رغم كل شيء... بيروت تتألق في الأعياد

عروض بالجملة تلوّن مسارحها

شجرة ميلاد ضخمة ترتفع في أسواق بيروت
شجرة ميلاد ضخمة ترتفع في أسواق بيروت
TT

رغم كل شيء... بيروت تتألق في الأعياد

شجرة ميلاد ضخمة ترتفع في أسواق بيروت
شجرة ميلاد ضخمة ترتفع في أسواق بيروت

تترجم بيروت أغنية «ليلة عيد» لفيروز وتغني معها «صوت ولاد... تياب جداد... وبكرا الحب جديد»، على الرغم من كل شيء. فالمدينة وأسواقها وشوارعها ومتاجرها ومسارحها، تستعد لاستقبال «أعياد الميلاد ورأس السنة» بسلسلة من النشاطات الفنية. حضرت العاصمة اللبنانية بكامل أناقتها مرتدية حلة العيد ومتخلية عن وجهها الشاحب ولو لفترة، واستعادت بذلك رونقها متألقة بزينة ميلادية معلنة معها الاحتفال بالحياة. ولأن العيد يتوجه بغالبية مظاهره إلى الأطفال؛ فقد لجأت جمعيات ومؤسسات وشركات لإطلاق برامجها الخاصة بهم في هذه المناسبة... مسرحيات تمثيلية وعروض راقصة وأخرى غنائية، واجتمعت الأسواق الشعبية، لتؤلف مشهدية العيد.

بيروت تتزين
يرفض قلب بيروت النابض؛ بأسواقها وشوارعها العريقة، الاستسلام للشلل الذي أصابها بسبب أزمات متراكمة في البلاد. فارتدت حلة العيد ونشرت رموزه؛ من أشجار ميلادية وإضاءة وشخصيات «سانتا كلوز» وغيرها كرتونية، من أجل رسم الابتسامة على وجوه الأطفال.
منصة «بيروتتنا» أخذت على عاتقها إعادة النبض إلى وسط المدينة في هذه المناسبة. وتتضمن روزنامة فعالياتها حفلات مهرجان «بيروت ترنم»، مروراً بـ«قرية الميلاد»، و«بيت سانتا كلوز»، وصولاً إلى ورشات عمل رسم والتزحلق على الجليد... وغيرها. كما تنظم معارض يدوية وغيرها من مونة لبنانية لتؤلف أفكار هدايا العيد.
وإذا ما تجولت في شوارع وسط المدينة؛ فيكفي أن تتفرج على زينتها وتستمع إلى الموسيقى الصادحة فيها لتدرك أنك في قلب احتفالية ميلادية لا تشبه غيرها. وخصصت محال تجارية كبرى مثل «أيشتي» معلماً ميلادياً خاصاً بها، يجذب المارة من بعيد بإضاءته وزينته وقد حمل عنوان «بيروت الحب». ونصبت محال أخرى أقواس قزح ذهبية من النايلون، تحيط بها أشجار ميلادية زرقاء لماعة أنعشت مشهدية الأسواق.

حفلات عالمية تحط في المدينة
بمناسبة الأعياد؛ بيروت على موعد مع مجموعة حفلات غنائية وموسيقية وعروض فنية... عرض «فقاقيع الصابون» (Bubles show) العالمي المخصص للترفيه عن الأولاد؛ فقد قررت شركة «كريزي إيفنتس» استقدام هذا العرض. وهو يضم لوحات راقصة وبهلوانية وإطلالة لشخصية «سانتا كلوز» على مسرح «مدرسة الحكمة» في الجديدة. وعلى مدى يومي 27 و28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، سيستمتع الأطفال بهذه العروض. وتطبع هذا العرض ابتكارات وتابلوهات لمشهدية «فقاقيع الصابون»، بحيث يحول أحد المقدمين المحترفين صالة المسرح إلى فقاعة صابون ضخمة كما في الأحلام.

عروض «زيركا» الترفيهية
وضمن سلسلة عروض راقصة تنظم مدرسة «زيركا» وطلابها المختصون في الرقص التعبيري وغيره، عروضاً ميلادية على مسرح «البولفار» في منطقة غاليري سمعان. وتستقبل راقصين عالميين للمشاركة في هذه اللوحات التي تقدم في 19 و20 و21 من الشهر الحالي. ويمثل العرض دعوة لمحبي وهواة الرقص للتعرف إلى مواهب لبنانية؛ بينهم بعض أفراد فريق «مياس» الحائز لقب «غوت تالانت» في نسخته الأميركية للعام الحالي. وتشير ينييا عنطوري، مؤسسة المشروع، إلى أن هدفه تسليط الضوء على لبنان الجمال والثقافة. وكذلك إعطاء فكرة واضحة عن المواهب الفنية في لبنان.

«بيروت الحب»... عنوان أسواق بيروت في الأعياد (الشرق الأوسط)

«قبة العيد» في انتظار الأطفال
ابتداء من 26 ديسمبر ولغاية 30 منه تشهد منطقة الزوق في جونية عروضاً ونشاطات ميلادية بعنوان «قبة عيد الميلاد». وتوفر للأولاد خوض تجربة ترفيهية فريدة من نوعها، فيعيشون تساقط الثلوج الصناعية وصخب المؤثرات الصوتية والمصورة. كما يتشارك الأطفال مع شخصيات «سانتا كلوز» في أعمال يدوية وصناعة حلويات العيد. كما يتسنى لهم التعرف إلى شخصيات رسوم متحركة شهيرة مثل «ميكي ماوس».

أسواق الميلاد تقليد سنوي
المجمعات والمحال التجارية تزينت بدورها لاستقبال الأعياد بأفضل حلة. فهي مع «سانتا كلوز»، والغزلان الذهبية والفضية، وساحات الثلج الصناعية، تجذب زبائنها وتشعرهم بأجواء المناسبة. وفي المقابل؛ تعود أسواق الميلاد الشعبية بوصفها تقليداً سنوياً غاب عن المدينة في سنوات ماضية بسبب أزمات اقتصادية وجائحة «كورونا». وتنطلق النسخة العاشرة لواحدة من كبرى هذه الأسواق «كريسماس إن أوكشين» في مركز «فوروم دي بيروت». وسيستمتع رواده من 16 إلى 23 ديسمبر الحالي بعطلة أعياد يدعمون خلالها أعمال مصممين لبنانيين ويعيشون أفضل تجربة في مجال الطعام. كذلك سيتابعون عروضاً فنية غنائية وموسيقية يشارك فيها موسيقيون وفرق غنائية شابة.
وتخصص للأطفال منطقة من أجل اللعب والاستمتاع بمجموعة كبيرة من ورشات العمل الفنية. كما يشارك زائرو السوق من خلال شاشات عملاقة بمتابعة نهائيات كأس العالم، وتتاح لهم فرص حصد جوائز قيمة. أزياء ومجوهرات وتصاميم أخرى تعرض في «كريسماس أوكشين» الذي يُنظم هذه السنة بالتعاون مع «سوق الأكل»، ويقدم هذا الأخير أحدث صيحات الموضة في عالم طعام الشوارع والأطباق اللبنانية المعروفة. من ناحية ثانية؛ تنظم جمعية «بيروت سانتا» حملة تبرعات لتتحول إلى منح مدرسية لمساعدة التلامذة المعوزين. وهي بالتالي ستوفر لهم ثياب وهدايا العيد بحيث تتنقل بين بيروت ومناطق لبنانية أخرى لتوزيعها.

أعمال مسرحية ميلادية
تحتل الأعمال المسرحية الخاصة بأعياد الميلاد مساحة لا يستهان بها من موسم العيد. وتدور قصص غالبيتها حول شخصية «سانتا كلوز»؛ كما في مسرحية «لونا كريسماس» على مسرح «أتينيه جونيه». ومسرحية «النجمة التي تلمع» والتي تقدم في 23 من الشهر الحالي على خشبة «مدرسة الفرير» بمنطقة الجميزة. أما مسرحية «الميلاد هنا بالرغم من كل شيء» فتعدّها وتقدمها ريم؛ نجمة برنامج «ميني استوديو» سابقاً، فتعرضها عشية العيد في 25 ديسمبر على المسرح السابق ذكره.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق فنان العرب محمد عبده خلال حفله بالقاهرة (المنظمون)

محمد عبده يطرب جمهور القاهرة في ليلة «رأس السنة»

ليلة صاخبة عاشتها مدينة القاهرة، في ليلة رأس السنة الجديدة 2023، حيث شهدت 10 حفلات غنائية لمطربين مصريين وعرب، استمرت حتى ساعات الصباح الأولى من فجر الأحد. ففي أحد الفنادق الكبرى المطلة على نهر النيل، أطرب «فنان العرب» محمد عبده جمهور القاهرة، في حفل بداية العام الجديد، الذي يعد الأول له بمصر بعد فترة غياب دامت ما يقرب من 3 سنوات، والثاني له بعد الأزمة الصحية التي تعرض لها، حيث كان قد أحيا قبل مجيئه للقاهرة بساعات حفلاً غنائياً بمدينة العلا السعودية. قدم عبده خلال الحفل 14 أغنية من أهم وأشهر أغنياته التي اشتهر بها في العالم العربي ومنها «شبيه الريح»، و«أنا حبيبي»، و«اعترفلك»، و«اختلفنا»، و«أيو

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق إطلاق المفرقعات النارية احتفالاً بالعام الجديد في كمبالا (أ.ف.ب)

9 قتلى بحادث تدافع خلال احتفالات العام الجديد في أوغندا

لقي تسعة أشخاص على الأقل حتفهم في تدافع بمركز تسوّق في العاصمة الأوغندية، اليوم (الأحد)، خلال احتفالات بحلول العام الجديد، حسبما أعلنت الشرطة. وبعد إطلاق المفرقعات النارية أمام مركز «فريدوم سيتي» في كمبالا، «حصل تدافع نجم عنه وفاة خمسة أشخاص على الفور وإصابة آخرين بجروح»، وفق الشرطة التي أضافت أن «فرق الطوارئ وصلت إلى المكان ونقلت المصابين إلى المستشفى، حيث تم تأكيد وفاة تسعة أشخاص»، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (كمبالا)
يوميات الشرق الألعاب النارية تضيء السماء فوق جسر ميناء سيدني الشهير (أ.ف.ب)

العالم يودّع عام 2022 المضطرب ويستقبل آخر بالتمنيات

استقبل أمس (السبت)، 8 مليار شخص حول العالم سنة 2023 مودعين عاماً كثُرت فيه الاضطرابات الأمنية والاقتصادية، حمل ليونيل ميسي منتخب بلاده إلى الفوز بمونديال قطر. بالنسبة لكثيرين، ستكون تلك مناسبة للتخلّص من ذكريات مرتبطة بمعدّلات التضخم القياسية في جميع أنحاء العالم، وبأزمة «كوفيد - 19» الذي يصبح رويداً رويداً في طي النسيان من دون أن يختفي فعلياً. سيدني في «مشهد الألوان» استقبلت سيدني العام الجديد بعرض واسع النطاق للألعاب النارية أطلق عليه اسم «مشهد الألوان» في ميناء المدينة الأسترالية. كان قوس قزح المضيء أبرز ما في العرض، الذي تسلل من أعلى لأسفل مثل الشلالات من جسر هاربور. وكان من المتوقع أن يتد

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من استعدادات الأمن المصري لتأمين احتفالات الأعياد (وزارة الداخلية)

مصر: تدابير أمنية استعداداً لاحتفالات العام الجديد

كثفت السلطات المصرية من «التشديدات الأمنية في ربوع البلاد استعداداً لاحتفالات العام الجديد وعيد الميلاد المجيد». وأكدت وزارة الداخلية المصرية «اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة بمناسبة احتفالات المصريين بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
TT

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)

طوّر باحثون في مجموعة «مايو كلينك» الطبية الأميركية نظاماً مبتكراً يعتمد على الساعة الذكية لتنبيه الآباء عند أولى مؤشرات نوبات الغضب الشديدة لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية، ما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم النوبة.

وأوضح الباحثون أن هذا النظام يُقلّص مدة وحدّة نوبات الغضب، ما يخفف الضغط النفسي على الطفل ووالديه، ويُحسّن الأجواء الأسرية، ويُقلّل من الصراعات اليومية. ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «JAMA Network Open».

ونوبات غضب الأطفال هي انفعالات مفاجئة وشديدة، تظهر في صورة بكاء حاد أو صراخ أو رفض للأوامر أو سلوك عدواني أحياناً. وغالباً ما تنتج هذه النوبات عن عجز الطفل عن التعبير عن مشاعره أو السيطرة عليها، وقد تكون أكثر حدّة وتكراراً لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية.

ورغم أن نوبات الغضب تُعد جزءاً طبيعياً من نمو بعض الأطفال، فإن استمرارها لفترات طويلة أو شدتها الزائدة قد يؤثر سلباً في الصحة النفسية للطفل والعلاقات الأسرية، ما يستدعي تدخلاً تربوياً أو علاجياً مبكراً للحد من آثارها.

ويعتمد النظام على ساعة ذكية يرتديها الطفل، ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب أو التغيرات في الحركة أو النوم. وتُنقل هذه البيانات إلى تطبيق على هاتف الوالدين مزوّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يُحلِّلها لحظياً ويُرسل تنبيهاً فورياً يحثّ الوالدين على التواصل مع الطفل وتهدئته في الوقت المناسب.

وأُجريت التجربة السريرية على 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، كانوا يعانون اضطرابات عاطفية وسلوكية. واستُخدم نظام الساعة الذكية لدى نصف المشاركين على مدى 16 أسبوعاً، في حين واصل النصف الآخر العلاج القياسي. وقيَّمت الدراسة مدى التزام العائلات باستخدام التقنية، وقدرة التنبيهات الفورية على تغيير سرعة استجابة الوالدين وسلوك الأطفال.

وأظهرت النتائج أن التنبيهات الفورية ساعدت الآباء على التدخل خلال 4 ثوانٍ فقط، وأسهمت في تقليص مدة نوبات الغضب الشديدة بمعدل 11 دقيقة، أي نحو نصف المدة المسجّلة لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج التقليدي فقط.

كما بيّنت النتائج أن الأطفال ارتدوا الساعة الذكية لنحو 75 في المائة من فترة الدراسة، ما يعكس قابلية التطبيق وارتفاع مستوى تفاعل العائلات مع هذه التقنية.

وقال الباحثون إن «هذه الدراسة تُظهر أن تدخلات صغيرة، إذا جاءت في التوقيت المناسب، يمكن أن تغيّر مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الطفل؛ إذ تمنح الوالدين فرصة للتدخل الداعم، مثل الاقتراب من الطفل، وتقديم الطمأنة، وتعزيز المشاعر الإيجابية، وإعادة توجيه الانتباه، قبل أن تتصاعد النوبة».

وأضافوا أن هذا النظام يُثبت أن بيانات الأجهزة الذكية اليومية يمكن أن تساعد الأسر في الوقت الحقيقي؛ فقد تبدو الساعة الذكية جهازاً بسيطاً، لكنها عندما تُدعَم بعلاجات قائمة على الدليل وتحليلات متقدمة، تتحول إلى بارقة أمل للأسر التي تواجه أعراضاً سلوكية شديدة في المنزل.


«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
TT

«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

على مهل... كبار السن يعبرون ممرات معرض جدة للكتاب، يقلبون صفحات كتاب عتيق يعرفه قارئه جيداً، لا يركضون خلف العناوين، ولا تستفزهم الألوان الصارخة، بل يقفون حيث يقف المعنى، ويمدون أيديهم إلى الورق كما لو أنهم يصافحون ذاكرة قديمة، يعرفونها وتعرفهم.

هنا، في جدة، المدينة التي تعلمت القراءة مبكراً من دفاتر الرحالة، وسجلات التجارة والحكايات القديمة، لم يكن توافد كبار السن إلى معرضها للكتاب مشهداً غريباً، بل امتداد طبيعي لتاريخ طويل من الألفة بين الإنسان والكتاب، حيث جهزت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» معرضاً فيه كل ما هو ممكن من مضمون ومحتوى يأخذ القارئ إلى أبعاد مختلفة ومسارات متنوعة.

في المعرض تقابلك مشاهد لكبار السن وهم يتجولون في المعرض يحضرون الندوات، ويجلسون على مقاعد جانبية يتصفح أحدهم كتاباً بتمهل فيبتسم عند سطرٍ يعرفه، ويتوقف عند آخر كأنه يستعيد زمناً مر عليه في هذه المدينة التي لم تكن يوماً بعيدة عن الثقافة.

يقول العم حسن عبيد، الذي لامس السبعين: «في المعرض أبحث عما يسلي خاطري وأدقق في معرفة الرواة والمؤلفين، وإن كان ميلي لمؤلفين رافقوا البدايات الأولى في حياتي، وأقارن بين ما هو قديم وما يعاد تقديمه اليوم للأجيال الجديدة، فالقراءة بالنسبة لي ليست هواية بل عادة راسخة، وسلوك يومي ونافذة أطل منها على العالم حتى وإن تغير شكله».

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

هذه غراس المعرض، يجدد الشغف ويعيد للكتاب سيرته الأولى ومكانه الطبيعي، فمعرض جدة للكتاب، الذي نجحت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» في استقطاب أكثر من 1000 دار نشر من 24 دولة تفتح شهية الباحث والقارئ، بل إنها لم تركن لما هو على الرفوف بل تجاوز ذلك بأحدث 170 فعالية ثقافية، ولقاءات فكرية، وذلك بهدف إعادة تشكيل العلاقة بين القارئ والمكان ممثلة في مدينة جدة، التي احتضنت الحجاج والتجار والعلماء، واليوم تفتح ذراعيها للكتاب في هذا التوقيت وتمنح كبار السن مساحة ليكونوا شهوداً على التحول لا خارج محيط الفكر والثقافة.

سجل المعرض حضوراً كثيفاً في الندوات الحوارية وورش العمل (الشرق الأوسط)

جولة «الشرق الأوسط» لاحظت أن كبار السن لا ينفصلون عن حاضرهم فهم يتأملون جميع الكتب ومسارتها من الأدب والروية والقصة حتى أنهم يبحثون عن علوم مختلفة، ويستمعون إلى النقاشات، ويتابعون الحركة الثقافية بفضول هادئ يؤكد أن القراءة لا عمر لها، وأن الشغف بالمعرفة لا يتقاعد، إذ ترى في عيونهم المقارنة الصامتة بين زمن كان الكتاب فيه نادراً، وزمن صار فيه وفيراً مع امتلاكه الخصائص والقيمة.

في الجهة الأخرى من المشهد، حيث تخف وطأة الذاكرة وتعلو دهشة الاكتشاف، كان صغار السن يكتبون حضورهم بطريقتهم الخاصة، لا يقفون طويلاً عند الغلاف الواحد، لكن أعينهم تلتقط الفكرة قبل العنوان، وتتحرك بين الأجنحة كما لو أنها تتدرب على أول علاقة حقيقية مع الكتاب، فهنا تبدأ الحكاية من جديد لا بوصفها امتداداً للماضي، بل وعد للمستقبل.

الورش لم تكن قاصرةً على الكبار إذ سجل الأطفال والمراهقون حضوراً ملفتاً

ففي معرض جدة للكتاب، وفرت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» مواقع مختلفة، كي يلتقي فيها الصغار بالكلمة للمرة الأولى خارج أسوار المدرسة، يلمس أحدهم الكتاب بفضول، ويسأل، ثم يختار ما يشبهه من القصص المصورة، كتب المعرفة المبسطة، وأركان القراءة التفاعلية، وهذه لا تكون وسائل جذب بل جسور ثابتة قواعدها متينة تمهد لعلاقة طويلة الأمد مع القراءة، كعادة جدة المدينة التي علمت أجيالاً سابقةً كيف تحفظ الحكاية لتعيد اليوم صياغتها بلغة يفهمها الصغار.

اللافت أن المسافة بين كبار السن وصغارهم داخل المعرض لم تكن بعيدة، هنا جد يشير لحفيده إلى كتاب قرأه ذات يوم، وهناك طفل يلتقط الفكرة ويعيد تشكيلها بلغته الخاصة، وما بين الاثنين، يتحقق المعنى الأعمق لمعرض جدة للكتاب بأن يكون مساحة تواصل بين زمنين، لا قطيعة بينهما، وأن تنتقل المعرفة من يد إلى يد، ومن ذاكرة إلى أخرى.

طفلة تبحث عما يحاكيها بين الكتب

الملاحظ أن «هيئة الأدب والنشر والترجمة» نجحت في إيجاد ورش عمل وأمسيات تمس المتلقي بشكل أو آخر، ومن ذلك الورشة التي قدمتها الكاتبة شوقية الأنصاري تحت عنوان «كيف نلهم الطفل ليكون مؤلفاً صغيراً»، التي استعرضت من خلالها خطوات تحفيز الطفل على التعبير الكتابي، شملت قراءة النصوص القصيرة وتحليلها، ومحاكاة النصوص المنشورة، وبناء الجمل المتنوعة، والتعبير عن الصور بلغة سليمة.

وجذبت منطقة «المانجا» في معرض جدة للكتاب 2025 اهتمام عشاق المحتوى الإبداعي من فئتي الأطفال والشباب، عبر تجربة ثقافية تفاعلية تجمع بين القراءة والخيال البصري، وتقدم نماذج حديثة من صناعة القصص المصوّرة، بما يواكب اهتمامات الجيل الجديد، مع توفير أبرز إصدارات «المانجا»، بما في ذلك مجلات «المانجا العربية»، التي تعنى بنشر أعمال مستوحاة من «المانجا اليابانية»، إلى جانب القصص المصوّرة السعودية، في إطار يسهم في رفع معدلات القراءة، وتنمية الذائقة البصرية، وإثراء المحتوى العربي بأساليب سرد حديثة.

في المقابل وجد الكثير من كبار السن ضالتهم في الأمسيات الشعرية التي اتسمت بتنوع النصوص وعمقها الوطني، بخلاف الورش والندوات، التي شملت كثيراً من الميادين ومنها ندوة حوارية حول مفهوم الهوية الثقافية وتحولاتها، أكد فيها الكاتب هشام أصلان أن الهوية كائن حي يتطور عبر احتكاكه بالماضي وتفاعله مع الواقع المعاصر، إضافة إلى ندوات متعددة منها «مستقبل المكتبات والمتاحف... من الحفظ إلى التفاعل الرقمي» قدّمها متخصص المعالم المكانية وتاريخ فنون العمارة الدكتور فؤاد المغامسي، وجرى خلالها استشراف تحولات المؤسسات الثقافية نحو الرقمنة.

بهذا الحضور المتكامل، يغدو معرض جدة للكتاب أكثر من فعالية ثقافية، بل مشهد اجتماعي نابض بالحياة، كبار السن يرسخون الجذور، وصغار السن يمدون الأغصان نحو الضوء، وجدة، بثقلها التاريخي وعمقها الثقافي، تقف في المنتصف، شاهدةً على دورة القراءة وهي تتجدد، وعلى الكتاب وهو يعثر في كل عام على قارئ جديد، مهما اختلف العمر، ومهما تبدلت الأزمنة، هكذا يبدو «معرض جدة للكتاب» بكل المقاييس التي تعرفها والتي لا تعرفها، أكثر من فعالية ومساحة التقاء بين أجيال، وجسراً يصل ذاكرة المدينة الثقافية بحاضرها المتسارع، ليكتب كبار السن بتجولهم بين أروقة المعرض سطراً غير معلن «ما زلنا نقرأ، وما زال للكتاب مكان» وما زالت جدة تعرف كيف تحتضن الثقافة، كما احتضنت التاريخ.


ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
TT

ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)

سجلت موسوعة «غينيس» العالمية للأرقام القياسية ميناء العين السخنة المصري بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان على اليابسة، بعمق 19 متراً، وتسلّم نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل في مصر، كامل الوزير، شهادة التسجيل، وفق بيان لوزارة النقل المصرية، الاثنين.

ويضم ميناء السخنة على البحر الأحمر (100 كيلو شرق القاهرة)، محطة حاويات تتضمن أرصفة بطول 2600 متر، بغاطس 18 متراً، وساحات تداول بمساحة 1.5 مليون م2 وطاقة استيعابية حوالي 1.6 إلى 1.7 مليون حاوية سنوياً.

وأبدى الوزير فخره وسعادته بهذا الإنجاز العالمي الكبير الذي يعكس ويجسد مدى التطور الذي تشهده مصر حالياً في المجالات كافة، ومنها قطاع النقل البحري، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز «تحقق بأيادي العمال والمهندسين والشركات المصرية الوطنية المتخصصة»، مؤكداً على المشاركة الفعّالة من أكثر من 200 شركة من الشركات الوطنية المصرية في هذا المشروع.

وتعمل مصر على الاستفادة من موقعها الجغرافي الفريد على البحرين الأحمر والمتوسط، ووجود أهم ممر ملاحي عالمي فيها وهو قناة السويس، وضرورة تحويل ميناء السخنة إلى ميناء محوري عالمي على البحر الأحمر، ليكون بوابة رئيسية على السواحل الشرقية للدولة المصرية تخدم حركة الصادرات والواردات، وتعزز مكانة مصر على خريطة التجارة العالمية، والوصول إلى الهدف الرئيسي، وهو «تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجيستيات وتجارة الترانزيت».

وسلَّمت المحكم المعتمد لموسوعة «غينيس»، كنزي الدفراوي، شهادة الموسوعة العالمية للأرقام القياسية لميناء السخنة بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان بعمق 19 متراً، وقالت إن فريق العمل الخاص بالموسوعة راجع جميع السجلات بعناية شديدة، و«يسعدني جداً أن أُعلن أن جميع الإرشادات تم الالتزام بها، وكل المتطلبات قد حُقِّقت، وبعد مراجعة كل الأدلة، يمكنني اليوم أن أعلن رسمياً أن ميناء السخنة قد حقق مجموعاً قدره 19 متراً»، ليصبح ميناء السخنة حامل اللقب الجديد لأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان، وأضافت خلال البيان: «أنتم الآن مدهشون رسمياً».

وتُحدِّد مصر خطة شاملة لتطوير صناعة النقل البحري بوصفه إحدى الركائز الأساسية لـ«رؤية مصر 2030»، تتضمَّن تطوير المواني البحرية بإنشاء 70 كيلومتراً أرصفة بأعماق (18 - 25) متراً، لتتخطى أطوال الأرصفة في المواني البحرية حاجز 100 كيلومتر، وكذلك التخطيط لإنشاء 35 كلم ليصل إجمالي حواجز الأمواج إلى 50 كيلومتراً، وزيادة مساحات المواني لتصل إلى 100 مليون م2.

وأوضح الوزير أن وزارتي الصناعة والنقل تنفذان خطة تطوير شاملة لميناء السخنة، تقوم على التكامل بين الميناء والمنطقة الصناعية بالسخنة، حيث تم حفر 5 أحواض جديدة بالميناء بأعماق تصل إلى 19 متراً، كما تم إنشاء 18 كيلومتراً أرصفة وحواجز أمواج بطول 3300 متر، وإنشاء طرق داخلية بطول 17 كيلومتراً، وإنشاء شبكة سكك حديدية بطول 30 كيلومتراً داخل الميناء، وربطه بشبكة نقل حديثة متعددة الوسائط، تشمل السكك الحديدية، والطرق، والمواني الجافة، والمناطق اللوجيستية، وربطه بالخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع.