بعد مرور أقل من يوم، على تصريحات نارية أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته في قمة بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي التي انعقدت الجمعة في العاصمة القرغيزية بشكيك، وضع الكرملين تصوراته لنهاية العمليات العسكرية في أوكرانيا، مشدداً على أنه «سوف يتعين على كل الأطراف الاعتراف بالواقع الجديد على الأرض» من أجل التوصل إلى تسوية نهائية للصراع. وكان بوتين لوح خلال مشاركته في أعمال القمة بـ«محو أي بلد» يفكر في شن هجوم نووي على روسيا، وقال إن بلاده «قد تفكر بشكل رسمي في إضافة إمكانية توجيه الضربة النووية الوقائية الأولى لنزع سلاح خصمها». لكنه أكد في الوقت ذاته أنه «في نهاية المطاف لا بد من التوصل إلى حل سياسي للأزمة».
وحدد بوتين السبت شروط بلاده للتوصل إلى هذا الحل، وأعلن فور عودته إلى موسكو بأنه «يتعين على الجميع الاتفاق مع الحقائق التي تشكلت على الأرض»، بعد العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا. في إشارة إلى أن ملف سيطرة القوات الروسية على دونباس ومناطق واسعة أخرى من أوكرانيا لن تكون موضوع مفاوضات مع الجانب الأوكراني. وقال بوتين في مؤتمر صحافي عقب زيارته لقيرغيزستان: «عملية التسوية ككل... نعم، ربما لن تكون سهلة وتستغرق بعض الوقت. بطريقة أو بأخرى، يتعين على الجميع الاتفاق مع الحقائق التي تتطور وتتشكل على الأرض بعد العملية العسكرية».
وأشار الرئيس الروسي، إلى أن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا «مستمرة كالمعتاد، ولا توجد أسئلة أو مشاكل اليوم، وكل شيء يسير بثبات». ولوح بوتين برزمة إجراءات قال إنها قد تشكل رداً على قرار أوروبي بتعزيز العقوبات على روسيا، وخصوصاً من خلال وضع سقف لسعر النفط الروسي. وقال إن بلاده سوف تفكر في خفض إنتاج النفط إذا تطلب الأمر، لكنه أضاف أنها «لم تتخذ أي قرارات بهذا الشأن حتى الآن».
وزاد: «لدينا اتفاق مع (أوبك) على مستوى إنتاج معين، وسوف نفكر بخطوات إضافية، إذا تطلب الأمر». وشدد على أنه كان على موسكو التحرك إزاء الوضع في أوكرانيا «في وقت أبكر لحسم الأزمة»، موجهاً انتقادات حادة لتصريحات المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل حول هذه الاتفاقات. وقال بوتين: «على ما يبدو، لقد تأخرنا في توجهنا، لنكن صادقين. ربما، كل هذا كان يجب أن يبدأ في وقت سابق. لقد عوّلنا ببساطة على حقيقة أننا سنتمكن من التوافق في إطار اتفاقيات مينسك على إحلال السلام». وزاد أن حديث المستشارة السابقة «يطرح سؤال الثقة... الثقة بالطبع تكاد تصل إلى الصفر، ولكن بعد تصريحات ميركل، بالطبع يأتي سؤال كيف تتفاوض على شيء ما؟ وهل من الممكن التفاوض ومع من وأين الضمانات؟ هذا طبعاً السؤال المطروح». وكانت ميركل، قالت في حديث صحافي إن اتفاقيات مينسك، كانت تهدف لمنح كييف الوقت الكافي لتعزيز قدراتها العسكرية. وأثارت هذه الكلمات غضباً قوياً في موسكو، ووصفتها الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بأنها «دليل إضافي يمكن استخدامه في محكمة دولية». ووفقاً لزاخاروفا فإن إقرار المستشارة الألمانية يبدو «فظيعاً»، وزادت: «يتجلى التزوير كوسيلة لعمل الغرب، إضافة إلى المكائد والتلاعبات، وكل أنواع تشويه الحقيقة والقانون».
بدوره، أعلن رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين السبت أنه يجب على ألمانيا وفرنسا دفع تعويضات لسكان إقليم دونباس، مؤكداً على أهمية تحميل القادة السياسيين في هذين البلدين (المستشارة السابقة والرئيس السابق فرنسوا هولاند) مسؤولية عدم الامتثال لاتفاقيات مينسك. وقال رئيس البرلمان الروسي: «يجب على ألمانيا وفرنسا دفع تعويضات لسكان دونباس. بسبب الإخفاق المخطط مسبقاً في الوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها نتيجة لتوقيع اتفاقية دولية، مما أسفر ليس فقط خسارة للثقة، ولكن أيضاً عن جريمة يجب على الموقعين على اتفاقيات مينسك - ميركل وهولاند تحمل مسؤوليتها». وفقاً لفولودين، وقع وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا في عام 2014 وثيقة مينسك للمصالحة بين السلطات الأوكرانية والمعارضة كضامن للتطور السلمي للأحداث. وبعد ذلك «انتهى كل شيء بانقلاب في كييف وإبادة جماعية لسكان دونباس. وقد شاركت الأطراف الأوروبية في إبرام اتفاقيات مينسك التي يتضح حالياً أن أحداً لم يخطط فعلياً لتنفيذها».
وحذرت الخارجية الروسية السبت من «مساعٍ غربية لتوسيع رقعة المعركة وإقناع جورجيا بفتح جبهة عسكرية جديدة ضد روسيا». وقال مدير الدائرة الرابعة بالخارجية الروسية دينيس غونتشار، إن «الدول الغربية قامت بتنشيط تحركها في اتجاه توجيه دعوات استفزازية لجورجيا لفتح جبهة ثانية ضد روسيا». وشدد الدبلوماسي على أهمية تنشيط الاتصالات السياسية في جنيف حول الوضع في منطقة جنوب القوقاز، وخصوصاً في ملف العلاقات بين جورجيا وإقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وأشار غونتشار إلى أن «موسكو تنطلق من الحاجة المتزايدة لتنشيط المفاوضات في الوضع الجيوسياسي المتغير».
وزاد: «إن حتمية الاتصالات المنتظمة بين ممثلي تبليسي وسوخوم وتسخينفال تزداد على خلفية الدعوات الاستفزازية من كييف وبعض العواصم الغربية لسلطات جورجيا لفتح جبهة ثانية ضد روسيا في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية». وأكد على رؤية بلاده بأنه «في ظل الظروف الحالية، فإن القضايا ذات الأولوية التي تدعو لها موسكو وحلفاؤها من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية تتمثل في وضع اتفاق ملزم قانوناً بشأن عدم استخدام جورجيا للقوة ضد أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، فضلاً عن ترسيم الحدود بين الأطراف الثلاثة».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، عن وضع رزمة عقوبات جديدة شملت 200 مواطن كندي بينهم «مسؤولون رفيعو المستوى وبرلمانيون». وقالت الناطقة باسم الخارجية إن القرار جاء «رداً على العقوبات الشخصية التي فرضتها أوتاوا ضد المسؤولين الروس والعسكريين والقضاة وضباط إنفاذ القانون والشخصيات العامة، وعلى أساس المعاملة بالمثل تم منع دخول 200 مواطن كندي، إلى روسيا الاتحادية».
ميدانياً، شنت القوات الروسية السبت، هجوماً جوياً جديداً على مناطق حيوية في عدد من المدن الأوكرانية. وأفادت وسائل إعلام روسية وأوكرانية أن أصوات انفجارات قوية سمعت في خاركيف وبولتافا ودنيبروبتروفسك في أوكرانيا. في وقت سابق من اليوم، تم الإعلان عن حالة تأهب جوي في مناطق خاركيف وسومي وبولتافا ودنيبروبتروفسك.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية السبت، أن القوات الأوكرانية «تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح خلال اليوم الماضي، وأجبرت على ترك مواقعها في عدد من المناطق». وأفاد بيان عسكري بأن العمليات الهجومية للقوات الروسية تواصلت في اتجاه كراسنو - ليمان، مضيفاً أن القوات الأوكرانية تراجعت بعد سيطرة القوات الروسية على خطوط مهمة. وزاد البيان أن القوات الروسية نجحت خلال اليوم الأخير، في إحباط هجومين حاولت القوات الأوكرانية تنفيذهما، و«تم القضاء على نحو 60 جندياً بينهم مرتزقة أجانب».
وفي محور كوبيانسك، أسفرت العمليات الهجومية للقوات الروسية عن مقتل أكثر من 30 عسكرياً أوكرانياً، وفقاً للبيان. وفي اتجاه دونيتسك، قالت وزارة الدفاع إن الوحدات الروسية «واصلت عملياتها الهجومية، وأجبرت القوات الأوكرانية على التراجع وترك نقاط تمركزها المحصنة، بعد تكبدها خسائر فادحة».
بوتين يشترط الإقرار بـ«الواقع على الأرض» في أوكرانيا للتوصل إلى حل معها
تصريحات المستشارة الألمانية السابقة تثير موجة غضب في موسكو
بوتين يشترط الإقرار بـ«الواقع على الأرض» في أوكرانيا للتوصل إلى حل معها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة