النازحون يواجهون شتاءً قاسياً وسط نقص خدمات الإغاثة

الأمم المتحدة: نصف العائلات اليمنية لا تتمكن من تلبية احتياجاتها

نازحون يمنيون في محافظة مأرب (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون في محافظة مأرب (أ.ف.ب)
TT

النازحون يواجهون شتاءً قاسياً وسط نقص خدمات الإغاثة

نازحون يمنيون في محافظة مأرب (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون في محافظة مأرب (أ.ف.ب)

يضاعف قدوم الشتاء من مأساة النازحين في اليمن، ورغم معاناة الصيف هو الآخر الذي يحمل معاناة كبيرة كونه يأتي مصحوباً بالأمطار الغزيرة التي تدمر مخيمات النزوح وتجرف المساكن؛ إلا أن لدى النازحين ثقافة ومعرفة تمكنهم من مواجهة السيول وتلافي أضرارها، أما الشتاء فيحمل لهم الألم والأمراض الموسمية الخطيرة، إضافة إلى شح ونقص المواد الغذائية والملابس.
وبعد أن حذرت الأمم المتحدة من اضطرارها لتخفيض المساعدات الإنسانية النقدية المقدمة للنازحين واللاجئين في عدد من برامجها الحيوية في اليمن وعدد من دول العالم، جراء نقص التمويل قبل نحو شهر؛ أفاد برنامج الغذاء العالمي قبل أسبوع أن انعدام الأمن الغذائي في اليمن لا يزال مرتفعا جداً. وذكر البرنامج أن نصف العائلات اليمنية لم تتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأن مستوى التدهور السنوي في الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين أعلى بكثير مما هو موجود في المناطق المحررة، وأن وصول الغذاء إلى اليمنيين لا يزال مقيداً، إضافة إلى التكلفة المرتفعة.
الأمم المتحدة نفسها قالت إن الأسر النازحة في اليمن تواجه نقصاً حاداً في الغذاء أكثر من أي وقت مضى، فيما ذهبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن استمرار الصراع وارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص المساعدات الإنسانية المقدمة تقف خلف هذه المعاناة.

نقص التمويل والعنف
كما حذرت المفوضية الأممية من ارتفاع معدلات انتشار الأوبئة والجوع بين النازحين في مخيم جبل زيد في محافظة تعز وسط اليمن، ومن أن نقص التمويل الخاص بإغاثة النازحين قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات جرائم العنف ضد المرأة داخل المخيم، بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وطبقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ فإن ما يقرب من 26 في المائة من الأسر النازحة تتولى النساء مسؤولية إعالتها، مقارنة بنسبة 9 في المائة عند اندلاع الصراع. وكانت جهات أممية تبحث عن وسائل لمنع تعرض نحو 6.5 مليون امرأة وفتاة للعنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له في عام 2022 الذي يشارف على الانتهاء.
ويصف مطهر البذيجي رئيس التحالف اليمني لرصد الانتهاكات (تحالف رصد) أوضاع النازحين في اليمن بالمأساوية، حيث لا تتوفر أدنى المقومات الأساسية للحياة، خاصة مع دخول فصل الشتاء والبرد القارس، ونقص التمويل المقدم للنازحين، وتراجع عديد من المانحين عن تقديم الدعم.
ويؤكد البذيجي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن مخيمات النازحين التي تتكون عادة من الخيام؛ تتعرض لموجة برد شديدة، فتنتشر الأمراض، وخاصة الإنفلونزا، ويواجه سكان المخيمات ظروفا صعبة مع انعدام الخدمات الأساسية وخاصة المواد الغذائية والصحية، ونقصا في المواد الإغاثية من بطانيات وغيرها.
ويشتكي النازحون في كل شتاء يمر عليهم في النزوح؛ من غياب الخدمات التي تقدمها الجهات الإغاثية، وعدم الالتفات إلى معاناتهم المضاعفة، وفي حين تنعدم وسائل التدفئة، ولا تكفي الخيام والملابس للوقاية من البرد والأمراض والمضاعفات الصحية التي يتسبب بها، يضطر النازحون إلى المغامرة بإشعال الحطب وسط خيامهم للحصول على الدفء، ما يعرضها لخطر الحريق.
وقضى حريق منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على مخيم الجشة في مدينة الخوخة على الساحل الغربي اليمني، متسببا في خسائر مادية كبيرة ألقت بما يزيد على ألف أسرة إلى العراء مجددا، حيث يعد هذا المخيم أكبر مخيم في محافظة الحديدة، ونزحت إليه مئات العائلات من مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.

المطالبة ببرامج استدامة
وفسر مصدر في إحدى هيئات الأمم المتحدة العاملة في العاصمة صنعاء نقص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى النازحين في فصل الشتاء، بانشغال الموظفين الأمميين بالإعداد لإجازة عيد الميلاد ورأس السنة، وعدم الاكتراث بالمهام الإنسانية التي نشأت لأجلها هذه الهيئات، أو بمعاناة النازحين واللاجئين والمحتاجين للمساعدات في مختلف مناطق العالم.
المصدر الذي طلب التحفظ على بياناته نظراً لحساسية وظيفته ومهامه؛ أشار إلى أنه بات ملاحظاً مع قدوم شتاء كل عام انخفاض المساعدات الإغاثية حول العالم، وتراجع التمويل وقلة الأنشطة والبرامج، وأن هذا كله يترافق مع شبهات في تحويل الكثير من مبالغ التمويل إلى مكافآت وتغطية نفقات سفر وتنقل الموظفين الأمميين.
ونبه إلى أنه دائماً ما يتم التحجج بأن نقص الأنشطة والتمويل يرجع إلى إغلاق الحسابات وتصفية العهد والجرد السنوي، وهي جميعاً أمور لا يمكن أن تكون مبرراً لترك النازحين يقاسون الظروف الصعبة دون مساعدات كافية، حيث يمكن استمرار أعمال الإغاثة دون تأثير على الجرد السنوي، «فهذه هيئات إنسانية وليست شركات تجارية» كما قال.
ويطالب البذيجي، من جهته، المنظمات العاملة في دعم الاحتياجات الإنسانية والحكومة اليمنية، بتقديم مزيد من الدعم للنازحين الذين يتراوح عددهم داخل المناطق المحررة، نحو 2 مليون و800 ألف نازح، ويتوزعون في عدد من المحافظات أهمها مأرب والحديدة وعدن وتعز، مشدداً على أهمية تقديم الدعم خلال هذه الفترة التي تشهد موجات برد شديدة.
ودعا رئيس «تحالف رصد» إلى تقييم الخدمات الإغاثية والإنسانية في اليمن بشكل عام، تقييما حقيقيا وشفافا من قبل المنظومة الأممية والحكومة اليمنية، لتحسين وتوفير المبالغ الكبيرة التي تهدر بسبب الفساد وعدم إشراك الجانب الحكومي في التخطيط للاحتياجات الإنسانية، وكذا شبكات تقديم المواد الإغاثية.
وأبدى أسفه من تآكل معظم الدعم والمعونات بسبب الفساد وتعدد شبكات تقديم الخدمات ورواتب موظفيها المرتفعة والتأمين الذي يغطي موظفي المنظمات الدولية.
وختم البذيجي حديثه بالدعوة إلى التفكير في تقديم مشاريع منتجة للنازحين، وتحويل النازح من متلقي للإغاثة؛ إلى منتج وفاعل.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.