خريطة جديدة لمراكز التلوث حول العالم

تستعرض 70 ألفاً من أكبر مصادره

خريطة جديدة لمراكز التلوث حول العالم
TT
20

خريطة جديدة لمراكز التلوث حول العالم

خريطة جديدة لمراكز التلوث حول العالم

ينتجُ مصنع صلبٍ واحد في جيانغسو الصينية 43 مليون طنّ من ثاني أكسيد الكربون كلّ عام، أيّ أكثر ممّا تنتجه دولٌ كمدغشقر ونيكاراغوا. يُعدّ هذا المصنع واحدًا من 70 ألف مصدرٍ للتلوّث المناخي مدرج على خريطة جديدة أُعدّت باستخدام ما يعتبر اليوم قاعدة البيانات الأكبر والأكثر تفصيلًا لانبعاثات غازات الدفيئة في العالم.

مراكز التلوث
يقول غافين ماك كورميك، المؤسس والمدير التنفيذي لـ«وات تايم»، منظّمة غير ربحية متخصصة بالتقنية البيئية ومشاركة في تحالف «كلايميت تريس» Climate Trace الذي يضمّ منظّمات وعلماء بيانات وباحثين، وخبراء في الذكاء الصناعي، وفي تأسيس قاعدة البيانات: «لا يمكننا إدارة الانبعاثات دون أن نعرف ما هي».
وتغطّي قاعدة البيانات كلّ شيء من سفن الشحن إلى مكبّات النفايات – أي أكبر مسبّبات التلوث المناخي في مجال إنتاج الطاقة، والنقل، والنفايات، والزراعة، والصناعات الثقيلة.
تتباطأ الدول عادةً في نشر بيانات الانبعاثات، ما يعني أنّ هذه المعلومات تكون غالبًا دون قيمة عند إعلانها، فضلًا عن أنّ التقارير الرسمية الخاصّة بالانبعاثات قد تكون غير دقيقة. ولكنّ «كلايميت تريس» تعمل على تقديم حسابات دقيقة لكلّ مصدر.
على سبيل المثال، لقياس الانبعاثات الصادرة عن معالف الماشية المعروفة بإنتاجها لكميات كبيرة من غاز الميثان، تستخدم المنظّمة غير الربحية بيانات الأقمار الصناعية لقياس حجم المنشأة، ومن ثمّ تستخدم خوارزمية لتحديد ما إذا كان المصنع ينتج مواد لبنية أو لحوما لتقدير عدد الأبقار. بعدها، تضرب المنظّمة النتائج التي حصلت عليها بتقديرات الانبعاثات الصادرة عن البقرة الواحدة لذلك الموقع.
وفي حقول النفط والغاز، أكبر مصادر الملوّثات على الخريطة، استخدم الفريق نماذج مفصّلة مبنية على بيانات تشمل كميات النفط والغاز، وتقنيات الإنتاج، وبيانات الأقمار الصناعية حول اشتعال وتسرّب الغاز. وأظهرت النتائج في بعض الحالات أنّ انبعاثات منشأة واحدة قد تكون أعلى بعشر مرّات من منشأة أخرى بالحجم نفسه بسبب طريقة إدارة الموقع.
وتعتبر ديبورا غوردون، أحد مسؤولي منظّمة «آر.إم.آي» غير الربحية المسؤولة عن عمل قطاع النفط والغاز في تحالف «كلايميت تريس»، أنّ «تحديد هذه المنشآت ذات الانبعاثات العالية الكثافة والكمية يمنح الشركات والمستثمرين وصانعي السياسات، والمستهلكين دلالة واضحة على المصادر التي يجب استهدافها أوّلًا لتقليل أو وقف الانبعاثات».

تقييم بصمة الكربون
وكان الفريق قد وجد سابقًا أنّ أرقام انبعاثات النفط والغاز، والتي غالبًا ما يقدّمها الملوّثون أنفسهم، لا تعكس الواقع، خصوصًا وأنّ أحدث البيانات تشير إلى أنّ الوضع أسوأ ممّا كان العالم يعتقد. فقد تبيّن أنّ الانبعاثات الحقيقية في الدول الملزمة بالتبليغ عن انبعاثات النفط والغاز فيها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، كانت أعلى بثلاث مرّات من الأرقام الواردة في التقارير.
واعتبر ماك كورميك أنّ المستثمرين الراغبين بتقليل أرقام الانبعاثات الواردة في ملفّاتهم يستطيعون استخدام قاعدة البيانات لتقدير بصمة الكربون التي تنتجها الشركات التي يفكّرون بالاستثمار فيها. ويمكن استخدام قاعدة البيانات من قبل صانعي السياسات أيضًا لتحديد أكبر مصادر الانبعاثات في مناطقهم، وبالتالي، الأماكن التي يجب استهدافها أوّلًا لتحقيق أهداف تقليص الانبعاثات. ويستطيع أيّ شخص استخدام هذه القاعدة للعثور على أكبر الملوّثات في الحيّ الذي يقطنه ومحاسبة المسؤولين.
يمكن للشركات أيضًا أن تقيّم المزوّدين المحتملين الذين يستخدمون البيانات. يقول ماك كورميك إنّ «القاعدة تتيح تقييم بصمة الكربون في طنّ الفولاذ الواحد مثلًا من كلّ مطحنة فولاذ في العالم؛ أو بصمة الكربون في كلّ ميلٍ بحري تسافره كلّ سفينة شحن كبيرة حول العالم. وتبيّن لنا أنّ هذه الطريقة هي واحدة من أسرع وأسهل الوسائل لدفع عجلة التخلّص من الكربون، خصوصًا وأنّنا نستطيع أن نرى من الفضاء أنّ الكثير من أنظف المنشآت حول العالم لا تعمل بكامل إمكاناتها، ويجب ألا يكون لهذا الأمر تأثير ارتدادي».
من جهته، اعتبر أنتونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في محادثات المناخ العالمية الأخيرة، أنّ «هذه الأداة تؤدّي دور المرشد في عصر الشفافية في مراقبة الانبعاثات. أنتم تصعّبون التزييف، أو للتعبير بشكل أوضح، تصعّبون الغش».
* «فاست كومباني»
خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية

اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية
TT
20

اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية

اختراق علمي: مواد نانوية قد تُحدث ثورة في تطوير تقنيات الرؤية الليلية

قد تُحدث طريقة جديدة لتصنيع مستشعرات أشعة تحت حمراء كبيرة الحجم فائقة الرقة، لا تحتاج إلى تبريد شديد، تغييراً جذرياً في مجال الرؤية الليلية وتقنياتها المصممة للمركبات العسكرية، أو حتى ذاتية القيادة.

تقنيات الرؤية الليلية

تُعد الرؤية الليلية (الحرارية) معقدة، وتستهلك طاقة كبيرة، وتتطلب مكونات تبريد قد يصعب الحصول عليها، خاصةً في حالة نشوب صراع مع الصين. وتتزايد احتياجات القوات الجوية الأمريكية والجيش وقوات العمليات الخاصة للرؤية الليلية، وكذلك الحال بالنسبة لمُصنّعي الجيل القادم من المركبات ذاتية القيادة.

وفي دراسة نُشرت اليوم في مجلة Nature، كشف الباحث جيهوان كيم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بالتعاون مع زملائه من جامعة ويسكونسن-ماديسون، ومعهد رينسيلار للفنون التطبيقية، وجامعة سول الوطنية، عن عملية تُسمى «الانطلاق الذري atomic lift-off ALO»، تُنتج طبقات رقيقة للغاية من مادة بلورية خاصة قادرة على التماسك دون الالتصاق بشبكة من الغرافين، مثلاً. ويمكن الحصول على الطبقة الناتجة بسمك رقيق يقل عن 10 نانومترات.

حل مشكلة التبريد

تعاني معظم أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء اليوم، مثل كاشفات تيلورايد الزئبق والكادميوم الشائعة الاستخدام، من عيب كبير: إذ يجب الحفاظ عليها باردة للغاية - نحو 321 درجة فهرنهايت تحت الصفر (196 درجة مئوية تحت الصفر) - مما يعني أنظمة تبريد ثقيلة تستهلك طاقة كبيرة. وهذا يجعل استخدامها صعباً في المعدات العسكرية المدمجة، أو الطائرات من دون طيار، أو الأقمار الاصطناعية، حيث تكون المساحة والطاقة محدودتين.

ووجد الباحثون حلاً لهذه المشكلة، إذ ابتكروا غشاءً فائق الرقة، أقل من جزء من مائة من عرض شعرة الإنسان، مصنوعاً من مادة خاصة تُسمى PMN-PT التي تتميز بقدرتها على استشعار التغيرات الطفيفة في الحرارة بحساسية قياسية، أفضل بنحو 100 مرة من العديد من المواد القديمة مثل تانتالات الليثيوم. والأهم من ذلك، أن مستشعرات PMN-PT تعمل في درجة حرارة الغرفة. وهذا يعني أنها تستطيع اكتشاف نطاق واسع من الإشارات الحرارية في طيف الأشعة تحت الحمراء البعيدة دون الحاجة إلى تبريدها، مما قد يُحدث نقلة نوعية في كيفية بناء أجهزة الرؤية الليلية واستشعار الحرارة.

اختبارات ناجحة

أثبت الباحثون إمكانية استخدام تقنيتهم ​​الجديدة لصنع أغشية استشعار بالأشعة تحت الحمراء أكبر وأرق دون فقدان الجودة. فقد ابتكروا أغشية بسمك 10 نانومترات فقط وعرض 10 مليمترات - بحجم ظفر الإصبع تقريباً - مع الحفاظ على سلاسة وتناسق البنية البلورية. كما بنوا مصفوفات أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء عاملة من أغشية أكثر سمكاً بقليل (80 نانومتراً)، ووجدوا أن كل جهاز في دفعة الأجهزة التي صنعوها، المكونة من 108 أجهزة، يعمل بكفاءة عالية. كانت الإصدارات الأرقّ بسمك 10 نانومترات أصعب في التعامل معها أثناء التصنيع، لذا لم ينجُ منها سوى عدد قليل، ولكن تلك التي نجت لا تزال تعمل بكفاءة.

تستجيب هذه المادة لأطوال موجية عبر طيف الأشعة تحت الحمراء بأكمله، مما يسمح لمرتديها برؤية أوضح مما تسمح به أنظمة الرؤية الليلية الحالية، أو ربما يُمكّن المركبات ذاتية القيادة من اكتشاف العوائق أو التهديدات أو المشاة بشكل أفضل، حتى في الظروف الضبابية أو الصعبة التي قد تعيق عمل الكاميرات أو أجهزة الاستشعار الشائعة الأخرى.

حتى بعد نقلها إلى سطح جديد، حافظت أجهزة الاستشعار على أدائها الكهربائي. في الاختبارات، ظلت مستقرة بمرور الوقت وكشفت عن الحرارة بفعالية تضاهي أفضل أجهزة الكشف عن الأشعة تحت الحمراء المبردة اليوم - دون الحاجة إلى معدات تبريد ثقيلة.

الاستغناء عن المكوّنات الصينية

هذا وتم دعم المشروع بمنح من مكتب البحوث العلمية التابع للقوات الجوية ووزارة الطاقة الأميركية.

لا يبحث الجيش الأميركي فقط عن رؤية ليلية أصغر حجماً وأكثر فعالية، بل يبحث أيضاً عن حلول جديدة لا تعتمد على المعادن أو المواد أو المكونات الصينية. تُعد الصين مورداً عالمياً رئيسياً لمعدات التصوير الحراري، بالإضافة إلى الجرمانيوم والكالكوجينيد، وهما معدنان أساسيان في العدسات اللازمة للتصوير الحراري.

يشير هذا البحث إلى نوع جديد من الرؤية: ليس مجرد رؤية ليلية دون تبريد، بل طريقة إنتاج لتطوير معدات رؤية ليلية أسرع وأقل تكلفة باستخدام مكونات أميركية أكثر.

* مجلة «ديفينس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».