أين تشرق الشمس أولاً؟

أين تشرق الشمس أولاً؟
TT

أين تشرق الشمس أولاً؟

أين تشرق الشمس أولاً؟

على كوكبنا الكروي الدوار تتسلل الشمس إلى ما لا نهاية في الأفق. لكن أين يحدث الشروق الأول في اليوم؟ فمع غروب الشمس بسرعة عام 2022، أي مكان يشهد أولى لحظات الضوء في العام الجديد؟
فمن منظور مادي، ليس هناك شروق شمس «أول»، وفقًا لما ذكره كاميرون هوملز باحث ما بعد الدكتوراه في الفيزياء الفلكية النظرية بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، الذي يوضح «هناك فقط سلسلة من شروق الشمس الدائم تحدث في أماكن أبعد وأبعد في الغرب وليس صحيحًا أولاً، ولا أخيرًا حقيقيًا. ولكن لتتبع الوقت، أنشأ البشر نظامًا عشوائيًا لحفظ الوقت، بما في ذلك المناطق الزمنية وخط التاريخ الدولي، الذي يحدد الخط على الأرض؛ حيث ينتهي يوم ويبدأ يوم جديد. لذا فإن شروق الشمس الأول المتفق عليه في اليوم يحدث عند خط التاريخ الدولي»، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وفي هذا الاطار، يمر خط التاريخ الدولي عبر وسط المحيط الهادئ في الغالب على طول خط الطول 180. وفي حين أنه في الغالب خط مستقيم، إلا أن هناك بعض النقاط التي ينحرف فيها لتجنب تقسيم بلد إلى منطقتين زمنيتين أو لأسباب سياسية واقتصادية؛ فعلى سبيل المثال، يبرز خط التاريخ الدولي ما يقرب من 2000 ميل (3200 كيلومتر) شرقًا حول كيريباتي؛ وهي مجموعة من الجزر تمتد على خط الاستواء.
وكيريباتي لديها أقدم منطقة زمنية على الأرض، وهي التوقيت العالمي المنسق +14، لذلك «بالنسبة لمعظم العام، يجب أن يكون شروق الشمس الأول في كيريباتي، وعلى وجه التحديد جزيرة الألفية غير المأهولة بأقصى شرق كيريباتي والمعروفة أيضًا باسم جزيرة كارولين؛ حيث غالبًا ما تكون أول مكان على وجه الأرض يرحب بالشمس»، حسب هوملز، الذي يتابع «مع ذلك، هذا ليس هو الحال دائمًا. إذ ان الأرض تميل بمقدار 23.5 درجة، وبالتالي تتغير طريقة سقوط ضوء الشمس على الكوكب على مدار العام. فخلال الانقلاب الصيفي الجنوبي والانقلاب الشتوي الشمالي في 21 ديسمبر(كانون الأول) أو 22 ديسمبر، تشرق الشمس بشكل تفضيلي على مدار الجدي في نصف الكرة الجنوبي؛ ويضيء القطب الجنوبي ومعظم القارة القطبية الجنوبية على مدار 24 ساعة في اليوم».
ويبين هوملز «إذا تسللت فوق 66.6 درجة جنوبا بقليل، فإن الشمس ستنخفض تحت الأفق لفترة وجيزة قبل أن تشرق بعد منتصف الليل ببضع دقائق».
وجزيرة يونغ (وهي جزيرة غير مأهولة تطالب بها نيوزيلندا) ستشهد أحيانًا شروق الشمس الأول في أيام وأسابيع الانقلاب الشمسي بما في ذلك 1 يناير(كانون الثاني) المقبل. لكن، مع ذلك، فإن جزيرة يونغ تحصل فقط على شروق الشمس الأول من اليوم بنسبة 10 % إلى 15 % من الوقت، وفقًا للمرصد البحري الأميركي. وبقية الوقت تكون تأثيرات انكسار الضوء للغلاف الجوي للأرض قوية جدًا بحيث يمكنك الاستمرار في رؤية ضوء الشمس بجزيرة يونغ حتى بعد أن تنزل الشمس أسفل الأفق، ما يمنع غروب الشمس الحقيقي أو شروقها. وعندما يحدث هذا، فإن «Dibble Glacier» (شبه جزيرة على ساحل القطب الجنوبي) ستحصل على أول شروق شمس في اليوم خلال الانقلاب الشمسي.
وحول الانقلاب الصيفي الشمالي والانقلاب الشتوي الجنوبي في الفترة من 20 يونيو(حزيران) إلى 22 يونيو، تشرق الشمس بشكل مباشر في نصف الكرة الشمالي أكثر من نصف الكرة الجنوبي. لذا، فإن الشروق الأول سيكون في أقصى الشمال، حسب هوملز، الذي يؤكد أن «خط التاريخ الدولي يمر بين روسيا وألاسكا وعبر مضيق بيرينغ. فخط التاريخ يشطر جزيرتين من الجزر تسمى جزر ديوميدي تعود الأولى «جزيرة Big Diomede» لروسيا، والثانية «Little Diomede» للولايات المتحدة، حيث شهدت الجزيرة الروسية في الأسابيع والأشهر التي سبقت 21 يونيو شروق الشمس الأول في العالم».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».