يحيى حقي يغادر فضاء «السيدة نفيسة» ويستقر في الصحراء

ابنته أعلنت نقل مقبرته إلى مدينة «العاشر من رمضان»

الكاتب الراحل يحيى حقي (أرشيفية)
الكاتب الراحل يحيى حقي (أرشيفية)
TT

يحيى حقي يغادر فضاء «السيدة نفيسة» ويستقر في الصحراء

الكاتب الراحل يحيى حقي (أرشيفية)
الكاتب الراحل يحيى حقي (أرشيفية)

أسدل الستار على أزمة «نقل مقبرة الأديب المصري الراحل يحيى حقي» في العاصمة المصرية القاهرة، إذ أعلنت ابنته حسم المسألة بصدور قرار الإزالة ونقل المقبرة من منطقة «السيدة نفسية» إلى مقابر مدينة العاشر من رمضان، وهي إحدى المدن المصرية الجديدة التي بُنيت في الربع الأخير من القرن الماضي في الصحراء، وتتبع إداريا محافظة الشرقية (شرق القاهرة)، وذلك بالتزامن مع ذكرى وفاته الثلاثين التي تحل هذا الشهر في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وكانت ابنة الراحل نهى حقي قد أطلقت نهاية الشهر الماضي نداء استغاثة لعدم هدم مقبرة يحيى حقي التي تقع خلف مسجد السيدة نفيسة حيث تجري في تلك المنطقة أعمال حفر وتطوير، إلا أن حقي أشارت على صفحتها على «فيسبوك»، مساء أمس (الثلاثاء)، إلى «عدم جدوى الاستغاثة بعد صدور قرار بنقل مقبرته». وقالت بنبرة تأثر لافتة: «شكراً لكل من قال كلمة في حق مقبرة والدي الأستاذ يحيى حقي، شكراً لكل من حاول المساعدة، وشكراً للمساعي الطيبة، سيتم هدم المقبرة ونقلها إلى العاشر من رمضان».
وأضافت: «آسفة يا صاحب القنديل، وعزائي أنك عند بارئك في رحمة الله وفي جنة الفردوس، أما الجسد ما هو إلا ثوب يخلعه الإنسان عند الموت وذكراك ستظل ذكرى عطرة في جبين الزمان بما قدمت وكتبت وتركت من محبة وتقدير لا يمكن أن يهدم مهما مرت الأيام، فأنت في جبين الزمان واحد من عطر الثقافة والفكر والأدب والفن كله، وقنديلك مضيئا في أفق تراث وطنك مصرنا الغالية، أشكر الجميع، السيرة الطيبة لن تهدم».
وطالبت في السطر الأخير من منشورها بقراءة الفاتحة على روح يحيى حقي في ذكراه الثلاثين في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) «وأسدل الستار بكلمة النهاية وسكت الكلام» على حد تعبيرها.
وسرعان ما عبر مثقفون عن حزنهم من هذا القرار، ما جعل الدعاء بالرحمة في ذكرى حقي مضاعفاً، حيث تحل ذكرى «حامل القنديل»، كما يلقب، مع نقله من مكان دفنه الذي صرحت ابنته نهى في حديث سابق لها مع «الشرق الأوسط» أنه «المكان الذي قد أوصى حقي بنفسه أن يدفن فيه». وأضافت: «أراد أن يدفن فيه ليجاور السيدة نفيسة».
ويتبع قرار نقل مقبرة يحيى حقي إلى العاشر من رمضان، صخباً آخر رافق الجدل حول إزالة مقبرة الراحل طه حسين من موقعها بحي الخليفة في القاهرة، وهو الأمر الذي يجدد تساؤلات حول مصير مقابر الرموز الثقافية والفنية، وحسبما يقول الناقد المصري محمود عبد الشكور فإنه «سيكون أمراً مؤسفاً وكارثياً لو كان الأمر يتعلق بهدم المقبرة فقط وليس نقلها بشكل لائق باسم يحيى حقي ومكانته، فقيمة تلك الأسماء وعلى رأسهم يحيى حقي لا تحتاج إلى تذكير أو دفاع ولكننا نقول لمن لا يعرف أو لا يفهم. أما نقل المقابر بالشكل الذي يراعي قيمة ومكانة أصحابها فهو أمر يمكن تفهمه لغرض مصلحة عامة وحيوية ولا بديل لها، أنا ضد الهدم دون إيجاد وسيلة للنقل وبنفس درجة ومستوى المقبرة الأصلية». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه القضية المتكررة والتي يجب ألا تترك لصغار الموظفين والمسؤولين أو لصغار المنفذين ويجب أن تطرح على أعلى المستويات» على حد تعبيره.
ودون عدد من الكتاب والمثقفين كلمات عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي كلمات تحمل اعتذارات للأديب الراحل على هذا المصير، منها ما كتبته الروائية المصرية ريم بسيوني على صفحتها وقالت: «يحيى حقي كون وجدان المصري وهويته. مقبرته من المفترض أن تكون مكانا للزيارة والإلهام، بهذا القرار نحن نمحو الذاكرة والتراث وهذا محزن، المقبرة ليست رفاتا وبقايا قط».
وتحل هذه الأيام الذكرى الثلاثون لرحيل الأديب المصري يحيى حقي (1905 - 1992)، الذي يعد أحد رواد القصة القصيرة، ونالت أعماله الروائية كثيرا من الاحتفاء النقدي والجماهيري، ومن أشهرها روايتاه «قنديل أم هاشم»، و«البوسطجي» اللتان تم تحويلهما إلى فيلمين من علامات السينما المصرية.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثل في مصطبة لطبيب ملكي لدى الدولة المصرية القديمة، تحتوي نقوشاً ورسوماً «زاهية» على جدرانها، بالإضافة إلى الكثير من أدوات الطقوس والمتاع الجنائزي.

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، كشفت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية المشتركة التي تعمل في جنوب منطقة سقارة الأثرية، وتحديداً في مقابر كبار رجال الدولة القديمة، عن مصطبة من الطوب اللبن، لها باب وهمي عليه نقوش ورسومات «متميزة»، لطبيب يُدعى «تيتي نب فو»، عاش خلال عهد الملك بيبي الثاني، ويحمل مجموعة من الألقاب المتعلقة بوظائفه الرفيعة، من بينها: «كبير أطباء القصر»، و«كاهن الإلهة سركت»، و«ساحر الإلهة سركت»، أي المتخصص في اللدغات السامة من العقارب أو الثعابين وعظيم أطباء الأسنان، ومدير النباتات الطبي.

جدران المصطبة تتضمّن نقوشاً ورموزاً جنائزية بألوانها الزاهية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعد هذا الكشف إضافة مهمة إلى تاريخ المنطقة الأثرية بسقارة، ويُظهر جوانب جديدة من ثقافة الحياة اليومية في عصر الدولة القديمة من خلال النصوص والرسومات الموجودة على جدران المصطبة، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد.

من جانبه، أوضح رئيس البعثة، الدكتور فليب كولمبير، أن المصطبة تعرّضت للسرقة في عصور سابقة، حسب ما ترجح الدراسات الأولية، لكن الجدران ظلّت سليمة وتحمل نقوشاً محفورة ورسوماً رائعة الجمال، ونقشاً على أحد جدران المقبرة على شكل باب وهمي ملون بألوان زاهية. كما توجد مناظر للكثير من الأثاث والمتاع الجنائزي، وكذلك قائمة بأسماء القرابين، وقد طُلي سقف المقبرة باللون الأحمر تقليداً لشكل أحجار الغرانيت، وفي منتصف السقف نقش يحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة.

رموز ورسوم لطقوس متنوعة داخل المصطبة (وزارة السياحة والآثار)

بالإضافة إلى ذلك عثرت البعثة على تابوت حجري، الجزء الداخلي منه منقوش بالكتابة الهيروغليفية يكشف اسم صاحب المقبرة.

وكانت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية قد بدأت أعمال الحفائر في الجزء الخاص بمقابر موظفي الدولة، خلف المجموعة الجنائزية للملك بيبي الأول، أحد حكام الأسرة السادسة من الدولة القديمة، وتلك الخاصة بزوجاته في جنوب منطقة آثار سقارة، في عام 2022.

وكشفت البعثة قبل ذلك عن مصطبة للوزير وني، الذي اشتهر بأطول سيرة ذاتية لأحد كبار رجال الدولة القديمة، التي سُجّلت نصوصها على جدران مقبرته الثانية الموجودة في منطقة أبيدوس بسوهاج (جنوب مصر).

ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذا الاكتشاف «يكشف القيمة التاريخية والأثرية لمنطقة سقارة التي كانت مركزاً مهماً للدفن خلال عصور مصر القديمة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المصطبة المكتشفة تعود إلى طبيب ملكي يحمل لقب (المشرف على الأطباء)، كان يخدم البلاط الملكي في الأسرة الخامسة (تقريباً في الفترة ما بين 2494 و2345 قبل الميلاد)، وجدران المصطبة مزينة بنقوش زاهية الألوان تجسّد مشاهد يومية وحياتية وأخرى جنائزية؛ مما يوفّر لمحة عن حياة المصريين القدماء واهتماماتهم بالموت والخلود».

ويضيف العالم المصري أن المصاطب تُعد نوعاً من المقابر الملكية والنخبوية التي ظهرت خلال بدايات عصر الأسرات الأولى، قبل ظهور الشكل الهرمي للمقابر.

المصطبة المكتشفة حديثاً في سقارة (وزارة السياحة والآثار)

وتضم النقوش داخل المصطبة صوراً للطبيب الملكي وهو يمارس مهامه الطبية، إلى جانب مناظر تعكس الحياة اليومية مثل الصيد والزراعة، ويلفت عبد البصير إلى أن «النقوش تحتفظ بجمال ألوانها المبهجة؛ مما يدل على مهارة الفنانين المصريين القدماء وتقنياتهم المتقدمة».

ويقول الدكتور حسين إن هذا الاكتشاف يعزّز فهمنا لتاريخ الدولة القديمة، ويبرز الدور المحوري الذي لعبته سقارة مركزاً دينياً وثقافياً، مؤكداً أن هذا الاكتشاف «يُسهم في جذب مزيد من الاهتمام العالمي للسياحة الثقافية في مصر، ويُعد حلقة جديدة في سلسلة الاكتشافات الأثرية التي تُعيد إحياء تاريخ مصر القديمة وتُظهر للعالم عظمة هذه الحضارة».

تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة والآثار أعلنت قبل يومين اكتشاف 4 مقابر يعود تاريخها إلى أواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة، في منطقة سقارة بالجيزة، وأكثر من 10 دفنات من عصر الأسرة الـ18 من الدولة الحديثة.