السعودية تقر موازنة توسعية بإنفاق يفوق تريليون ريال في العام الجديد

الأمير محمد بن سلمان: الإصلاحات تعزز النمو الاقتصادي الشامل... وتضمن الاستدامة المالية... وترتيب المصروفات وفق الاستراتيجيات المناطقية والقطاعية

السعودية تقر موازنة توسعية بإنفاق يفوق تريليون ريال في العام الجديد
TT

السعودية تقر موازنة توسعية بإنفاق يفوق تريليون ريال في العام الجديد

السعودية تقر موازنة توسعية بإنفاق يفوق تريليون ريال في العام الجديد

أعلنت السعودية، أمس (الأربعاء)، عن موازنتها للعام الجديد، التي ضاعفت فيها الفوائض المقدرة للعام المالي الجديد 2023 إلى 16 مليار ريال (4.2 مليار دولار)، بإجمالي إيرادات قوامها 1.130 تريليون ريال (301 مليار دولار)، مقابل مصروفات بقيمة 1.114 تريليون ريال (297 مليار دولار)، معلنة بذلك مواصلة خطة التوسع في النشاط الاقتصادي ومسيرة التنمية، والدفع بمشروعات التطوير والتحول الشامل في البلاد.
وأقرّ مجلس الوزراء السعودي الذي رأسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في قصر اليمامة بالرياض، اعتمادات الموازنة السعودية الجديدة، حيث شدد على تحويل الفائض من إيرادات الميزانية العامة للدولة إلى حساب الاحتياطي العام للدولة، مفوضاً وزير المالية بتدبير وإضافة الاعتمادات اللازمة لسداد المستحقات التي لا تقابلها اعتمادات كافية في بنود الميزانية العامة للدولة، مع مراعاة سقف النفقات المعتمد.
وشدد المجلس على أن يتولى الديوان العام للمحاسبة متابعة مدى التزام الجهات الحكومية بما قضت به هذه الفقرة، والرفع عن ذلك، لاتخاذ الإجراءات المقررة نظاماً بحق الجهات المخالفة.
وفوّض المجلس وزير المالية بتدبير وإضافة التكاليف المترتبة على الفروقات الضريبية في العقود والتكاليف اللازمة للعقود البديلة والتكاليف الناتجة عن الأحكام القضائية الصادرة بحق الجهات الحكومية، أو تعديل أسعار العقود، أو الاتفاقيات، أو تمديد أو نقل المشروعات، حسب الأنظمة والتعليمات الصادرة بشأنها.

مجلس الوزراء السعودي يقر الموازنة السعودية الجديدة (واس)

مضاعفة الفائض
ويمثل الفائض المقدر للميزانية الجديدة ضعف ما كان مقدراً من وزارة المالية في وقت سابق، حيث توقع بيان تمهيدي في سبتمبر (أيلول) الماضي بفائض قدره 9 مليارات ريال، لتصل التقديرات الجديدة إلى 16 مليار ريال، في وقت حقق فائض ميزانية العام الحالي 2022 نمواً عن المقدر بنحو 11 في المائة، ليصل إلى 102 مليار ريال (27.2 مليار دولار) مقابل تقديرات بنحو 90 مليار ريال.
وسجلت الميزانية الفعلية الجديدة للعام الحالي إجمالي إيرادات بنحو 1.234 تريليون ريال (329 مليار دولار)، مقابل إنفاق بنحو 1.132 تريليون ريال (301.8 مليار دولار)، تمثل زيادة عن التقديرات للعام ذاته، البالغة 1045 مليار ريال للإيرادات، و955 مليار ريال للمصروفات.

الدين والاحتياطيات
وبحسب بيان وزارة المالية، يُتوقع أن يبلغ رصيد الدين العام 951 مليار ريال، أي 24.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2023، مقارنة بـ985 مليار ريال، ما يعادل 24.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022.
ومن المتوقع الاستمرار في عمليات الاقتراض المحلية والخارجية بهدف سداد أصل الدين المستحق خلال العام الجديد، وعلى المدى المتوسط، واستغلال الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق، لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية استباقية لسداد مستحقات أصل الدين للأعوام المقبلة، ولتمويل بعض المشروعات الاستراتيجية، بالإضافة إلى استغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل، بهدف تمويل الإنفاق التحولي للمشروعات الرأسمالية والبنية التحتية.
ومن المقدر كذلك، أن يبلغ رصيد الاحتياطيات الحكومية نحو 399 مليار ريال، بنهاية عام 2023، وذلك نتيجة تعزيز الاحتياطيات بجزء من الفوائض بهدف المحافظة على مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية لتعزيز المركز المالي للحكومة وقدرتها على التعامل مع الصدمات الخارجية.

مسيرة التحول
وأكد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، أن مسيرة التحول الاقتصادي التي تتبناها حكومة المملكة مستمرة، وأن ما تحقق من نتائج إيجابية حتى الآن وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين يؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهادفة إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتقوية المركز المالي للمملكة، بما يضمن الاستدامة المالية نحو مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.

ترتيب أولويات الإنفاق
وأوضح الأمير محمد بن سلمان أن الحكومة تستهدف في ميزانية 2023 ترتيب أولويات الإنفاق على المشروعات الرأسمالية وفق الاستراتيجيات المناطقية والقطاعية، المتوائمة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 والتوجهات الوطنية، وأنها مستمرة في تنفيذ البرامج والمشروعات ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى دعم التنوع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص بتحسين بيئة الأعمال، وتذليل المعوقات؛ لجعلها بيئة جاذبة، ورفع معدلات النمو الاقتصادي للعام المقبل وعلى المدى المتوسط.

الضبط المالي
وقال الأمير محمد بن سلمان، في بيان صدر أمس: «إن التعافي الاقتصادي ومبادرات وسياسات الضبط المالي وتطوير إدارة المالية العامة وكفاءتها أسهم في تحقيق فائض في الميزانية، مع المحافظة على تحقيق المستهدفات الرئيسية للرؤية؛ حيث يتوقع أن يبلغ الفائض في عام 2022 نحو 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».
وأكد أن الفوائض المتحققة في الميزانية ستوجه لتعزيز الاحتياطيات الحكومية، ودعم الصناديق الوطنية، وتقوية المركز المالي للمملكة؛ لرفع قدراتها على مواجهة الصدمات والأزمات العالمية، وأكد سموه أنه يتم النظر حالياً في إمكانية تعجيل تنفيذ بعض البرامج والمشروعات الاستراتيجية ذات الأولوية.

تحسن المؤشرات
وأوضح ولي العهد السعودي أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تطبق منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 أسهمت في تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية، ودفع مسيرة التنويع الاقتصادي والاستقرار المالي؛ حيث حققت المملكة، حتى نهاية الربع الثالث من عام 2022، معدلات مرتفعة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بلغت نحو 10.2 في المائة، وانعكس ذلك بوضوح على نمو كثير من الأنشطة الاقتصادية والقطاعات المختلفة غير النفطية، بتسجيلها معدلات نمو 5.8 في المائة، ومن المتوقع بنهاية العام الحالي بلوغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 8.5 في المائة.
وأضاف الأمير محمد أن ذلك النمو انعكس على خلق مزيد من فرص العمل، ما أسهم في انخفاض معدلات البطالة بين المواطنين إلى 9.7 في المائة خلال الربع الثاني من العام 2022، وهو الأقل خلال الـ20 سنة الماضية، مبيناً أن أكثر من 2.2 مليون مواطن يعملون في القطاع الخاص، وهو الرقم الأعلى تاريخياً، في وقت ارتفعت فيه المشاركة الاقتصادية للمرأة من 17.7 في المائة إلى 35.6 في المائة.

المواطن السعودي
وأكد ولي العهد أن المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية للنجاح، مضيفاً أن دور المواطن محوري في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، ويسهم بشكل مباشر في تحقيق الإنجازات والمضي قدماً في مختلف المجالات والقطاعات الواعدة.
وأوضح أن الحكومة تواصل جهودها لتعزيز منظومة الدعم والحماية الاجتماعية للمواطنين لما تشكله من أهمية في توفير مستوى معيشي كريم للمواطنين كافة، خاصة الفئات الأقل دخلاً. مبيناً أن جميع برامج الرؤية تهدف إلى تعزيز جودة حياة المواطنين، بما في ذلك زيادة فرص التوظيف وتحسين مستوى الدخل، كما تهدف إلى تطوير البنى التحتية للمدن، وتوفير جميع الخدمات، وفق أعلى المستويات العالمية.

ميزانية 2023
وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن ميزانية عام 2023 تأتي استمراراً لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030؛ حيث تركز على مرحلة تسريع تحقيق النتائج، فقد نجحت الحكومة في تنفيذ كثير من المبادرات الداعمة والإصلاحات الهيكلية لتمكين التحول الاقتصادي وإشراك القطاع الخاص في رحلة التحول، موضحاً أن مراجعة وتحديث الاستراتيجيات والبرامج والمبادرات والإجراءات تتم بصفة دورية للتأكد من فاعليتها، وتصحيح مسارها كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

مبادرات رئيسية
وذكر الأمير محمد، وفقاً للبيان، أن الحكومة بالإضافة إلى مجالات الإنفاق عموماً، تنفذ عدداً من المبادرات الرئيسة التي ستسهم في تعزيز دور القطاع الخاص، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي ستساعد على تحقيق طموحات وتطلعات رؤية المملكة 2030، مستندة إلى مكامن القوة التي حباها الله لهذه البلاد؛ من موقع استراتيجي متميز، وقوة استثمارية رائدة، وعمق عربي وإسلامي. وأشار إلى إطلاق المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، التي ترسخ دور المملكة، بصفتها حلقة وصل رئيسة، تعزز كفاءة سلاسل الإمداد العالمية التي ستسهم في تجاوز التحديات، التي تؤثر في كفاءة الاقتصاد العالمي ونموه، مؤكداً أن السعودية ستستمر خلال العام المقبل، وعلى المديين المتوسط والطويل، في زيادة جاذبية اقتصاد المملكة كقاعدة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنويع الاقتصاد عن طريق تطوير القطاعات الواعدة.

الإصلاحات الضخمة
وأشار ولي العهد إلى أن رؤية المملكة 2030، تركز على تبني إصلاحات ضخمة في مختلف المجالات؛ حيث يعد وجود قطاع صناعي حيوي ومستدام قادر على المنافسة ومعتمد على التصدير ممكّناً لتحقيق مستهدفاتها، لذلك «أطلقنا» الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تهدف إلى تنمية بيئة الأعمال الصناعية، وتنويع قاعدتها، وتعزيز تجارة المملكة الدولية، وتدعيم وصول الصادرات الوطنية إلى الأسواق العالمية، وتنمية وتعزيز الابتكار والمعرفة.
وبحسب الأمير محمد، «يتوقع أن تحقق الاستراتيجية تأثيراً إيجابياً ضخماً في اقتصاد المملكة؛ حيث حددت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال، وتعمل على مضاعفة قيمة الصادرات الصناعية لتصل إلى 557 مليار ريال، ووصول مجموعة قيمة الاستثمارات الإضافية في القطاع إلى 1.3 تريليون ريال، وزيادة صادرات المنتجات التقنية المتقدمة بنحو 6 أضعاف، إضافة إلى استحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية عالية القيمة».

الأمن الغذائي
وعرج ولي العهد السعودي على الدور المهم والجهود التي بذلتها بلاده في السعي نحو أمنها الغذائي، بتوجهها المبكر الذي لاقى نجاحاً وتفوقاً خلال التوترات الجيوسياسية وما رافقتها من تبعات وضغوط على الأمن الغذائي في عموم دول العالم؛ حيث تميزت استراتيجية الأمن الغذائي في المملكة بتكاملها الذي ظهر واضحاً في استقرار أوضاع الغذاء داخلياً خلال هذه الفترة، التي يشهد فيها العالم نقصاً في تدفق الإمدادات الغذائية نتيجة الظروف الجيوسياسية وتأثيرات تغير المناخ وشح الموارد المائية.

التصدي للمخاطر
في ختام تصريحه، أشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن نجاح الحكومة في التصدي للمخاطر الناجمة عن التغيرات الجيوسياسية، والحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية، يثبت قوة اقتصاد المملكة في مواجهة التحديات الطارئة. كما شدد سموه على الدور الريادي للمملكة في استقرار أسواق الطاقة، في إطار السعي للإسهام في تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي والمحلي ونموه.


مقالات ذات صلة

محمد بن سلمان يستقبل الفريق المنفذ لأول زراعة قلب بالروبوت

الخليج الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الفريق الطبي وقيادات مستشفى «التخصصي» (واس)

محمد بن سلمان يستقبل الفريق المنفذ لأول زراعة قلب بالروبوت

استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الفريق الطبي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان مهنئاً ترمب: نتطلع لتعزيز علاقات البلدين

هنأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في اتصال هاتفي، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي لدى استقباله قائد الجيش الباكستاني بالرياض (واس)

السعودية وباكستان تبحثان تطوير العلاقات العسكرية

استعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع قائد الجيش الباكستاني الفريق أول عاصم منير العلاقات الثنائية وفرص تطويرها خصوصاً في المجالات العسكرية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس شيغيرو إيشيبا (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وشيغيرو يستعرضان جهود تحقيق السلام بالمنطقة

استعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في الرياض (واس)

السعودية: الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة في السودان

حثَّ مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، الأطراف المتحاربة في السودان على وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)
TT

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)

كشف البنك المركزي التركي عن توقعات محبطة ومخيبة للآمال في تقريره الفصلي الرابع والأخير للتضخم هذا العام رافعاً التوقعات بنهاية العام بواقع 6 نقاط مئوية إلى 44 في المائة.

وجاء في التقرير، الذي أعلنه رئيس البنك المركزي، فاتح كارهان، في مؤتمر صحافي، الجمعة، أن البنك يتوقع ارتفاع توقعات التضخم بنهاية العام الحالي إلى 44 في المائة، والعام المقبل إلى 21 في المائة، وعام 2026 إلى 12 في المائة.

وكان التقرير السابق للبنك المركزي التركي، الذي صدر في أغسطس (آب)، توقع أن يصل معدل التضخم إلى 38 في المائة بنهاية العام الحالي، و14 في المائة في نهاية العام المقبل، و9 في المائة في نهاية عام 2026.

وشدّد كاراهان، على عزم «المركزي» التركي الاستمرار في تطبيق سياسة نقدية متشددة بهدف تسريع عملية خفض التضخم وتحقيق الأهداف، رافضاً الإفصاح عن موعد متوقع لخفض سعر الفائدة عن المعدل الحالي عند 50 في المائة.

رئيس البنك المركزي التركي خلال مؤتمر صحافي لإعلان التقرير الفصلي للتضخم الجمعة (إعلام تركي)

ولفت كاراهان، في الوقت ذاته، إلى تحسن في الاتجاهات الأساسية للتضخم، رغم أن أسعار الخدمات تتراجع بوتيرة أبطأ من المتوقع، قائلاً: «سنحافظ بشكل حاسم على موقفنا الصارم في السياسة النقدية حتى يتحقق استقرار الأسعار، ومع تراجع التضخم في قطاع الخدمات، من المتوقع أن يواصل الاتجاه الأساسي للتضخم انخفاضه بشكل أكبر في عام 2025».

استمرار التشديد النقدي

وتراجع التضخم السنوي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأقل من المتوقع، ووصل إلى 48.58 في المائة سنوياً بفعل الحفاظ على السياسة المتشددة، وما يسمى بالتأثيرات الأساسية، انخفاضاً من ذروة تجاوزت 75 في المائة في مايو (أيار) الماضي، لكنه لم يصل إلى المستوى الذي يمكّن صانعي السياسة من اتخاذ قرار بتخفيف التشديد النقدي.

وسجّل التضخم الشهري، الذي يعوّل عليه البنك المركزي في تحديد التوقيت المناسب لخفض الفائدة، زيادة في أكتوبر بنسبة 2.88 في المائة، نتيجة ارتفاع أسعار الملابس والغذاء.

وحذّر البنك المركزي التركي، الشهر الماضي، من أن الارتفاعات الأخيرة في بعض مؤشرات التضخم قد أدت إلى زيادة حالة عدم اليقين، ما دفع المحللين إلى تأجيل توقعاتهم بشأن أول خفض لأسعار الفائدة إلى ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني) المقبلين.

أسواق تركيا تعاني كساداً في ظل استمرار الأسعار المرتفعة رغم التراجع في التضخم (إعلام تركي)

وقال كاراهان إن التوقعات الجديدة للتضخم تعتمد على الاستمرار في السياسة النقدية المتشددة، وإن البنك المركزي سيقوم «بكل ما هو ضروري» للحدّ من التضخم، مع الإشارة إلى التراجع الكبير في المعدل السنوي للتضخم منذ مايو الماضي.

وقال إننا نقدر أن الطلب المحلي يواصل التباطؤ، ويصل إلى مستويات تدعم تراجع التضخم، ومع تأثير هذا التباطؤ، يستمر عجز الحساب الجاري في الانخفاض، لكن تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم أبطأ مما توقعنا، وهو ما يمنع مواكبتنا للبنوك العالمية التي بدأت عملية خفض أسعار الفائدة.

وأضاف كارهان أن فجوة الإنتاج تقلصت في الربع الثالث من العام، ومع تراجع ظروف الطلب، يضعف الانتشار العام لارتفاع الأسعار، وسوف تشكل فجوة الإنتاج عنصراً مهماً في مكافحة التضخم، ونتوقع أن ينخفض ​​العجز التراكمي في الحساب الجاري، وأن يستمر الاتجاه الإيجابي في رصيد الحساب الجاري في الربع الثالث.

وتابع أننا نتوقع تراجع التضخم في الإيجارات، وعلى الجانب الصناعي، نرى تحسناً واضحاً في السلوك التسعيري للشركات، وبشكل عام، لا يزال تضخم السلع الأساسية منخفضاً.

إردوغان يدعم الإجراءات الاقتصادية

وقال كاراهان إننا نتوقع أن يتراجع التضخم السنوي بشكل مطرد خلال الفترة المقبلة من خلال الحفاظ على الموقف الحذر في السياسة النقدية، وليس من الصواب النظر إلى تعديل التوقعات بالارتفاع باعتباره تغييراً في السياسة النقدية.

وبالنسبة للحدّ الأدنى للأجور، والجدل المثار حول الزيادة الجديدة، قال كاراهان إن البنك المركزي لا يقدم أي توصيات رسمية أو غير رسمية فيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور، وليس من الممكن بالنسبة لنا إجراء تقييم، كما تدعى بعض الجهات، فنحن لسنا صناع القرار.

في غضون ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «أعتقد أننا سنزيل التضخم من جدول أعمالنا العام المقبل، ونركز على الاستثمارات الجديدة والكبيرة، ولا ينبغي لأحد أن يشك في ذلك، وسنرى جميعاً هذه الانخفاضات في التضخم في الشهرين المقبلين».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن تأييده استمرار التشديد الاقتصادي (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من بودابست، نشرت الجمعة: «الإجراءات الاقتصادية ستستمر بثبات وعزم ودون تردد لتخفيف ضغوط الأسعار، مع الأخذ في الاعتبار جميع المخاطر».

من ناحية أخرى، قال وزير التجارة التركي، عمر بولاط، إن تركيا تستضيف حالياً أكثر من 83 ألف شركة متعددة الجنسيات، باستثمارات إجمالية تبلغ 270 مليار دولار، وتهدف إلى زيادة حصتها في الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية إلى 1.5 بالمائة.

وزير التجارة التركي متحدثاً خلال قمة البسفور الـ15 في إسطنبول الجمعة (من حسابه في «إكس»)

وأضاف بولاط، في كلمة أمام قمة البسفور الـ15 في إسطنبول، الجمعة، أن تركيا لديها فرص للشركات الأجنبية، ويمكن لهذه الشركات العمل بشكل وثيق مع شركات البناء التركية لإقامة شراكات واستكشاف فرص استثمارية إضافية في تركيا أو أسواق ثالثة.