شاشات: مسلسلات ساذجة تستحق الفشل

من مسلسل «حارش ووارش»
من مسلسل «حارش ووارش»
TT

شاشات: مسلسلات ساذجة تستحق الفشل

من مسلسل «حارش ووارش»
من مسلسل «حارش ووارش»

* لا أدري إذا ما كانت هناك إحصاءات حول أعمار مشاهدي مسلسلات رمضان. لكن نوعية ما نشاهده كحكايات وكإنتاجات واهتمامات وكممثلين، تفيد بأنها تقصد الوصول إلى العائلات التي يتجاوز عمر كبارها سن الأربعين.
إنه احتمال آمن بالنسبة لمعظم المسلسلات المتوفرة. الاستثناء الواضح هو مسلسلات محدودة من برامج الرسوم المتحركة مثل «بكار» و«شعبية الكارتون». أما الاستثناء الأكبر فهو في ذلك البرنامج الرائع «خواطر» الذي يرتكز على المعلومات. بذلك، وبينما تهدف الرسوم المتحركة لجمهور من الصغار (دون الثانية عشرة)، يهدف «خواطر» إلى جمهور من الشباب (ذكورًا وإناثا) برسالة منفتحة على الثقافة وبعث الثقة في الجيل الحاضر من المشاهدين.
عدا ذلك، فإن هاتين الفئتين معزولتان من اهتمام معظم المسلسلات الكاسح. «دبي لندن دبي»، مثلاً، يحتوي على موضوع يتعلّـق بالشباب الخليجي، لكن غالبية المشاهدين ليس من الشباب لا في دبي ولا في لندن ولا في سواهما.
* أسباب هذا الانصراف واضحة: حتى في مختلف أيام السنة فإن الفئة الشابة، من سن الثامنة عشرة حتى الثامنة والعشرين (على نحو متوسط) لا يكترثون لمشاهدة البرامج التلفزيونية. هناك قلة من البرامج المخصصة لهؤلاء قلبًا وقالبًا. في حين أن الأخبار عادة ما تثير اهتمام الذكور من فوق الثلاثين والبرامج الدرامية لذات الفئة إنما من الإناث أكثر من الذكور وهلم جرًا.
هذه طبيعة الأشياء في التلفزيونات العربية وبعض المحطات تحاول سد الثغرات وفعل المستحيل لكن المشكلة هي عامّـة ومستعصية الحل: لا يمكن أن تطلب من ابن الثامنة عشرة ألا يسهر مع أصدقائه أو أن لا يمضي الوقت على الكومبيوتر لمطالعة ومشاهدة ما يريد أو عدم دخول فيلم هوليوودي رنّـان، وأن يستبدل كل ذلك بمشاهدة مسلسل مثل «أبو دزينة» أو «البيوت أسرار» ولا حتى «العراب»، وهو يعلم قيمة «العراب» الأصلي.
* التلفزيونات الأميركية، الملهمة الأولى التي تحاول التلفزيونات غير الأميركية تقليدها، تكترث للموضوع ببرامج شابّـة من بطولة أولاد وصبايا من الفترة الشابّـة ذاتها. لكن نسبة الإقبال على البرامج الأخرى، الموجهة لما بعد سنوات المراهقة والشباب، هو أعلى بكثير منها. هناك، كما هنا، الشباب فترة من العمر تمر غالبًا خارج جدران المنازل.
هذا ما يترك الاهتمام منصبًا على الراشدين وهم على فئتين: الأولى فئة الذين تجاوزوا الخمسين سنة، وخيارات هؤلاء محدودة وتتضاءل حول العالم، والثانية فئة الذين تجاوزوا الثامنة عشرة من العمر وما زالوا دون الخمسين. هؤلاء يحظون بالاهتمام الأعلى من حجم البرامج وحجم النشاط الإعلامي والاهتمام النوعي.
السبب؟
لا الجمهور المراهق لديه قوّة شرائية كبيرة ما يعني أن الإعلانات محدودة التأثير، ولا الجمهور الذي تجاوز الخمسين لديه تلك القوّة الشرائية. في الحقيقة، الإعلانات التي تصب في خدمة هذه الفئة محدودة كثيرًا، هي إما إعلانات حول بوليصات تأمين على الحياة أو إعلانات حول مساحيق شد البشرة أو تلك التي تحاول بيع العائلة مقاعد كهربائية ووسائل راحة أخرى، تواجه بها المستقبل.
* الحجم الأكبر من الإعلانات، والأكثر شهرة وكلفة في التقديم، يذهب إلى البرامج الموجهة للجمهور المتوسّط عمرًا، لأن الإحصاءات أثبتت أنه هو الأكثر استعدادًا للتجاوب مع الإعلان الذي يبث عليه، سواء أكان من نوع الدعوة لزيارة «محلات كبرى» أم أكان ترويجًا لسيارة فولفو أو شيفروليه أو لنوع من مشروبات الصودا (بيبسي أو كولا إلخ…).
هذه الفئة من الجمهور موجودة في كل مكان وفي عالمنا العربي وفي مسلسلات رمضان، مع فارق كبير: صانعو مسلسلات أبطالها ومواضيعها شبابية إلى حد، مثل «أحمد وكريستينا» و«أرض النعام» و«24 قيراط» منفّـذة بأسلوب لا يرقى لذوق وثقافة الجمهور الذي ترغب في استرضائه.
الإساءة الأكبر له مجسّـدة في البرامج الكوميدية: هل يمكن لأحد أن يعتقد أن «سوبر محصل» أو «حارش ووارش» يصلح حتى للصغار؟ إن كان الهدف منهما التوجه للجيل الناشئ فإن هذا الجيل، لو استجاب، لخرج جاهلاً وساذجًا. لكنه جيل ذكي وفطن ومعجون بالتقنيات العصرية بحيث لن يكترث لمتابعة عناوين الحلقة الأولى أساسًا فما البال بمتابعة الحلقات ذاتها؟
* مأزق معظم ما رأيناه من برامج (وهو كثير) أن صانعيها قلّـما يرتقون بأعمالهم إلى الجمهور الجديد المؤلّـف من الصغار وصولاً لسن الأربعين. بالتالي، إذا ما كانت الشكوى التي قرأناها مؤخرًا، من أن الكثير من المسلسلات التلفزيونية قد سقطت هذا العام ولم تنجح في استقطاب المشاهدين، فإن السبب لا يكمن في الجمهور العازف عنها بل فيها ذاتها التي لا تزال تمارس كما لو أنها من إنتاج شركة معلّـبات تُـصنع حسب لوازم وعناصر ومفاهيم لا تتغيّـر على أمل أن تصيب أهدافها.
* الخلاصة هنا واضحة: من دون إعادة تكوين شاملة للمسلسلات الممثلة (دراما أو كوميديا) يأخذ بعين الاعتبار تجاوز المشاهد لما تحتويه تلك المسلسلات وللكيفيات التي يتم فيها معالجة مواضيعها سوف تواصل خسارة جمهورها موسمًا بعد موسم. وهي تستحق أن تخسره. بعض مسلسلاتنا تعتقد أنه بالحديث عن الجنس والسياسة وانتشار المخدرات وعن الحروب وأمور الدين إلخ… إنما توفر الجديد المختلف. ربما تفعل ذلك إلى حد. لكن من دون المعالجة الصحيحة لها فإن هذه الطروحات عشوائية وساذجة والجمهور تجاوزها أيضا.



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.