لبنان: تقارب مواقف «القوات» و«الوطني الحر» يثير حفيظة حلفائهما

«حزب الله» يتمسك بفرنجية ولا يفرّط بباسيل

من جلسة مجلس الوزراء التي قاطعها ممثلو «الوطني الحر» في الحكومة (إ.ب.أ)
من جلسة مجلس الوزراء التي قاطعها ممثلو «الوطني الحر» في الحكومة (إ.ب.أ)
TT

لبنان: تقارب مواقف «القوات» و«الوطني الحر» يثير حفيظة حلفائهما

من جلسة مجلس الوزراء التي قاطعها ممثلو «الوطني الحر» في الحكومة (إ.ب.أ)
من جلسة مجلس الوزراء التي قاطعها ممثلو «الوطني الحر» في الحكومة (إ.ب.أ)

توقفت الأوساط السياسية أمام تقارب موقف «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» من انعقاد جلسة مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي من دون أن يلتقيا، مع أنهما تجاوزا السجال حول دستورية الجلسة إلى الاستحقاق الرئاسي بذريعة أن الأولوية يجب أن تكون لانتخاب رئيس للجمهورية، رغم أنهما على تباين في مقاربتهما لأسباب تعطيل جلسات الانتخاب، وهذا ما فتح الباب أمام تشتُّت المواقف داخل الحلف الواحد الذي لم يقتصر على تصاعد الخلاف بين «الوطني الحر» والثنائي الشيعي، وإنما انسحب على العلاقة بين قوى المعارضة المتمسكة بدعم ترشيح النائب ميشال معوض للرئاسة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في المعارضة بأن أطرافاً رئيسة فيها سعت للتمعُّن في أسباب رفض «القوات اللبنانية» انعقاد جلسة مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي بذريعة أنها ليست دستورية وصولاً إلى تناغمها في موقفها ولو عن بعد مع رئيس «التيار الوطني» النائب جبران باسيل، خصوصاً أن نوابه انتهزوا فرصة انعقاد الجلسة للدخول في تصفية حسابات مع زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، وتقديمه على أنه مرشح «الثنائي الشيعي» لرئاسة الجمهورية من دون تحييد قائد الجيش العماد جوزيف عون من حملاتهم السياسية تحت عنوان عدم إلمامه بالوضع السياسي.
وكشفت المصادر في المعارضة عن أن موقف «القوات» الرافض لانعقاد جلسة مجلس الوزراء استدعى تحرُّكاً من قبل بعض حلفائه ظل بعيداً عن الأضواء، في مسعى للوقوف على الأسباب التي أملت عليه التناغم مع موقف باسيل الرافض لانعقادها، ولفتت إلى أنهم سجّلوا ملاحظة على انخراط حليفهم في موقف موحّد جمعه و«التيار الوطني».
وأكدت أنها سجلت اعتراضاً على التقارب بين حزب «القوات» وباسيل لجهة أنه لم يكن مضطراً ليخوض معركة خصمه اللدود حتى لو كان بهدف شد العصب المسيحي في مواجهة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي؛ لأن الرابح في نهاية المعركة سيكون باسيل حصراً، مع أن هذا لم يتحقق، فيما سيرتد عليه كل ما يترتب من سلبيات، خصوصاً أن المواجهة كادت تتسم بطابع طائفي، وقالت إن عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب ملحم رياشي كان محور الاتصالات التي تلقاها من قيادات وأطراف في المعارضة.
ورأت المصادر نفسها أنه من غير الجائز التعايش ولو مرحلياً بين حزب «القوات» الذي لم يتخلّف يوماً عن المشاركة في الجلسات النيابية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، و«التيار الوطني» الشريك في تعطيل الدورات الثانية من الانتخاب بتطييره النصاب المطلوب الذي يؤمّن انعقادها، وقالت إن همّ «التيار الوطني» هو جر البلد إلى مزيد من التعطيل، وهذا ما يفسر تعاطيه السلبي من خلال ضمان حصوله على الثلث المعطّل بخلاف موقف حزب «القوات».
وإذ استبعدت مصادر المعارضة أن ينعكس التباين داخل جبهة المعارضة حول انعقاد مجلس الوزراء بشكل سلبي على تمسكها بدعم ترشيح النائب معوّض، قالت في المقابل بأن بعض النواب المستقلين ممن يدورون في فلكها هم أقرب إلى الموقف الذي لا يحبّذ التناغم الطارئ والموقّت بين «القوات» و«التيار الوطني».
وفي المقابل، فإن تشرذم المعارضة في موقفها من انعقاد مجلس الوزراء يبقى أكثر حضوراً داخل محور الممانعة في ضوء الحملة المنظّمة التي قادها «التيار الوطني» ضد الثنائي الشيعي وصولاً إلى مطالبة عدد من نوابه بضرورة إعادة النظر في «تفاهم مار مخايل» المعقود بين أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله ومؤسس «التيار الوطني» رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في فبراير (شباط) 2006، وقبل سنوات من انتخابه رئيساً للجمهورية.
فـ«التيار الوطني» ذهب بعيداً في حملته على الثنائي الشيعي، ومن خلاله على فرنجية، وصولاً إلى تمرير رسالة لحليفه «حزب الله» أن «التيار» هو الممر الإلزامي لانتخاب رئيس للجمهورية من دون أن يلقى أي رد فعل من الحزب، رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي سجّلت هجوماً عونياً من العيار الثقيل ضد «حزب الله»، وصولاً إلى اتهامه بأنه لم يقف إلى جانبه في حملاته في مكافحة الفساد.
لكن هناك من يعتقد، وعلى لسان مصدر في محور الممانعة، بأن الحزب يتبع سياسة النفس الطويل في استيعاب ردود فعل حليفه الذي يتهمه بأنه كان وراء تدخله الذي أدى إلى انعقاد جلسة مجلس الوزراء من دون أن يرضخ لابتزازه بتخلّيه عن تأييده لترشيح فرنجية.
ويلفت المصدر في محور الممانعة إلى أن حملات «التيار الوطني» على الحزب ستزيده تمسُّكاً بتأييد فرنجية، وإن كان ليس في وارد التفريط بعلاقته بباسيل، ويقول إن الأخير سيضطر إلى مراجعة حساباته؛ لأن الطرفين في حاجة ماسة إلى بعضهما.
ويرى أن باسيل يخوض حالياً آخر معاركه لتأمين استمرارية الإرث السياسي لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ويؤكد بأن معركته ضد فرنجية لن تؤدي إلى إعادة خلط الأوراق السياسية، خصوصاً لجهة تعويم إعلان النيات الذي توصل إليه عون مع «القوات» في اجتماع معراب، وكان وراء انتخابه رئيساً للجمهورية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».