«تجويف مميز» في البروتين الشوكي... سر قوة «كورونا»

اكتشفه باحثون بريطانيون قالوا إنه يمكن استهدافه بأدوية

رسم توضيحي للبروتين الشوكي وتجويفه (جامعة بريستول)
رسم توضيحي للبروتين الشوكي وتجويفه (جامعة بريستول)
TT

«تجويف مميز» في البروتين الشوكي... سر قوة «كورونا»

رسم توضيحي للبروتين الشوكي وتجويفه (جامعة بريستول)
رسم توضيحي للبروتين الشوكي وتجويفه (جامعة بريستول)

تضم عائلة كورونا، فيروسات تسبب مرضاً خطيرا، مثل كورونا المستجد، المسبب لمرض «كوفيد - 9»، و«ميرس» المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، كما تضم أيضاً فيروسات تسبب عدوى خفيفة تشبه أعراض البرد.
وكان السؤال الذي حير العلماء هو السبب في هذا التباين، غير أن علماء من جامعة بريستول البريطانية، نجحوا في حل هذا اللغز، الذي يكمن في «تجويف» بالبروتين الشوكي، الذي يعطي عائلة فيروسات كورونا شكلها التاجي الخطير (بروتين سبايك).
ووجد الباحثون خلال الدراسة المنشورة في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بدورية «ساينس أدفانسيس»، أن الفيروسات الخطيرة بهذه العائلة تحتوي على هذا التجويف المميز، والذي لا يوجد في الفيروسات المسببة لعدوى خفيفة، وتوصلوا إلى أن هذا التجويف المميز، يربط «حمض اللينوليك»، وهو جزيء صغير في الرئة، لا غنى عنه للعديد من الوظائف الخلوية بما في ذلك الحفاظ على أغشية الخلايا في الرئتين حتى نتمكن من التنفس بشكل صحيح.
تقول كريستيان شافيتزل، من مدرسة الكيمياء الحيوية في جامعة بريستول، في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة، بالتزامن مع الدراسة «في عملنا السابق، حددنا وجود جزيء صغير، حمض اللينوليك، مدفون في تجويف داخل بروتين سبايك، الذي يرتبط بسطح الخلية البشرية، مما يسمح للفيروس باختراق الخلايا والبدء في التكاثر، مما يتسبب في أضرار واسعة النطاق، وكان هذا في سلالة ووهان الأصلية التي بدأت الوباء، ومنذ ذلك الحين، ظهرت مجموعة كاملة من المتغيرات الخطيرة للفيروس بما في ذلك (أوميكرون)، المتغير المثير حاليا للقلق، وفحصنا كل متغير جديد مثير للقلق وسألنا عما إذا كانت وظيفة (التجويف) لا تزال موجودة».
وخضع (أوميكرون) للعديد من الطفرات، مما مكنه من الهروب من الحماية المناعية التي يوفرها التطعيم أو علاجات الأجسام المضادة، ومن المثير للاهتمام، أنه في حين أن كل شيء قد تغير، وجد الباحثون أن (التجويف) الموجود في أوميكرون لم يتغير تقريبا.
تقول كريستين تويلزر، الباحثة المشاركة بالدراسة «عندما أدركنا أن (التجويف) الذي اكتشفناه لم يتغير، نظرنا إلى الوراء وسألنا عما إذا كان فيروسات (سارس) و(ميرس)، وهما من فيروسات كورونا المميتة الأخرى، التي تسببت في حدوث فاشيات سابقة منذ سنوات، لديها هذه الميزة أم لا، وكانت المفاجأة أن هذه الفيروسات احتوت أيضاً على ميزة (التجويف) الذي يرتبط بحمض اللينوليك».
الخلاصة، أن الباحثين قدموا دليلا على أن (التجويف) ظل كما هو في جميع فيروسات كورونا القاتلة، من أول اندلاع لأحد فيروسات تلك العائلة قبل 20 عاماً إلى أوميكرون اليوم، وهو ما يعني، أنه يمكن استغلال تلك المعرفة لعلاج جميع فيروسات كورونا القاتلة، باستخدام حمض اللينوليك الذي يستهدفه هذا (التجويف).


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب