رثاء عالمي لعمر الشريف.. من «مسقعة» صوفيا إلى «مأزق» باربرا

إهداء «ألف اختراع واختراع» إلى روحه.. والنجوم يتذكرون: «صديق مخلص» و«ملك البريدج»

رثاء عالمي لعمر الشريف.. من «مسقعة» صوفيا إلى «مأزق» باربرا
TT

رثاء عالمي لعمر الشريف.. من «مسقعة» صوفيا إلى «مأزق» باربرا

رثاء عالمي لعمر الشريف.. من «مسقعة» صوفيا إلى «مأزق» باربرا

بينما يستعد المصريون لإقامة مراسم جنازة النجم العالمي عمر الشريف اليوم (الأحد)، حيث تشيّع جنازة نجم هوليوود من مسجد المشير طنطاوي بضاحية التجمع الخامس بالقاهرة، تواصلت أمس ردود الفعل الحزينة ورثاء نجوم العالم للفنان المصري الراحل، الذي نجح في خلب ألباب الكثيرين في الوطن العربي والغرب على السواء، خلال مشواره الحافل، حيث أكد نجوم الفن حزنهم لفقدان الشريف، ذاكرين أبرز ذكرياتهم حوله.
وتوفي الفنان العالمي المحبوب عمر الشريف صباح الجمعة عن عمر يناهز 83 عاما في أحد مستشفيات حلوان، جنوب العاصمة المصرية القاهرة، بعد صراع مع المرض، وتصدر اسمه بالعربية والإنجليزية قوائم الأكثر رواجا (trends) على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم.
وعانى الممثل المصري من مشكلات صحية في القلب خلال الفترة الماضية، إضافة إلى كونه كان يعالج من داء «ألزهايمر» وبعض أمراض الشيخوخة، وقد تم نقله مؤخرا من مقر إقامته في مدينة الغردقة إلى مستشفى «بهمن» للطب النفسي بضاحية حلوان حيث وافته المنية نتيجة أزمة قلبية.
وكانت رحلة الراحل عمر الشريف حافلة في مجال العمل السينمائي في مصر والعالم، حيث رُشح لنيل جائزة الأوسكار عن دوره في فيلم «لورنس العرب»، فيما نال جائزة الـ«غولدن غلوب» ثلاث مرات، إحداها عن دوره في «دكتور زيفاجو»، والاثنتان الأخريان عن دوره في «لورنس العرب»، بالإضافة إلى جائزة سيزار الفرنسية عن دوره في الفيلم الفرنسي «السيد إبراهيم وزهور القرآن».
وخلال الفترة الأخيرة، حرص الشريف على تمثيل عدد من الأدوار التي تحض على التسامح، ومن بينها الفيلم الفرنسي «السيد إبراهيم»، وكذلك الفيلم المصري «حسن ومرقص» مع النجم المصري عادل إمام. إلى جانب مشاركة في فيلم قصير أخير بعنوان «ألف اختراع واختراع وعالم ابن الهيثم»، والذي سيعرض قريبا خلال العام الحالي في إهداء إلى روحه. ويؤدي الشريف دور الجد الحكيم في الفيلم الذي تم تصويره في لندن، حيث يقوم بمساعدة حفيدته على حل واجبها المدرسي الصعب في مادة العلوم من خلال سرده قصة الحسن ابن الهيثم المثيرة.
وفور إعلان نبأ وفاة النجم العالمي، توالت على مواقع التواصل الاجتماعي رسائل الحزن والرثاء من أركان العالم، وبرزت كلمات نجوم عالميين تذكروا لحظات فارقة من حياتهم مع الشريف.
ونشرت النجمة العالمية صوفيا لورين صورة تجمعها بالشريف على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، كتبت عليها «ارقد في سلام». وكانت لورين شاركت الشريف بطولة فيلم «More Than A Miracle» (أكثر من معجزة) عام 1967، إخراج فرانشيسكو روسي، حيث توطدت بينهما صداقة طويلة. وحكت صوفيا في مذكراتها عن موقف طريف خلال تصوير الفيلم قائلة إنه «أثناء التصوير في روما كنا نعاني من قلة جودة الطعام المحضّر لنا، مما دفعنا للاكتفاء بالشطائر، وفي يوم ما نظر إلي عمر الشريف بعينيه السوداوتين، وقال: كيف تأكلين هذا الهراء؟ وتمنى في هذه اللحظة أن يتناول مسقعة باذنجان من إعداد والدته».
أما النجمة العالمية باربرا سترايسند، والتي أثار اعترافها بدولة إسرائيل غضبا عارما في مصر ضد عمر الشريف لكونه أحد أصدقائها، فنشرت على صفحتها بمواقع «تويتر» و«إنستغرام» عدة صور جمعتها بالنجم العالمي الراحل، والذي وصفته بأنه «نجمها الأول بالأفلام، فهو كان وسيما ومتطورا وساحرا»، مؤكدة أنه «كان فخورا بأنه مصري».
وعبرت باربرا لمجلة «فارايتي» عن مدى حزنها الشديد على رحيل الشريف، قائلة: «كان الشريف أول الرجال الذين وقفت أمامهم في السينما، في بداية مسيرتي في عام 1968. في فيلم Funny Girl (فتاة مرحة). لقد كان وسيمًا ورفيع الذوق وفاتنًا». وأضافت سترايسند: «لقد كان مصريًا صميمًا، وهذا ما جعل اختياره للفيلم مثيرًا للجدل، ولكن تحت قيادة المخرج ويليام وايلر، تغلبت العلاقة الرومانسية بين نيكي آرنستين وفاني برايس على أي تحيز أو أنماط مسبقة.. أنا محظوظة بعملي معه وحزينة للغاية بسبب وفاته».
أيضا نعى النجم العالمي أنطونيو بانديراس صديقه النجم المصري العالمي الراحل عمر الشريف، والذي شاركه بطولة فيلم «The 13th Warrior» (المحارب الثالث عشر)، قائلا عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «لقد كان راويا عظيما، وصديقا مخلصا وروح حكيمة».
وبدوره، نعى الممثل البلجيكي جين كلود فان دام رحيل الشريف، حيث نشر صورة تجمعهما قائلا عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «اليوم، أشعر بحزن شديد للعالم؛ لفقده رجلا عظيما.. كل ما عندي هو تقديم تعازي لأسرة وعشاق الفنان عمر الشريف».
وقال الفنان العالمي جوش جاد عبر حسابه على «تويتر»: «حزين لمعرفة خبر وفاة عمر الشريف، فقد نشأت على (لورانس العرب) و(دكتور زيفاجو)». بينما عبرت النجمة التلفزيونية المعروفة مورغان فيرتشايلد، التي كانت إحدى بطلات مسلسلات أميركية شهيرة على غرار «Dallas» و«Falcon Crest»، عن حزنها، واصفة الشريف بأنه «رجل جميل الطباع وكريم جدا»، وذكرت أنها عشقت مقابلة هذا الرجل الذي تميز بشخصية رائعة.
وعلق المخرج رولاند إيمريخ، صاحب أفلام يوم الاستقلال «Independence Day» ويوم بعد غد «The Day After Tomorrow»، بقوله: «حزين جدا لوفاة عمر الشريف، محظوظ لأنني تمكنت من العمل مع هذا الممثل الأسطوري، أرسل حبي لعائلته». وكان إيمريخ قد استعان بالشريف كراو صوتي في فيلم «10 آلاف عام قبل الميلاد» «BC 10.000» عام 2008.
وقال الفنان يوجين سيمون، بطل السلسلة التلفزيونية الشهيرة «لعبة العروش» (Game of Thrones) عبر حسابه على «تويتر»: «عمر الشريف، يا له من عمل مذهل قدمته للعالم، فلترقد في سلام». بينما كتبت الإعلامية روز أودنيل: «نيكي آرنستين؛ يا له من اسم جميل، شكرًا عمر الشريف»، وذلك في إشارة منها إلى دوره في فيلم «فتاة مرحة» مع باربرا سترايسند.
وقال الإعلامي لاري كينغ: «أعرف عمر الشريف جيدًا وأحترمه. مشرق، صريح، محترم.. شخص رائع ومتمكن في لعبة البريدج.. سأفتقدك يا عمر».
وأما الممثلة دانا ديلاني، بطلة مسلسل زوجات يائسات (Desperate Housewives)، فأرسلت قبلة إلى الممثل الراحل وقالت له: «نعم لدكتور زيفاجو، لكن نيكي آرنستين.. نيكي آرنستين يا له من اسم رائع». وأيضا، نشر الفنان الإيطالي جيوليو باس صورة تجمعه بالشريف، عبر صفحته على موقع «تويتر»، معلقا: «حبيبي عمر الشريف، في قلبي دائمًا.. ارقد في سلام».
كما شارك العديد من النجوم في رثاء لا يتوقف لعمر الشريف، وكان من بينهم فينسينت دونوفريو، ماثيو مودين، ونديل بيرس، رالف ماكيو، أليك بالدوين، روز ماغوين، دانا ديلاني، روزي أودونيل، وآخرون.
وأفردت الصحف العالمية تغطية موسعة لنبأ وفاة ورثاء الشريف، ومن بينها الصحف البريطانية والأميركية والفرنسية والإيطالية على وجه الخصوص.
كما نعت نقابة المهن السينمائية المصرية الشريف، قائلة: «رحل في صمت دون ضجيج لورنس العرب، محسب، أحمد، أيوب السينما المصرية.. بنفس مطمئنة. رحل بعد أن أسدى للسينما المصرية والعالمية العديد من الأعمال الفنية المتميزة والرائدة. المواطن مصري ترك عالمنا بعد رحلة عطاء تحمل في طياتها تراثا سينمائيا وفنيا سُطر في صفحات التاريخ بحروف من نور لتكون نبراسا يضيء الدروب للأجيال القادمة. نهر الحب غادر مصر ولم يهجرها، فهي في قلبه. وقف مناضلا مدافعا في المحافل العالمية، يستدعى فيحضر رمزا مضيئا. أحببنا في الأراجوز الإنسان الذي يجوب النجوع ليحكي التاريخ، يتحمل الجحود والنكران، لكنه شاهد عيان يفضح الفساد ويتحدى قوى الشر. نشاطركم وجموع فناني مصر والوطن العربي والعالم رحيل فتى الشاشة العملاق الفنان الراحل عمر الشريف، أسكنه الله فسيح الجنات وألهمنا جميعا الصبر والسلوان، وداعا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».