أشرف حكيمي... حينما يتفوق مسقط القلب على مسقط الرأس

نجم منتخب المغرب يلعب من أجل أبوين «تخلّيا عن حياتهما» لصالح مسيرته الرياضية

لاعب المنتخب المغربي أشرف حكيمي (أ ب)
لاعب المنتخب المغربي أشرف حكيمي (أ ب)
TT

أشرف حكيمي... حينما يتفوق مسقط القلب على مسقط الرأس

لاعب المنتخب المغربي أشرف حكيمي (أ ب)
لاعب المنتخب المغربي أشرف حكيمي (أ ب)

جذور أشرف حكيمي ضاربةٌ عميقاً في تراب المغرب. تخالُه أمضى كل سنةٍ من سنواته الـ24 فوق ذلك التراب. مع أن سيرته الذاتية تحدّد إسبانيا كمسقط رأسه، فإن نجم كرة القدم حدّد بنفسه مسقط القلب؛ إنه المغرب.
في منطقة خيتافي، إحدى الضواحي الجنوبية للعاصمة الإسبانية مدريد، فتح حكيمي عينَيه عام 1998 على الغربة. أبصرَ بائعاً جوّالاً يجوب الشوارع ويعود مساءً إلى المنزل مع غلّة النهار. كان ذاك الرجل والدَه. وبيدَين لم يلامسهما الدلال ولا الألماس ولا الحرائر، احتضنته أمه التي عملت في تنظيف المنازل من أجل مساعدة زوجها وإعالة أولادها.
وطن وراء البحر
هاجر الوالدان إلى إسبانيا قبل ولادة أشرف وأخوَيه نبيل ووداد. وخلال طفولته لم يعرف حكيمي سوى مدريد مكاناً. لكنه ورغم حصوله على الجنسية الإسبانية، لم يشعر يوماً بالذوبان التام مع محيطه. بحث خلف البحر عن وطنه الأصليّ، فلم يعثر عليه سوى في البيت الصغير المتواضع حيث كانت العائلة تتكلّم اللهجة المغربية، وحيث كان الطعام مغربياً، وحيث كانت العيون شاخصة دوماً إلى الوطن الأم.
لا يخفي حكيمي أزمة الانتماء تلك، وهو أفصح عنها مراتٍ عدة كان آخرها على هامش «مونديال 2022». ففي مقابلة مع صحيفة «لا ماركا» الإسبانية نُشرت منذ أيام، قال المدافع المغربي إن منتخب بلده هو المكان المناسب له. مع العلم أنه كان من الممكن انضمامه إلى المنتخب الإسباني كونه يحمل الجنسية، إلا أنه فضّل الالتحاق بمنتخبه الأصلي.
يقول إنه حاول سابقاً الانضمام إلى لاعبي منتخب إسبانيا، غير أنه سرعان ما اكتشف أنه لم يكن المكان المناسب بالنسبة إليه. يوضح بجرأة وصراحة: «لم أشعر وكأنني في البيت. ليس لسببٍ معيّن، لكنّ هذا ما أحسست به. لم تكن الأجواء مشابهة لما اختبرتُه في بيتي من ثقافة عربية، كوننا مغربيين. أردتُ أن أكون هنا، مع المنتخب المغربي».


حكيمي مع والدَيه وشقيقه (تويتر)
بداية من المسبح
بين المسابح العامة حيث كان يمارس هوايته المفضّلة، وبين الملاعب حيث برزت أولى ملامح موهبته كعدّاء، كبر أشرف حكيمي. لم تكن المدرسة مكانه المفضّل، فالرياضة سرقته من كل شيء. متفوّقةً على السباحة والركض، وحدَها المستديرة سحرته. في عامه الثامن، وجد نفسه متدرّباً ضمن فريق شباب ريال مدريد.
خلفه، وقف أبٌ وأمٌ آمنا بعلاقته المميّزة مع الكرة. ضاعفا ساعات العمل من أجل دعمه قدر المستطاع، وتأمين ملابس التدريب. بالنقود التي جمعها والداه من البيع المتجوّل وتنظيف البيوت، اشترى أشرف حكيمي حذاءه الرياضي الأول. وبتشجيعٍ من أمه التي خشيت عليه من آفات الشارع، كثّف التدريبات وارتقى على سلّم اللعبة. لا ينسى ذلك وغالباً ما يردد: «لقد تخلّيا عن حياتهما من أجلي. حرَما أخويّ من الكثير كي أنجح. اليوم أنا ألعب من أجلهما».


أشرف حكيمي وشقيقه نبيل (إنستغرام)
عام 2016، انتقل من متدرّب إلى مقاعد الاحتياط مع الريال، وفي السنة ذاتها سجّل أول أهدافه الرسمية. لفتَ اللاعب المغاربي الهوى والهوية انتباه ابن بيئته مدرّب الفريق آنذاك زين الدين زيدان. أخذ البطل الفرنسي الجزائري الأصل على عاتقه الدفع بحكيمي إلى الواجهة، فضمّه إلى التشكيلة الأساسية عام 2017. بذلك أصبح حكيمي أول لاعب عربي يسجّل بقميص «ريال مدريد».
لم تدُم الرحلة طويلاً مع الفريق الملَكي الإسباني، ففي يوليو (تموز) 2018، وقّع عقداً مدّته سنتَين مع فريق بوروسيا دورتموند الألماني على سبيل الإعارة. وفي تلك السنة، كان قد حقق جزءاً من حلمه باللعب إلى جانب أبناء بلده في مباريات كأس العالم في روسيا. وهناك، قدّم مستوىً مميزاً ولفت أنظار الأندية الأوروبية إليه.


رحلة أوروبية
خرج حكيمي من إسبانيا إذن ذاهباً إلى مجده الكُرويّ، ومحتفظاً بذكرى بيتٍ بسيط علّمه حب المغرب، وبصورة عائلة أحاطته بالدفء والدعم والثقة. لكنّ رحلته الأوروبية لم تتوقف في ألمانيا، فيوليو 2020 ضرب له موعداً جديداً مع الحظ. إلى إيطاليا وتحديداً إلى ميلانو، توجّه اللاعب المغربي الذي كان قد بدأ يلفت الأنظار العالمية إلى سرعة جَريه القياسية وقدرته الفائقة على تسجيل الأهداف. وقّع مع فريق «إنتر ميلان» على عقدٍ مدته 5 سنوات بقيمة 45 مليون يورو. غير أن الإقامة في إيطاليا لم تستمر، إذ أتمّ عام 2021 إحدى صفقات العمر بالانتقال إلى فريق «باريس سان جيرمان» الفرنسي مقابل 70 مليون يورو، وبموجب عقدٍ يستمر حتى عام 2026.
وجد ابنُ حيّ المهاجرين في خيتافي الإسبانية، نفسَه لاعباً إلى جانب ليونيل ميسي وكيليان مبابي ونيمار. هو الذي تأثر صغيراً ببنزيما ومارسيلو وهيغوايين، وطئ أخيراً ملاعب الكبار. عن الحلم الذي صار حقيقة يقول في إحدى مقابلاته: «لم أتوقع أن ألعب إلى جانب لاعبين خرافيين: رونالدو في الريال، هالاند في دورتموند، ميسي في باريس سان جيرمان».
قصة حب
في الصفقة مع الفريق الباريسي، رأت زوجته كذلك، الممثلة الإسبانية التونسية الأصل هبة عبوك، حلماً يتحقق. فهي التي أمضت سنوات تجوب أوروبا متنقلةً معه بين عاصمة وأخرى، عادت إلى المدينة التي تحب وكتبت يومها على إنستغرام: «عندما نحلم بمفردنا يكون الأمر مجرد حلم. أما عندما نحلم مع أشخاص آخرين، فنكون قد بدأنا بتحويل الحلم إلى واقع».

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Hiba Abouk (@hiba_abouk_)

بين أشرف وهبة قصة حب بلغت عامها الرابع، وبينهما زواجٌ غير تقليدي. فهي تكبره بـ12 عاماً وبسنواتٍ من الخبرة والوقوف تحت أضواء الشهرة. لكنّ الثنائي مصرٌ على حماية العلاقة من وهج تلك الأضواء، وعلى إبعاد ولدَيهما أمين ونعيم عنها. من تجربة الأبوّة في سن صغيرة، تعلّم حكيمي التواضع وحس المسؤولية، ومن والدته اكتسب نعمة الامتنان.


أشرف حكيمي ووالدته – مونديال قطر 2022 (إنستغرام)
إلى تلك السيدة التي أهدته حذاءه الرياضي الأول، أهدى أشرف حكيمي فوز «أسود الأطلس» في مباريات كأس العالم. صوب وجهها التفتَ فور انتهاء المباراة ضد بلجيكا، ونحو المدرّجات حيث تجلس ركض ليقبّل رأسها ويهديها قميصه. أما بعد الفوز التاريخي ضد إسبانيا، فأعاد الكرّة ليسجّل هدفاً جديداً في قلوب الجماهير.


مقالات ذات صلة

رسمياً... كلويفرت يخلف يونغ في تدريب منتخب إندونيسيا

رياضة عالمية باتريك كلويفرت (رويترز)

رسمياً... كلويفرت يخلف يونغ في تدريب منتخب إندونيسيا

أعلن الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم في بيان، الأربعاء، تعيين أسطورة كرة القدم الهولندي باتريك كلويفرت مدرباً جديداً للمنتخب الوطني حتى 2027، مع خيار التمديد.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
رياضة عالمية ديشان في مقابلة مع قناة «تي إف 1» الأربعاء (أ.ف.ب)

ديشان: سأترك تدريب منتخب فرنسا في 2026

أكد مدرب منتخب فرنسا لكرة القدم ديدييه ديشان، أنه سيترك منصبه عام 2026، في مقابلة مع قناة «تي إف 1» الأربعاء.

رياضة عالمية شين تاي-يونغ (رويترز)

مفاجأة... ثوهير يقيل مدرب إندونيسيا والبديل كلويفرت

أقال الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم مدرب منتخب الرجال الكوري الجنوبي شين تاي-يونغ، كما أعلن رئيسه إريك ثوهير، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
رياضة سعودية منتخب السعودية لم يقدم ما يشفع له للاستمرار في البطولة (سعد العنزي)

هل يمكن معالجة جراح الأخضر قبل استئناف تصفيات كأس العالم؟

عندما تلقَّى المنذر العلوي بطاقة حمراء في الدقيقة 34، لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن يخفق الأخضر في التفوق على 10 لاعبين من عُمان في سعيه لبلوغ النهائي الخليجي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة سعودية حالة من الإحباط عاشها لاعبو الأخضر بعد الخروج الخليجي (تصوير: سعد العنزي)

رينارد يجهز تقرير «الأخضر»... و«اعتزال» العويس مجرد «ردة فعل»

مصادر قالت إن الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يزال يثق بالجهازين الفني والإداري بقيادة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد.

سعد السبيعي (الكويت)

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.