واشنطن توسع عقوباتها لتشمل «المسؤولين المفسدين» في السودان

المبعوث الأممي يتحدث أمام مجلس الأمن عن بدء المرحلة الثانية في التوافق بين الأطراف

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)
TT

واشنطن توسع عقوباتها لتشمل «المسؤولين المفسدين» في السودان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «توسيع» سياسة تقييد تأشيرات الدخول الأميركية لتشمل «أي مسؤولين سودانيين حاليين أو سابقين» يعتقد أنهم مسؤولون أو متواطئون في تقويض التحول الديمقراطي في السودان، متوعداً هؤلاء بـ«المحاسبة». ودعا العسكريين إلى التخلي عن السلطة، والمدنيين إلى التفاوض بـ«حسن نية» لإحراز «تقدم سريع» في اتجاه تشكيل حكومة مدنية.
وأفاد كبير الدبلوماسيين الأميركيين، في بيان الأربعاء، بأن الولايات المتحدة ترحب بتوقيع الأطراف السودانية على الاتفاق الإطاري السياسي المبدئي، معتبراً إياه «خطوة أولى أساسية نحو تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية ووضع ترتيبات دستورية لفترة انتقالية». وقال: «نحن ندعم خطط الأطراف المدنية السودانية والجيش لإجراء حوارات شاملة حول القضايا العالقة قبل توقيع اتفاق نهائي ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية»، داعياً إلى «إحراز تقدم سريع نحو هذه الغايات». وأضاف أنه «دعماً لمطالب الشعب السوداني بالحرية والسلام والعدالة في ظل حكومة ديمقراطية والاعتراف بهشاشة التحولات الديمقراطية؛ ستحاسب الولايات المتحدة المفسدين، سواء كانوا فاعلين عسكريين أو سياسيين، الذين يحاولون تقويض أو تأخير التقدم الديمقراطي»، موضحاً أنه بهدف تحقيق ذلك يعلن «توسيع سياسة تقييد التأشيرة الحالية» من قانون الهجرة والجنسية الأميركي لتشمل «أي مسؤولين سودانيين حاليين أو سابقين أو غيرهم من الأفراد الذين يُعتقد أنهم مسؤولون أو متواطئون في تقويض التحول الديمقراطي في السودان بما في ذلك من خلال قمع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأفراد الأسرة المباشرين لهؤلاء الأشخاص». ولفت إلى أن هذا الإجراء «يوسع» أدوات وزارة الخارجية الأميركية لدعم التحول الديمقراطي في السودان، كما أنه «يعكس عزمنا المستمر على دعم شعب السودان في رغبتهم الواضحة في حكومة مستجيبة ومسؤولة بقيادة مدنية». وإذ ذكّر بسياسة قيود التأشيرات السابقة الخاصة ضد الذين قوضوا الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة مدنية، قال: «لن نتردد في استخدام سياستنا الموسعة ضد المفسدين في عملية التحول الديمقراطي في السودان».
ودعا بلينكن القادة العسكريين في السودان إلى «التنازل عن السلطة للمدنيين واحترام حقوق الإنسان وإنهاء العنف ضد المتظاهرين». وكذلك حض ممثلي القادة المدنيين في السودان على «التفاوض بحسن نية ووضع المصلحة الوطنية أولاً».
إلى ذلك، قدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس إحاطة أمام أعضاء مجلس الأمن حول أحدث التطورات في السودان، فأشار أولاً إلى «الأخبار الإيجابية» المتعلقة بتوقيع اتفاق الإطار السياسي في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، معتبراً أن «ديناميكيات الأسبوعين الماضيين تلهم الأمل في أن يجد السودان طريقة للخروج من أزمته (...) والشروع في مرحلة انتقالية جديدة أكثر استدامة». وأضاف أنه «يُفترض أن يمهد (الاتفاق) الطريق، بعد جولة أخرى من المحادثات حول الجوهر، لاتفاق سياسي نهائي وتشكيل حكومة مدنية جديدة تقود البلاد نحو الانتعاش والانتخابات الديمقراطية»، في إطار مرحلة انتقالية مدتها سنتان.
وكذلك عرض بيرثيس لجهود الآلية الثلاثية، المتمثلة بالاتحاد الأفريقي والمنظمة الحكومية للتنمية (إيغاد) وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة الأبعاد للمرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) مع القيادة العسكرية حول مسودة الوثيقة الدستورية التي أعدت تحت رعاية نقابة المحامين السودانية، واصفاً ذلك بأنه «اختراق»، بالإضافة إلى تشكيل تحالف من الموقعين المدنيين على المسودة. وأكد أن الجيش وافق على «عملية سياسية من مرحلتين للعودة إلى العملية الانتقالية بقيادة مدنية». وكشف أنه مع الانتهاء من المرحلة الأولى من توقيع اتفاق الإطار السياسي، فإن «المرحلة الثانية على وشك أن تبدأ»، معبراً عن تشجعه لأن أصحاب المصلحة المدنيين والعسكريين صاروا «أكثر شفافية حول تفاهمات أولية وضاعفوا جهودهم للوصول إلى الجهات الفاعلة الأخرى وللجمهور». وشدد على أن «اتفاقاً سياسياً نهائياً، بمجرد التوصل إليه، سيؤدي إلى حكومة مدنية يجب أن تكون في وضع أفضل لمعالجة الوضع الأمني والإنساني والاقتصادي»، علماً بأنه «يمهد الطريق نحو بناء دولة ديمقراطية تقوم على حقوق الإنسان وسيادة القانون والمساواة بين الجنسين، وتوفير مستقبل للشباب وللنساء في السودان»، فضلاً عن أنه «سيسمح باستئناف محادثات السلام مع الحركات التي لم تصنع السلام بعد مع الحكومة، ولصالح استعادة الدعم الدولي واسع النطاق للسودان».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
TT

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد، وذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» (جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات) الموافقة مبدئياً على «رفع أسعار خدمات الاتصالات»، و«قرب تطبيق الزيادة الجديدة».

وقدَّم عضو مجلس النواب، النائب عبد السلام خضراوي، طلب إحاطة لرئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير الاتصالات حول الزيادة المرتقبة، مطالباً الحكومة بالتدخل لوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت، في ظل «سوء خدمات شركات المحمول»، على حد قوله.

وجاءت إحاطة خضراوي بالتزامن مع إعلان عدد من النواب، اليوم (السبت)، رفضهم الزيادات المرتقبة، ومنهم النائبة عبلة الهواري، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض قرار الزيادة «في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وبحسب مصدر برلماني مطلع «يتجه عدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية بشأن زيادة الأسعار المرتقبة على خدمات الاتصالات، حتى لا يتم إقرارها من قبل الحكومة المصرية».

وكان خضراوي قد أكد في إحاطته البرلمانية أنه كان على الحكومة أن تتدخل لإجبار الشركات على تحسين الخدمة، التي «أصبحت سيئة خصوصاً في المناطق الحدودية والقرى»، عادّاً أن الشركات «تحقق أرباحاً كبيرة جداً»، ولا يوجد ما يستدعي رفع الأسعار، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل.

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد شمروخ، قبل أيام «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات؛ بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الاتصالات». وقال خلال مشاركته في فعاليات «معرض القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن الجهاز «يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (مجلس الوزراء المصري)

من جهتها، أكدت وكيلة «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب، النائبة مرثا محروس، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزيادة لم يُتَّخذ بعد، لكنه مطروح منذ تحريك سعر الصرف في مارس (آذار) الماضي لأسباب عدة، مرتبطة بالإنفاق الدولاري للشركات، والرغبة في عدم تأثر الخدمات التي تقدمها «نتيجة تغير سعر الصرف»، عادّة أن الزيادة المتوقعة ستكون «طفيفة».

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار، في حين ستكون الزيادة الجديدة، حال تطبيقها، هي الثانية خلال عام 2024 بعدما سمح «الجهاز» برفع أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات، بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وتعمل في مصر 4 شركات لخدمات الاتصالات، منها شركة حكومية هي «المصرية للاتصالات»، التي تمتلك أيضاً حصة 45 في المائة من أسهم شركة «فودافون مصر»، وجميعها طلبت زيادة الأسعار مرات عدة في الأشهر الماضية، بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين حكوميين.

وجاء الإعلان عن الزيادة المرتقبة بعد أسابيع قليلة من إنهاء جميع الشركات الاتفاق مع الحكومة المصرية على عقود رخص تشغيل خدمة «الجيل الخامس»، مقابل 150 مليون دولار للرخصة لمدة 15 عاماً، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، مع انتهاء التجهيزات الفنية اللازمة للتشغيل. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

احدى شركات الاتصالات تقدم خدماتها للمستخدمين (وزارة الاتصالات)

بدوره، رأى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء»، أحمد مدكور، أن الحديث عن زيادة أسعار خدمات الاتصالات في الوقت الحالي «يبدو طبيعياً مع زيادة تكلفة المحروقات على الشركات، والتزامها بزيادات الأجور السنوية، بالإضافة إلى زيادة نفقات التشغيل بشكل عام»، عادّاً أن الزيادة «ستضمن الحفاظ على جودة انتظام الشبكات».

وقال مدكور لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الأرباح التي تحققها الشركات، والتي جرى رصد زيادتها في العام الحالي حتى الآن، «لا تعكس النسب نفسها عند احتسابها بالدولار في سنوات سابقة»، متوقعاً «ألا تكون نسب الزيادة كبيرة في ضوء مراجعتها حكومياً قبل الموافقة عليها».

الرأي السابق تدعمه وكيلة «لجنة الاتصالات» بالبرلمان، التي تشير إلى وجود زيادات جرى تطبيقها في قطاعات وخدمات مختلفة، على غرار «الكهرباء»، و«المحروقات»، الأمر الذي يجعل لدى الشركات مبرراً قوياً لتنفيذ زيادات في أسعار الخدمات «لكي تتمكّن من استمرار تنفيذ خططها التوسعية، وتحسين جودة الخدمات، وتطوير الشبكات المستمر».