الحوثيون يوسعون أعمالهم القمعية ضد اليمنيات

تزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة

يمنيات في محافظة الحديدة جندهن الانقلابيون (إعلام حوثي)
يمنيات في محافظة الحديدة جندهن الانقلابيون (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يوسعون أعمالهم القمعية ضد اليمنيات

يمنيات في محافظة الحديدة جندهن الانقلابيون (إعلام حوثي)
يمنيات في محافظة الحديدة جندهن الانقلابيون (إعلام حوثي)

وسَّعت الميليشيات الحوثية في اليمن، حديثاً، استهدافاتها القمعية ضد النساء اليمنيات في صنعاء، وبقية المناطق تحت سيطرتها، بالتزامن مع اتهامات عدة وجّهتها تقارير محلية وأخرى دولية للجماعة بمواصلة حملات التصعيد ضد النساء، من خلال ارتكاب سلسلة لا حصر لها من الاعتداءات ضدهن؛ وُصف كثير منها بـ«الاعتداءات الوحشية» طوال الأشهر الماضية.
وفي هذا السياق، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» في تقرير حديث عن اختطاف الجماعة أكثر من 380 امرأة يمنية، من ضمن 16804 مدنيين، خلال الفترة من 14 سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى 30 أغسطس (آب) 2022.
وقالت الشبكة الحقوقية إن أكثر من 4201 مختطف مدني بينهم نساء، ما زالوا يقبعون في سجون الجماعة حتى اللحظة، وهم ممن تم التأكد من معلوماتهم. حسب تقرير الشبكة.
وأفاد التقرير بوجود 85 امرأة يمنية من أصل 1317 يمنياً مخفياً قسراً لدى الانقلابيين، مبيناً أن 4012 معتقلاً ومختطفاً ومخفياً قسراً، بينهم نساء وفتيات، يتعرضون للتعذيب، واتخذتهم الجماعة دروعاً بشرية، صُفي منهم 147 مختطفاً داخل السجن، وتوفي 282 بسبب الإهمال المتعمد.
وذكر أن غالبية الاختطافات تمت من الخطوط العامة ووسائل المواصلات، ومن المنازل والأسواق العامة، ومن مقرات العمل، مبيناً أن المختطفين يتم نقلهم من موقع الاختطاف معصوبي الأعين، حتى لا يستطيعوا معرفة أو تحديد مواقع اعتقالهم. على الصعيد ذاته، كشف المركز الأميركي للعدالة (ACJ) وهو منظمة حقوقية يمنية، عن تعرض مختطفات في اليمن للاغتصاب والإكراه على ممارسة الدعارة داخل السجون، خدمة لأجندة سياسية.
ولفت المركز في بيان له، بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يصادف 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، إلى العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على قيادات حوثية جراء تلك الجرائم.
وأعلن عن تضامنه مع ضحايا العنف الموجه والقائم على النوع ودعمه لهن؛ داعياً المجتمع الدولي وحكومات العالم إلى اتخاذ إجراءات حقيقية حازمة وجادة لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات بمختلف أشكاله، والعمل على وقف الحروب والنزاعات التي تضاعف هذه الانتهاكات. وبينما تجاهلت الجماعة -كعادتها- المناسبة العالمية، في المناطق التي تسيطر عليها، اتهمها حقوقيون في صنعاء بالاستمرار في احتجاز ناشطات يمنيات عارضن آراءها سياسياً أو مهنياً، ومواصلتها تعذيبهن وتشويههن واستخدام مزاعم الدعارة وغيرها، بغية نزع الدعم والمساندة المجتمعية لهن.
وكشف الحقوقيون عن تعرض الفنانة اليمنية انتصار الحمادي، المعتقلة في مركزي صنعاء قبل أيام، للتعنيف والضرب وكسر أنفها، على يد القيادية فيما تسمى كتائب «الزينبيات» كريمة المروني التي تكنى «أم الكرار».
وتحدث الناشطون عن ضغوط كبيرة لا تزال تمارسها الميليشيات ضد أقارب الحمادي، مع تهديدهم بعدم الحديث فيما يخص قضيتها أو إثارة الرأي العام، الأمر الذي أجبرهم على تحاشي ذلك لتخفيف حدّة التعذيب الذي تتعرض له ابنتهم في أقبية الميليشيات.
وكانت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» قد كشفت في تقرير لها عن ارتكاب كتائب «الزينبيات» (الجناح العسكري النسائي الحوثي) أكثر من 1444 واقعة انتهاك وتعسف، خلال 5 سنوات منصرمة.
وقالت إن تلك الانتهاكات مورست بحق اليمنيات واليمنيين، خلال الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 2017 وحتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022.
وشمل بعض تلك الانتهاكات عمليات اعتقال واحتجاز تعسفي للنساء، والنهب، والاعتداء الجنسي، والضرب والتعذيب، وعمليات الاغتصاب بحقهن في مراكز الاحتجاز السرية.
كما شملت أيضاً جرائم ملاحقة حوثية لناشطات يمنيات، والاعتداء على المعتصمات في بعض المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة، وتوزيع «زينبيات» على نقاط التفتيش بمداخل ومخارج مدن عدة تحت سيطرتها، بالإضافة إلى التجنيد الإجباري لبعض فتيات المدارس والجامعات.
وأظهر التقرير أن كتائب «الزينبيات» تورطت في مقتل 9 نساء، منهن 6 حالات قتل نتيجة الضرب المبرح بهراوات وكابلات نحاسية، و3 حالات نتيجة طلق ناري مباشر. كما تسببت أيضاً في إصابة 42 امرأة بجروح متفرقة.
ووثقت الشبكة في الفترة ذاتها، 172 حالة انتهاك بحق الأعيان المدنية، قامت بها كتائب الميليشيا النسائية، وذلك بواقع 31 مداهمة للمرافق الخدمية، والصحية، و76 حالة مداهمة وتفتيش لمرافق تعليمية عدة (المدارس، والجامعات)، و65 حالة مداهمة لدور العبادة ومراكز تحفيظ القرآن.
كما قامت الجماعة باختطاف نحو 571 امرأة، بينما لا يزال في سجونها التي يشرف عليها «الزينبيات»، 231 معتقلة، ممن تم التأكد من معلوماتهن وصحة بياناتهن؛ وفق تقرير الشبكة.
وأشار التقرير إلى إخضاع «زينبيات الجماعة» نحو 62 مختطفة ومخفية قسراً إلى التعذيب النفسي والجسدي داخل السجون، لافتاً إلى تجنيد الجماعة أكثر من 4 آلاف عنصر من «الزينبيات»، تم تلقينهن طائفياً وتدريبهن على الأعمال القتالية في صنعاء، والبعض الآخر في لبنان وطهران، على يد خبراء من «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني.
وقال التقرير إن الجماعة أوكلت مهام عدة إلى «الزينبيات»، أبرزها التحريض والتلقين والشحن الطائفي، عبر إلقاء محاضرات عديدة ودروس ودورات، لجموع النساء والفتيات بكل مديرية وحي وحارة، في المحافظات التي تسيطر عليها.


مقالات ذات صلة

غارة أميركية تنهي حياة أحد أهم قيادات «القاعدة» في اليمن

العالم العربي عناصر من «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» باليمن (إعلام محلي)

غارة أميركية تنهي حياة أحد أهم قيادات «القاعدة» في اليمن

قُتل القيادي البارز في تنظيم «القاعدة» أبو محمد الصنعاني إثر استهدافه بغارة أميركية في موقع للتنظيم بوادي عبيدة في مأرب بالتزامن مع محاكمة عدد من عناصر التنظيم

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي اجتماع قيادات حوثية في وقت سابق لإقرار خطة التعبئة والتجنيد (إعلام حوثي)

«أسبوع الشهيد» الحوثي... غطاء الجماعة لحملة تجنيد واسعة

أطلقت الجماعة الحوثية حملة تجنيد واسعة في ريف صنعاء مستغلة ما تسميه «أسبوع الشهيد»، ولجأت إلى الضغط والابتزاز المالي لإجبار القبائل على تجنيد المزيد من أبنائها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

تحركات حوثية لمصادرة أراضي السكان في ريف صنعاء

أطلق الحوثيون حملةً جديدةً لمصادرة نحو مليونين و660 ألف متر مربع من أراضي السكان في مديرية همدان شمال غربي صنعاء، بحجة تبعيتها لهم، وسط غضب مجتمعي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
خاص الأمم المتحدة أجلت موظفيها الأجانب من صنعاء وتركت الموظفين المحليين (إعلام محلي)

خاص معاناة الموظفين الأمميين تتفاقم في سجون الحوثيين

يواجه عشرات من موظفي الأمم المتحدة اليمنيين مصيراً مجهولاً داخل سجون جماعة الحوثي المصنفة إرهابياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي أطفال يمنيون في سن الدراسة يقفون أمام مبنى متهالك اتُّخذ مدرسة مؤقتة في محافظة تعز (أ.ف.ب)

دعوات يمنية إلى إنصاف الأطفال الضحايا ضمن مسار العدالة الانتقالية

دعت دراسة حقوقية يمنية إلى تبني العدالة الانتقالية في إنصاف الأطفال الذين كُشف عن استمرار الانتهاكات بحقهم، ودعا قانونيون واجتماعيون إلى الإسراع بإعادة تأهليهم.

وضاح الجليل (عدن)

هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
TT

هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)

تتعدد مطالب الوسطاء بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار» في قطاع غزة، في ظل تعقيدات ما زالت تواجهها «المرحلة الأولى» بشأن تسليم جثث الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، وعدم التوافق على تفاصيل المرحلة التالية، وسط مخاوف من تكرار ما حدث في اتفاق يناير (كانون الثاني) الماضي الذي نقضته إسرائيل.

وتضمن «اتفاق وقف إطلاق النار» في يناير الماضي، ثلاث مراحل، بدأت المرحلة الأولى عند التوصل إليه وانتهت في الأول من مارس (آذار) الماضي، لكن «حماس» وإسرائيل لم تتوصلا إلى اتفاق بشأن كيفية الانتقال إلى المرحلة الثانية.

في ذلك الحين، أرادت «حماس» الدخول في المرحلة الثانية، والتي كانت ستشهد انسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء الذين تحتجزهم الحركة، وبدلاً من ذلك، ضغطت إسرائيل من أجل تمديد المرحلة الأولى، من دون الالتزام بإنهاء الحرب أو سحب القوات، وعادت لاستئناف الحرب في 18 مارس.

وجددت مصر «مطالبتها الأطراف المعنية بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في قطاع غزة»، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مساء الجمعة، من الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس.

وشملت المرحلة الأولى من «اتفاق أكتوبر» وقف العمليات العسكرية وانسحاباً جزئياً للجيش الإسرائيلي وصفقة تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع، وحتى الآن سلمت الفصائل الفلسطينية بغزة 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 25 آخرين من أصل 28، فيما لم يتم فتح معبر رفح بعد، وبين الحين والآخر تقوم إسرائيل بشن ضربات على القطاع.

وقال مصدر لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن رئيس الأركان إيال زامير «أوصى بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق مع حركة (حماس) قبل استعادة جميع جثث الأسرى الإسرائيليين في غزة، وعدم السماح بأي عملية لإعادة إعمار القطاع قبل تنفيذ عملية نزع السلاح كلياً».

تواجه المرحلة الثانية من «اتفاق غزة» عقبات سياسية، حيث ترفض إسرائيل أي إدارة فلسطينية للقطاع، وتعرقل تشكيل لجنة تكنوقراط، بينما تدفع واشنطن نحو قوة دولية، في حين لا يزال مصير إعادة إعمار غزة غير واضح، بحسب مراقبين.

امرأة وطفل يجلسان وسط أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية بجانب امرأة أخرى تراقب عملية الإنقاذ بغزة (أ.ف.ب)

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، أكرم عطا الله، أن «تقسيم الاتفاقيات مع إسرائيل على مراحل يسمح لها بنقضها، وهو ما حدث في (اتفاق يناير)، وسبق أن حدث من قبل في (اتفاق أوسلو)، وهي تتلاعب بالفلسطينيين عبر استخدام القوة العسكرية وفرض الأمر الواقع، لذا فالانتقال لأي مرحلة تالية يبدو وكأنه (عُقدة)».

وتم توقيع «اتفاقية أوسلو» والمعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، في سبتمبر (أيلول) من عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتتكون الاتفاقية من 17 بنداً بدءاً من إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية وانتهاء بتسوية المنازعات والتعاون الإسرائيلي - الفلسطيني فيما يتعلق بالبرامج الإقليمية، وفق التفاصيل المنشورة في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وقال عطا الله لـ«الشرق الأوسط» إن «دفع إسرائيل لتنفيذ باقي مراحل (اتفاق أكتوبر) يكون عبر تحرك الوسطاء والدول العربية والإسلامية نحو الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للالتزام بباقي بنود الاتفاق، وحتى الآن يمكن القول بأن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على تنفيذه». لكنه تحدث أيضاً عن عقبات تواجه الاتفاق الحالي في مقدمتها «النوايا الإسرائيلية، واتجاه الأنظار نحو تفاصيل (القوة الدولية)، وإدخال تعديلات على مهامها، والسماح لإسرائيل بالحركة الأمنية داخل القطاع، وهو ما أغضب الدول الراعية للاتفاق».

ووفقاً لموقع «أكسيوس» الأميركي، مساء الاثنين الماضي، فقد وزّعت واشنطن مسودة مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن الدولي، تقترح فيه إنشاء قوة أمنية دولية تعمل لمدة لا تقل عن عامين قابلة للتمديد حتى نهاية عام 2027.

وترى واشنطن أن تشكيل هذه «القوة الدولية» يمثل المفتاح الأساسي للمرور إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وتشمل هذه المرحلة من الاتفاق موضوعات الحكم والسلاح وقوات الاستقرار الدولية وإعادة الإعمار.

مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ المصرية (الرئاسة المصرية)

وقبل أيام، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية أن بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، يجريان مفاوضات مع الإدارة الأميركية للحصول على ورقة تفاهمات تمنح إسرائيل حرية العمل في غزة، هدفها وضع حدود لحرية التحرك الإسرائيلي وترسيخ ضمانات أميركية بشأن ما سيحدث في حال فشلت القوة الدولية في نزع سلاح «حماس».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء حمدي بخيت، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتقال إلى مراحل متقدمة لاتفاقيات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تحولت إلى (عُقدة)، وهو سلوك اعتادت عليه الحكومات الإسرائيلية حينما تُصر على تقسيم الاتفاقيات إلى مراحل»، لافتاً إلى أن «دفع الاتفاق الحالي يقع على مسؤولية الوسطاء، كما أن الولايات المتحدة يجب أن تكون حريصة على تنفيذه باعتبارها ضامنة للاتفاق».

وأضاف «تواجه حركة (حماس) موقفاً صعباً الآن؛ لأنها سلمت جميع الرهائن الأحياء لديها وقاربت على تسليم جميع الرفات، والآن يتم التركيز على ورقة تسليم السلاح، وهي من الممكن استخدامها للانتقال إلى المرحلة الثانية وضمان التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق».

وشهدت إسطنبول التركية اجتماعاً وزارياً موسّعاً، قبل أيام بمشاركة وزراء خارجية تركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار، ومتابعة تنفيذ «مبادرة ترمب» وما تلاها من «إعلان شرم الشيخ»، إضافة إلى نتائج اجتماع التحالف العالمي لتنفيذ «حل الدولتين» الذي عُقد في الرياض أخيراً.


اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
TT

اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)

اتهمت منظمة حقوقية يمنية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بتنفيذ واحدة من أكبر حملات القمع الجماعي ضد المدنيين في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بعد أن اختطفت 76 مواطناً وأخفتهم قسراً منذ أكثر من عشرة أيام، دون السماح لأسرهم بمعرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم.

وقالت منظمة «مساواة لحقوق الإنسان» في بيان إن الجماعة شنت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حملة مداهمات واعتقالات واسعة ومتزامنة في عدد من مديريات المحافظة، طالت أكاديميين وتربويين وشخصيات سياسية واجتماعية، في تصعيد وصفته بأنه «الأوسع منذ انقلاب الجماعة على الدولة».

وأوضحت أن مصير المختطفين لا يزال مجهولاً حتى اليوم، وبينهم مرضى وكبار في السن، وسط غياب أي معلومات رسمية أو إنسانية عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.

وأكدت المنظمة الحقوقية في بيانها أن استمرار الجماعة في إخفاء هؤلاء المختطفين يمثل «جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف الأربع والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».

الحوثيون يقمعون السكان في مناطق سيطرتهم خشية تزايد الأصوات المناهضة لانقلابهم (رويترز)

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية»؛ كونها تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين لبث الرعب في المجتمع وإسكات الأصوات الحرة. وحمّلت المنظمة قيادة الميليشيات الحوثية في ذمار المسؤولية القانونية والجنائية الكاملة عن سلامة جميع المختطفين وحياتهم.

ودعت منظمة «مساواة» الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين للكشف عن مصير المختطفين والإفراج عنهم فوراً ومن دون شروط، كما حثّت المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية على توحيد الجهود لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

انتهاكات ممنهجة

أدانت السلطة المحلية في ذمار، والمعيّنة من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، بشدة حملة الاختطافات الواسعة التي نفذتها الجماعة الحوثية بحق العشرات من أبناء المحافظة، مؤكدة أن تلك الاعتقالات طالت أكاديميين وسياسيين ووجهاء وشخصيات اجتماعية؛ فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير أو احتفوا بالمناسبات الوطنية، وعلى رأسها ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الجماعة في 1962.

وقالت السلطة المحلية، في بيان، إنها تتابع بقلق بالغ ما تشهده المحافظة من مداهمات للمنازل واحتجاز تعسفي للمواطنين، معتبرة أن ما تقوم به الجماعة «انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ومبادئ الدستور والقوانين النافذة، واعتداء سافر على الحريات العامة وكرامة المواطنين».

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «لن تسقط بالتقادم»، وأن مرتكبيها سيخضعون للمساءلة القانونية يوماً ما، مؤكداً أن أبناء ذمار «سيظلون متمسكين بمبادئ الثورة والجمهورية، ورافضين لكل أشكال الاستبداد والعنف الذي تمارسه الميليشيات بحقهم لمجرد التعبير عن آرائهم».

عناصر حوثيون خلال تجمع للتعبئة العسكرية في أوساط القبائل (إ.ب.أ)

وطالبت السلطة المحلية الجماعة بسرعة الإفراج عن جميع المختطفين والمعتقلين تعسفاً، ووقف انتهاكاتها فوراً، محمّلة إياها كامل المسؤولية عن تبعات هذه الممارسات التي «تهدد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، وتزرع بذور الفتنة والكراهية بين أبناء المحافظة».

كما دعا البيان المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وكافة القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، إلى إدانة هذه الانتهاكات والضغط من أجل إطلاق سراح جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم التي تعكس، بحسب البيان، «طبيعة المشروع القمعي الذي تمارسه الميليشيات بحق اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها».


أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
TT

أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)

تعرض المئات من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن لعمليات تنكيل على يد مسلحي الجماعة الحوثية في أطراف محافظة صعدة الحدودية (شمال)، في وقت أعلنت فيه السلطات اليمنية استمرار تدفق المئات منهم أسبوعياً إلى سواحل محافظة شبوة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية على بحر العرب.

وذكرت مصادر حقوقية في محافظة صعدة أن الحوثيين نفذوا حملة مطاردة للمهاجرين غير الشرعيين في منطقة سوق القهر التابعة لمديرية منبه، واستخدموا خلالها الأسلحة بعد اشتباكات محدودة، قبل أن يسيطروا على الوضع.

وأرجعت المصادر أسباب الهجوم إلى خلافات نشبت بين المشرفين الحوثيين في المنطقة وعدد من المهاجرين الذين يعملون في تهريب القات والمخدرات.

وأوضحت المصادر أن الحوثيين، الذين يفرضون سيطرتهم الكاملة على المحافظة، ساعدوا على وصول أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة إلى المناطق الحدودية، خصوصاً إلى سوق القهر، وقدموا لهم الدعم والسكن، بل شيدوا لهم مقرات لإعادة تغليف وتهريب المخدرات والحشيش، وأشرفوا على تلك الأنشطة بشكل مباشر.

جانب من تجمعات المهاجرين غير الشرعيين في أطراف محافظة صعدة (إعلام محلي)

ورجّحت المصادر أن يكون سبب الخلاف إحساس قادة مجموعات التهريب من المهاجرين بأنهم لا يحصلون إلا على القليل من عائدات التهريب، بينما تذهب الحصة الكبرى إلى المشرفين الحوثيين، الأمر الذي دفعهم إلى التمرد، بدعم من مهربين أفارقة كبار اقترحوا العمل بشكل مستقل عن الحوثيين، وهو ما دفع الأخيرين إلى تنفيذ حملة دهم عنيفة لطردهم من المنطقة.

شبكة تهريب

اعترافات سابقة لخلايا تهريب كشفت عن وجود شبكة واسعة تدير عمليات تهريب المهاجرين من السواحل اليمنية وحتى محافظة صعدة، بإشراف مباشر من قيادات حوثية. وتقوم هذه الشبكة بتسهيل انتقال المهاجرين داخل الأراضي اليمنية مقابل مبالغ مالية، كما يتم استغلال بعضهم في الأعمال العسكرية أو في المزارع، بينما يُدفع بالبقية نحو المناطق الحدودية لاستخدامهم في تهريب المخدرات ونبتة «القات» التي تمضغ في اليمن على نطاق واسع والمصنفة ضمن المواد المخدرة في أغلب دول العالم.

وفي تطور آخر، نفذت الجماعة الحوثية بقيادة المشرف الأمني المدعو مشتاق السرايا حملة مطاردة في منطقة جبلية تُعرف باسم «المجمع»، استهدفت مجموعة من العمال اليمنيين وعدداً من المهاجرين الأفارقة بعد خلافات بينهم حول تشغيل مطاعم ومقاهٍ لخدمة المهاجرين.

وبحسب المصادر، فإن يمنيين كانوا يديرون مطعماً ومقهى في تلك المنطقة بإذن من المشرفين الحوثيين لتقديم الوجبات للمهاجرين والمهربين، لكن خلافاً مالياً نشب بينهم استدعى تدخل الحوثيين، الذين داهموا المكان وأحرقوا المطعم والمقهى، ودمروا المعدات، وأجبروا اليمنيين على مغادرة المنطقة، فيما أقاموا حاجزاً أمنياً لحماية المهاجرين غير الشرعيين الذين يُستخدمون في أنشطة التهريب والأعمال العسكرية هناك.

تدفق متزايد

تواصلت موجات تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حيث استقبلت سواحل محافظة شبوة خلال اليومين الماضيين مئات المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي، ليضافوا إلى أكثر من ألف وصلوا خلال الشهر الماضي فقط.

ووفقاً لتقرير صادر عن مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية، فقد وصل إلى ساحل كيدة في مديرية رضوم بمحافظة شبوة 255 مهاجراً غير شرعي على متن قارب تهريب، بينهم 208 رجال و44 امرأة، جميعهم من الجنسية الإثيوبية، باستثناء عدد قليل من الصوماليين.

وأوضح التقرير أن شرطة المحافظة اتخذت الإجراءات القانونية الممكنة حيالهم وفقاً للإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن هذا العدد يضاف إلى نحو ألف مهاجر وصلوا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الحوثيون شكّلوا شبكة لتهريب المهاجرين من السواحل إلى الحدود اليمنية (إعلام حكومي)

ومنذ مطلع العام الحالي، استقبلت محافظة شبوة آلاف المهاجرين غير الشرعيين، بعد أن أصبحت سواحلها الواقعة على بحر العرب قبلة للمهربين، عقب تشديد الإجراءات الأمنية في سواحل محافظة لحج الواقعة غرب عدن، التي كانت أهم منفذ لاستقبال المهاجرين بسبب قربها من سواحل جيبوتي على الضفة الأخرى من البحر الأحمر.

ويحذر مراقبون من أن استمرار تدفق المهاجرين عبر السواحل اليمنية في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في البلاد، خاصة في ظل استغلال الحوثيين لهذه الفئة في أعمال التهريب والتجنيد القسري، ما يهدد بزيادة معدلات الجريمة وتنامي شبكات الاتجار بالبشر عبر الحدود.