إجراءات أمنية مشددة في كردستان إيران... ورئيسي يدفع نحو التهدئة

قائد الشرطة كشف عن مشاركة 737 مؤسسة أمنية واستخباراتية في حملة القمع

رئيسي محاطاً بحراسة في سوق بمدينة سنندج أمس (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي محاطاً بحراسة في سوق بمدينة سنندج أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

إجراءات أمنية مشددة في كردستان إيران... ورئيسي يدفع نحو التهدئة

رئيسي محاطاً بحراسة في سوق بمدينة سنندج أمس (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي محاطاً بحراسة في سوق بمدينة سنندج أمس (الرئاسة الإيرانية)

مع اقتراب نهاية الأسبوع الحادي عشر من الاحتجاجات الإيرانية، توجه الرئيس إبراهيم رئيسي، أمس، إلى سنندج وسط إجراءات أمنية مشددة في المدينة التي أصبحت بؤرة الحراك الاحتجاجي بالمناطق الكردية في غرب البلاد، وكرر قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، وصف المحتجين بـ«المخدوعين»، وانتقد من احتفلوا بهزيمة المنتخب الإيراني لكرة القدم أمام المنتخب الأميركي.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيسي قوله، على هامش افتتاح مشروع للإمداد بالمياه في سنندج، إن «الاضطرابات تهدف إلى وقف قطار التقدم عن الحركة». وأضاف: «تقدمنا يغضب الأعداء... لقد ارتكبوا خطأ في الحسابات. اعتقدوا أن بإمكانهم بلوغ أهدافهم عبر الأعمال الإرهابية وإثارة الشغب».
وقال رئيسي: «الناس يواجهون مشكلات اقتصادية واجتماعية؛ لكنهم يعرفون كيف يتصدون للعدو بتضامنهم». وتعهد بأن تكون محافظة كردستان وجهة «رئيسية» لزياراته «حتى نهاية المشكلات والتحديات في المنطقة» التي سجلت أكثر من 100 قتيل خلال حملة القمع التي تشنها السلطات منذ 17 سبتمبر (أيلول) الماضي لإخماد الاحتجاجات التي أشعلت فتيلها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، أثناء احتجازها لدى الشرطة بدعوى «سوء الحجاب».

إيرانية تبكي بينما ترفع صورأطفال قُتلوا خلال الاحتجاجات أمام مكتب اليونيسيف في سان فرانسيسكو الأربعاء (رويترز)

وتحول الغضب على وفاة أميني إلى انتفاضة شعبية من قبل الإيرانيين من جميع طبقات المجتمع، مما شكل أحد أكبر التحديات جرأة للمؤسسة الحاكمة منذ ثورة 1979.
وقالت «وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)» إن 459 محتجاً سقطوا حتى الأربعاء 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إثر التدخل العنيف من السلطات الإيرانية لاحتواء الاحتجاجات. وأشارت الوكالة؛ التي تتتبع انتهاكات حقوق الإنسان في إيران من كثب، إلى اعتقال 18195 شخصاً في 157 مدينة و143 جامعة عصفت بها المسيرات المنددة بالسلطات.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده، إن أكثر من 300 شخص قُتلوا في الاضطرابات التي أعقبت وفاة أميني. وقبل ذلك قال نائب مدينة مهاباد الكردية، جلال محمود زاده إن 105 أشخاص قتلوا خلال حملة القمع في المدن الكردية.
ولم يتطرق رئيسي إلى إرسال تعزيزات من القوات البرية في «الحرس الثوري» إلى مناطق الأكراد، لكنه قال: «شبراً شبراً في كردستان؛ وقفنا ضد المجاميع المعادية للثورة. لقد حاولوا إيجاد موطئ قدم لهم، لكن أهالي كردستان أحبطوا مساعيهم».
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن رئيسي قوله لأسرة أحد قتلى قوات الأمن في الاحتجاجات إن «وحشية وقسوة من يقفون وراء أعمال الشغب تذكرنا بسلوك (داعش)». وقال: «الأمن خط أحمر للجمهورية الإسلامية، وكل من ارتكبوا جرائم قتل وتسببوا في جروح لقوات الأمن والناس، يجب تقديمهم إلى العدالة». وأضاف: «تأكدوا من أننا سنتخذ جميع التدابير للازمة لتحديد المسؤولين عن قتل أعزائكم».
واتهم رئيسي «تياراً يناصب الجمهورية الإسلامية العداء منذ ثورة 1979» بالسعي إلى «الاستفادة من الأحداث الأخيرة لزعزعة الأمن في كردستان».
ونشرت منظمات حقوقية كردية تسجيل فيديو يظهر انتشاراً واسعاً لقوات الأمن في مدينة سنندج، وفيه يمكن مشاهدة قوات مكافحة الشغب على دراجات نارية.
- حرب مركبة
بدوره؛ شارك قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، في تدشين مشروع مياه بمدينة شيراز؛ التي كانت من بؤر الاحتجاجات في جنوب إيران، وشهدت هجوماً دامياً على ضريح ديني تبناه تنظيم «داعش» وأسفر عن مقتل 13 شخصاً، لكنه أثار شكوكاً بين الإيرانيين.
ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن سلامي قوله إن قواته «لن تسمح بتهديد أمن المواطنين»، وعاد مرة أخرى لوصف المحتجين بـ«المخدوعين». وقال: «الأعداء لا يمكنهم أن يروا تقدم إيران في العالم، لهذا يزرعون بذور الفتنة في قلوب الشباب».
ودافع سلامي عن دور ميليشيات «الباسيج» و«الحرس الثوري» في حملة القمع التي تشنها السلطات لإخماد الاحتجاجات. وقال: «عناصر (الباسيج) و(الحرس) من هذا الشعب. لن نسمح لأحد بتهديد أمن الناس»، وقال: «أتمنى أن يبتعد الشباب من الأعداء، لكي نتعاون يداً بيد في سحب السيف على العدو».
وقلل سلامي من أهمية احتفال الإيرانيين المحتجين بهزيمة منتخبهم الوطني أمام الولايات المتحدة في إطار مباريات كأس العالم. وقال: «مباراة كرة القدم مباراة ودية وليست نزاعاً عالمياً، في الواقع: صداقة عالمية، وتنافس على الصداقة في العالم، لكن بعض المخدوعين يحتفلون بالوكالة عن الأعداء». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية قوله إن «الأعداء يحاولون زرع اليأس في نفوس الشباب الإيراني، والبعض منهم سعداء لخسارة المنتخب الإيراني لكرة القدم في كأس العالم» التي تستضيفها قطر.
وقتل شخص على الأقل في ميناء أنزلي شمال البلاد، بعدما أطلقت قوات الأمن النار على محتفلين بهزيمة إيران. والأربعاء انتشرت صورة للاعب المنتخب الإيراني سعيد عزت اللهي؛ الذي سجل هدفاً في مرمى منتخب ويلز، مع القتيل مهران سفاك (27 عاماً)، عندما كانا معاً في مدرسة كروية للناشئين.
في غضون ذلك، قال قائد الجيش الإيراني، عبد الرحيم موسوي إن «هجمات الأعداء في البلاد تركز على استهداف موقع المرشد (علي خامنئي)».
ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن موسوي قوله في هذا الصدد إن بلاده «تتعرض لهجوم بحرب مركبة»، لافتاً إلى أن «رصاصة الحرب المركبة مزيج من الصوت والصورة والكلام»، وأضاف أنها «تترك آثاراً مدمرة وراءها دون أن ننتبه».
وقال قائد الشرطة الإيرانية، حسين أشتري، إن 737 مؤسسة أمنية واستخباراتية، و100 ألف من المتعاونين مع قوات إنفاذ القانون، يعملون على توفير أمن الناس، في 12 ألف نقطة بأنحاء البلاد؛ وفق ما أوردت وكالة «مهر» الحكومية.
من جانبها؛ نقلت صحيفة «جوان» الناطقة باسم «الحرس الثوري» عن قائد ميليشيات «الباسيج»، الجنرال غلام رضا سليماني، قوله إن «47 جهازاً استخباراتياً أجنبياً تقف وراء الاضطرابات الأخيرة». وأضاف؛ خلال مؤتمر لقواته مساء الأربعاء: «الأعداء يستخدمون الحرب المركبة في الاضطرابات». وتابع: «معرفة استراتيجية وتكتيكات الأعداء ضرورية لنا؛ لأن العدو أصيب بخيبة أمل في حربه المباشرة وتحول إلى الحرب المركبة باستخدام وسائل الإعلام والعمليات النفسية».
وجاءت تصريحات سليماني في وقت تناقلت فيه وسائل إعلام ناطقة بالفارسية تسريبات من «موجز إخباري سري» حصلت عليها مجموعة «بلك ريووارد» بعد اختراقها خوادم إلكترونية لوكالة «فارس»؛ الذراع الرئيسية بين وسائل الإعلام التابعة لـ«الحرس الثوري».
ويشير أحد أجزاء الموجز إلى حوار يدور بين المرشد علي خامنئي ومستشاره للشؤون الثقافية، غلام علي حداد عادل، حول سبل لجم الحركة الاحتجاجية. ويقول حداد عادل: «يمكن لجمهور غفير احتواء هذه الاضطرابات. الآن قوات (الباسيج) تمر بحالة ضعف وتفتقد قوة التعبئة».
وكانت مجموعة القرصنة قد وزعت أعداداً من الموجز الإخباري على وسائل الإعلام. وفي أحد الأعداد المسربة، يعارض خامنئي مقترحاً من قوات الشرطة ومجلس الأمن القومي؛ بشأن اعتقال إمام جمعة زاهدان وأحد وجوه أهل السنة في إيران عبد الحميد إسماعيل زهي، وفي المقابل يوصي بتضعيف دوره واستهدافه تدريجياً.
- دعوات للإضراب
ورداً على ما نشر، نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس» عن «مصدر مطلع» أن التصريحات والاقتباسات المنسوبة للمرشد الإيراني «غير صحيحة».
وفي وقت لم يظهر فيه أي مؤشر على تراجع حدة الاحتجاجات، دعا ناشطون إلى إضرابات واحتجاجات من الاثنين إلى الأربعاء المقبل.
في الأثناء، قالت «حملة نشطاء البلوش» إن شقيقين قاصرين يبلغان 16 و17 عاماً يواجهان خطر الإعدام بعد توجيه تهمة «المحاربة» ضدهما، مشيرة إلى اعتقالهما قبل 63 يوماً، من أمام منزلهما في زاهدان؛ مركز محافظة بلوشستان المحاذية لباكستان وأفغانستان.
وقتل أكثر من 100 محتج خلال احتجاجات شهدتها المحافظات على أثر اغتصاب شرطي مراهقة في بلوشستان. وتزامنت مع الاحتجاجات العامة. وتقول منظمة «نشطاء البلوش» إن 400 محتج أصيبوا بجروح خلال الحملة التي شنتها قوات الأمن ضد المتظاهرين.
وقبل ذلك بيوم، ذكر القضاء الإيراني، الأربعاء، أنه قد يصدر أحكاماً بالإعدام على 15 شخصاً؛ بينهم امرأة و3 قاصرين؛ متهمين جميعاً بقتل أحد أفراد مجموعة شبه عسكرية في أوائل نوفمبر الماضي خلال مراسم نظمها المتظاهرون بمناسبة مرور 40 يوماً على وفاة أحدهم. وأعرب جاويد رحمن، محقق الأمم المتحدة المستقل المعني بحقوق الإنسان في إيران، عن قلقه، الثلاثاء، من تصاعد قمع المتظاهرين، حيث شنت السلطات «حملة» لإصدار حكم الإعدام عليهم.
وقال جاويد رحمن لـ«رويترز»: «أخشى أن يرد النظام الإيراني بعنف على قرار مجلس حقوق الإنسان، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من العنف والقمع من جانبهم»، في إشارة إلى تصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق في قمع إيران الشرس للاحتجاجات.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، إن طهران سترفض التعاون مع لجنة تقصي الحقائق.
وقال رحمن: «بدأت (السلطات) الآن حملة لإصدار أحكام بالإعدام على (المتظاهرين)»، قائلاً إنه يتوقع مزيداً من الأحكام، موضحاً أن 21 شخصاً اعتقلوا في سياق الاحتجاجات يواجهون بالفعل عقوبة الإعدام؛ بمن فيهم امرأة متهمة بارتكاب «جرائم جنائية غامضة وواسعة الصياغة»، وصدرت ضدها 6 أحكام هذا الشهر.
وأكد «مكتب حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، في رسالة بالبريد الإلكتروني، أن أحد المتهمين بارتكاب «فساد في الأرض لنشر أكاذيب على نطاق واسع» كان مغني الراب الإيراني الشهير توماج صالحي؛ نقلاً عن مسؤول قضائي.
وحتى قبل الاضطرابات، كانت عمليات الإعدام تزداد، وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن العدد هذا العام تجاوز 400 بحلول سبتمبر (أيلول) الماضي للمرة الأولى منذ 5 سنوات.
وقال رحمن إنه يتوقع أن تقدم بعثة تقصي الحقائق الجديدة قائمة بالجناة وتشاركها مع السلطات القانونية الوطنية والإقليمية. وأضاف: «ستضمن المساءلة وستقدم الأدلة للمحاكم والهيئات القضائية». وأظهرت وثيقة للأمم المتحدة أن البعثة سيكون لديها 15 موظفاً وميزانية قدرها 3.67 مليون دولار.


مقالات ذات صلة

قتيلان في قصف تركي شمال العراق

المشرق العربي قتيلان في قصف تركي شمال العراق

قتيلان في قصف تركي شمال العراق

أعلن مسؤول عراقي، اليوم الأحد، مقتل شخصين على الأقل وجرح اثنين آخرين في قصف لطائرات مسيّرة نسبه إلى قوات تركية، استهدف منطقة جبلية في إقليم كردستان العراق الشمالي، الذي يتمتع بحكم ذاتي. واستهدف القصف الذي وقع في ساعة متأخرة من مساء (السبت) قرب بلدة بنجوين التي تقع قرب الحدود الإيرانية، سيارة تقل مقاتلين من «حزب العمال الكردستاني» الكردي التركي، حسبما أفاد مسؤول محلي طالباً عدم الكشف عن اسمه. وعلى مدى عقود، امتد إلى شمال العراق القتال بين تركيا و«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة «إرهابية»، ويقيم الجانبان مواقع عسكرية أو قواعد خلفية في الإقليم العراقي، وفق ما ذكرته

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي تركيا تؤكد أن عملياتها في السليمانية وشمال العراق وسوريا ستستمر

تركيا تؤكد أن عملياتها في السليمانية وشمال العراق وسوريا ستستمر

أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن بلاده ستواصل عملياتها في السليمانية «التي باتت خاضعة تماماً لـ(حزب العمال الكردستاني)»، وذلك في أول تعليق رسمي على القصف الذي وقع بطائرة مسيّرة على مطار السليمانية في شمال العراق، الجمعة، في أثناء وجود قائد «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» مظلوم عبدي رفقة ضباط أميركيين، والذي نسب إلى تركيا. وقال جاويش أوغلو إن «حزب طالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني) تلقى مروحيات من دول غربية؛ بينها فرنسا، ومنحها للإرهابيين (عناصر العمال الكردستاني)، وفق ما تلقينا من معلومات».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية محاكمة مرتبطة بـ«العمال الكردستاني» تتحول إلى منبر سياسي في باريس

محاكمة مرتبطة بـ«العمال الكردستاني» تتحول إلى منبر سياسي في باريس

تحولت محاكمة 11 متهماً بجمع تبرعات لحزب «العمال الكردستاني»، أمس (الجمعة)، في باريس إلى منبر سياسي نفوا خلاله انتماءهم إلى الحركة، وأدانوا «غموض الدولة الفرنسية» في علاقاتها مع «كردستان وحركات التحرير». ويحاكَم المتهمون الذين تتراوح أعمارهم بين 24 و64 عاماً، وعدد منهم حصلوا على حق اللجوء في فرنسا، لجمعهم تبرعات من الشتات المقيم في جنوب شرقي فرنسا، وهي الضريبة الثورية المستخدمة في تمويل حزب «العمال الكردستاني». وحزب «العمال الكردستاني» الذي يخوض منذ 1984 تمرداً مسلحاً ضد السلطة المركزية في تركيا من أجل كردستان مستقلة، هو العدو اللدود لتركيا التي تعتبره منظمة «إرهابية»، كما يصنفه الاتحاد الأوروب

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي بدران جيا كرد لـ«الشرق الأوسط»: الاجتماع الرباعي حول سوريا شرعنة للاحتلال التركي

بدران جيا كرد لـ«الشرق الأوسط»: الاجتماع الرباعي حول سوريا شرعنة للاحتلال التركي

قال بدران جيا كرد، رئيس «دائرة العلاقات الخارجية» في «الإدارة الذاتية» الكردية في شمال سوريا، إن عقد توافقات جديدة بين حكومتي دمشق وأنقرة، «سيكون على حساب الشعب السوري». وأوضح ﻟ«الشرق الأوسط»، تعليقاً على الاجتماع الرباعي بين نواب وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا وسوريا (الثلاثاء) في موسكو: «في ظل غياب معايير واضحة للحل السياسي الشامل للوضع السوري من المجتمعين، فإن أي توافق سيؤدي لشرعنة الاحتلال التركي سياسياً، ووضع أهداف مزيفة من تركيا، وإشراك الآخرين في محاربتها». وشدّد على أن الاجتماعات التي تشارك فيها تركيا، «تستهدف مشروع الإدارة الذاتية، ومحاولة جديدة لدفع سوريا باتجاه حرب داخلية أكثر دمو

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي «قسد» تعلن مقتل 9 من عناصرها بتحطم مروحيتين في كردستان

«قسد» تعلن مقتل 9 من عناصرها بتحطم مروحيتين في كردستان

أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، اليوم (الجمعة)، مقتل 9 من عناصرها؛ بينهم قيادي رفيع يرأس «جهاز وحدات مكافحة الإرهاب»، جراء تحطم مروحيتين في أثناء توجههما إلى إقليم كردستان في العراق المجاور. وقالت القوات المدعومة من واشنطن والتي تسيطر على مساحات واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا، في بيان، إن المروحيتين سقطتا مساء الأربعاء بينما كانتا تقلان المجموعة إلى مدينة السليمانية «نتيجة لظروف الطقس السيئ» ما أدى إلى «استشهاد 9 من مقاتلينا بقيادة قائد قوات مكافحة الإرهاب شرفان كوباني». وكوباني؛ الذي خاضت وحداته معارك ضد تنظيم «داعش» وتمكنت من طرده من مساحات واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا، هو ابن عم قائ

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن رئيس الوزراء تحدث هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأحد)، وأبلغه بأن فرض حظر على تصدير السلاح لإسرائيل سيخدم إيران والمتحالفين معها.

وأضاف المكتب، في بيان نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، «أكد رئيس الوزراء أن تصرفات إسرائيل في مواجهة حزب الله تخلق فرصة لتغيير الواقع في لبنان وصولاً إلى تعزيز الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة بأكملها». وأشار نتنياهو إلى أن «إسرائيل تتوقع دعم فرنسا وليس فرض قيود عليها».

بدوره، أكد ماكرون أن «التزام فرنسا بأمن إسرائيل لا يتزعزع»، لكنه شدد أيضاً على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، حسبما أعلن قصر الإليزيه.

وقالت الرئاسة الفرنسية «عشية الذكرى السنوية الأولى لهجوم (حركة) حماس الإرهابي على إسرائيل، أعرب (ماكرون) عن تضامن الشعب الفرنسي مع الشعب الإسرائيلي». كما أعرب الرئيس الفرنسي عن «اقتناعه بأن وقت وقف إطلاق النار حان».

«حرب التصريحات»

واشتعلت «حرب تصريحات» بين ماكرون ونتنياهو وخلفه المنظمات اليهودية في فرنسا، وعلى رأسها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا.

نقطة البداية تمثلت في جملة جاءت على لسان ماكرون، في حديث إذاعي بث (السبت)، لإذاعة «فرانس إنتر» وسُجل بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وجاء في حرفية ما قاله: «أعتقد أن الأولوية اليوم هي العودة إلى حل سياسي، والتوقف عن تقديم الأسلحة المستخدمة في الحرب على غزة».

كما أن ماكرون وجه سهامه إلى نتنياهو الذي «لم يستمع إلينا (في موضوع وقف إطلاق النار)، وهذا خطأ، بما في ذلك بالنسبة لأمن إسرائيل غداً»، مؤكداً أنه سيواصل اتباع السياسة نفسها التي يتبعها بشأن الوضع في قطاع غزة «منذ عام».

ماكرون تطرق كذلك إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان، مُنبهاً من أنه «لا يجب أن يتحول لبنان إلى غزة أخرى»، داعياً إلى «عدم التضحية بالشعب اللبناني».

وطالب ماكرون بوقف العمليات العسكرية و«بعودة الجيش اللبناني إلى الحدود»، إضافة إلى حصول الانتخابات الرئاسية لوضع حد للفراغ الرئاسي. وحرص الرئيس الفرنسي على تأكيد أن بلاده لا تقدم السلاح لإسرائيل.

ورغم أن باريس ليست مزوداً رئيسياً بالسلاح لإسرائيل؛ فإنها شحنت إليها معدات عسكرية العام الماضي بقيمة 30 مليون يورو، وفقاً للتقرير السنوي لصادرات الأسلحة الصادر عن وزارة الدفاع.

رسالة ضمنية لبايدن

ومجدداً، طُرحت هذه المسألة مساء السبت في المؤتمر الصحافي، الذي جاء في اختتام أعمال القمة الفرنكوفونية التي استضافتها فرنسا يومي الجمعة والسبت، والتي انتهت ببيان ختامي وآخر للتعبير عن التضامن مع لبنان.

وتوافرت الفرصة لماكرون لتصحيح ما قاله للإذاعة الفرنسية، وذلك بتأكيده أن الأسلحة التي تقدمها فرنسا لإسرائيل «لا تستخدم إطلاقاً» في الحرب على غزة، لا مباشرة، ولا بطريقة ملتوية.

بيد أن الأهم جاء في شرح دعوته لوقف تصدير السلاح لإسرائيل، إذ اعتبر أنه من الضروري التحلي بـ«الانسجام» في المواقف، وبالتالي «لا يمكن أن نطلب وقفاً لإطلاق النار في غزة وفي الأسبوع الأخير في لبنان، مع الاستمرار في توفير الأسلحة الحربية»؛ في الإشارة إلى إسرائيل، ولكن دون أن يسميها.

وكان واضحاً أن ماكرون يوجه خصوصاً رسالة ضمنية للولايات المتحدة الأميركية، وللرئيس بايدن شخصياً.

واستطرد ماكرون: «نعم، الدعوة لوقف النار تفترض الانسجام الذي يعني الامتناع عن توفير الأسلحة الحربية، وأعتقد أن من يدعو معنا كل يوم لوقف النار لا يمكنه الاستمرار في توفير الأسلحة».

وبالنسبة للرئيس الفرنسي، فإن وقف النار الذي وصفه بـ«الأولوية» من شأنه توفير «إيصال المساعدات الإنسانية، والعمل من أجل حل سياسي يفضي إلى (قيام دولتين)، وهو الوحيد الذي يضمن الأمن والسلام للجميع».

فلسطينيون فوق أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

كان ماكرون يتوقع أن تثير تصريحاته حفيظة إسرائيل. لذا، حرص على إعادة التأكيد بأن باريس «تطالب بالإفراج عن الرهائن، وأنها تقف إلى جانب إسرائيل في المحافظة على أمنها»، وأن «لا غموض» في هذا الموقف.

وكشف ماكرون أن نتنياهو اتصل به قبل الهجمات الصاروخية الأخيرة على إسرائيل من أجل أن «تشارك فرنسا» في الدفاع «عن أمن إسرائيل»، وأن فرنسا «استجابت لهذا الطلب».

كذلك، أكد ماكرون مجدداً أن الدعوة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» لمدة 21 يوماً، التي أطلقتها الولايات المتحدة وفرنسا، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تمت بالتوافق مع لبنان وإسرائيل، وأن نتنياهو «فضل مساراً آخر وهو يتحمل مسؤولية العمليات (العسكرية) الأرضية في لبنان».

الإحباط اللبناني

كان لبنان حاضراً بقوة في القمة الفرنكوفونية التي صدر عنها «إعلان تضامن مع لبنان» من ثماني فقرات، جاء فيها التعبير عن «القلق الكبير»، والتخوف من تصاعد العنف، والخسائر الكبيرة بالأرواح، وتضامن «العائلة الفرنكوفونية» مع لبنان، الذي يتعين أن «ينعم مجدداً بالأمن والسلام». كذلك دعا بيان القمة إلى «وضع حد لانتهاك سيادة لبنان وسلامة أراضيه»، والدعوة إلى «وقف فوري ودائم لإطلاق النار».

بيد أن المؤسف فيما صدر هو «تجهيل الفاعل»؛ بمعنى أن اسم إسرائيل لم يصدر مرة واحدة، بحيث بقيت الاعتداءات على السيادة اللبنانية مجهولة الفاعل، وكذلك الجهة المسؤولة عن مقتل وتهجير آلاف اللبنانيين.

دمار تسببت به الضربات الإسرائيلية الجوية الأحد في منطقة صفير في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وعبّر وزير الإعلام اللبناني، زياد مكاري، عن «إحباطه» لكون اسم إسرائيل لم يرد في أي مكان. وعلم من داخل القمة أن مجموعة من الدول وعلى رأسها رومانيا وكندا، بالإضافة إلى مجموعة من الدول الأفريقية، رفضت الإشارة إلى إسرائيل بالاسم؛ ما يبين إلى حد بعيد تسييس «الفرنكوفونية».

ورداً على ذلك، قال ماكرون إنه «لا يتعين التقليل من أهمية» الإعلان الذي يعكس التضامن مع لبنان، منوهاً بالمهمة التي يقوم بها وزير خارجيته، جان نويل بارو، في المنطقة، الذي سيعود مجدداً إلى لبنان بعد أن زاره بداية الأسبوع الماضي.

وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن الأيام القادمة «ستكون حاسمة بالنسبة للحصول على وقف لإطلاق النار ومواصلة العمليات الإنسانية». ودعا إلى «عدم التشكيك» بانخراط فرنسا إلى جانب لبنان.

هجوم نتنياهو

وما كانت دعوة ماكرون لوقف إمداد إسرائيل بالأسلحة لتمر من غير رد من نتنياهو، الذي سارع إلى شن هجوم عنيف على ماكرون. وقال نتنياهو: «بينما تحارب إسرائيل القوى الهمجية التي تقودها إيران، يتعين على جميع الدول المتحضرة أن تقف بحزم إلى جانب إسرائيل. إلا أن الرئيس ماكرون وغيره من القادة الغربيين يدعون الآن إلى حظر الأسلحة على إسرائيل؛ إذ عليهم أن يشعروا بالعار».

ورأى نتنياهو أن إسرائيل ستنتصر حتى من دون دعمهم «لكن عارهم سيستمر لوقت طويل بعد الانتصار في الحرب». مضيفاً: «هل تفرض إيران حظر أسلحة على (حزب الله)، وعلى الحوثيين، وعلى (حماس)، وعلى وكلائها الآخرين؟ طبعاً لا».

وخلص إلى القول إن «محور الإرهاب هذا يقف صفاً واحداً، لكن الدول التي يفترض أنها تعارضه تدعو إلى الكف عن تزويد إسرائيل بالسلاح. يا له من عار».

وطالب نتنياهو «جميع الدول المتحضرة بأن تقف بصلابة إلى جانب إسرائيل».

الإليزيه يتدخل

ولأن أزمة حادة لاحت في الأفق، فقد سارع قصر الإليزيه إلى «توضيح»، جاء فيه أن فرنسا «صديقة لإسرائيل لا تتزعزع». وأبدى القصر الرئاسي أسفه لما صدر عن نتنياهو، معتبراً أنه «مُغال» في رد فعله.

لم يتوقف رد الفعل على نتنياهو وحده، بل انضم إليه المجلس التنفيذي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، المعروف بدعمه المطلق لإسرائيل.

وأعرب المجلس عن «أسفه العميق» لتصريحات الرئيس الفرنسي، معتبراً أن «الدعوة لحرمان إسرائيل من السلاح لا تدفع باتجاه السلام، لكنها تخدم (حزب الله) و(حماس)».

وزاد البيان أن دعوة كهذه تأتي قبل 7 أكتوبر مباشرة «تدمي كل الذين يتمسكون بمحاربة الإرهاب، وتشجع حزب فرنسا الأبية (اليساري الفرنسي المتشدد) في تطرفه، وفي استراتيجيته الدافعة إلى تعميم الفوضى في النقاش العام».

كذلك صدرت تصريحات مماثلة عن شخصيات يهودية وغير يهودية داعمة لإسرائيل.

مسيرة مناهضة لمعاداة السامية في باريس نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

الانتقادات غير مقبولة

وليست هذه المرة الأولى التي تتوتر فيها علاقات ماكرون بنتنياهو. ومهما فعل الأول للإعراب عن تمسكه بأمن إسرائيل والدفاع عنها، كما فعلت القوات الفرنسية مؤخراً بطلب من رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عندما ساهمت في إسقاط الصواريخ الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل؛ فإن كل ذلك لا يبدو كافياً بنظر نتنياهو.

فالأخير لا يجيز أي انتقاد له وسبق أن ندد، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بقرار رئيس الوزراء البريطاني كير ستامر حظر تصدير أنواع معينة من الأسلحة إلى تل أبيب.

كذلك فعل نتنياهو مع جوستان ترودو رئيس الوزراء الكندي، ومع الرئيس الأميركي بايدن، عندما أمر بتأخير تسليم إسرائيل نوعاً من القنابل؛ مخافة استخدامها في غزة.

وكانت النتيجة أن هذه القنابل الثقيلة «بوزن 2000 رطل» أعيد تسليمها، كما أغدقت واشنطن على إسرائيل بمساعدة عسكرية من 20 مليار دولار، وسلمتها مؤخراً مساعدة من 8 مليارات دولار.

من هنا، فإن فرنسا إن حظرت أسلحتها أو لم تحظرها، فإن تأثيرها يبقى محدوداً، إن عسكرياً أو لجهة الضغوط التي يمكن أن تمارسها على إسرائيل، سواء أكان بالنسبة للبنان أو غزة والضفة الغربية.