من شهرزاد إلى شهريار.. حوّل

من شهرزاد إلى شهريار.. حوّل

الأحد - 26 شهر رمضان 1436 هـ - 12 يوليو 2015 مـ
لقطة من شهرزاد إلى شهريار

* في أواخر شهر مايو (أيار) سنة 2010 تبادلت أطراف الحديث مع المنتج الأميركي جيري بروكنهايمر. كان أقام مؤتمرًا صحافيًا لترويج فيلمه «رمال الزمن» الذي قام ببطولته جايك جيلنهال وغيما ارترتون وبن كينغسلي من بين آخرين.
بينما كان الصحافيون يطرحون الأسئلة على جايك وغيما، كنت أقف في الرواق مع ذلك المنتج الذي التفت إليّ، بعد تقديم نفسي ببضع دقائق وقال: لا تفهمني خطأ، أنت عربي. أليس كذلك؟ هززت برأسي موافقًا ومنتظرًا سؤالا أو تعليقًا في السياسة، لكنه فاجأني قائلاً: هل قرأت «ألف ليلة وليلة»؟ أجبته: «أكثر من مرّة».
هو: هو كتاب مشهور بين العرب اليوم كما كان مشهورًا في السابق، أليس كذلك؟
أنا: نعم. ما زال معروفًا بالطبع.
هو: هل صنعتم أفلاما مقتبسة عن حكاياته؟
أنا: هناك بضعة أفلام قديمة دارت حوله. أفلام ومسلسلات تلفزيونية.
هو: بشكل كامل؟
قلت: ماذا تعني؟
هو: أقصد الكتاب كاملاً ولو على أجزاء؟
أنا: لم أتابع المسلسلات عنه لكني أعتقد أنها حاولت سرد عدد من حكاياته على نحو متتابع. في السينما تم استخلاص جزء قليل منه.
قال: لماذا لا يتم إنتاج فيلم سينمائي كبير.. واحد من تلك الإنتاجات الضخمة عنه.. أعتقد أنه يستحق.
أنا: أعتقد أيضا أنه يستحق. لكن هذا يتطلب مواهب بشرية في كل خانات العمل. ويتطلب ميزانية ضخمة.
لمعت عيناه وصمت لفترة ثم قال: تراودني فكرة تحويله، لكني لم أتخذ قرارًا بعد.
من الباب المفتوح سمعنا ما يشير إلى انتهاء المؤتمر الصحافي. تصافحنا ودخل هو إلى القاعة. فكرت أن ألحق به وأخبره أنني حاضر لمهمة كتابته، لكني لم أعتد على استغلال الفرص. ربما كان علي أن أفعل ذلك. ربما خلال هذه السنوات الخمس كنا سنرى فيلمًا تاريخيًا مستوحى من هذا الكتاب العالمي الذي يتردد اسمه في كل مكان حتى اليوم وسيتردد اسمه في المستقبل أيضًا.
> مهما كانت النتيجة ستكون أفضل من المسلسل الحالي المعروض تحت العنوان نفسه، «ألف ليلة وليلة» المعروض على شاشات عدّة هذا العام.
إنها الحكاية المعتادة: الملك شهريار (شريف منير) يكتشف خيانة زوجته له فيقرر أن يتزوج ويقتل كل يوم امرأة. من بين الفتيات اللواتي تم سوقهن إليه للغاية دينا (هنا الزاهد) لكن شقيقتها شهرزاد (نيكول سابا) تتدخل لإنقاذ شقيقتها عن طريق سرد حكاية طويلة مسلسلة تبدأ من وقت متأخر من الليل حتى الفجر. تتوقف عند موقف معيّن مما يجعل الملك مترددا في قتلها أو قتل أختها فهو يريد أن يسمع باقي الحكاية.
طبعًا التقارب بين ما ترويه شهرزاد من حكايات وبين طبيعة المسلسل الرمضاني واضح. كلاهما يروي نتفًا من الأحداث ويخبئ الباقي منها إلى اليوم التالي. لكن في حين أن قراءة الكتاب تحمل تشويقًا حقيقيًا، لا يبلور المسلسل تشويقا يذكر لا من خلال حكايات شهرزاد ولا من خلال حكايات الملك شهريار.. فالمسلسل يروي أيضا ما يحدث معه في مملكته.
التوليفة معقولة، من ناحية لدينا حكايات شهرزاد ومن ناحية صار لدينا حكايات للملك شهريار. واحدة من أصول الرواية (مع كل التحريف الممكن) والأخرى من بنات أفكار المؤلّف محمد ناير. لكن ما لا يتم على النحو المقبول ذاته هو توزيع الأحداث مع فوارق تثري هذا التنوّع. لا حكايات شهرزاد تعرف كيفية سرد وصيانة الغرابة الفانتازية التي في الحكايات الأصلية، ولا حكايات شهريار تتجاوز المعالجة غير المبهرة التي خص بها المخرج رءوف عبد العزيز مادته.
لا فواصل بصرية بين الحكايتين، وكلاهما منطوق باللهجة المصرية (كان يمكن لإحداهما أن تختلف) ولا الإخراج لديه الحماس والرغبة في تقديم ما هو أعلى من السرد التقليدي بكل جوانبه أداء وتنفيذًا وتصويرًا.
في إحدى الحلقات الماضية تعرض الكاميرا مشهدًا لقرية مع أربعة أولاد (بقامات مختلفة الطول) وهم يلعبون لعبة السيف الخشبي. الطويل جدًا ضد القصير جدًا والأربعة يلامسون اللعبة بحذر وتصنّع. خذ هذا وقسه على ما هو أكبر وأهم تجد الثغرات هي ذاتها على حجم أكبر.
في حلقة أول من أمس تخرج إحدى الممثلات من خيمتها في الصحراء مرتدية ثيابًا مكشوفة من فوق وضيّقة من تحت.
> في نهاية فيلم Chinatown لرومان بولانسكي، يحاول جاك نيكولسون فعل شيء حيال مقتل فاي داناواي، يمسك بذراعه أحد رجال الشرطة ويقول له: Forget it‪,‬ it‪›‬s Chinatown.


اختيارات المحرر

فيديو