مجلة «الإسلام في القرن الحادي والعشرين»

تعلي من قيم التنوير وترسم الخطوط العريضة لفقه الأنوار

جامعة ستراسبورغ بفرنسا
جامعة ستراسبورغ بفرنسا
TT

مجلة «الإسلام في القرن الحادي والعشرين»

جامعة ستراسبورغ بفرنسا
جامعة ستراسبورغ بفرنسا

أعترف بأني أمضيت أوقاتاً ممتعة مع العدد الثامن من هذه المجلة الباريسية التجديدية الرصينة، التي أصبحت راسخة الآن بعد كل ما قدمته في أعدادها السابقة. وهي مجلة فصلية تصدر عن «رابطة الإسلام في القرن الحادي والعشرين» التي تعقد مؤتمرات دورية في قصر «اليونيسكو» بباريس، ويشارك فيها عشرات المثقفين العرب والمسلمين والفرنسيين.
وتهدف هذه الرابطة الطموحة إلى التوصل إلى فهم ليبرالي وحداثي تنويري للإسلام. نقصد الفهم الذي يخرجنا من ظلمات العصور الوسطى، ويكون لائقاً بالقرن الحادي والعشرين وروح الأزمنة الحديثة. وهذا أحوج ما نكون إليه اليوم بعد كل هذا الانتشار المخيف للحركات الأصولية والظلامية المتزمتة التي أصبحت عبئاً علينا وعلى العالم بأسره. وبالتالي فالمعركة الكبرى الجارية حالياً في العالم العربي والإسلامي كله هي أولاً معركة فكرية قبل أن تكون سياسية. ذلك لأن الفكر يسبق السياسة ويعلو عليها وليس العكس. وإذا ما ربحنا هذه المعركة التنويرية فكرياً فسوف نربحها سياسياً حتماً في مرحلة لاحقة. عندئذ سوف يندلع الربيع العربي الحقيقي!
يدشن العدد البروفسور فرنسيس ميسنير، الأستاذ في جامعة ستراسبورغ بفرنسا، مقدماً مداخلة مهمة ومضيئة حقاً. إنه يتحدث لنا عن حصول ثورة معرفية في أوروبا فيما يخص الإسلام. فقد ابتدأت الدول الأوروبية تدرك أهمية هذا الدين العظيم. نقول ذلك وبخاصة أنها تحتوي على جاليات إسلامية ضخمة تعد بالملايين، وأغلبية جالياتنا متنورة ومتعايشة بشكل سلمي مع هذه المجتمعات الأوروبية العلمانية الحداثية. ولكن ينبغي الاعتراف بأنه توجد في داخلها أقليات كبيرة مضادة للفهم الأنواري للإسلام، وخاضعة للفهم التكفيري الظلامي القديم. وبالتالي فالمعركة التنويرية الكبرى التي يخوضها المثقفون والمثقفات في العالم العربي تدور رحاها أيضاً على أرض القارة الأوروبية ذاتها. وهذه ظاهرة ما كانت معروفة سابقاً قبل عشر سنوات أو عشرين سنة. وهذا يعني أن الأصولية الإسلامية أصبحت مشكلة عالمية، ولم تعد محصورة بالنطاق العربي أو الإسلامي.
لهذا السبب، يشرح لنا الباحث الكبير كيفية إنشاء كليات حديثة في مختلف الجامعات الأوروبية، بغية تعليم الدين الإسلامي بطريقة علمية تحترم عقول البشر، لا بطريقة تقليدية خرافية عفا عليها الزمن. وهي على غرار كليات اللاهوت الكاثوليكية والبروتستانتية العريقة التي تعلم الدين المسيحي بطريقة حديثة منذ زمن طويل. والآن جاء دور الإسلام؛ فما يعيشه اليوم عاشوه هم في القرون الماضية؛ حيث كان الصراع مندلعاً بين الفهم التنويري للدين المسيحي والفهم الظلامي القديم الراسخ الجذور.
ولهذا السبب، يقول لنا البروفسور فرنسيس ميسنير بأن الصراع على تعليم الدين المسيحي في فرنسا كان عنيفاً جداً إبان القرن التاسع عشر. وقد بلغ ذروته نحو عام 1885. وبالتالي فتجربة الفرنسيين مع الأصولية التكفيرية قديمة، وقد حلُّوها عن طريق التعليم التنويري اللاطائفي للدين. ولكن بعد أن حلُّوا مشكلتهم مع أصوليتهم الدينية أصبحوا الآن يواجهون أصولية أخرى. ولهذا السبب فإنهم يلحون على ضرورة تدريس التراث الإسلامي بطريقة علمانية عقلانية، كما فعلوا مع التراث المسيحي سابقاً. فهذه هي الطريقة الأنجع لحل مشكلة التطرف والإكراه في الدين. وقد نجحت معهم التجربة سابقاً، فلماذا لا تنجح معهم حاليا؟ وهم يقصدون بالمنهجية الحديثة الدراسة العقلانية للأديان أو للعقائد الدينية. إنهم يقصدون تدريس الدين بشكل تنويري متسامح، لا طائفي ولا مذهبي متعصب. وهذا ما يرفضه الأصوليون المنغلقون على أنفسهم داخل الدوغمائيات العقائدية المتحجرة.
كما يقصدون دراسة الدين من وجهة نظر فلسفية معمقة، كما فعل كانط وفولتير وجان جاك روسو وهيغل وماركس ونيتشه، وكبار فلاسفة التنوير الآخرين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وكما فعل بيرغسون وبول ريكور وهانز كونغ وعشرات غيرهم في القرن العشرين. هذا ما ينقصنا في العالم الإسلامي بشكل موجع الآن. تنقصنا الدراسة الفلسفية المعمقة للتراث الإسلامي الكبير.
باختصار شديد: إن الأمر يتعلق بطفرة أبيستمولوجية في ساحة الدراسات الإسلامية. إنها ثورة معرفية كبرى تحصل تحت أعيننا اليوم ولكن في أوروبا فقط للأسف الشديد. فمتى ستنتقل أنوارها إلى عالمنا العربي والإسلامي المعني الأول والأساسي بالمشكلة؟ الله أعلم. كل شيء بوقته. لا تستعجلوا ولا تستبقوا الأمور. المشكلة كبيرة أيها السادة؛ بل أكثر من كبيرة. أكاد أقول بأنها مشكلة تقصم الظهر. من يستطيع أن يواجه تراثه المقدس وجهاً لوجه وعيناً بعين؟ من يستطيع أن يدرسه بطريقة عقلانية، فلسفية، مضيئة؟ من يستطيع أن يخرج من ظلاميات القرون؟ أكاد أقول: من يستطيع أن يخرج من جلده؟ هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه الأمة حالياً؛ بل ليس حالياً فقط، وإنما منذ الآن وحتى خمسين سنة قادمة! هنا تكمن بالضبط معركة الجهاد الأكبر التي نسيناها كلياً بسبب انشغالنا بالجهاد الأصغر فقط.
على أي حال، لهذا السبب دشنوا مؤخراً المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية، في فرنسا، بتاريخ 2 فبراير (شباط) 2022. ووضعوا على رأس هذا المعهد الكبير الدكتورة سعاد عيادة. وحسناً فعلوا. فهي فيلسوفة معروفة، ومن أصول إسلامية مغربية قحة. وهي بالمناسبة زوجة الفيلسوف كريستيان جامبيه المختص الكبير بالفلسفة الإسلامية.
والآن دعونا ننتقل إلى المبحث الثاني من هذا العدد القيم لمجلة «الإسلام في القرن الحادي والعشرين»، وقد كتبته الباحثة الجزائرية والفيلسوفة المعروفة رزيقة عدناني، المهتمة جداً بإصلاح الفكر الديني في الجزائر والعالم الإسلامي كله. وبما أنها جزائرية فقد شهدت بأم عينيها طيلة العشرية السوداء (1990- 2000) الدمار الهائل المرعب الناتج عن الفهم الأصولي الظلامي للإسلام وحركاته المتطرفة العمياء. وبالتالي فهي تعرف عم تتحدث بالضبط. عنوان بحثها: «كيف يمكن أن يتعايش المسلمون مع بعضهم البعض؟»، ثم كيف يمكن أن نفهم الآن هذه العبارة الشهيرة في تاريخ الإسلام: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وهي عبارة قرآنية بامتياز. ترى الباحثة أنه يحق لنا؛ بل يجب علينا، أن نطبق هذا المبدأ الأخلاقي الرفيع على أنفسنا، ولكن لا يحق لنا أن نلاحق الآخرين ونتحول إلى بوليس ديني يراقبهم في كل حركاتهم وسكناتهم. فالقرآن الكريم لم يأمر بذلك، ولكن أمر به الفقهاء بالدرجة الأولى. القرآن يترك لك هامشاً من الحرية وهم لا يتركون. إنهم يراقبونك في كل شاردة وواردة، ويتحولون إلى بوليس فوق البوليس، أو إلى «شرطة أخلاق» كما حصل في إيران مؤخراً مع فاجعة الشابة البريئة مهسا أميني. لماذا شرطة أخلاق يا أخي؟ هل الأخلاق بحاجة إلى شرطة؟ إذا لم تكن مستبطنة في الداخل من قبل الإنسان أو الإنسانة فلا تساوي قشرة بصلة، حتى ولو لبست ألف حجاب!
تقول لنا الدكتورة رزيقة عدناني بأن القرآن الكريم لم يطالب بملاحقة الآخرين، بدليل هذه الآية الكريمة: «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون» (المائدة: 105). بمعنى: اهتموا بأنفسكم، ولا تحشروا أنفكم بشؤون الآخرين ومراقبتهم وملاحقتهم. ولكن المشكلة هي أن العلامة تقي الدين السيوطي، قال بأن هذه الآية منسوخة. ثم أضاف: «منسوخة ولكن يمكن تلاوتها والتعبد بها»، بمعنى أنه لا يدعو إلى حذفها من القرآن. كثر خيره! يدعو فقط إلى إبطال مفعولها وعدم الأخذ بها. (بين قوسين: لاحظوا أن كل الآيات الكريمة الداعية إلى التسامح والانفتاح على الآخر، واحترام كل العقائد والأديان، والدعوة إلى التعايش السلمي بين الأقوام والشعوب، لا تحظى بإعجاب فقهائنا الأجلاء!).
أعجبني تعليق الفيلسوفة رزيقة عدناني على موقف السيوطي. قالت ما معناه: نحن في القرن الحادي والعشرين نقول العكس تماماً، ولا نعتبر هذه الآية الكريمة منسوخة أبداً؛ لماذا؟ لأنها تناسبنا وتناسب القيم الإنسانية والحضارية للعصور الحديثة. وبالتالي فسوف نعمل بها ونهتدي بهديها.
والآن دعوني أنتقل إلى المداخلة الثالثة والأخيرة التي ختمت العدد كله. وهي للباحثة اللبنانية المعروفة الدكتورة ريتا فرج. وفيها تتحدث عن رائدة من رواد النهضة والاستنارة في لبنان والعالم العربي كله: نظيرة زين الدين. أعترف بأني لم أكن قد سمعت باسمها من قبل قط. ولذلك أفدت كثيراً من قراءة هذا البحث القيم جداً، والمعروض بطريقة منهجية علمية واضحة، على الرغم من كثافة الأفكار والمحاور المطروقة وتشعبها.
لا أستطيع الدخول في التفاصيل، وإلا لكتبت عدة مقالات عن مبحث ريتا فرج. ولكن بالمختصر المفيد يمكن أن نقول ما يلي: كانت هذه الرائدة النسائية الكبيرة قد صدمت المجتمع الإسلامي التقليدي، عندما نشرت كتابها «السفور والحجاب» عام 1928، وهي لا تزال في العشرين من عمرها فقط! وقد رد عليها الشيوخ التقليديون بحدة وهاجموها بعنف، فأصدرت كتاباً ثانياً عام 1929 ترد فيه على هجماتهم، ثم سكتت نهائياً بعد أن أرعبوها. كان عنوانه: «الفتاة والشيوخ». لاحظ، ما أجمل هذا العنوان! هل يمكن للفتاة أن تتحدى الشيوخ؟ هل يمكن للمرأة أن تفتح فمها في مجتمع ذكري بطريركي لاهوتي، يهيمن عليه رجال الدين بشكل مطلق؟ والأخطر من ذلك: هل يمكن أن تفتح فمها فيما يخص الشؤون الدينية؟ شيء لا يكاد يصدق. شيء رائع فعلاً. يمكن القول بأنها كانت سابقة لأوانها كبقية الرواد الكبار. ولكن كفاها فخراً أنها تجرأت على تحدي الفكر الرجعي التقليدي الذي كان مهيمناً على مجتمعاتنا في ذلك الزمان.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.