دعوات سورية لمواجهة الأزمات بـ«إضراب عام»

سوري يمر بجانب أجهزة تدفئة معروضة للبيع في إحدى أسواق دمشق (رويترز)
سوري يمر بجانب أجهزة تدفئة معروضة للبيع في إحدى أسواق دمشق (رويترز)
TT

دعوات سورية لمواجهة الأزمات بـ«إضراب عام»

سوري يمر بجانب أجهزة تدفئة معروضة للبيع في إحدى أسواق دمشق (رويترز)
سوري يمر بجانب أجهزة تدفئة معروضة للبيع في إحدى أسواق دمشق (رويترز)

بدأ السوريون في مناطق سيطرة النظام السوري وفي خارجها بالضغط على النظام من أجل إيجاد حل لأزمات خانقة تعصف بالبلاد والأهالي، أبرزها أزمة شح شديد للمحروقات تسببت بشل الحياة بشكل شبه كامل، وذلك عبر الدعوة إلى إضراب وإغلاق عام احتجاجاً على غياب الحلول، بعدما وصل حال السكان إلى «أسفل السافلين، من جوع وفقر وذل وهوان».
وذكر موقع «صوت العاصمة»، أن السوريين يتداولون عبر وسائل التواصل الاجتماعي دعوة للإضراب والإغلاق العام احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية. ونشر نص الدعوة نقلاً عن أحد المراسلين، وذكر أنها بدأت بالوصول إلى الناس عبر وسائل التواصل منذ ثلاثة أيام.
كما نشر المعارض السوري أيمن عبد النور، المقيم في الخارج، نص الدعوة في صفحته على موقع «فيسبوك» وجاء فيها: «دعوة إلى جميع السوريين في الداخل السوري إلى إضراب عام واعتكاف في يوم الخميس الواقع في ٢٢ ديسمبر (كانون الأول) من العام ٢٠٢٢ وذلك احتجاجاً على غياب الحلول وسط الحالة المزرية التي عصفت في البلاد». وأوضح أصحاب الدعوة في النص، أنهم «مجموعة من السوريين في الداخل والخارج»، وأعلنوا عن تصميمهم للمشاركة ودعم الإضراب العام في سوريا. وذكروا أن الإضراب يشمل ثلاثة قطاعات أساسية هي: المحلات والشركات التجارية، والجامعات، والقطاع الحكومي باستثناء القطاع الصحي والطوارئ.
وخوفا من الملاحقات الأمنية، يتداول كثير من الأهالي في دمشق ومحيطها الدعوة في أحاديثهم الجانبية والغرف المغلقة، وأكد أحدهم لـ«الشرق الأوسط» أنها «وصلت إلى الآلاف»، وقال: «هناك متحمسون. على ماذا ستخاف الناس، على فقدان وظيفة مرتبها بات فرنكات؟». وأضاف «إن أتيح المجال أمام كثير من الموظفين فلن تجد موظفا نزيها في مؤسسات النظام، لأن بائع بسطة أو سجائر أرباحه في يوم واحد تعادل قيمة الراتب الشهري لموظف حكومي».
لكنّ آخرين ممن وصلتهم الدعوة أبدوا تخوفا من المشاركة، وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إن «كان الأمر سيقتصر على الطرد من الوظيفة فهذا أمر بسيط، ولكنه حتما سيصل إلى الاعتقال، وفصل الطلاب من الجامعات وتدمير مستقبلهم، عدا عن المضايقات التي سيتعرض لها أهالي الذين سيشاركون».
وقال أصحاب الدعوة في نصها: «لقد وصل الحال في سوريا إلى أسفل السافلين، من جوع وفقر وذل وهوان. غابت عنا جميع مقومات الحياة من ماء نظيف وقدرة شرائية وتعليم جيد وخدمة صحية وتدفئة وكهرباء وغاز ومواصلات. بتنا كسوريين نعيش اليوم وننتظر مماتنا فيه لأننا لا نستطيع الإكمال بهذه الطريقة». وأضافوا «يراهن الكثير على خوفنا وضعفنا من بطش الأداة الأمنية ونحن دون داعم ولا شريك. لذلك قررنا كمجتمع سوري مدني (...) بالبدء بهذا الاعتكاف».
وبعدما شدد أصحاب الدعوة على أنهم لا يقبلون دعما من أي دولة خارجية، أوضحوا أنهم يعلمون أن «الخروج إلى الشارع ليس بالأمر السهل (...) لذلك ومع فقدان المواد الأساسية من المحروقات وتوقعاتنا بشلل قدرة الأداة الأمنية على ضرب حركتنا، وجدنا أن الحل الأفضل هو الاعتكاف في المنزل دون الذهاب للعمل».
وأشاروا إلى أن الشعب الإيراني اليوم «يقوم بنفس الطريقة وهو يحرز حالياً انتصارات ميدانية ستجدي لا محال إلى تحريره من الضياع والألم. لذلك، نرجو من الجميع تناقل هذه الرسالة عبر الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي (...) ونطلب من كل الأشخاص المؤثرين في الشارع السوري تبني هذه الخطوة». وقالوا: «نحن فقط سئمنا من انهيار أحلامنا وضياع مستقبلنا. لذلك ندعو الجميع للانضمام إلى هذا الاحتجاج (...) نريد جميعاً المشاركة بالاحتجاج والاعتكاف».
وطلبوا من الفنانين والإعلاميين والمؤثرين ورجال الدين ورجال الأعمال والمنظمات الإنسانية والنسوية والتعليمية والأطباء والمهندسين والعلماء والمعلمين المتميزين من مجتمعنا السوري بتبني هذا الحراك.
وتعاني الأغلبية العظمى من السوريين في مناطق سيطرة النظام من فقر مدقع تسببت به الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو 12 عاما، وفاقمته أكثر أزمة جديدة خانقة في توفير المحروقات حلت بالبلاد منذ أكثر من أسبوع وتزداد شدتها يوما بعد يوم، وأدت إلى شلل شبه تام في البلاد وتزايد فترات انقطاع الكهرباء لساعات طويلة تصل إلى 23 ساعة يوميا، وأزمة مواصلات خانقة، إضافة إلى موجة غلاء غير مسبوقة وإغلاق العشرات من الأفران الخاصة ومحال الحلويات.
وأكد رئيس «جمعية الحلويات» السابق في دمشق بسام قلعجي أن 50 في المائة من الأفران الخاصة توقفت عن العمل في دمشق، و30 في المائة منها شبه متوقفة بسبب عدم توفر المازوت.
ولفت قلعجي، لإذاعة «شام إف إم» المحلية الموالية، إلى أن شركة توزيع المحروقات تمنح المازوت بعد أن تعاين الأفران الخاصة ومحلات الحلويات وفقاً لنظام خمس ساعات عمل فقط، وتسلم المحال 25 - 40 في المائة فقط من الحاجة الأساسية. وقال: «وفق النظام الجديد فإن المحلات لا تعمل أكثر من 60 ساعة شهرياً، وهذا لا يحقق الأرباح لصاحب المحل، وبالتالي يلجأ لتخفيض أجور العمال، ما يدفعهم لترك العمل».
تأكيد قلعجي جاء بعدما نفى مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق تمام العقدة، الأحد الماضي، توقف أي مخبز خاص نتيجة نقص المحروقات، مؤكداً أنّ جميع الأفران تتسلم مخصصاتها التشغيلية ولم تتأثر بأزمة المحروقات الحالية، وذلك عقب تداول مواقع إلكترونية أنباء أفادت بتوقف عدة مخابز في دمشق عن العمل بسبب نقص المازوت.


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


100 نائب لبناني يناشدون اليونسكو حماية المواقع التاريخية من الغارات الإسرائيلية

حطام في موقع غارة إسرائيلية على بعلبك حيث يظهر المعبد الروماني بالمدينة القديمة في الخلفية (أ.ف.ب)
حطام في موقع غارة إسرائيلية على بعلبك حيث يظهر المعبد الروماني بالمدينة القديمة في الخلفية (أ.ف.ب)
TT

100 نائب لبناني يناشدون اليونسكو حماية المواقع التاريخية من الغارات الإسرائيلية

حطام في موقع غارة إسرائيلية على بعلبك حيث يظهر المعبد الروماني بالمدينة القديمة في الخلفية (أ.ف.ب)
حطام في موقع غارة إسرائيلية على بعلبك حيث يظهر المعبد الروماني بالمدينة القديمة في الخلفية (أ.ف.ب)

وجه أكثر من 100 نائب لبناني نداء عاجلاً، اليوم (الخميس)، إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) من أجل حماية المواقع التاريخية من الغارات الإسرائيلية، لا سيما في جنوب البلاد وشرقها، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأورد النواب في رسالة وقعتها غالبية الكتل في البرلمان موجهة إلى المديرة العامة لـ«اليونيسكو»، أودري أزولاي، «نناشدكم ونلفت انتباهكم إلى ضرورة ملحة: حماية المواقع التاريخية في لبنان، لا سيما في بعلبك، وصور، وصيدا، وغيرها من المعالم الثمينة التي تواجه خطراً كبيراً نتيجة تصاعد الفظائع»، مع استهداف إسرائيل محيط مواقع تاريخية أبرزها قلعة بعلبك (شرق).

ودعا النواب أزولاي إلى «إعطاء الأولوية بشكل عاجل لحماية هذه المواقع التاريخية، من خلال تعبئة سلطة اليونسكو، وتأمين الانتباه الدولي، والدعوة لاتخاذ التدابير الحمائية كافة».

كما حذروا في رسالتهم من أنّ «تدمير هذه المعالم، إن حدث، لن يكون مجرد خسارة للبنان، بل ضربة مأسوية للتراث العالمي».

ويضم لبنان ستة مواقع مدرجة على قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، بما فيها آثار رومانية في مدينتي بعلبك وصور.

وحذّرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت قبل أيام، من الخطر الذي تشكّله الحرب على مواقع أثرية ولا سيما في المدينتَين.

وكتبت على منصة «إكس»: «تواجه مدن فينيقية قديمة ضاربة في التاريخ خطراً شديداً قد يؤدي إلى تدميرها».

وقالت منظمة «اليونيسكو» لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنها تُذَكِّر جميع الدول الأطراف بواجباتها، بحسب اتفاقية «اليونيسكو» لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، التي أُقرّت عام 1972، وكذلك بموجب اتفاقية لاهاي عام 1954 الخاصة بحماية الملكية الثقافية في الصراعات المسلحة.

وأُعلن لاحقاً أن اللجنة المعنية بحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح في «اليونيسكو»، ستعقد اجتماعاً في الثامن عشر من الشهر الحالي، بشأن الوضع في لبنان.