جلسة مجلس الوزراء أربكت «الطاشناق» الخائف على تحالفاته

TT

جلسة مجلس الوزراء أربكت «الطاشناق» الخائف على تحالفاته

لم يُحل بعد لغز جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت الاثنين الماضي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وكيفية نجاح ميقاتي في تأمين النصاب لها عبر استقطاب وزير الصناعة جورج بوشيكيان، رغم أن الأخير كان في عداد الوزراء التسعة الذين وقعوا بياناً قبل ساعات من موعد الجلسة، أعلنوا فيه رفضهم أي اجتماع لمجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي.
وفيما لم يكشف الوزير بوشيكيان الذي يمثل حزب «الطاشناق» الأرمني في الحكومة، الأسباب التي أخرجته من لائحة الوزراء التسعة وحملته على مخالفة قرار حزبه، سارعت قيادة الحزب إلى فصله من كتلة نواب الأرمن، وأعلنت اللجنة المركزية لحزب «الطاشناق» في بيان، أنه «في ضوء التطورات الأخيرة والمتعلقة بجلسة مجلس الوزراء التي عُقدت الاثنين، وشارك فيها وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشيكيان.
ونظراً لعدم التزام النائب بوشيكيان بقرار الحزب بالامتناع عن حضور الجلسة، قررت اللجنة المركزية فصله عن كتلة نواب الأرمن». وأفاد البيان بأن «أي موقف صادر عن الوزير بوشيكيان لا يمثل إلا نفسه».
وأحدثت هذه الخطوة إرباكاً داخل حزب الطاشناق، وطرحت تساؤلات حول تصدع العلاقة مع حلفائه، برغم قسوة الإجراءات العقابية بحق الوزير «المتمرد»، غير أن موقف الأمين العام للحزب النائب هاغوب بقرادونيان، بدد بعض الالتباسات، عبر تأكيده أن بوشيكيان «خالف إرادة الحزب الذي التزم بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال».
وأكد بقرادونيان لـ«الشرق الأوسط»، أن «مشاركة الوزير لا تعكس إرادة الحزب على الإطلاق، وأن موقفه خضع للنقاش الداخلي واتخذنا القرار المناسب بشأنه»، لافتاً إلى أن «الجلسة الوزارية جاءت في غير وقتها الدستوري والسياسي، وخرجت عن إطار الضرورة الملحة، وناقضت ما تعهد به ميقاتي أمام المجلس النيابي بعدم عقد جلسات لمجلس الوزراء إلا في حال الضرورة القصوى».
وأثار حضور وزير الصناعة جلسة مجلس الوزراء غضب التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الطاشناق، خصوصاً أن رئيس التيار جبران باسيل كان متأكداً من تعطيل النصاب قبل أن يفاجأ بالخرق الذي أحدثه ميقاتي، وهو ما أدى إلى وضع الفريق الأرمني في موقف محرج، وطرح تساؤلات عن مدى استمرار التحالف بينهما، لكن بقرادونيان جزم بأن ما حصل «لن يؤثر على تحالفات الطاشناق مع التيار الحر ولا مع الثنائي الشيعي أو مع المكون السني»، معتبراً أن الأكثرية الأرمنية تبقى خارج الاصطفافات وهي دائماً مع مشروع الدولة ونقطة جمع وليست تفرقة.
ومنذ انتهاء جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر الاثنين، لم يوضح الوزير بوشيكيان أسباب تراجعه عن مقاطعة الجلسة، كما أنه لم يعلق على قرار فصله من كتلة نواب الأرمن التابعين لحزب الطاشناق، ولم يحدد تموضعه في المرحلة المقبلة، لكن مصدراً أرمنياً أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن بوشيكيان «لا يزال ضمن كتلة نواب زحلة (البقاع)، ويحضر اجتماعاتها الدورية مع زملائه لمتابعة قضايا المنطقة».
واعترف بأن «طرد بوشيكيان من كتلة نواب حزب الطاشناق أضعفه سياسيا، وهذا يعني أن الحزب لن يسميه وزيراً في أي حكومة ولن يرشحه للانتخابات المقبلة». واستدرك المصدر قائلاً: «القرار التأديبي لا يعني أن بوشيكيان انتهى سياسيا، فالرجل قد يكون تلقى ضمانات من جهة سياسية أو حزبية أقنعته بحضور مجلس الوزراء، وعلينا أن نراقب من يتبناه سياسيا وربما انتخابياً في المرحلة المقبلة».
قفزة وزير الصناعة من ضفة سياسية إلى أخرى، لا تقف عند حدود الإغراء أو الإقناع من قبل أي طرف فحسب، بل تعكس بحسب مراقبين تبايناً داخل الحزب، الذي فقد تمثيله للأكثرية الأرمنية في الانتخابات الأخيرة، إذ حاز على ثلاثة نواب من أصل ستة.
وقدم الوزير السابق كريم بقرادوني قراءته لما حصل، فاعتبر أن حزب الطاشناق تاريخياً هو «حزب الدولة ويقف دائماً إلى جانب رئيس الجمهورية أياً كان الرئيس».
وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعد التطورات الأخيرة وشغور سدة الرئاسة وعدم إمساك الطاشناق بأكثرية التمثيل الأرمني لم يعد ثمة قرار واحد داخل هذا الحزب، بل هناك تباينات وملاحظات عبر عنها موقف وزير الصناعة».
ورأى بقرادوني (الرئيس الأسبق لحزب الكتائب اللبنانية) أن الوزير بوشيكيان «لم يكن ليتفرد بقرار حضور جلسة مجلس الوزراء لو كان الثقل الأرمني بيد الطاشناق ولو كان هناك رئيس للجمهورية».
وقد نزح الأرمن إلى لبنان بعد المذابح الأرمنية في بداية القرن العشرين. ويبلغ عددهم في لبنان 156 ألفا ويمثلون نسبة 4 في المائة من السكان.
وقد هاجر جزء منهم إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية أثناء الحرب الأهلية. ودائماً ما يحاذر الأرمن الدخول في الصراعات الداخلية والاصطفافات الحزبية اللبنانية، حتى لا يدفعوا ثمنها عند المحطات الكبرى.
وأشار بقرادوني إلى أن «الأرمن ليسوا طائفة بل أصحاب هوية قومية، يقفون دائماً مع الدولة التي استقبلتهم واحتضنتهم وهم يدينون بالولاء لهذه الدولة».
وأضاف بقرادوني «صحيح أن وضع الأرمن في بعض دول المنطقة جيد، من حيث العمل والاستثمارات والمشاريع والحقوق الاجتماعية، لكن لبنان هو البلد الوحيد الذي أعطاهم تمثيلاً في الحكم وجعلهم شركاء في القرار السياسي، من هنا يعتبرون أن هذا المكسب يجب الحفاظ عليه عبر البقاء إلى جانب الدولة ورئاسة الجمهورية، وليست لديهم مصلحة للدخول في الخلافات الداخلية اللبنانية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق من اليوم قصف منصة صاروخية متحركة تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، فجر يوم الأربعاء الماضي بالتوقيت المحلي، بهدف إنهاء أحدث صراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.

وتشهد الهدنة بعض الخروق؛ إذ اتهم الجيش اللبناني الذي أعلن البدء بالانتشار في الجنوب، إسرائيل، الخميس، بـ«خرق» اتفاق وقف إطلاق النار «مرات عدة» خلال يومين.

وقال الجيش اللبناني في بيان: «بتاريخَي 27 و28 - 11 - 2024، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، أقدم العدو الإسرائيلي على خرق الاتفاق عدة مرات، من خلال الخروق الجوية، واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة».

بدورها، قالت جينين هينيس - بلاسخارت، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان، اليوم (الجمعة)، إن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها في جنوب لبنان وتعزيز انتشار الجيش اللبناني في هذه المناطق، لا يمكن أن تتم «بين ليلة وضحاها».