إيران تنفذ علناً حكماً بإعدام أحد المحتجين

نفذت السلطات الإيرانية، أمس الاثنين، أول إعدام علني منذ عام 2016، بهدف زرع الخوف في نفوس المواطنين، وهو أيضاً الإعدام الثاني خلال أسبوع على ارتباط بحركة الاحتجاجات المتواصلة في البلاد منذ نحو 3 أشهر، رغم التنديدات الدولية باللجوء إلى هذا التدبير في حق المشاركين بالمظاهرات السلمية. وذكر موقع «ميزان أونلاين» التابع للسلطة القضائية الإيرانية، أن محكمة بمدينة مشهد في شمال شرقي البلاد حكمت على مجيد رضا رهنورد بالإعدام بعدما أدين بتهمة قتل عنصرين من القوى الأمنية طعناً بسكين وجرح 4 أشخاص آخرين. وأوضحت أنه شنق علناً في المدينة وليس داخل السجن.
وأعلن جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن التكتل سيتفق على حزمة عقوبات «صارمة للغاية» على إيران. وأضاف في تصريحات قبل اجتماعه بوزراء خارجية دول «الاتحاد»، أمس: «سنقر حزمة عقوبات صارمة للغاية، وسنتخذ أي إجراء بمقدورنا لدعم الشابات والمتظاهرين السلميين».
وأتى تنفيذ حكم الإعدام هذا بينما لا يزال صدى التنديدات الدولية يتردد جراء أول عملية إعدام نفذتها إيران بأحد المحتجين، يوم الخميس الماضي، وهو محسن شكاري (23 عاماً) الذي أدين بتهمة جرح عنصر من ميليشيات «الباسيج» وقطع إحدى الطرق في بداية الحركة الاحتجاجية، لكن الإعدام العلني أمس هو الأول منذ مطلع مارس (آذار) 2016، عندما أعدمت السلطات الناشطين الأحوازيين علي عفراوي ومهدي نواصري في مدينة الأحواز.

- زيارة والدة رهنورد
وكشف حساب «1500 تصوير» عن زيارة والدة رهنورد إلى السجن بعد اعتقاله دون أن يخبرها رجال الأمن عن الإعدام، وغادرت المكان بابتسامة على أمل الإفراج عن ابنها. وذكرت تقارير أن والدة رهنورد وصلت في اللحظات التي كانت قوات الأمن تقوم فيها بدفن ابنها دون علم أسرته.
من جانبها، نشرت وسائل الإعلام الحكومية صوراً من محكمته بينما كانت يده ملفوفة بالجبس، مما أثار انتقادات من منظمات حقوقية حول تعرضه للتعذيب وانتزاع اعترافات قسرية.
وكانت منظمات حقوقية حذّرت، أول من أمس، من أن كثيراً من الإيرانيين معرضون لخطر الإعدام الوشيك في إطار موجة الاحتجاجات التي تعدّ أكبر تحد للنظام الإيراني منذ إطاحة حكم الشاه في 1979، فيما تعدّها إيران «أعمال شغب» يشجعها خصومها الأجانب. وكان القضاء الإيراني أعلن قبل تنفيذ عمليتي الإعدام هاتين، إدانة 11 شخصاً بالإعدام حتى الآن على خلفية الاحتجاجات، لكن نشطاء يقولون إن نحو 12 آخرين يواجهون تهماً قد تؤدي إلى إنزال عقوبة الإعدام في حقهم. وكان الإعلان عن تنفيذ حكم الإعدام الأول بحق شكاري قد أثار تنديدات كثيرة في الخارج وفي الأمم المتحدة.
وقال أوميد ميماريان؛ كبير محللي الشؤون الإيرانية في منظمة «ديموكراسي فور ذي آراب وورلد ناو» بعد عملية الإعدام الثانية: «لم تتم مراعاة الأصول القانونية في هذه المحاكمات الصورية. فبهذه الطريقة يريدون وقف الاحتجاجات المنتشرة على الصعيد الوطني». وكان رهنورد أوقف في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما كان يحاول الفرار من إيران، وفق موقع «ميزان أونلاين». وتهزّ احتجاجات إيران منذ نحو 3 أشهر إثر وفاة الشابة مهسا أميني بعدما أوقفتها «شرطة الأخلاق» بتهمة خرق قواعد اللباس الصارمة المفروضة على المرأة في إيران.

- تنديدات دولية
وأعلنت نيوزيلندا أمس فرض عقوبات على 22 مسؤولاً إيرانياً؛ على رأسهم قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، وقائد «الباسيج» غلام رضا سليماني، وقائد الشرطة حسين اشترى، ومحمد رستمي قائد «شرطة الأخلاق». وطالبت فرنسا، أمس، إيران بوقف الإعدامات، وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنه يتعين على الحكومة الاستماع للرغبات المشروعة للشعب الإيراني. وأكدت وزيرة الخارجية، كاثرين كولونا، مجدداً إدانتها ما وصفتها بـ«السياسة الوحشية المتمثلة في القمع والاعتداءات على الحريات الأساسية في إيران».
وقالت أيضاً وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أمس على هامش اجتماع مع نظرائها بالاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن حزمة العقوبات على إيران التي يناقشها الاتحاد تستهدف بشكل خاص المسؤولين عن «هذه الجرائم التي لا تُصدق»، موضحة أن هؤلاء هم أفراد من «الحرس الثوري» على وجه الخصوص، وكذلك أولئك الذين يحاولون ترهيب الأشخاص أو معاقبتهم، ووصفت الإعدامات الأخيرة في إيران بـ«محاولة سافرة لترهيب» المحتجين.
كما كتبت الممثلة الألمانية لدى البرلمان الأوروبي، هانا نيومان، في تغريدة على «تويتر»: «أُعدم متظاهر ثان في إيران. اتصلوا بوالديه في الصباح وأبلغوهما بإعدامه، لذلك لم يتمكن والداه حتى من رؤيته للمرة الأخيرة. هذه محض قسوة». وقالت وزيرة خارجية السويد، مارغو والستروم، في تغريدة على «تويتر»: «أعدمت إيران مجيد رضا رهنورد، البالغ من العمر 23 عاماً، في ثاني إعدام وسط احتجاجات، بعد إعدام محسن شكاري في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. يجب أن ندين هذا، ولكن لا يكفي مجرد إدانة هذا العمل الوحشي والشرير». وأضافت: «ما يجب على المجتمع الدولي فعله الآن: تصنيف (الحرس الثوري) منظمة إرهابية. وفرض حظر السفر وتجميد أصول النظام، وسحب التأشيرات الخاصة بهم وتأشيرات ذويهم المقيمين في الخارج».
وعدّت واشنطن؛ بين ردود فعل أخرى، أن إعدام شكاري «تصعيد مروع»، متوعدة النظام الإيراني تحميله مسؤولية ممارسة العنف «في حق شعبه». كما فرضت المملكة المتحدة وكندا عقوبات جديدة على إيران بعد عملية الإعدام الأولى.

- تنديدات إيرانية
في غضون ذلك، أدانت شخصيات وممثلات إيرانيات بارزات إعدام رهنورد؛ إذ كتبت الممثلة غلشيفته فراهاني؛ المقيمة في باريس، على «إنستغرام»: «صمتكم ورد الفعل من قبلكم يعنيان دعم الظلم والنظام. أن يأتي ممثل الاتهام العام بسكين في المحكمة وينسبها إلى مجيد رضا رهنورد، يذكرنا بالاعترافات القسرية وفبركة قضية ضد المصارع نويد أفكاري. هذا أكبر مقصلة (جهاز تعذيب) في التاريخ».
ونشرت الممثلة هانية توسلي؛ التي تقيم في إيران، صورة حداد عبر حسابها في «إنستغرام»، وكتبت: «أوضاع حياتنا الصادمة تتخطى العقل».
وكتبت الممثلة البارزة مهناز أفشار، في تغريدة على «تويتر»، أن «نظام الجمهورية الإسلامية... قاتل الحياة والشباب والجمال... قاتل ومدمر إيران... العار لك».
وقالت الناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد؛ المقيمة في الولايات المتحدة، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «جريمة مجيد رضا رهنورد كانت الاحتجاج على مقتل مهسا أميني، وطريقة النظام في التعامل مع الاحتجاجات هي الإعدام. على الاتحاد الأوروبي استدعاء سفرائه».
وقالت منظمات حقوقية إن استخدام إيران عقوبة الإعدام هو جزء من حملة القمع التي تقول المنظمات إنها أدت إلى مقتل 500 شخص في الأقل على أيدي قوات الأمن. وأوقف على خلفية المظاهرات ما لا يقل عن 14 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.
وتعدّ إيران ثاني أكبر منفذ لعقوبة الإعدام في العالم مع إعدام أكثر من 500 شخص خلال السنة الحالية؛ وفق «منظمة حقوق الإنسان في إيران». إلا إن تنفيذ حكم الإعدام علناً قليل الحدوث في إيران.