السلطات المصرية ترسل إشارات إيجابية بشأن أزمة «حبس الصحافيين» في قانون «الإرهاب»

مقرر حريات نقابة الصحافيين لـ «الشرق الأوسط»: من الخطأ حصر القضية في مادة واحدة

السلطات المصرية ترسل إشارات إيجابية بشأن أزمة «حبس الصحافيين» في قانون «الإرهاب»
TT

السلطات المصرية ترسل إشارات إيجابية بشأن أزمة «حبس الصحافيين» في قانون «الإرهاب»

السلطات المصرية ترسل إشارات إيجابية بشأن أزمة «حبس الصحافيين» في قانون «الإرهاب»

أرسلت الحكومة المصرية إشارات إيجابية بشأن تفهمها لمخاوف الصحافيين من مادة تتيح حبس الصحافيين في مشروع قانون مكافحة الإرهاب، وهي المادة التي عدتها الجماعة الصحافية في البلاد تهديدا خطيرا لحرية الصحافة.
وبينما لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت السلطات الراغبة في سرعة إصدار القانون ستتمسك بالمادة المثيرة للجدل أم لا، قال خالد البلشي، مقرر لجنة الحريات في نقابة الصحافيين، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «حصر الأزمة في مادة الحبس فقط خطأ كبير»، مؤكدا عزم النقابة التصدي للمشروع في صيغته الحالية.
وتتيح المادة المثيرة للجدل حبس الصحافيين مدة لا تقل عن عامين، إذا ثبت «تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية». وقالت مصادر حكومية ومسؤولون في نقابة الصحافيين إن هناك اتصالات جارية في مسعى لمعالجة أزمة المادة 33 من مشروع قانون مكافحة الإرهاب.
وأشار صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، إلى «وجود إشارات إيجابية من جانب الحكومة، ورئيس الوزراء (إبراهيم محلب) تعهد بوضع ملاحظات الصحافيين في الاعتبار». وقال عيسى، لـ«الشرق الأوسط»: «الآن بات واضحا أن الأزمة تتعلق بالمادة 33، وأعتقد أن هناك اتجاها لدى الحكومة للوصول إلى حل وسط من أجل تمرير القانون.. نحن كجماعة صحافية لسنا ضد قانون مكافحة الإرهاب، فنحن على رأس الجهات المستهدفة، ولم تكن لدينا تحفظات على القانون قبل إقحام هذه المادة، واعتقد أن مجلس النقابة لم تكن لديه تحفظات أيضا».
وقالت مصادر مطلعة إن المادة المثيرة للجدل أضيفت إلى مشروع قانون مكافحة الإرهاب في أعقاب التغطية الصحافية لأعنف هجوم يشنه تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي في سيناء على كمائن للجيش الأسبوع الماضي.
وقال وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي، مقرر لجنة الإصلاح التشريعي، إن المادة 33 لم تكن من اقتراح اللجنة أو وزارة العدالة الانتقالية، الأمر الذي عده عضو مجلس نقابة الصحافيين خالد البلشي إشارة إيجابية بشأن إمكانية التراجع عن المادة. وقال البلشي، لـ«الشرق الأوسط»: «هذه مادة تم إقحامها على مشروع القانون، وهي تمثل تهديدا خطيرا لمهنة الصحافة نفسها، لكن من الخطأ حصر الأزمة في هذه المادة فقط، هناك أربع مواد أخرى من غير الممكن القبول بصياغتها الحالية.. نحن مع قانون مكافحة الإرهاب، لكننا مع قضايا الحريات أيضا».
وتواجه السلطات المصرية موجة من العلميات الإرهابية منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين قبل عامين، مما دفعها لإصدار عدد من القوانين عدها مراقبون وسياسيون مقيدة للحريات. ومن المرجح أن يصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قانون مكافحة الإرهاب قريبا، بعد أن تعهد بتشديد القوانين وتحقيق عدالة ناجزة خلال تشييعه جثمان النائب العام المستشار هشام بركات نهاية الشهر الماضي.
وتعترض نقابة الصحافيين أيضا على المادتين 26 و27 من مشروع قانون مكافحة الإرهاب. وتتعلق المادتان بالترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أي جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة، وكذلك الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة. وقال البلشي إن «نشر الصحافي لبيانات التنظيمات الإرهابية قد يضعه تحت طائلة القانون في هذه الحالة، رغم أن إتاحة مثل تلك البيانات قد تنطلق من أرضية كشف حقيقة تلك المجموعات للرأي العام».
كما يحذر البلشي أيضا من نص المادة 29 التي تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين، كل من جمع دون مقتضى معلومات عن أحد القائمين على تنفيذ أو تطبيق أحكام هذا القانون، وذلك بغرض استخدامها في تهديده أو في الإعداد لإلحاق الأذى به أو بمصالحه أو مصالح جهة عمله، أو التعدي عليه أو على أي من أصوله أو فروعه بأي صورة من صور الإيذاء».
لكن أعضاء في المجلس الأعلى للصحافة قالوا لـ«الشرق الأوسط» أمس إن بعض التحفظات على مواد القانون جاءت نتيجة قراءة متسرعة للنصوص، لافتين إلى أن هناك بعض تلك المواد تحتاج ضبطا في الصياغة القانونية فقط. وبينما لا يزال مشروع القانون في أروقة مجلس الدولة لمراجعته وضبط صياغاته القانونية، يستعد مجلس نقابة الصحافيين لعقد اجتماع مشترك مع رؤساء التحرير والكتاب يوم الخميس المقبل.
وقال جمال عبد الرحيم، سكرتير عام نقابة الصحافيين، إن مجلس النقابة سوف يوجه دعوة أيضا لاجتماع مشترك مع أعضاء مجالس الإدارة والجمعيات العمومية في المؤسسات الصحافية أوائل الأسبوع المقبل، لمناقشة سبل التصدي للمواد التي تقيد حرية الصحافة في مشروع قانون مكافحة الإرهاب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.