شباك.. الثقافة العربية تتألق في صيف لندن

الدورة الثالثة من المهرجان تحمل برنامجًا ضخمًا من الفعاليات المتنوعة تشمل الأدب والسينما والمسرح والغناء

مسرحية «ملكات سوريا»
مسرحية «ملكات سوريا»
TT

شباك.. الثقافة العربية تتألق في صيف لندن

مسرحية «ملكات سوريا»
مسرحية «ملكات سوريا»

تنطلق يوم السبت 11 يوليو (تموز) الدورة الثالثة من مهرجان «شباك» للثقافة العربية وهو أكبر مهرجان في لندن للثقافة العربية ويستمر حتى 26 يوليو الحالي. البرنامج متخم بالفعاليات هذه الدورة، وهو ما سيمثل تحديا كبيرا للزوار. أحمل تساؤلي هذا للمدير الفني لـ«شباك» إيكارد ثيمان الذين يجيبني بصوت ضاحك «فعلا هذا العام طموحنا عال جدا، ولكن إجابة على سؤالك بأن هناك الكثير من الفعاليات التي قد تربك الجمهور في الاختيار منها، أؤكد أننا قد حاولنا أقصى جهدنا على ألا تتزامن الفعاليات المهمة مثل العروض المسرحية أو السينمائية أو الحفلات الغنائية في نفس الليلة، وقد يحدث أن تتزامن فعاليات محدودة ولكن ليس الفعاليات الرئيسية فلن تجدي حفلين موسيقيين في نفس الليلة وهكذا». أما دانييل غورمان مدير مهرجان «شباك» فيعلق «لقد ازدادت الفعاليات في الحجم والكيف إذ إن المهرجان استطاع اكتساب أرضية، وأصبح معروفا أكثر، استطعنا كسب ثقة الجهات المشاركة في لندن وخارجها مثل مهرجان أبوظبي والصندوق العربي للفن والثقافة وبلومزبيري قطر وبالتالي استطعنا إضافة المزيد. كل تلك العلاقات نضجت الآن ومكنتنا من التوسع».
أسأل المدير الفني إيكارد ما هي أبرز الفعاليات بالنسبة له وأعرف أن الاختيار سيكون صعبا له، فهو القائم على إعداد البرنامج الحافل، وبالتأكيد سيكون متحمسا لكل الفعاليات. وبالفعل يضحك ويجيبني: «لا أحد يجب أن يسأل مديرا فنيا أن يختار أهم الفعاليات التي نظمها، ومع ذلك أتفهم السؤال لأني سأسأله لو كنت في مكانك، أعتقد بالنسبة لي الأهم التنوع في الفعاليات المقدمة، من أبرزها زيارات لفرق عالمية للندن للمرة الأولى وعدد كبير منهم من المنطقة العربية. منها العرض الافتتاحي (بردة) الذي سيعرض السبت في مركز الباربيكان وأيضا العرض الراقص (دبكة) وعرض للموسيقي اللبناني رائد ياسين سيقام في متحف ليتون هاوس وأيضا مفاجأة الاختتام الضخم فرقة (مسار إجباري) من مصر بالاشتراك مع فرقة فلسطينية تحضر للمرة الأولى لبريطانيا». لا يكتفي إيكارد بما ذكره ويضيف «هناك أيضا في المهرجان الأدبي مشاركات لكتاب معروفين أمثال مريد البرغوثي في المكتبة البريطانية. والسينمائي ميشال خليفي الذي طلبنا منه أن يختار بنفسه مجموعة من الأفلام لعرضها. كما ترين لديك مجموعة كبيرة من الفعاليات التي أراها مميزة».
لا ينسى إيكارد التنويه بحدث آخر مهم وهو مشاركة الفنان الفرنسي - التونسي إلسيد لأول مرة في لندن المعروف بفن الكاليغرافيتي الذي يدمج بين الخط العربي والغرافيتي وقد شارك في جداريات ومعارض في عدد من دول الخليج وتونس وأوروبا وأميركا الجنوبية. يقول إيكارد إن «سيد سيقوم بالرسم بدءا من يوم 11 يوليو على حائط مخصص لفنانين الغرافيتي في منطقة هوكستون في شرق لندن وسيظل العمل في مكانه لستة أسابيع».
من الفعاليات التي يتحمس لها المدير الفني حفل «البردة» الموسيقي الذي يفتتح المهرجان يوم السبت على مسرح مركز الباربيكان وهو ناتج عن التعاون مع مهرجان أبوظبي، يستكمل إيكهارد: «تقدم المغنية كريمة الصقلي كلاسيكيات غنائية لقصيدة البردة، كما غنتها أم كلثوم وغيرها من العمالقة، ولكن هنا رؤية موسيقية لشباب الملحنين لثلاثة قطع الأولى من البوصيري، وبعدها أغنية أم كلثوم نهج البردة، وبعدها مقطوعة جديدة على العود للعازف مصطفى سعيد. 12 موسيقيا على المسرح بالإضافة للمغنية كريمة الصقلي، يؤدون موسيقى كلاسيكية برؤية جديدة».
كيف يتم اختيار الفعاليات وخصوصا مع تنوعها الشديد أتساءل عن الفريق المنوط به اختيار الفعاليات ملاحظة التنوع الشديد بينها يقول إيكهارد «كمدير فني مهمتي اختيار البرنامج للمهرجان، أنظر لأنواع مختلفة من العروض والفنون وأحدد الأماكن التي يمكن أن تقام بها ولهذا أتشاور مع أصحاب الصالات والقاعات الفنية. أختار بعض الفعاليات عبر مشاهداتي وأسفاري وحضوري لمهرجانات مشابهة، وهناك بعض الفنانين الذين يتصلون بنا، وبعدها ننظر لأعمالهم، ويجب أن نراهم وهم يقدمون فنهم، وبعدها أتشاور مع المؤسسات المشاركة معنا. نختار ونحاول انتقاء أفضل المشروعات المقدمة لنا التي تمتع جمهورنا في لندن».
ما تأثير آراء الجمهور، هل تغير الاختيارات يقول «بالطبع، دائما نحرص على تقييم الفعاليات بعد نهاية كل دورة ونأخذ في الاعتبار آراء الجمهور، فمثلا في الدورة الماضية لاحظنا أن الفعاليات العامة كانت محبوبة لأنها وصلت لجمهور واسع وليست فقط لجمهور الذي يحضر في القاعات المغلقة. وهذا العام ندفع بمعظم المشاريع الفنية المقدمة للجمهور في الشارع وفي الحدائق لجمهور أوسع. وبشكل عام فالقرارات الخاصة بالمهرجان تتخذ بشكل جماعي بالمشاورة مع المؤسسات المشاركة لاختيار العرض المناسب والفنان المناسب.
ويشير دانييل غورمان إلى أنه عمل مع إيكارد بقرب، «دوري في البرنامج يتركز في الفعاليات الثقافية بحكم تخصصي ولكن البرمجة كانت لإيكارد». وردا على سؤالي حول أعداد الجمهور الذي حضر الدورات السابقة وهل في ذلك إشارة للزيادة؟ يجيب غورمان بأن «عدد حضور فعاليات الدورة الأولى وصل إلى 18500، وفي الدورة الثانية وصل إلى 55000 ونأمل أن نستمر لإضافة المزيد».
يتحدث غورمان حول الفعاليات الثقافية والتي ستقام في المكتبة البريطانية على مدى يومين في 25 - 26 يوليو ويقول «نحاول أن نجعل المكتبة مركزا للتفكير والقراءة والتفكير خلال يومين من البرنامج المنوع، فهناك مشاركات من كتاب معروفين أمثال مريد برغوثي وإلياس خوري، وهناك أصوات جديدة مثل رشا عباس من سوريا، وهي كاتبة جديدة من سوريا تشارك مع مريد برغوثي في إحدى الندوات، هناك أيضا ندوة للقصة العلمية في العالم العربي». بالإضافة إلى ندوة لكتب الغرافيك، بحضور رسامين كارتون من مصر ومن بريطانيا فنحن نحاول أن نجذب أكبر عدد من الأصوات المختلفة. هناك أيضا فعاليات خاصة للأطفال ضمن البرنامج الأدبي، ورشة عمل للأطفال وهو ما يسعدني للغاية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».