مصادر ميدانية أن «مواجهات ضارية اندلعت على عدة محاور في الزبداني وتركزت على المحور الشرقي عقب هجومٍ فاشل لقوات الأسد وميليشيا حزب الله بهدف التقدم لاقتحام المدينة وسط قصف بري وجوي مكثف على المنطقة بعشرات الصواريخ والبراميل المتفجرة وصواريخ أرض - أرض وقذائف المدفعيات والدبابات».
أما «حزب الله» فقد نعى ستة من مقاتليه سقطوا في معارك الزبداني يومي الجمعة والسبت وهم: هادي حسن علي أسعد نون، وعباس محمد حايك، وعلي جميل حسين، ومهدي محمود برجي، وحسين خليل منصور، وحسين أحمد حمود، حسبما أفادت مواقع إخبارية لبنانية موالية للحزب.
المعارضة السورية تستخدم سلاح «الماء والكهرباء» في مواجهة النظام
المشهد الميداني على حاله و«حزب الله» ينعى 6 مقاتلين قضوا في اليومين الماضيين
الأحد - 25 شهر رمضان 1436 هـ - 12 يوليو 2015 مـ رقم العدد [
13375]

مقاتلة كردية ضمن وحدة الدفاع الشعبي تنظر إلى آثار الدمار في مدينة عين عيسي بالقرب من الرقة والتي خلفتها المواجهات بين الأكراد وداعش (أ.ف.ب)

بيروت: يوسف دياب