التعهد الأممي بتسهيل عودة النازحين السوريين يرفع آمال اللبنانيين

الخدمة العسكرية الإلزامية والصعوبات الاقتصادية أبرز التحديات التي تواجه العائدين

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي (دالاتي ونهرا)
TT

التعهد الأممي بتسهيل عودة النازحين السوريين يرفع آمال اللبنانيين

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي (دالاتي ونهرا)

رفعت مباحثات المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي مع المسؤولين اللبنانيين، أول من أمس الخميس، الآمال اللبنانية بتذليل المزيد من العقبات أمام استئناف رحلات العودة الطوعية للنازحين إلى بلادهم، في ظل التعهد باستمرار تقديم الدعم للعائدين ومتابعة أمورهم، إلى جانب محادثات مع الجانب السوري لإزالة العوائق الجِدية التي تمنع النازحين من العودة.
ويمثل اقتياد المطلوبين من النازحين السوريين للخدمة العسكرية الإلزامية أبرز التحديات التي تحول دون عودتهم طوعياً إلى بلادهم، بعد تذليل تحدٍّ آخر تمثل بتقديم المساعدات الأممية للنازحين العائدين، ويرى نازحون أن الضمانة الأمنية المرتبطة بعدم الالتحاق بالخدمة الإلزامية هي أكثر المطلوب في هذا الوقت للتحفيز على العودة.
وقالت مصادر لبنانية معنية بملف عودة النازحين، لـ«الشرق الأوسط»، إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين «تتابع أوضاع العائدين في الدفعتين الأخيرتين بعد عودتهم إلى بلادهم ضمن قوافل العودة الطوعية»، مشيرة إلى أن المفوضية «تواصل استمرار دعمهم وتقديم المساعدات التي كانوا يحصلون عليها في الداخل اللبناني»، علماً بأن المساعدة تُقدم «وفق معيار الهشاشة والوضع الإنساني».
ويُعدّ هذا التحول أساسياً في مسار تحفيز اللاجئين، بعدما اقتصرت المساعدات للعائدين ضمن قوافل عام 2018 قبل أزمة انتشار «كورونا» على مساعدات صحية وطبية وتقديمات قليلة، في حين لم يحصل جميع العائدين على المساعدات نفسها التي كانوا يحصلون عليها في الداخل اللبناني، فاصطدموا بضيق العيش، في ظل تراجع فرص العمل والأزمات المعيشية في سوريا.
وتوقّف مسار القوافل في فترة انتشار «كورونا»، ليُستكمل في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث نُظمت قافلتان للعودة، كان أغلب العائدين فيهما من عرسال في شمال شرقي لبنان، إلى قراهم في القلمون بريف دمشق، ومناطق أخرى متاخمة للحدود اللبنانية.
وفاق عدد العائدين ألف شخص، ولم يعد منهم أي شخص، وفقاً لما تقوله المصادر اللبنانية، بالنظر إلى أن المديرية العامة للأمن العام اللبناني التي تتولى تنظيم الرحلات، كانت حصلت على موافقات مسبقة من السلطات السورية، في حين واصلت مفوضية اللاجئين تقديم المساعدات لهم.
وقالت المصادر اللبنانية إن الاستمرار بتقديم المساعدات الأممية للنازحين بغرض تمكينهم من العيش في ظروف أفضل «هو عامل مساعد حتماً لتحفيزهم على العودة؛ لأنه يوفر ضمانة معيشية واستقراراً ريثما تتحسن ظروف عيشهم، لكنه ليس العامل الوحيد المحفز، على ضوء تحديات أخرى تتعلق بالضمانات الأمنية المطلوبة من السلطات السورية، إضافة إلى مسألة التجنيد الإجباري».
ويتولى مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم التنسيق مع السلطات السورية، بتكليف رسمي من لبنان، لتذليل تلك العقبات وتسوية الملفات بما يوفر عودة آمنة ومضمونة.
وفي حين لم يحدد موعد لقافلة ثالثة للعائدين حتى الآن، تسير الآلية وفق سياق طوعي، حيث يبادر النازحون أنفسهم إلى التسجيل في قوائم الأمن العام في حال رغبوا بالعودة، وهو أمر «يتوقف عند الخيار الشخصي للنازحين الراغبين بالعودة»، حسبما تقول المصادر، لافتة إلى أن كيفية حل المسائل العالقة ستحدد حجم الإقبال وتُبنى على أساسها تقديرات لعدد الراغبين بالعودة، من غير أن تنفي عامل الوقت المرتبط بالموسم الدراسي، حيث يفضل كثيرون العودة بعد انتهاء موسم المدارس منعاً لضياع العام الدراسي على الأطفال.
وتقدر الحكومة اللبنانية عدد من تستضيفهم بحوالي مليون ونصف مليون لاجئ من سوريا، ويمثل هذا ربع إجمالي سكانها، ولا يبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سوى أقل من مليون لاجئ.
في هذا الوقت تواصل السلطات اللبنانية عملها، وتقوم بكل الإجراءات مثل تسجيل ولادات النازحين الجدد، وتقييم الأوضاع القائمة، والبحث في سبيل حل المسائل العالقة، والتنسيق مع السلطات السورية، بموازاة انتظار نتائج المحادثات بين دمشق والأمم المتحدة المزمع تكثيفها.
وكان غراندي قد قال، في بيروت، الخميس: «إننا نعمل مع الجانب السوري ومع الحكومة السورية على إزالة العوائق الجِدية التي تراكمت على مر السنين والتي تمنع الناس من العودة»، مشيراً إلى «أننا حققنا بعض التقدم ولكن لا يزال هناك المزيد من العمل من أجل أن يكون الناس واثقين من اتخاذ القرار بالعودة». وأشار إلى «وجوب التغلب على عدد من العقبات»، في التجهيزات والمنازل المدمرة، و«الوضع الاقتصادي الصعب جداً»، متعهداً بمواصلة العمل عليها.
ولم ترصد السلطات اللبنانية أية مشكلات للعائدين في الدفعتين الأخيرتين، مشيرة إلى أن متابعتهم أكدت أنهم يعيشون في قراهم، واستأنفوا أعمالهم السابقة في الزراعة وغيرها من القطاعات التي كانوا يمارسونها في السابق، معتبرة أن هذا الأمر «يمثل ضمانة إضافية للراغبين بالعودة يمكن أن تحفزهم على ذلك».
وتقول الأمم المتحدة إن الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان تدفع الجميع إلى حافة الهاوية، ويعيش الآن 9 من كل 10 لاجئين سوريين في حالة من الفقر المدقع، مما يضطرهم إلى الحد من استهلاك الغذاء وتعليق طلب الحصول على الرعاية الطبية، في حين يغرق الكثير أكثر فأكثر في الديون وهم يسعون لتغطية احتياجاتهم الأساسية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تقرير: سارة نتنياهو طلبت مرافقة مقاتلات «إف-35» لطائرة رئيس الوزراء

بنيامين نتنياهو وزوجته سارة بعد نتائج الاقتراع الأولي للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بمقر حزبه بالقدس في نوفمبر 2022 (أ.ب)
بنيامين نتنياهو وزوجته سارة بعد نتائج الاقتراع الأولي للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بمقر حزبه بالقدس في نوفمبر 2022 (أ.ب)
TT

تقرير: سارة نتنياهو طلبت مرافقة مقاتلات «إف-35» لطائرة رئيس الوزراء

بنيامين نتنياهو وزوجته سارة بعد نتائج الاقتراع الأولي للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بمقر حزبه بالقدس في نوفمبر 2022 (أ.ب)
بنيامين نتنياهو وزوجته سارة بعد نتائج الاقتراع الأولي للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بمقر حزبه بالقدس في نوفمبر 2022 (أ.ب)

ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أن سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طلبت مرافقة طائرتين من طراز «إف-35» لطائرة رئيس الوزراء، خلال رحلته لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وفقاً لمصادر.

وبحث السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، رونين جوفمان، هذا الطلب مع قائد سلاح الجو تومر بار، الذي رفضه.

وبعد مقتل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، كانت سارة نتنياهو قلقة من توجيه ضربة صاروخية لطائرة زوجها، وقدمت طلباً جديداً.

وقال مكتب رئيس الوزراء إن هناك قلقاً من رغبة إيران أو «حزب الله» في الانتقام واستهداف طائرة نتنياهو، وجرت الموافقة على هذا الطلب، وكان من المقرر أن تُرافق المقاتلات الطائرة.

ووفقاً للمصادر، قدّم مكتب رئيس الوزراء طلباً إضافياً إلى سلاح الجو؛ لالتقاط صورة للطائرة وهي محاطة بطائرات مقاتلة؛ لإظهار أنها محمية، ولكن سلاح الجو رفض وأصدر تعليمات للطائرات المقاتلة بالتحليق خلف الطائرة؛ حتى لا تكون مرئية للتصوير.

وأبلغ مكتب نتنياهو الصحافة بمرافقة طائرات «إف-35» للطائرة بسبب مخاوف من التهديد الصاروخي.

سارة نتنياهو تعمل بوصفها أقرب مستشارة لزوجها وتتعرض لانتقادات بسبب انشغالها بأمور سياسية منذ اندلاع حرب غزة (رويترز)

وفي المقابل، رد مكتب نتنياهو قائلاً: «هذه أخبار كاذبة تماماً، وهجوم آخر لا أساس له من الصحة على زوجة رئيس الوزراء، ولم يتعامل رئيس الوزراء ولا زوجته مع أي قضية تتعلق بالطائرة أو أي من مكوناتها، والقرارات المتعلقة بأمن رئيس الوزراء تتخذها فقط الجهات الأمنية، ويجري تحديدها في إطار التقييمات المهنية المستمرة، وبالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس الادعاء الكاذب والسخيف في التقرير، يجب تأكيد أن مكتب رئيس الوزراء لم يقدم أياً مما يسمى طلبات خاصة لطاقم الطائرة أو سلاح الجو».

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان: «يجري تحديد أمن طائرة رئيس الوزراء وفقاً لتقييم الوضع والإجراءات ذات الصلة».

وقالت الصحيفة إن طلبات مكتب رئيس الوزراء لسلاح الجو تؤكد مرة أخرى مدى انشغال نتنياهو ودائرته، وقلقهم بشأن سلامته، إلى حد إضافة مهام إلى أجهزة الأمن المنشغلة بالفعل أثناء الحرب، ففي الأشهر الأخيرة، طلب مكتب نتنياهو من جهاز الشاباك تعزيز تأمين نجل نتنياهو، يائير، الذي يقيم في ميامي، بسبب المخاوف من إيران في أعقاب الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل.

وأدى إطلاق طائرة دون طيار باتجاه منزل نتنياهو في قيسارية، في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، إلى رفع مستوى التأهب حول نتنياهو مرة أخرى، ومن ثم، جرت زيادة الأمن حول رئيس الوزراء وعائلته.

ولأسباب أمنية، جرى نقل اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي من مكانه المعتاد في مكتب رئيس الوزراء إلى طابق تحت الأرض في مبنى حكومي آخر.

وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك تكهنات متزايدة بأن نتنياهو قد يطلب تأخير أو تغيير مكان شهادته في محاكماته، المقرر أن تبدأ في أوائل ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مستشهداً أيضاً بأسباب أمنية.