فيما طالب رئيس مجلس النواب العراقي بتغيير اسم المغيبين قسرياً في المناطق المحررة (صلاح الدين، الأنبار، نينوى) وإطلاق صفة «المغدورين» عليهم، أعلن المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أمس السبت، عن أن «11 ألف عائلة عراقية أبلغت عن فقدان ذويها بداية من عام 2014 حتى عام 2022».
وقال الحلبوسي، أول من أمس، في مقابلة تلفزيونية بشأن عمليات التغييب القسري: «يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم (المغيبين)، ونغير اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورين فارقوا الحياة».
وشدد الحلبوسي على ضرورة أن «تنصف الدولة ذوي المغدورين عبر شمول عوائلهم بقانون ضحايا الإرهاب، وبالتعويض، أما الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ 2014 ولغاية الآن، فغير صحيح... غُيبوا وتم اغتيالهم في تلك الفترة»، مضيفاً: «لأكون أكثر جرأة مع الناس الذين خسروا ذويهم وأبناءهم لا ينبغي أن يُستخدم الملف للقدح السياسي ومنح أهلهم أملاً بعودتهم، فهذا غير صحيح».
وتحدث الحلبوسي بصراحة غير مسبوقة بشأن سيطرة «فصائل مسلحة» على منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل التي هجرها أهلها من السنة منذ سنوات وقال بالحرف الواحد إن «تحالف قوى الدولة» الذي شكل الحكومة الأخيرة «لا يستطيع بسنته وشيعته دخول المنطقة التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة»، وتالياً لا معنى للحديث عن عودة سكانها النازحين.
وفي تغريدة للحلبوسي، أمس السبت، بمناسبة الذكرى الخامسة لهزيمة تنظيم «داعش» من المحافظات الرئيسية الثلاث (الأنبار، صلاح الدين، نينوى) ذات الغالبية السكانية السنية، عاد الحلبوسي و«نكأ» من جديد جرح المغيبين من جديد حين طالب بـ«ترميم آثار الحرب على الإرهاب بعودة النازحين وإعمار المناطق المتضررة، وضمان حقوق الشهداء والجرحى وإنصاف ذوي المغدورين المغيبين وتحقيق العدالة».
وتعد قضية المهجرين والمغيبين القسرين من بين أعقد القضايا وأكثرها خلافاً بين القوى السياسية السنية المطالبة بعودة المهجرين وتعويض أسر ضحايا المغيبين، ونظرائهم من القوى الشيعية الذين لا يعترفون بأعداد من غيبوا واختفوا في مناطق النزاع على أيدي فصائل شيعية مسلحة وتقدر بعض الإحصاءات أعدادهم بنحو 12 ألف مغيب.
بدوره، كشف المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أمس السبت، عن تقديم 11 ألف عائلة بلاغات بفقدان ذويها خلال 8 أعوام.
وذكر المرصد في تقرير نشره على موقعه الرسمي أنه «وثق قضية المفقودين والمغيبين قسراً في العراق للأعوام 2014 - 2022 (الفترة التي شملت صعود داعش والسنوات التي تلتها) ويتضمن شهادات لذوي المفقودين والمغيبين قسراً، 11 ألف عائلة أبلغت عن فقدان ذويها خلال ثمانية أعوام، وربما هناك عدد أكبر من المفقودين والمغيبين قسراً لكن عوائلهم لم تتخذ الإجراءات القانونية للإبلاغ عنهم، تضع هذه القضية العراق في صدارة الدول التي تشهد عمليات فقدان وتغييب قسري».
وأضاف التقرير الذي صادف صدوره مع الذكرى السنوية لهزيمة «داعش» واليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن «العراق من أكثر البلدان التي شهدت حالات اختفاء وفقدان للأشخاص خلال العقود الخمسة الماضية، ووفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر، يوجد في العراق أكبر عدد من الأشخاص المفقودين في العالم، نتيجة عقود من النزاعات والعنف».
وتابع أن «الحرب على العراق عام 2003 وغياب سلطة إنفاذ القانون وانتشار الجماعات المسلحة والإرهابية، لعبت أدواراً كبيرة في اختفاء وفقدان عشرات الآلاف من العراقيين خلال العقدين الماضيين، يُضاف إلى ذلك إهمال الحكومات العراقية الذي ساعد في ازدياد أعداد المفقودين والمختفين بسبب إهمال السلطات لأي شيء يمكنه ملاحقة ومحاسبة الجناة».
ورأى تقرير المرصد أن الحكومات العراقية المتعاقبة «لم تبذل جهداً حقيقياً لمعرفة مصير المفقودين والمختفين قسراً، ويدل ذلك على أن ملف المفقودين والمختفين قسراً ليس من أولوياتها ولا يبدو أنه سيكون من أولويات مؤسسات الدولة العراقية نظراً لمرور ثماني سنوات على فقدان آلاف المدنيين دون معرفة مصير أي منهم».
وأشار التقرير إلى أن «العمليات العسكرية لتحرير المدن من تنظيم (داعش) أكتوبر (تشرين الأول) 2016 - وأكتوبر 2017 شهدت اختفاء آلاف المدنيين في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، ووثق المرصد العراقي لحقوق الإنسان في محافظة نينوى وحدها أكثر من 250 حالة لأشخاص لا يُعرف مصيرهم حتى الآن».
وأشار إلى أنه «خلال هذه الفترة التي شهدت قتالاً ضارياً ضد تنظيم «داعش» وثقت مقاطع مصورة انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وتداولتها وسائل الإعلام حينها، اقتياد مئات الأشخاص المدنيين في مناطق متفرقة من قبل قوات رسمية أو فصائل تقاتل إلى جانب الدولة، وغالبية أولئك الأشخاص لم يعرف مصيرهم بعد».
ورجح التقرير، أن «يكون الآلاف من المفقودين والمختفين قسراً في أماكن احتجاز بعيدة عن أعين مؤسسات الدولة العراقية، في أماكن لا تستطيع حتى السلطات العراقية الرسمية الوصول إليها ووجهت اتهامات كثيرة لفصائل مسلحة في الحشد الشعبي وخارجه حول إدارة هذه الأماكن».
وتابع أن «المعلومات التي نشرتها اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري في الأمم المتحدة أوضحت أن هناك 420 مكاناً للاحتجاز السري في العراق هذه المعلومات تتطابق نوعاً ما مع مصادر حكومية قابلها المرصد العراقي لحقوق الإنسان وتشير إلى أن السلطات العراقية تعترف في اجتماعاتها الخاصة بوجود أماكن احتجاز سرية».
وفي مقابل الصورة القاتمة التي رسمها التقرير الحقوقي، تعهد رئيس الوزراء محمد السوداني «بالتزام العراق بما جاء ببرنامجنا الحكومي من حماية للحريات العامة واهتمام بقضايا حقوق الإنسان».
وقال في بيان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان: «نؤكد مجدداً سعينا لتأهيل سُبل الالتزام بالاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق، والتعاطي بمسؤولية وبشكل شفاف مع هذا الملف بوصفه قضية جوهرية ومركزية، وبذل الجهود اللازمة في سبيل إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع».
وأضاف: «نؤمن بأن تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها مسؤولية الجميع دون استثناء، في عملية تكاملية تشمل جميع الأجهزة، سواء في الحكومة أم في السلطة القضائية أم مجلس النواب، أم في المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني».
وأكد السوداني على أن «العراق أصبح اليوم ساحة خصبة ومتاحة لعمل المجتمع المدني، ولعمل الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وهذا ثمرة التغيير، وتبني الفهم الحقيقي لمعايير حقوق الإنسان».
الحلبوسي «ينكأ» جرح المغيبين في ذكرى هزيمة «داعش» في العراق
11 ألف عائلة أبلغت عن فقدان ذويها خلال ثماني سنوات
الحلبوسي «ينكأ» جرح المغيبين في ذكرى هزيمة «داعش» في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة