العاهل المغربي يبدأ اليوم زيارة رسمية إلى مالي

ضمن جولة أفريقية تشمل غينيا كوناكري وكوت ديفواروالغابون

العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى تدشينه مركزا اجتماعيا في مدينة سلا المجاورة بالرباط أمس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى تدشينه مركزا اجتماعيا في مدينة سلا المجاورة بالرباط أمس (ماب)
TT

العاهل المغربي يبدأ اليوم زيارة رسمية إلى مالي

العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى تدشينه مركزا اجتماعيا في مدينة سلا المجاورة بالرباط أمس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى تدشينه مركزا اجتماعيا في مدينة سلا المجاورة بالرباط أمس (ماب)

يبدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم زيارة رسمية إلى مالي بدعوة من الرئيس إبراهيم بوباكار كيتا، ضمن جولة تشمل ثلاث دول أفريقية أخرى هي غينيا كوناكري، وساحل العاج، والغابون.
وتأتي زيارة الملك محمد السادس إلى مالي بعد مرور نحو خمسة أشهر من زيارته لباماكو في سبتمبر (أيلول) الماضي، للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المالي الجديد.
ويولي العاهل المغربي أهمية خاصة لتعزيز علاقات التعاون بين بلاده ومالي. وكان حضوره حفل تنصيب رئيسها الجديد قد شكل حدثا سياسيا بارزا على الصعيد الإقليمي.
ورغم انسحابها من منظمة الاتحاد الأفريقي عام 1984 احتجاجا على قبول عضوية «الجمهورية الصحراوية»، تضع الرباط العلاقة مع الدول الأفريقية ضمن أولويات عملها الدبلوماسي، معتمدة على استراتيجية جديدة قوامها التضامن ودعم مسار التنمية في هذه البلدان والتعاون جنوب - جنوب.
وخلال زيارة الملك محمد السادس الأخيرة لمالي تعززت العلاقات التاريخية بين البلدين، واكتسبت زخما سياسيا وإعلاميا كبيرا، إذ جرى تحت إشراف قائدي البلدين توقيع اتفاقيات عدة من بينها اتفاقية تتعلق بتكوين 500 من الأئمة الماليين على مدى عدة سنوات، في إطار مساهمة المملكة المغربية في إعادة بناء مالي في قطاع استراتيجي تواجه فيه تهديدات التطرف. وتفعيلا لهذا التعاون، شرعت مجموعة أولى تضم 90 شابا ماليا في تلقي تكوين بالرباط في أفق تخرجهم أئمة بمساجد بلدهم. وعلى صعيد تكوين الأطر، قرر المغرب العام الماضي الرفع من عدد المنح المخصصة للطلبة الماليين الذين يتابعون دراساتهم فيه إلى مائة منحة.
وفي سياق تعزيز جهود المصالحة والاستقرار في هذا البلد، استقبل الملك محمد السادس نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي بلال أغ الشريف، الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد، التي كانت قد أعلنت انفصال شمال مالي. وأعلن أن الاستقبال يأتي في إطار «حرص المملكة الدائم على الحفاظ على وحدة تراب واستقرار جمهورية مالي، وكذا ضرورة المساهمة في إيجاد حل والتوصل إلى توافق كفيل بالتصدي لحركات التطرف والإرهاب التي تهدد دول الاتحاد المغاربي ومنطقة الساحل والصحراء».
وكان المغرب قد ساهم بشكل كبير في الجهود الدولية الرامية إلى وضع حد للأزمة السياسية والعسكرية التي اندلعت في البلاد في يناير 2012، من خلال مبادرات وتحركات دبلوماسية وإنسانية. إذ بعثت الرباط إبان الأزمة مساعدات إنسانية لفائدة اللاجئين الماليين في موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو وفي داخل مالي.
كما جرى قبيل زيارة الملك إلى باماكو، إقامة مستشفى ميداني مغربي في العاصمة المالية من أجل تقديم خدمات طبية إلى المصابين جراء المعارك العسكرية التي اندلعت شمال البلاد.
وتجمع بين المغرب ومالي اتفاقيات متنوعة منذ عام 2000 تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات من بينها التشغيل والتكوين المهني، ومجالات المال والاستثمار، إذ يعد المغرب المستثمر الأفريقي الأول في مالي لا سيما في قطاعي الاتصالات والبنوك.
ويرتكز المغرب في علاقاته مع البلدان الأفريقية على الاهتمام بشكل خاص بتأهيل الموارد البشرية من خلال فتح الجامعات والمعاهد العليا المغربية في وجه الطلبة الأفارقة، إذ يتابع نحو ثمانية آلاف طالب أفريقي دراساتهم العليا بالجامعات والمعاهد المغربية من ضمنهم أزيد من 6500 طالب يستفيدون من منح مغربية.
ويساهم المغرب بشكل متواصل في عمليات تحقيق السلم والأمن التي قادتها منظمة الأمم المتحدة في كثير من الدول الأفريقية التي كانت تعاني في السابق من نزاعات وحروب أهلية مثل الصومال وساحل العاج، وحاليا جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تواصل القبعات الزرقاء المغربية مهامها لفائدة السكان الذين يعانون من الحرب والجوع والأمراض.
يذكر أنه عند انتخاب المغرب عضوا غير دائم بمجلس الأمن بدعم من البلدان الأفريقية، جعلت الرباط من استقرار وتنمية أفريقيا إحدى أولويات سياستها الخارجية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم