«النقد الدولي» يناشد الصين تعديل سياسات «صفر كوفيد»

رأى أنها أدّت إلى تداعيات إقليمية وعالمية نتيجة اضطرابات سلاسل التوريد

مشاة يمرون بجوار متاجر أعيد فتحها في غوانغزو الصينية بعد تشديدات واسعة النطاق (أ.ب)
مشاة يمرون بجوار متاجر أعيد فتحها في غوانغزو الصينية بعد تشديدات واسعة النطاق (أ.ب)
TT
20

«النقد الدولي» يناشد الصين تعديل سياسات «صفر كوفيد»

مشاة يمرون بجوار متاجر أعيد فتحها في غوانغزو الصينية بعد تشديدات واسعة النطاق (أ.ب)
مشاة يمرون بجوار متاجر أعيد فتحها في غوانغزو الصينية بعد تشديدات واسعة النطاق (أ.ب)

اعتبر متحدّث باسم صندوق النقد الدولي أنّه بإمكان الصين تعديل سياسة «صفر كوفيد» التي تنتهجها لمكافحة الجائحة في وقت تلقي فيه القيود والإغلاقات بثقلها على النشاط الاقتصادي، وتثير مظاهرات لم تشهدها البلاد منذ عام 1989.
وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي في رسالة تلقّتها وكالة الصحافة الفرنسية بالبريد الإلكتروني مساء الأربعاء: «من الممكن إجراء تعديل تدريجي وآمن لاستراتيجية (كوفيد)» في الصين. وأضاف أنّ «(كوفيد) والقيود المرتبطة به صعبة على الناس... هذه هي الحال في كل مكان، وهي أصعب في الصين بسبب سياسة (صفر كوفيد)».
وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا حذّرت الثلاثاء من أنّ سياسة الصين غير المرنة لمكافحة (كوفيد) قد تدفع المنظمة إلى خفض توقعاتها للنمو في البلاد. وأوضح المتحدث باسم صندوق النقد الدولي أنّ «إجراءات الإغلاق التي أعقبت الموجات المختلفة في شنغهاي وأماكن أخرى في بداية هذا العام أضعفت النشاط الاقتصادي الوطني» و«أدّت إلى تداعيات إقليمية وعالمية بسبب اضطرابات سلاسل التوريد». لكنّه أقرّ بأنّ «السلطات جعلت مذاك سياسات الإغلاق أكثر مرونة وأكثر توجيها».
وقررت الصين الثلاثاء تسريع تطعيم المسنين ضد (كوفيد) بعد احتجاجات تاريخية. ومعدّل التطعيم غير الكافي خاصة بين كبار السن، هو إحدى حجج الحكومة لإبقاء تدابير الوقاية. ودعت السلطات الثلاثاء إلى إجراءات من أجل «قمع» الاحتجاجات، فأعلن عدد متزايد من الجامعات بدء الإجازات مبكرا، ما دفع طلابها للعودة إلى عائلاتهم.
لكنّ صدامات جديدة بين متظاهرين والشرطة اندلعت ليل الثلاثاء الأربعاء في مدينة كانتون (جنوب)، وفق شهود ومقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. ورفعت عدة مقاطعات في كانتون القيود المفروضة على بعض الأحياء المغلقة، وفق إعلانات أصدرتها السلطات. ويتّبع العملاق الآسيوي سياسة متشددة ضد (كوفيد) بعد نحو ثلاث سنوات من رصد الإصابات الأولى في ووهان (وسط)، وهذه الإجراءات تؤدّي إلى إغلاق غير متوقع للشركات والمصانع وتعطل التنقل والسفر وتؤثر على استهلاك الأسر.
وفي الربع الثاني من العام، سجّل الناتج المحلي الإجمالي الصيني أسوأ أداء له منذ عام 2020، إذ نما بنسبة 0,4 بالمائة فقط على أساس سنوي، إلا أنه انتعش في الربع الثالث مسجلا 3,9 بالمائة.
ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات اقتصادية نشرت يوم الخميس استمرار انكماش نشاط قطاع التصنيع في الصين خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب استمرار تراجع الإنتاج والمبيعات.
وارتفع مؤشر كايشين لمديري مشتريات قطاع التصنيع في الصين خلال الشهر الماضي إلى 49.4 نقطة، مقابل 49.2 نقطة خلال الشهر السابق بحسب بيانات مؤسسة إس آند بي غلوبال. وتشير قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، في حين تشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط.
كما واصل المؤشر الفرعي لإنتاج قطاع التصنيع تراجعه للشهر الثالث على التوالي بما يعكس بدرجة كبيرة، تأثيرات القيود المفروضة لمنع انتشار فيروس «كورونا» المستجد في الصين على كل من الأنشطة وطلب العملاء. وتراجعت الطلبيات على قطاع التصنيع خلال الشهر الماضي ولكن بأبطأ وتيرة منذ 4 شهور.
في الوقت نفسه سجل مؤشر التوظيف أسرع تراجع له منذ بدايات جائحة فيروس «كورونا» المستجد في فبراير (شباط) عام 2020، وأشارت بعض الشركات إلى أن العمال لم يتمكنوا من العودة إلى العمل بسبب القيود المفروضة لمنع انتشار فيروس «كورونا» المستجد.


مقالات ذات صلة

ارتفاع الأسهم الآسيوية مدفوعة بتعافي «وول ستريت» القوي

الاقتصاد يمشي المارة أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي» في بورصة طوكيو (أ ف ب)

ارتفاع الأسهم الآسيوية مدفوعة بتعافي «وول ستريت» القوي

ارتفعت الأسهم الآسيوية، يوم الخميس، في وقت أغلقت فيه كثير من الأسواق في المنطقة أبوابها احتفالاً بعطلة عيد العمال، وذلك عقب تعافي قوي للأسهم الأميركية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد لافتة تُعلن عن شراء الذهب في حي المجوهرات بمانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)

جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية

انخفض الذهب يوم الأربعاء متأثراً بارتفاع الدولار وتراجع حدة التوترات التجارية، بينما يترقب المستثمرون بيانات أميركية لاستشراف آفاق أسعار الفائدة.

الاقتصاد البنك الدولي: أسعار السلع الأساسية تتجه لأدنى مستوياتها خلال عقد العشرينيات

البنك الدولي: أسعار السلع الأساسية تتجه لأدنى مستوياتها خلال عقد العشرينيات

توقّع البنك الدولي، يوم الثلاثاء، أن يؤدي تباطؤ النمو العالمي - وهو ناجم جزئياً عن اضطرابات في التجارة - إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية بنسبة 12 في المائة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من «منتدى باب البحرين 2025»... (وكالة الأنباء البحرينية)

البحرين تؤكد مكانتها الاقتصادية في منتدى دولي يناقش مستقبل التجارة والتوظيف

انطلقت أعمال «منتدى باب البحرين 2025»، الذي يجمع نخبة من صناع القرار والخبراء الدوليين؛ لمناقشة مستقبل التجارة والتوظيف في ظل التحولات الاقتصادية العالمية.

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الاقتصاد شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)

صندوق النقد الدولي يعقد مؤتمراً حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة

يعقد صندوق النقد الدولي مؤتمره السنوي الأول للبحوث الاقتصادية حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزير خارجية البيرو يكشف عن مفاوضات مع السعودية لتوقيع اتفاقيات قبل نهاية العام

إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)
TT
20

وزير خارجية البيرو يكشف عن مفاوضات مع السعودية لتوقيع اتفاقيات قبل نهاية العام

إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو وزير خارجية البيرو (الشرق الأوسط)

كشف وزير خارجية البيرو، إلمر شيالر سالسيدو، الذي يزور الرياض حالياً، عن وجود مفاوضات جارية مع الجانب السعودي تهدف إلى توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية. وتوقّع سالسيدو إبرام هذه الاتفاقيات قبل نهاية العام الحالي، وتشمل هذه الاتفاقيات اتفاقية تعاون عام واتفاقية خدمات جوية.

وقال سالسيدو لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم بجولة في دول منطقة الخليج، تأتي في إطار التمهيد لتوقيع اتفاقية متعددة الأطراف مع مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم السعودية وعدداً من الدول المهمة في المنطقة».

وأضاف: «تأتي الاتفاقية مع دول الخليج في إطار التشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهي اتفاقية واسعة النطاق ومتنوعة، تغطي مجالات السياسة، والاقتصاد، والتجارة، والثقافة، والتعليم، والصحة، والأمن، والتكنولوجيا، وغيرها من القطاعات الحيوية».

إلمر شيالر سالسيدو خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)

التعاون السعودي البيروفي

وقال سالسيدو: «تربط البيرو والسعودية علاقات ممتازة على المستويات السياسية والدبلوماسية والثقافية والسياحية، ولدينا الكثير من القواسم المشتركة. ومع ذلك، فإن علاقاتنا التجارية والاقتصادية لا تزال تزخر بإمكانات هائلة لا يزال يتعين علينا استغلالها».

وأضاف: «هدفي يتمثل في تعزيز علاقاتنا بشكل أكبر، وبدء بناء جسور للتعاون الاستثماري والاقتصادي والتجاري بين حكومتينا والقطاعين الخاصين في البلدين، مع الأخذ في الاعتبار أن عام 2026 سيصادف الذكرى الأربعين لانطلاق العلاقات الدبلوماسية بين البيرو والمملكة، التي بدأت عام 1986».

وتابع: «نتمتع حالياً بتعاون وثيق مع السعودية في مجالات التنسيق السياسي والدبلوماسي بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب فرص الأعمال الثنائية، والسياحة، والثقافة. ونتطلع إلى تعزيز هذه العلاقات لتشمل مجالات أوسع مثل الطاقة، والاستثمار، والتجارة، والتكنولوجيا. كما نعتزم بناء روابط التعاون والاستثمار في مجالات التعدين، والنفط، والغاز، والطاقة المتجددة، والاتصالات، وتحلية المياه، والحكومة الإلكترونية»، مشدداً على استعادة تجربة بلاده في التعامل مع الاستثمارات الأجنبية على قدم المساواة مع المستثمرين الوطنيين.

وأوضح: «على مستوى القطاع الخاص، من الضروري إقامة روابط مباشرة بين الشركات البيروفية ونظيرتها السعودية، خصوصاً أن معظم المنتجات البيروفية المتوفرة حالياً في السوق السعودية تُستورد عبر دول وسيطة. إن بناء هذه الروابط المباشرة من شأنه أن يقلّل التكاليف ويعود بالفائدة على المنتجين والمشترين والمستهلكين على حد سواء».

وأضاف: «نشجع المستثمرين من الجانبين على دراسة السوق واستكشاف فرص إطلاق مشاريعهم في بلدينا. وفي هذا السياق، أود أن أهنئ الحكومة السعودية على إصدار قانون الاستثمار الجديد، الذي يتيح للمستثمرين الأجانب التملك الكامل لمشاريعهم».

استثمارات «أرامكو» في البيرو

أشاد وزير الخارجية بالتطورات الإيجابية التي طرأت على اقتصاد بلاده عقب انطلاق استثمارات شركة «أرامكو» السعودية في بيرو، مشيراً إلى الدور المتنامي لميناء شانكاي الجديد في تعزيز التجارة الدولية، لا سيما في ربط أميركا الجنوبية بآسيا. ولفت إلى أن «أرامكو» وسّعت نطاق استثماراتها غير المباشرة في قطاع الطاقة في بلاده من خلال استثماراتها الاستراتيجية.

وفي مارس (آذار) 2025، استحوذت «أرامكو» على شركة «بريماكس» (وهي شركة توزيع وقود رئيسية تعمل في بيرو وكولومبيا والإكوادور) مقابل نحو 3.5 مليار دولار. وصرح سالسيدو قائلاً: «يعزز هذا الاستحواذ حضور (أرامكو) في أميركا الجنوبية ويعزز شبكة توزيع الوقود التابعة لها».

وأضاف: «من خلال صفقة مع شركة (ميد أوشن إنرجي)، عززت (أرامكو) أيضاً حصتها غير المباشرة في مشروع بيرو للغاز الطبيعي المسال، وهو مصنع تسييل يقع جنوب العاصمة ليما. وباتت (أرامكو) تمتلك الآن بشكل غير مباشر حصة قدرها 17.2 في المائة بالمشروع، مما يعزز حضورها ومشاركتها في سوق الغاز الطبيعي المسال في أميركا الجنوبية».

وعن ميناء شانكاي، قال سالسيدو: «تم بناء ميناء (تشانكاي) وفقاً لأحدث المعايير العالمية، وتبلغ طاقته الاستيعابية 6 ملايين طن من البضائع العامة و160 ألف مركبة سنوياً. وقد صُمم لمناولة سفن الحاويات عالية السعة، ويضم مستودعات تعمل بشكل آلي. وبلغت استثمارات المرحلة الأولى منه نحو 1.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل الاستثمارات الإجمالية للمراحل الثلاث إلى نحو 3.6 مليار دولار».

ويُتوقع أن يُحدث موقع ميناء تشانكاي الاستراتيجي في قلب الساحل البيروفي نقلة نوعية في قطاع الشحن والخدمات اللوجيستية، من وإلى آسيا، إلى جانب ميناء كاياو ومطار ليما الدولي، اللذين يشكلان معاً منطقتين اقتصاديتين خاصتين في المستقبل.

أشار وزير خارجية بيرو إلى أن ميناء تشانكاي سيسهم في تقليص وقت وتكاليف الشحن إلى شواطئ المحيط الهادئ الآسيوية، مما سيعزز بشكل كبير عمليات الملاحة الساحلية بين الأميركتين.

إلمر شيالر سالسيدو يتحدث خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)
إلمر شيالر سالسيدو يتحدث خلال لقائه مع اتحاد الغرف السعودية (الشرق الأوسط)

ما الذي يمكن أن تقدمه البيرو للمملكة؟

في إجابته على السؤال، قال سالسيدو: «لدى بيرو الكثير لتقدمه للمملكة في إطار تحقيق (رؤيتها 2030)، حيث يُعد التعدين من أبرز نقاط القوة في بيرو وهو أحد المجالات الرئيسية التي تستثمر فيها السعودية بكثافة».

وأضاف: «تمتلك بيرو احتياطيات هائلة من المعادن الحيوية مثل النحاس، والذهب، والفضة، والزنك، والقصدير، والرصاص، والليثيوم، بالإضافة إلى العديد من المعادن الأخرى والعناصر الأرضية النادرة».

ووفقاً لسالسيدو، فإن المملكة تتفوق في النفط والغاز، بينما توفر بيرو فرصاً استثمارية ضخمة في هذين المجالين، حيث يمكن أن تكون الخبرة السعودية مفيدة ومربحة للغاية لكلا الجانبين، ولمنطقة أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بأكملها.

وتابع: «تتمتع بيرو أيضاً بثروة زراعية متنوعة، مما يسهم في تحقيق هدف السعودية في الأمن الغذائي. تشمل هذه المنتجات البذور والأغذية الفائقة مثل الكينوا والشيا، بالإضافة إلى الفاصوليا مثل البن والكاكاو والفول والحمص. كما أن المأكولات البحرية وتربية الأحياء المائية من المجالات التي تتمتع بيرو بخبرة واسعة فيها، وهي على استعداد لمشاركة هذه المعرفة».

وشدد على أن السعودية، مع «رؤيتها 2030»، منفتحة على السياحة، ولذلك ينبغي عليها استكشاف مواقعها الأثرية الغنية والقيّمة، والعمل على الكشف عنها، وصيانتها، وحمايتها. وأكد استعداد بلاده لتقديم خبرتها الواسعة في هذا المجال، قائلاً: «نحن على استعداد للتعاون وتبادل الخبرات والمعارف ذات الصلة».

من ناحية أخرى، وفقاً لسالسيدو، ترغب بيرو في الحصول على دعم من المملكة في تصدير المنتجات البتروكيماوية والأسمدة، بالإضافة إلى تبادل المعرفة في مجالات النفط والغاز والطاقة والحكومة الإلكترونية.