سامي يوسف لـ«الشرق الأوسط»: أرفض أن يجري حصري بنوع موسيقي معيّن

الفنان البريطاني يطلق أكاديميته الموسيقية قريباً

المُنشد البريطاني سامي يوسف
المُنشد البريطاني سامي يوسف
TT

سامي يوسف لـ«الشرق الأوسط»: أرفض أن يجري حصري بنوع موسيقي معيّن

المُنشد البريطاني سامي يوسف
المُنشد البريطاني سامي يوسف

بين سامي يوسف «المعلّم» وسامي يوسف «كاريتاس»، سنواتٌ من الضوء الداخلي وسّعت آفاق الفنان والمؤلّف البريطاني ورفعت سماواته الموسيقية. خلال الأعوام العشرين الفاصلة بين ألبومه الأول وأحدث إصداراته، تعمّق يوسف البالغ اليوم 42 عاماً، في التراث الروحاني الشرقي والغربي، كما سمح للعمل بأن يصقل روحه وهويته الفنية. هو دائم الانشغال وفائق النشاط. حتى عندما يوافق على إجراء لقاءٍ صحافي، فيما ندر، يطلّ من داخل الاستوديو... أذنٌ مع مُحاوره وأذن على اللمسات الأخيرة التي توضع على أغنية جديدة.
تعلّم يوسف، البريطاني الجنسية والأذربيجاني الجذور، اللغة العربية، وهو غالباً ما يضمّنها أعماله الموسيقية، لكنّه في الحوارات يلجأ إلى لغة موطنه: الإنجليزية. أما عندما تحدّثه عن العمل، فيستعير من العربية كلمةً تختصر طقوسه المهنية: «الإتقان».
في حديثه مع «الشرق الأوسط»، يقول سامي يوسف: «لا أريد أن أبدو متكبّراً، لكني أعمل كثيراً على مشاريعي. أمضي ساعات طويلة في تأليف الألحان والتوزيع وكتابة النوتات والإعداد الأوركسترالي. أنفّذ كل شيء من الألف إلى الياء. مستوى الإتقان الذي أوظّفه في عملي والانتباه إلى التفاصيل الصغيرة، يستغرقان وقتاً هائلاً، والحمد لله أن الناس تلاحظ هذا المجهود وتقدّره».


كثيرةٌ هي العطايا التي يعبّر يوسف عن امتنانه لها، منها مثلاً التنوّع الذي يميّز جمهوره والذي تجلّى واضحاً خلال حفله الأخير منذ أسابيع ضمن «مهرجان هولندا الدولي للفنون» في أمستردام. «أنا محظوظ جداً بأن الجمهور يتوافد إلى حفلاتي من كل أنحاء العالم»، يقول والفرح يملأ صوته: «وصلوا من الشرق الأوسط وأوروبا ومن الولايات المتحدة، وحتى من المدينة المنوّرة. أنا سعيد بأن أشخاصاً آتين من مناطق وخلفيّات متنوّعة يجتمعون حول أعمالي».
في المهرجان الهولندي حيث أطلّ إلى جانب موسيقيي أوركسترا أمستردام الأندلسية و"Cappella Amsterdam"، أطلق يوسف جديده: «كاريتاس». هي أكثر من مجرّد أغنية، بل إنها مقطوعة تندمج فيها أنواع موسيقية عدة، ويلتقي بين نغماتها تراثٌ روحاني طالعٌ من القرون الوسطى. يزاوج يوسف في «كاريتاس» - ومعناها المحبة - بين الشرق والغرب، ويستحضر أصواتاً عتيقة، مستعيناً بعشرات العازفين والآلات الموسيقية، منها «العود» و«الناي» و«القانون» و«الربابة».
رغم مرور أسابيع على إطلاقها، ليس يوسف قادراً على تخطّي حماسته لـ«كاريتاس»، ولا على نسيان تفاعل الجمهور معها وتصفيقه الطويل لها. يقول: «أنا متحمّس جداً لهذا العمل، وهو أمرٌ لا يحصل دوماً ومع كل إصدار، لكن (كاريتاس) استثنائية فعلاً».
أما ما يمنحها هذا الطابع الاستثنائي، فهو أولاً دقائقها الـ16، ثم المحتوى الموسيقي الثريّ الذي يميّزها، وليس انتهاءً بكلامها الذي نبش يوسف التاريخ بحثاً عنه. حول اختيار الشعر يعلّق قائلاً: «أحاول أن أقدّم عمالقة التراث الشعري الروحاني إلى الجيل الجديد كي أتيح له الغوص في هذا المحيط الواسع والعميق من المعاني. أما بخصوص (كاريتاس)، فقد دمجتُ فيها بين كلام المفكّر والشاعر الأذربيجاني محمد بن سليمان المعروف بـ(Fuzuli) والذي عاش في القرن السادس عشر، وبين خواطر القديسة الألمانية الكاثوليكية هيلدغارد بينجن التي عاشت في القرن الثاني عشر».

لا يقتصر العمل على اللغتين اللاتينية والأذرية، بل تأتي اللغة العربية والإيقاعات الشرقية لتلوّنه. ويوسف معروفٌ بعشقه للشعر العربي وللفصحى التي يشبّهها بالموسيقى: «الشعر العربي ثريّ جداً، وثمة شعراء كتبوا خصيصاً للموسيقى، أحدهم أبو الحسن الششتري من القرن الثالث عشر، وأنا متأثر به كثيراً».
ليس مستغرباً أن يسافر يوسف عبر القرون، هو الذي جعل من التراث الروحانيّ قضيته. يخبر أنه منذ طفولته أحب الموسيقى التراثية: «تربيت وسط نغمات (الربابة) و(السنطور) و(العود) و(الناي) و(القانون)، إلى جانب الموسيقى الكلاسيكية طبعاً. أنا ببساطة أحب الموسيقى، خصوصاً السمعية التراثية. أرفض أن يجري حصري بنوع موسيقي معيّن، لكن المؤكد أن ثمة بُعداً روحانياً للموسيقى التي أقدّم، وهي لا تهدف إلى الترفيه».
تتكرّر كلمة «روحانية» على لسان سامي يوسف، ليس في إطار الحديث عن الموسيقى والتراث فحسب، بل عندما تسأله عن يومياته. في عالمٍ يحاصرنا بالضجيج، ويراشقنا بأخبار الموت والعنف والدماء على مرّ الثواني، كيف يحافظ يوسف على سلامه الداخلي؟ يجيب: «نعيش في زمن يتطلّب منّا البقاء متشبّثين بأرض الواقع أكثر من أي وقت، أكان من خلال التأمّل أو التدريب الروحي. حتى وإن كانت قدماك متشبّثتَين بالأرض، فبإمكان روحك ملامسة السماء». ويضيف: «تلعب الموسيقى التي أؤلّف والكلمات التي أغنّي لشعراء تحدّثوا لغة الحب، دوراً في مساعدتي على بلوغ روحانيّتي الخاصة التي لا يراها أحد».


يوظّف يوسف موسيقاه للتقريب بين الناس والحضارات والثقافات، من خلال مشروعه الفني القائم على الأصالة. وهو اختار لألبومه المقبل الذي سيصدر في يناير (كانون الثاني) 2023 عنوان «When Paths Meet» (عندما تلتقي الدروب). يعلّق على الأمر بالقول: «نحن بحاجة إلى حب وتعاطف أكثر، وأحكام أقلّ على الآخرين. ليس تعاطفاً مع القريب فحسب، بل مع الغريب، ومع النبات والشجر والحيوان».
خاض يوسف تجربة العمل الإنساني إلى جانب منظمة الأغذية العالمية، فكان سفيراً لها، وجال معها حول العالم بهدف نشر التوعية. عن تلك المرحلة من مسيرته يقول: «آمل أن أكون قد صنعت فرقاً. أما الآن فأركز على أنشطة إنسانية خاصة لا أتحدث عنها كثيراً. كما أمنح حصةً أساسية من اهتماماتي لحقوق الحيوان، لا سيّما من خلال التشجيع على التبنّي».
ومن المشاريع التي يستعد سامي يوسف لإطلاقها قريباً، أكاديمية خاصة بتعليم الموسيقى وفنون أخرى. يتحدث للمرة الأولى عن هذا المشروع قائلاً: «أعتبر نفسي تلميذاً في هذه الأكاديمية التي ستضم كبار الأساتذة. هي منصة عبر الإنترنت لتدريس الموسيقى ومهارات أخرى، أما تقنيات التعليم فستركّز على تنمية الفكر والروح معاً».
على قائمة انشغالات يوسف كذلك، إطلاق شركته الخاصة بالتوزيع والنشر الموسيقي التي تدعم الفنانين ذوي النمط القريب من نمطه، فهي بعيدة عن الموسيقى التجارية. أما مسك ختام المشاريع المقبلة، فألبوم ثانٍ قد يصدر في الربيع، وهو يحمل عنوان «Ecstasy» (وجد)؛ إذ لن يكون التركيز على الكلام بقدر ما سيكون على الموسيقى، حسب يوسف الذي يضع نصب عينَيه هدف نقل مستمعيه إلى عالمه الخاص من السلام الداخلي.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام
TT

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

أشار تقرير صادر عن مجلس اللوردات إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية تخذل المشاهدين من الأسر ذات الدخل المنخفض، الذين يشعرون بأنهم «يخضعون للسخرية» في تغطيتها (الإخبارية)، لذا فقد يتحولون إلى وسائل إعلام بديلة، مثل قناة «جي بي نيوز».

بيئة إعلامية مليئة بالأخبار الزائفة

ويخشى أعضاء مجلس اللوردات أيضاً من نشوء بيئة إعلامية «من مستويين»، مقسمة بين «عشاق الأخبار»، الذين يشتركون في منافذ إخبارية عالية الجودة ورائدة، و«نسبة زائدة» من متجنبي الأخبار، الذين يرون القليل جداً من الأخبار المنتجة بشكل احترافي، ولذا فإنهم أكثر عُرضة للأخبار الزائفة، ونظريات المؤامرة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

«صحارٍ إخبارية»

وحذّر تحقيق في «مستقبل الأخبار» الذي أجرته لجنة الاتصالات والشؤون الرقمية، الذي نُشر أمس، من مستقبل «قاتم»، حيث يؤدي تراجع الصحف المحلية والإقليمية إلى خلق «صحارٍ إخبارية».

وتحمل التحذيرات بشأن مستقبل هيئة الإذاعة البريطانية أهمية خاصة، حيث تضم اللجنة اللورد هول، المدير العام السابق للهيئة.

تهميش المجموعات الدنيا من السكان

وأشار التقرير إلى أن «المجموعات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا تشعر بأنها (مُنتقدة أو مُعرضة للسخرية) بدلاً من أن تعكسها هيئة الإذاعة البريطانية بشكل أصيل». ونصّ على أن «الوسائل الإعلامية الوافدة الجديدة مثل (جي بي نيوز) تقدم بديلاً وخياراً في ميدان الخدمة العامة»، وهذا ما يجب أن يدفع وسائل الإعلام الأخرى للتفكير في كيفية اجتذاب تلك المجموعات إليها.

وتابع نشرات أخبار هيئة الإذاعة البريطانية 9.6 مليون مشاهد الشهر الماضي (من أصل 19 مليوناً لكل قنواتها) مقابل 3.5 مليون مشاهد لنشرات أخبار «جي بي نيوز».

وقالت اللجنة إن «قدرة هيئة الإذاعة البريطانية على الحفاظ على مستويات عالية من مشاركة الجمهور والثقة والرضا أمر مهم».