«الود المفقود» يحاصر علاقة باسيل بنصر الله

(تحليل إخباري)

TT

«الود المفقود» يحاصر علاقة باسيل بنصر الله

يستأثر الخلاف غير المسبوق بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» باهتمام معظم السفراء المعتمدين لدى لبنان، في محاولة لرصد ما سيؤول إليه من دون أن يسقطوا من حسابهم إمكانية لجوء الطرفين لتطويق تداعياته واستيعابه لأنهم على يقين بأن لا مصلحة للطرفين في الافتراق مع استمرار الشغور الرئاسي، وإن كانت ورقة التفاهم المعقودة بينهما في فبراير (شباط) 2006 لم تعد تصلح لأن تكون الناظم لاستمرار العلاقة التي باتت في حاجة لإعادة النظر فيها لتنقيتها من الشوائب، خصوصاً أنها حققت الأهداف المرجوة منها.
وينقل عن مصادر دبلوماسية عربية وأجنبية قولها إن هناك صعوبة في إعادة تعويم ورقة التفاهم بين الطرفين، لأن الظروف التي أملت عليهما إقرارها لم تعد قائمة وأصبحت بمعظم بنودها من الماضي ولم يبقَ منها سوى توفير الغطاء السياسي لسلاح «حزب الله».
وتلفت المصادر الدبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وإن كان يراهن على أن تمايزه الطارئ عن «حزب الله» يلقى عطفاً دولياً وتحديداً من قبل الولايات المتحدة التي قد تضطر من وجهة نظره لأن تعيد النظر في العقوبات المفروضة عليه وصولاً إلى نزعها عنه، فإن رهانه ليس في محله لأن لا مجال للدخول معه في مقايضة سياسية لأن العقوبات لا تمت بصلة إلى علاقته بـ«حزب الله» كما يدّعي، وإنما لما لدى الخزانة الأميركية من أدلة تثبت ضلوعه في الفساد.
وتقول إن ادعاء باسيل بأن علاقته بـ«حزب الله» كانت السبب في استهدافه بالعقوبات الأميركية لن يصرف في مكان، وإلا لكانت هذه العقوبات انسحبت على العديد من الشخصيات اللبنانية التي تقيم علاقات وطيدة بـ«حزب الله»، وتنفي أن يكون باسيل قد تواصل مع مكتب المحاماة في واشنطن وكلفه التقدم بمراجعة يطعن فيها بالعقوبات التي لن تُنزع عنه إلا في حال انتخابه رئيساً للجمهورية كأمر واقع لا مفر منه، برغم أن لا حظوظ لديه أن يُدرج اسمه على لائحة السباق إلى الرئاسة بعد أن أقحم نفسه في اشتباكات سياسية لم يوفر منها أحداً وكان آخرهم حليفه الوحيد «حزب الله».
وتؤكد المصادر أن باسيل بهجومه على «حزب الله» أطلق صرخة يشوبها القلق المشروع على مستقبله السياسي لأنه يخشى أن يتحول مع مرور الزمن إلى شخصية سياسية عادية، بعد أن كان الحاكم بأمره طوال فترة تولي العماد ميشال عون رئاسة الجمهورية، وتقول إنه يصارع وحيداً للحصول على ضمانات تتعلق بمستقبله السياسي، والتي لن تتأمن له من خلال تقديم نفسه على أنه واحد من الناخبين الكبار في معركة رئاسة الجمهورية، وتضيف أن باسيل يراهن على قدرته على شد العصب المسيحي للاستقواء به في خلافه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بذريعة أنه يصادر صلاحيات رئيس الجمهورية، وتقول إنه يحرّض مسيحياً في محاولة مكشوفة لـ«تطييف الصراع» حول رئاسة الجمهورية من جهة، ومواصلة التحريض على الثنائي الشيعي، ظناً منه أنه يتمكن من التعبئة مسيحياً تحت عنوان إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك بانضمام خصومه في الشارع المسيحي إلى حملات التحريض، على أمل أن ينخرط هؤلاء في معركته التي يخوضها لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين وتحديداً الشيعة منهم، باعتبار أنهم يقفون وراء مصادرة ميقاتي صلاحيات الرئاسة الأولى.
وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي بارز إن باسيل أخطأ عندما قرر الدخول في صدام سياسي مباشر مع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، تسبب في افتقاده دور الأخير الذي يلجأ إليه طالباً تدخّله لتسوية نزاعه من حين لآخر مع فريق «حزب الله» المكلف يومياً بالملف اللبناني.
ويتابع المصدر السياسي أن اشتباك باسيل مع «حزب الله» بدأ لدى اجتماعه بنصر الله الذي انتهى إلى خلاف، لأن الأجواء لم تكن مريحة بسبب رفض حليفه تبني اقتراحه بأن يستضيفه مع رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للاتفاق معه برعاية نصر الله على مرشح لرئاسة الجمهورية.
ويؤكد أن اجتماع نصر الله بباسيل أحدث انقساماً في الرأي، إذ لم يستجب باسيل لوجهة نظر حليفه بتأييد فرنجية، في مقابل أن يتعهد له نصر الله شخصياً بالحفاظ على موقعه السياسي المميز في حال تقرر انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، ويقول إن باسيل أدار ظهره لنصيحة حليفه الذي يتعامل مع فرنجية على أنه المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الجمهورية بخلاف باسيل الذي تكاد تكون حظوظه معدومة.
ويضيف المصدر نفسه أن باسيل لم يكتفِ بعدم الاستجابة لنصيحة نصر الله وسعى للالتفاف عليه بالتوجه نحو رئيس المجلس النيابي نبيه بري طلباً لمساعدته في البحث عن مرشح ثالث لرئاسة الجمهورية، لكنه خرج خائباً من الاجتماع، بعد أن أوعز له بري بمراجعة نصر الله، وهذا ما دفعه إلى فتح النار على رئيس البرلمان لأنه أوصد الأبواب في وجه باسيل.
وبدلاً من أن يبادر باسيل إلى التعاطي برويّة مع النصيحة التي أسداها له نصر الله، سارع لتسويق اقتراحه بإيجاد مرشح ثالث في زيارته إلى باريس للتحريض على فرنجية بذريعة أنه يتساوى وإياه في المواصفات التي حددها نصر الله لرئيس الجمهورية العتيد مع فارق يعود إلى أنه أكثر تمثيلاً من فرنجية في الشارع المسيحي، ويرأس أكبر كتلة نيابية، وأن خصمه لا يحظى سوى بتأييد الثنائي الشيعي، وهذا ما أدى إلى فتح جرح في علاقة باسيل بنصر الله الذي يتعامل مع الاستحقاق الرئاسي من زاوية إقليمية تتجاوز الحسابات الداخلية وتتعلق بدور إيران في المنطقة.
ويبقى السؤال: هل يستعاض عن ورقة التفاهم بتعاون اضطراري بين الحليفين، لأن باسيل أوقع نفسه في خلاف مع نصر الله تخطى فيه ترسيم الحدود السياسية إلى التشكيك بصدقية الحزب واتهامه بأنه كان وراء الضغوط التي مورست وأدت إلى انعقاد جلسة طارئة لحكومة تصريف الأعمال رغماً عن إرادة الرئيس عون وفريقه السياسي؟ فهل بدأ الود المفقود يحاصر علاقة باسيل بنصر الله شخصياً بعد أن اتسعت رقعة الخلاف حول إدارة الملف الرئاسي الذي يتولاه «حزب الله» بشكل أساسي بالنيابة عن محور الممانعة وحليفته إيران؟


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

المشرق العربي «حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

كشف مصدر نيابي لبناني محسوب على «محور الممانعة»، عن أن «حزب الله»، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بادر إلى تلطيف موقفه حيال السجال الدائر حول انتخاب رئيس للجمهورية، في محاولة للالتفاف على ردود الفعل المترتبة على تهديد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، المعارضين لانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بوضعهم أمام خيارين: انتخاب فرنجية أو الفراغ.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

شنَّت إسرائيل هجوماً بالصواريخ بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، استهدف مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، في محيط مطار الضبعة العسكري بريف حمص، ما أدَّى إلى تدميره بشكل كامل وتدمير شاحنات أسلحة. جاء هذا الهجوم في سياق حملة إسرائيلية متصاعدة، جواً وبراً، لاستهداف مواقع سورية توجد فيها ميليشيات تابعة لطهران على رأسها «حزب الله». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، إلى أنَّ إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 9 مرات بين 30 مارس (آذار) الماضي و29 (أبريل) نيسان الحالي، 3 منها براً و6 جواً، متسببة في مقتل 9 من الميليشيات وإصابة 15 آخرين بجروح. وذكر أنَّ القتلى 5 ضباط في صفوف «الحرس ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي «حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

«حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

يبدو أن «حزب الله» أعاد النظر بسياسة التصعيد التي انتهجها، الأسبوع الماضي، حين خير القوى السياسية بين مرشحَيْن: رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أو الفراغ؛ إذ أقر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، يوم أمس، بأنه «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع». وقال: «نحن دعمنا مرشحاً للرئاسة، لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم، وقلنا: تعالوا لنتباحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن صواريخ إسرائيلية استهدفت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، مستودعاً للذخيرة يتبع «حزب الله» اللبناني، في منطقة مطار الضبعة العسكري في ريف حمص، ما أدى لتدميره بشكل كامل، وتدمير شاحنات أسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تراجع العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان

جندي إسرائيلي يشير إلى منزل تعرض لأضرار نتيجة صواريخ «حزب الله» في المطلة (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يشير إلى منزل تعرض لأضرار نتيجة صواريخ «حزب الله» في المطلة (أ.ف.ب)
TT

تراجع العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان

جندي إسرائيلي يشير إلى منزل تعرض لأضرار نتيجة صواريخ «حزب الله» في المطلة (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يشير إلى منزل تعرض لأضرار نتيجة صواريخ «حزب الله» في المطلة (أ.ف.ب)

تراجعت العمليات العسكرية في المعركة البرية، جنوب لبنان، مع تقليص الجيش الإسرائيلي فرقه العسكرية إلى النصف، من غير أن ينهي محاولات التوغل المحدودة، وعمليات القصف الجوي والتفجيرات داخل قرى وبلدات الحافة الحدودية.

وقال إعلام إسرائيلي إن الجيش قلص عديده إلى فرقتين، بعدما كانت أربع فرق في الأسابيع الأربعة الماضية، فيما تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن «اشتباكات عنيفة» خاضها مقاتلو «حزب الله» مع قوة إسرائيلية، عند أطراف عين إبل - حانين لجهة بلدة رميش، واستهدافات لجنود إسرائيليين عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة مارون الراس.

وواصل الطيران الإسرائيلي استهدافاته عبر غارات نفذها في العمق اللبناني، وطالت إحداها بلدة الجية على ساحل جبل لبنان الجنوبي، تلتها غارة على بلدة برجا المجاورة وأسفرت عن مقتل أكثر من 15 شخصاً في حصيلة أولية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة.