استقالة مساعدة الملكة إليزابيث بعد تعليقات عنصرية

الليدي سوزان هاسي مساعدة الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (تليغراف)
الليدي سوزان هاسي مساعدة الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (تليغراف)
TT

استقالة مساعدة الملكة إليزابيث بعد تعليقات عنصرية

الليدي سوزان هاسي مساعدة الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (تليغراف)
الليدي سوزان هاسي مساعدة الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (تليغراف)

استقالت مساعدة الملكة البريطانية الراحلة، إليزابيث الثانية، الليدي سوزان هاسي بعد أن ورد أنها سألت نغوزي فولاني، مديرة جمعية خيرية بريطانية، عن المكان المحدد الذي تتحدر منه في أفريقيا.
استقالت المساعدة الأطول خدمة للملكة الراحلة أو«سيدة الانتظار» يوم الأربعاء بعد اتهامها «باستجواب» ضيفة في قصر باكنغهام حول المكان الذي تنتمي إليه «حقاً»، وفقاً لصحيفة «تليغراف».
قيل إن الليدي سوزان هاسي، التي ظلت في منصب فخري لدعم الملك الجديد، قد أدلت «بتعليقات غير مقبولة ومؤسفة للغاية» موجهة لناشطة سوداء البشرة - بريطانية المولد - بعد أن سألتها عن «أي جزء من أفريقيا تتحدر منه».
وقال قصر باكنغهام إنه أخذ الحادث «على محمل الجد»، وإنه حقق في الأمر على الفور. من المفهوم أن الملك تشارلز وزوجته كاميلا «على علم» بالحادث، رغم أن الأمر قد تم التعامل معه من قبل كبار المساعدين.
عملت هوسي، البالغة من العمر 83 عاماً، كـ«سيدة انتظار» للملكة إليزابيث لأكثر من 60 عاماً وهي عرابة لأمير ويلز، ويليام.
وتعد «سيدة الإنتظار» مساعدة شخصية لإحدى عضوات العائلة المالكة، وعادة ما تكون مسؤولة عن مرافقتها في المناسبات العامة ومساعدتها على إنجاز المهام، ولا تتقاضى أجراً في العادة، وخدمت الليدي هاسي الملكة بدافع الولاء.
وكان لدى الملكة إليزابيث خمس سيدات على الأقل لمساعدتها خلال فترة حكمها، بما في ذلك هاسي. اعتبرت السيدات أعضاء غير معروفين في القصر الملكي وتم اختيارهن شخصيًا من قبل الملكة.
وقال متحدث باسم الأمير إنه يعتقد أن «مسار العمل الذي تم اتخاذه صحيح»، حيث يشرع في رحلة تستغرق ثلاثة أيام إلى الولايات المتحدة.
جرت المحادثة في حفل استقبال في قصر باكنغهام استضافته الملكة القرينة كاميلا، وهو أول حدث رئيسي لها في العهد الجديد، للإشادة بعمل أولئك الذين يجابهون العنف المنزلي.
بعد الحادث، قالت نغوزي فولاني، مديرة جمعية «سيستاه سبيس» الخيرية في شرق لندن، أن ممثلة القصر والتي سمتها على وسائل التواصل الاجتماعي باسم «ليدي إس إتش» قد اقتربت منها في غضون عشر دقائق من وصولها، وأزاحت شعرها لرؤية شارة اسمها، قبل طرح أسئلة مستمرة حول أصلوها.
قالت إنها «صُدمت»، ووجدت أنه «من الصعب البقاء في مكان تعرضت فيه لانتهاك».
وأوضحت: «أعتقد أنه من الضروري الاعتراف بوقوع صدمة وأن تلقي الدعوة ثم الإهانة تسببت في أضرار جسيمة».
https://twitter.com/Sistah_Space/status/1597854380115767296?s=20&t=P4SLDf-Fac-JTfxDsJhwyA
كانت الليدي هوسي واحدة من ثلاث سيدات مخلصات للملكة الراحلة اللائي كن يقمن بأدوار فخرية غير مدفوعة الأجر لمساعدة الملك الجديد. وكانت تعمل في حفل الاستقبال للترحيب بالضيوف وتمثيل الأسرة المالكة.
https://twitter.com/Sistah_Space/status/1597923504783253505?s=20&t=P4SLDf-Fac-JTfxDsJhwyA
«غير مقبولة ومؤسفة للغاية»
بعد ساعات من نشر رواية فولاني عبر «تويتر»، قال متحدث باسم قصر باكنغهام: «نحن نأخذ هذه الحادثة على محمل الجد، وقد حققنا على الفور لتحديد التفاصيل الكاملة. في هذه الحالة، تم الإدلاء بتعليقات غير مقبولة ومؤسفة للغاية. لقد تواصلنا مع نغوزي فولاني في هذا الشأن، وندعوها لمناقشة جميع عناصر تجربتها شخصياً إذا رغبت في ذلك».
وأضاف: «في غضون ذلك، تود المرأة المعنية أن تعرب عن عميق اعتذارها عن الأذى الذي تسببت فيه وتنحيت عن دورها الفخري بأثر فوري. يتم تذكير جميع أفراد الأسرة بسياسات التنوع والشمول التي يتعين عليهم الالتزام بها في جميع الأوقات».
 


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

رايان رينولدز يقتبس فيلماً لكلينت إيستوود

رايان رينولدز (أ.ب)
رايان رينولدز (أ.ب)
TT

رايان رينولدز يقتبس فيلماً لكلينت إيستوود

رايان رينولدز (أ.ب)
رايان رينولدز (أ.ب)

يعمل الممثل والمنتج رايان رينولدز حالياً على إنتاج فيلم جديد مقتبس من فيلم قديم.

لا ضرر في ذلك فالإعادات والاستعادات السينمائية (بين تسميات أخرى) أمر دائم الحدوث في هوليوود، لكن اللافت هو الاختيار بحد ذاته.

الفيلم هو «ثندربولت ولايتفوت» (Thunderbolt and Lightfoot) الذي كان أول أفلام المخرج الراحل مايكل شيمينو وذلك في سنة 1974.

كلينت إيستوود في مشهد من «ثندربولت ولايتفوت» (آي إم دي بي).

عرض رينولدز المشروع على أمازون - مترو غولدوين ماير على أن يقوم ببطولة النسخة الجديدة مؤدياً الدور الذي أداه كلينت إيستوود في الفيلم السابق. وهو، كونه منتجاً، اختار فريقه من الفنيين الذين سيعملون له وهم إنزو ميليتي وسكوت ولسون ككاتبي سيناريو وشاين ريد كمخرج. هذا الأخير عمل موَلّفاً (مونتيراً) لبضع سنوات، وولّف أحد أفلام رينولدز الأخيرة «Deadpool ‪& Wolverine» في العام الماضي.

قبل 51 سنة أنتج إيستوود «ثندربولت ولايتفوت» عبر شركته «مالباسو». حشره بين فيلمين ناجحين من بطولته وإنتاجه، هما «ماغنوم فورس» (أحد سلسلة «ديرتي هاري»، 1973) و«عقوبة إيغر» (1975).

كان ذلك تنويعة جيدة بين فيلمين تشويقيين، كل منهما مختلف في نوعه عن الآخر. «ماغنوم فورس» فيلم تشويق بوليسي مباشر لعب إيستوود فيه دور التحري الذي يكشف وجود خلية يمينية في المؤسسة، والآخر «عقوبة إيغر» من فئة التشويق والمغامرات، ويتبع فئة أفلام الانتقام. «ثندربولت ولايفتوت» كان بدوره مختلفاً عنهما، وحمل حكاية رجل عصابة (إيستوود) يلاحقه شريك سادي (جورج كندي) متهماً إياه بالاستحواذ على الغنيمة. يتعرّف ثندربولت على لايتفوت (جيف بردجز) ويخطط معه لعملية جديدة مع الشريك السابق. يتبع هذا سلسلة من الأحداث التي أجاد المخرج شيمينو («صائد الغزلان»، 1978، «بوابة الجنة»، 1980) صياغتها في عمل يحمل أولى بصماته الفنية.

انطلاقة شيمينو

كان شيمينو كتب سيناريو «ماغنوم فورس»، وباعه لإيستود ثم قدّم له سيناريو «ثندربولت...» طالباً منه منحه فرصة إخراجه.

في حديث تم بيني وبين شيمينو عندما اخترته ليكون رئيس لجنة تحكيم إحدى دورات «مهرجان دبي السينمائي»، في مطلع العقد الثاني من القرن الحالي قال لي: «في الأساس لم أتخيل أحداً في دور ثندربولت سوى كلينت إيستوود. كان الأفضل والأنسب وصاحب شعبية واسعة. كل شيء بالنسبة لي كان في مكانه الصحيح باستثناء أنني لم أكن متأكداً من أن إيستوود سيرضى به».

ورداً على سؤال آخر قال: «كانت خبرتي الإخراجية شبه معدومة. سبق لي أن أخرجت فيلمين تسجيليين من النوع الذي كان يُطلق عليه لقب (أفلام صناعية) - تلك التي تقوم بها شركات تصنيع لغايات غير تجارية - لكني كتبت أكثر من سيناريو، وتوسمت أن أحظى بفرصة الانتقال خطوة أخرى صوب الإخراج. إيستوود منحني هذه الفرصة».

نفى شيمينو أن يكون إيستوود قد تدخل في عمله كمخرج، وقال: «ليس في نطاق التدخل. تشاورنا كثيراً في مرحلة كتابة السيناريو لكنه تركني طليق اليد بعد ذلك. احترمتُ علمه وحسن اختياره للممثلين الآخرين، جف بردجز وجورج كندي وغاري بوشي والآخرين».

بعد أربع سنوات تحوّل شيمينو إلى اسم كبير، عندما أخرج ثاني أفلامه وهو «صائد الغزلان» (The Deer Hunter) من بطولة روبرت دنيرو وجون سافدج وكريستوفر وولكن وجون كازال.

سبب التحوّل أن «صائد الغزلان» نافس في العام التالي مجموعة من أهم إنتاجات 1978، مثل: «العودة للوطن» (Coming Home) لهال أشبي و«السماء تستطيع الانتظار» (Heaven Can Wait) لوورن بَيتي في مسابقة الأوسكار.

لم يفز (صائد الغزلان) بأوسكار أفضل فيلم فقط، بل فاز أيضاً، ومن بين أوسكارات أخرى، بجائزة أفضل إخراج. قال شيمينو إن المفاجأة كانت «أكبر من أن أستوعبها. لم أصدّق أذنيَّ حين سمعت فوزي بأوسكار أفضل مخرج، ثم فوجئتُ تماماً عندما أُعلن عن فوز الفيلم. هناك لحظات لا تُنسى في حياة كل منا. أليس كذلك؟ هذه من بينها بالنسبة إليّ».

ايستوود وبردجز في «ثندربولت ولايتفوت» (يونايتد آرتستس).

لم ينل «ثندربولت ولايتفوت» تقديراً نقدياً كبيراً حينها. نقاد الصحف الأميركية الكبرى وجدوه عملاً متوسط القيمة في أحسن الحالات. تجارياً نجح الفيلم بحدود، لكن الذي حدث بعد ذلك، وعبر العقود المتوالية، أثبت أن هذا الفيلم تبلور إلى أحد كلاسيكيات السينما من فترة السبعينات وعن استحقاق. اختيار إيستوود للممثلين كان بالفعل صائباً، حيث وزّع أنواع الشر بين كندي وجفري لويس وبل مكينلي (الأخيران مثلاً ظهرا في أفلام عدّة لإيستوود بعد ذلك). ما لم يثر اهتمام نقاد الأمس أن الفيلم تبع «(موديل) مختلفاً عن أفلام أكشن أخرى، لكن عناصر تميّزه ليست مهمّة»، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» حينها.

لم يتم النظر ملياً إلى حقيقة أن الشخصيات مركّبة بالشكل الذي يسمح به الفيلم البوليسي (المائل لأن يكون في الوقت ذاته وسترن حديث الزمن). المشكلة كانت رغبة المخرج في توسيع إطار الأحداث بصرياً، ما جعله يبدو مثل سهل منبسط في عدد من مراحله. لكن هذا بدوره نتج عن رغبته في صنع ملحمة فنية، حتى في نطاق الحكاية البوليسية.

توقعات

بطبيعة الحال لا أحد يستطيع معرفة عملية إعادة صنع الفيلم. المخرج الموعود شاين ريد هو من رعيل حديث وسيهمّه إثبات جدارته، عبر التماشي مع متطلبات الموجة الحديثة من سرعة إيقاع وتوليف، إضافة إلى سرعة عرض الشخصيات. حضور رايان رينودلز كمنتج وممثل أول سيساعد على بلورة هذا الاتجاه؛ كون رينولدز من الذين عملوا مراراً وتكراراً في نوع السينما السريعة.

أفلام رينولدز السابقة، مثل «فري غاي» و«رد نوتيس» و«رصاصة قطار»، وصولاً إلى سلسلة «Deadpool» بُنيت جميعاً على ترفيه واسع في زمن ضحل نسبياً بالمقارنة مع ما توفره هوليوود من أفلام فنية (ولو ترفيهية).

رينولدز هو الثاني بين ممثلي السينما حالياً في خانة الأجور (حسب مجلة «Forbes») وأقل من ذلك بكثير في خانة المبدعين.


المخرج العالمي ماركو بيلوتشيو: الذكاء الاصطناعي يُمثّل تحدّياً أمام مستقبل السينما

ماركو مُشاركاً في «المؤتمر الدولي للنقد السينمائي» بالرياض (تصوير: تركي العقيلي)
ماركو مُشاركاً في «المؤتمر الدولي للنقد السينمائي» بالرياض (تصوير: تركي العقيلي)
TT

المخرج العالمي ماركو بيلوتشيو: الذكاء الاصطناعي يُمثّل تحدّياً أمام مستقبل السينما

ماركو مُشاركاً في «المؤتمر الدولي للنقد السينمائي» بالرياض (تصوير: تركي العقيلي)
ماركو مُشاركاً في «المؤتمر الدولي للنقد السينمائي» بالرياض (تصوير: تركي العقيلي)

في الوقت الذي بات فيه التطوّر التقني والذكاء الاصطناعي من سمات العصر الحالي في مختلف جوانب الحياة جرّاء استخدامات الإنسان المتعدّدة للتكنولوجيا، شدَّد المخرج السينمائي المخضرم ماركو بيلوتشيو على أنّ ذلك يُمثّل تحدّياً جوهرياً أمام مستقبل السينما.

وأكد الإيطالي بيلوتشيو لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا تفوّق الفيلم المصنوع بالذكاء الاصطناعي على العمل الإنساني، فستكون تلك نهاية كلّ شيء، ونأمل ألا يحدث ذلك»، مشيراً إلى أنّ جوهر السينما يتجاوز حدود الترفيه أو نقل الرسائل المباشرة، بوصفه «يتمثّل في عمق القصة وقدرتها على ملامسة الإنسان وإثراء تجربته».

وتابع أنّ فيلمه الأقرب إلى قلبه هو «ماركس يمكن أن ينتظر»، الذي يحمل كثيراً من ذاته، إذ يُعد عملاً وثائقياً شخصياً يستعيد فيه قصة شقيقه الراحل، في تأمُّل مؤثّر عن العائلة والذاكرة والندم.

يرى أنّ تفوّق الذكاء الاصطناعي على الإبداع البشري قد يُهدّد مستقبل السينما (تصوير: تركي العقيلي)

وشارك بيلوتشيو في جلسة حوارية ضمن «مؤتمر النقد السينمائي الدولي» في نسخته الثالثة، الذي تُنظمه «هيئة الأفلام» التابعة لوزارة الثقافة السعودية، في قصر الثقافة بحيّ السفارات بالعاصمة الرياض، تناول خلالها مسيرته الممتدّة لـ6 عقود ورؤيته للتحوّلات الكبرى في الصناعة خلال تلك المرحلة.

وأوضح بيلوتشيو، الذي يُعد أحد الأسماء البارزة في السينما الأوروبية، أنه اختبر مختلف تغيّرات السينما منذ انطلاق مسيرته عام 1960، مشيراً إلى تضاعُف عدد صانعي الأفلام الشباب في السنوات الأخيرة: «في السابق كانوا قلّة، أما اليوم فأصبحوا بالآلاف، وهذا أمر طبيعي، فمَن يملك الخيال والإبداع والموهبة سيتألّق ويبرز، بينما سيتّجه الآخرون إلى مهن مختلفة».

ويُعرف ماركو بيلوتشيو بأيقونة السينما الأوروبية، الذي تميَّز بمسيرة حافلة حصد خلالها جوائز من مهرجانات «كان»، و«برلين» و«البندقية»، وكُرِّم عن مجمل أعماله التي اتّسمت بجرأتها الفكرية وطَرْحها العميق لقضايا المجتمع، مما جعله ضمن صنّاع السينما المؤثّرين في العالم.

المخرج والناقد السعودي عارف أحمد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

من جهته، شدَّد المخرج والناقد السعودي عارف أحمد على أنّ الذكاء الاصطناعي يُمثّل أداة مساعدة لصنّاع الأفلام وليس بديلاً عنهم، إذ يُسهم في تنفيذ المَشاهد الصعبة والمُكلفة من دون أن يلغي الدور الإبداعي للإنسان.

وأضاف: «النقد السينمائي علم يقوم على تحليل العمل أدبياً وفنّياً وتقنياً، ويسعى إلى تبسيط المفاهيم المُتخصّصة أمام الجمهور»، مشيراً إلى أن «مؤتمر النقد السينمائي» يعمل على تعزيز الحركة الثقافية ودعم حضور النقد ضمن المشهد الفنّي، مُثمّناً الشعار الذي اختاره القائمون على المؤتمر لِما يحمله من دلالة وثيقة بين التحليل الفنّي والهوية المرتبطة بالمكان.

وانطلقت أعمال المؤتمر بمشاركة نخبة من صنّاع السينما والنقّاد من داخل السعودية وخارجها، ويهدف إلى البحث في قضايا النقد وتطوّر الصناعة ودور التقنية في تشكيل مستقبلها، بالإضافة إلى تعزيز لغة الحوار والتبادل المعرفي.


كريمة السعيدي: المقابر في «الساهرون» صورة مصغَّرة عن عالم المهاجرين

حرصت المخرجة على مراعاة خصوصية الزوّار (الشركة المنتجة)
حرصت المخرجة على مراعاة خصوصية الزوّار (الشركة المنتجة)
TT

كريمة السعيدي: المقابر في «الساهرون» صورة مصغَّرة عن عالم المهاجرين

حرصت المخرجة على مراعاة خصوصية الزوّار (الشركة المنتجة)
حرصت المخرجة على مراعاة خصوصية الزوّار (الشركة المنتجة)

قالت المخرجة المغربية البلجيكية كريمة السعيدي إنّ فكرة فيلمها الوثائقي «الساهرون» انطلقت من تجربة شخصية بعد وفاة والدتها، إذ اكتشفت حينها المقبرة المتعدّدة الأديان التي دُفنت فيها الراحلة في بلجيكا، فكانت تلك اللحظة نقطة تحوّل في وعيها السينمائي، إذ رأت في المكان صورة مصغَّرة للعالم الحديث الذي يعيش فيه المهاجرون، حيث تتجاور الرموز الدينية وتتقاطع الطقوس في صمت وسلام.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها أرادت أن تجعل من الكاميرا أداةً للتأمُّل في معنى الانتماء والهوية، وكيف يمكن للمكان أن يصبح بيتاً أخيراً يجمع المختلفين في الحياة والموت، مؤكدةً أنّ «العمل في مقبرة مثل هذه لم يكن سهلاً على المستوى العاطفي، لأنني كنتُ أزور قبر والدتي يومياً خلال التصوير، مما جعل التجربة تمزج المشاعر الشخصية بالتأمُّل الفنّي».

ويتناول فيلم «الساهرون»، الذي عُرض للمرّة الأولى عالمياً ضمن مسابقة «الأفلام الوثائقية الطويلة» بمهرجان «الجونة السينمائي» في دورته الثامنة، حكاية المخرجة التي تُبقي كاميرتها داخل مقبرة المهاجرين في بروكسل لتوثيق ما يجري فيها من تواصل روحاني بين زوّار القبور ومَن يُدفن فيها من موتاهم، مُحيلةً الفيلم إلى تأمّل بصري وإنساني عميق في فكرة الموت بوصفه جزءاً من دورة الحياة الأزلية.

كريمة السعيدي قالت إنّ المقبرة في الفيلم تتحوّل إلى مرآة لهويات متداخلة (الشركة المنتجة)

وتُسجّل الكاميرا مشهد المقبرة التي اختارها مهاجرون من ديانات وأعراق مختلفة مكاناً جامعاً لهم في رحلتهم إلى العالم الأبدي، وتلتقط تفاصيل زيارات أهلهم وأقاربهم لقبورهم بما يعكس تشابُك حياتهم مع الراحلين رغم الغياب. وتُوثّق المخرجة أحاديث الزوّار مع موتاهم وبوحهم عن مشاعرهم وحنينهم، وتكرار مَشاهد تنظيف القبور والعناية بها، لتؤكد أنّ التواصل بين الأحياء والأموات لا ينقطع.

وأكدت أن علاقتها بالمكان لم تتغيَّر خلال الفيلم وبعد انتهائه، بل ازدادت عمقاً: «كنتُ كلّ صباح أمرُّ على قبر والدتي لإلقاء التحية قبل أن أبدأ التصوير، ثم أعود مساءً لأُخبرها كيف مرَّ اليوم، كأنها تشاركني تفاصيل العمل خطوة بخطوة».

وأوضحت أن «هذه العلاقة الحيّة مع المكان منحت الفيلم صدقه الإنساني، لأنّ الكاميرا لم تكن مجرّد عين راصدة، بل شاهدة على حوار مستمرّ بين الذاكرة والواقع»، لافتةً إلى أنّ المقبرة التي صُوّر فيها العمل تضمّ أقساماً لجنسيات وديانات مختلفة، من مسلمين سنَّة وشيعة، إلى مسيحيين كاثوليك وأرثوذكس، وصولاً إلى اليهود، مما يجعلها نموذجاً مصغَّراً للتنوُّع البشري في بروكسل.

وأضافت أنّ «هذا التنوُّع انعكس على شكل الفيلم وبنيته، إذ أردتُ أن يكون كلّ مشهد مساحةً للحوار بين الثقافات، لا مجرّد توثيق لطقوس الدفن والزيارة»، لافتةً إلى أنّ الزائرين الذين يظهرون في الفيلم لم يكونوا ممثلين، بل أشخاص حقيقيون جاءوا لزيارة أحبائهم، وأكدت أنها حاولت احترام خصوصيتهم في كلّ لقطة.

وقالت كريمة السعيدي: «عملية التصوير امتدّت على مدى طويل بسبب طبيعة المشروع، إذ احتجتُ إلى بناء علاقات إنسانية حقيقية مع العاملين في المقبرة والزوار، قبل أن أبدأ التصوير الفعلي»، مؤكدةً ترحيبهم بها لأنها كانت تزور المكان في الأصل لزيارة والدتها، فوثقوا بها وعدّوا الفيلم جزءاً من حكايتهم الجماعية.

وأشارت إلى أنّ هذه الثقة جعلت التصوير يسير بسلاسة، رغم أنّ المَشاهد المُلتقطة تجاوزت مئات الساعات، مما جعل عملية المونتاج لاحقاً بالغة الصعوبة، لأنها اضطرت إلى التضحية بكثير من القصص الجميلة التي لم يسعها الفيلم النهائي.

بَنَت المخرجة علاقات مع الزائرين والعاملين في المقابر (الشركة المنتجة)

وبيَّنت المخرجة المغربية أنّ المونتاج كان من أصعب المراحل، لأنها كانت تسعى إلى «بناء فيلم يحمل إيقاعاً روحانياً متدرّجاً، يُوازن بين الشاعرية والواقعية، من دون أن يفقد المُشاهد الإحساس بوحدة الفكرة»، موضحة أنّ كلّ قرار في المونتاج كان يطرح سؤالاً حول معنى البقاء والفقد، وأنها فضَّلت البساطة على المبالغة في التفسير، تاركةً للمُشاهد حرّية التأمُّل في ما يراه ويسمعه.

وأضافت أنّ الفيلم في جوهره رحلة نحو التصالُح مع فكرة الموت، وإدراك أنّ الوداع ليس نهاية، بل استمرار لعلاقة أخرى أكثر هدوءاً وصدقاً، وهي الفكرة الأساسية التي دفعتها إلى حذف شخصيات رغم أهميتها لكنها لم تكن في سياق رسالة العمل، مع تصويرها لأكثر من 100 ساعة على مدار مدّة طويلة.

وعن الإنتاج، أوضحت السعيدي أنّ الفيلم مُوِّل من جهات حكومية بلجيكية وفرنسية، إلى جانب دعم من مؤسّسة «الدوحة للأفلام» ومهرجان «الجونة»، لافتة إلى أنّ عملية التصوير تطلَّبت وقتاً وجهداً كبيرَيْن بسبب الطابع التأمُّلي للعمل، مشيرةً إلى أنّ التمويل الحكومي في بلجيكا أسهم في إتاحة الفرصة لصناعة فيلم يتناول موضوعاً إنسانياً بعمق بعيداً عن الحسابات التجارية.

عُرض الفيلم للمرّة الأولى عالمياً في مهرجان «الجونة» (الشركة المنتجة)

وعن الجانب الشخصي من التجربة، قالت: «قرار والدتي أن تُدفن في بلجيكا كان له أثر بالغ في تكوين رؤيتي، لأنني رأيتُ فيه تعبيراً عن جيل من المهاجرين قرَّر أن يجعل من البلد المضيف موطناً أبدياً له ولأبنائه»، مشيرة إلى أنّ هذا القرار، الذي بدا غريباً للبعض، منحها فهماً جديداً لفكرة الوطن، إذ «لم يعد مقصوراً على مكان الميلاد، بل امتدَّ ليشمل المكان الذي عاش فيه الإنسان وترك فيه أثره»، وفق قولها.

وأوضحت أنّ كثيراً من العائلات المُهاجرة تتّخذ القرار نفسه اليوم، ليس تخلّياً عن الجذور، بل حفاظاً على التواصل مع الأبناء الذين يعيشون في أوروبا ولا يستطيعون العودة باستمرار إلى بلدانهم الأصلية، مؤكدةً أنّ «الفيلم يثير هذا السؤال المؤلم حول معنى العودة والانتماء، وكيف يختار المهاجر مكان دفنه كما يختار مكان حياته».

وختمت: «المقبرة في الفيلم تتحوَّل إلى مرآة لهويات متداخلة، لا تعرف حدوداً بين الشرق والغرب، بين الإسلام والمسيحية واليهودية، لأنّ الجميع في النهاية يلتقون في مصير واحد».