كيف تأثرت تكاليف الزفاف بالتضخم في مصر؟

الفنانة شيرين رضا تحدثت عن إلغاء حفل زواج ابنتها

الفنانة شيرين رضا (صفحتها الرسمية على فيسبوك)
الفنانة شيرين رضا (صفحتها الرسمية على فيسبوك)
TT
20

كيف تأثرت تكاليف الزفاف بالتضخم في مصر؟

الفنانة شيرين رضا (صفحتها الرسمية على فيسبوك)
الفنانة شيرين رضا (صفحتها الرسمية على فيسبوك)

أعاد حديث الفنانة المصرية شيرين رضا، الذي ذكرت فيه أنها «لن تقيم حفل زفاف لابنتها نور، وهي ابنة الفنان عمرو دياب» النقاش مجدداً حول أزمة ارتفاع تكاليف حفلات الزفاف، خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو ما طرح تساؤلاً حول «كيف تأثرت تكاليف الزفاف بالتضخم في مصر»؟
وقالت شيرين رضا: «ليس لدينا أفراح، ولن نقيم حفل زفاف، لأننا لا نؤمن بهذه الأشياء، وعمري ما ارتديت فستان فرح إلا في التمثيل فقط». وأوضحت في تصريحات متلفزة: «لماذا لا يستغلون هذه الأموال بدلاً من شراء فستان، وتجهيز قاعة أفراح بتكاليف كبيرة»، مضيفة: «زفاف ابنتي سيكون صغيراً ويقتصر على أهل العروسين».
وطرحت تصريحات شيرين رضا السؤال مجدداً حول تأثير التضخم على تكاليف الزواج، وما يصفه خبراء ومراقبون بـ«المغالاة» في الكثير من التفاصيل. وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التضخم أثر على كل شيء، لذلك من الطبيعي أن يؤثر ذلك على تكاليف الزفاف»، موضحاً: «سوف تلجأ كل شريحة اجتماعية إلى طريقتها في التعامل مع الأزمة، البعض سيلغي حفل الزفاف، والبعض سيحاول الاقتصاد في مصاريف أخرى، فالكثير من التفاصيل المتعلقة بالزواج، أصبحت رفاهية لأن الناس تدبر نفقات الحياة الأساسية بصعوبة».
وشهدت مصر إطلاق الكثير من المبادرات الشعبية والرسمية لمواجهة ارتفاع تكاليف الزواج، ومواجهة «المغالاة»، وفي يونيو (حزيران) الماضي، أطلق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر مبادرة على مستوى محافظات مصر تحت عنوان «لتسكنوا إليها» بهدف مواجهة التكاليف الباهظة للزواج، و«القضاء على العادات السيئة والمتبعة في الزواج»، ومنها المغالاة المادية.
وتضمنت المبادرة عدة محاور حينها، منها، قراءة الفاتحة «خطبة مبدئية» بـ«دبلة» فقط، دون الحاجة إلى الشبكة «مصوغات متعددة الأشكال»، والاتفاق بين الأسرتين على الذهب بالقيمة وليس بالغرامات، وذلك لمواجهة ارتفاع الأسعار، والاقتصار على الأجهزة الضرورية لمنزل الزوجية، وتقليل الهدايا المتبادلة خلال فترة الخطبة.
ووصفت الدكتورة سامية خضر، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، المغالاة في تكاليف الزواج بأنها «عادات اجتماعية مرضية». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة الاقتصادية العالمية ستدفع الكثيرين إلى التخلص من مرض اجتماعي يسمى (المظاهر)، فأي أسرة تقارن قيمة شبكة ابنتها بقيمة شبكة أقاربها أو صديقاتها، وهو ما يطلق نوعاً من السباق».
وبلغ عدد حالات الطلاق عام 2021 نحو 245 ألف حالة طلاق وفق تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بزيادة 13 في المائة عن عام 2020 حيث بلغ العدد 222 ألف حالة طلاق. وبلغ عدد حالات الزواج الرسمية عام 2020 نحو 876 ألف عقد زواج، ارتفع عام 2021 إلى 880 ألف عقد زواج. ووفق التقرير «تحدث حالة طلاق واحدة كل دقيقتين في مصر، و25 حالة في الساعة».
وأوضحت خضر: «قبل سنوات كان لدى المصريين قدرة على التكيف مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي، لكن تغير الكثير من الظروف الاجتماعية جعلهم يهتمون بـ(المظاهر)، فيمكن أن تجد شاباً لا يعمل، لكنه يحمل هاتفاً بآلاف الجنيهات، وهكذا يغالي الناس في كل المظاهر ومنها الزواج، نغالي في الشبكة وتجهيز المنزل بأشياء ليست ضرورية، وإقامة حفل زفاف كبير».



مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».