{هدير التعصب} وتجديد الفكر الديني

{هدير التعصب} وتجديد الفكر الديني
TT

{هدير التعصب} وتجديد الفكر الديني

{هدير التعصب} وتجديد الفكر الديني

منذ رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعلي عبد الرازق في بدايات القرن العشرين، أحفاد سقراط هؤلاء الذين كانوا مستعدين مثله لتجرع السم، لم تتوقف دعوات الباحثين ورجال الدين المتنورين لتجديد الخطاب الديني «الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان»، كما صرخ مرة الحفيد الآخر لسقراط نصر حامد أبو زيد، الذي أذاقوه ترياق المنفى، ليموت بعد حين بعلته الدفينة. وها إن الطوفان يجرفنا ولم نفعل شيئا بعد. ما الذي يحول دون ذلك؟ أم إننا أساسا لا نفعل ما يكفي لتحقيقه، أم إننا، ولنقلها بصراحة، لا نرغب بالأمر كله فدونه أهوال وأهوال؟
في الشهرين الأخيرين، صدرت وثيقتان من مصر تدعوان إلى ضرورة تجديد الفكر الديني. الوثيقة الأولى صادرة من مركز ديني وروحي له ثقله في العالم الإسلامي، وهو الأزهر، بعد لقاءات استمرت عدة أسابيع وشاركت فيها مجموعة كبيرة من المفكرين والمثقفين. والثانية صدرت عن وزارة الأوقاف المصرية، وجاءت أيضا «بالتنسيق مع المثقفين والمفكرين ورموز السياسة والفن وعلماء الدين»، كما جاء في الوثيقة.
ولكن ماذا يعني «تجديد الفكر الديني» الذي يخيف البعض، ونقف عاجزين عن إنجازه؟ إنه لا يعني، كما جاء في الوثيقة الثانية، «أكثر من تجريد الخطاب الديني مما علق به من أوهام أو خرافات أو فهمٍ غير صحيح ينافي مقاصد الإسلام وسماحته، وإنسانيته وعقلانيته، ومصالحه المرعية، ومآلاتِه المعتبرة، بما يلائم حياةَ الناس، ويحققُ المصلحة الوطنية، ولا يمس الأصول الاعتقادية، أو الشرعية، أو القيم الأخلاقية الراسخة».
ولكن لكي يكون هذا الخطاب معاصرا، يجب أن يتوجه إلى «إقناع العقل»، كما جاء في الوثيقة الأولى. «وتعزيز المشتركات الإنسانية، وترسيخ المعاني الوطنية، وإشاعة روح التسامح والمودة بين أبناء الوطن جميعًا، واحترام حق التعدديةِ الاعتقاديةِ والفكريةِ». وأشارت الوثيقة إلى أم المصائب، وهي مناهج التربية والتعليم، داعية إلى «بناء مناهج التربية الدينية وأكدت الوثيقة على ضرورة بناء مناهجِ التربية الدينية على معايير ومؤشراتٍ تعززُ الفهمَ الصحيح للدين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وترسخ الاتجاهاتِ الإيجابية».
وترافقت مع هاتين الدعوتين من مصر، دعوة من العراق على لسان عبد اللطيف الهميم، رئيس ديوان الوقف السني، الذي دعا فيه إلى إعادة النظر في الخطاب الديني، لأن «هناك ترهلا وغلوا في الخطاب الديني في العراق»، وذكر أنهم «يعملون على إعداد ورقة عمل جديدة تتبنى نشر الفكر الوسطي للإسلام، ورفض أي خطاب ديني متشدد».
لا يمكن بالطبع تكفير أصحاب هذه الدعوات، أو اتهامهم بـ«العلمانية الملحدة»، كما حصل مع نصر حامد أبو زيد، وعلي عبد الرازق قبله. إنهم مثلهما، ومثل عشرات المثقفين والمفكرين، مع الاختلاف في المفاهيم والمنهج، يدركون أن تجديد الفكر الديني، أصبح مهمة أولى لا تحتمل التأجيل قبل أن يجرفنا الطوفان. غير أن رجال الدين هؤلاء لا يزالون قليلين، ولا تزال أصواتهم خفيضة وسط هدير لا نسمع فيه سوى أصوات التعصب والطائفية المريضة، ونعيق قادم من أغوار سحيقة، كما أن جميع الدعوات لتجديد هذا الفكر، وأوراق العمل، والمؤتمرات هنا وهناك ستتحول إلى مجرد ضوضاء إذا لم تجد تحركا جماعيا على كل مستويات الخطاب الإعلامي والثقافي والتعليمي، كما يقول شيخ الأزهر بحق. إننا بحاجة إلى ورشة عمل كبرى حتى نغير أنفسنا.
لا بديل عن ذلك سوى الطوفان.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.