هل تساهم المبادرات المصرية في الحد من إشكالية "الطلاق"؟

ما بين افتتاح جلسات الدعم الزواجي التي ينظمها مركز الإرشاد الزواجي التابع لدار الإفتاء المصرية٬ وإطلاق معسكر المشروع القومي للحفاظ على كيان الأسرة المصرية "مودة" والذي تنظمه وزارة التضامن الاجتماعي بمدينة الاسكندرية٬ تعددت المبادرات الرسمية للحفاظ على تماسك الأسرة وتوعية الأجيال الجديدة بأهميتها ككيان اجتماعي٬ فهل تساهم هذه المبادرات في الحد من إشكالية "الطلاق" في مصر؟
وافتتح مركز "الإرشاد الزواجي" التابع لدار الإفتاء المصرية مساء (الثلاثاء) دورة جديدة من جلسات الدعم الزواجي للأسرة المصرية، والتي تهدف إلى نشر الوعي بقيمة الأسرة، وتأهيل المقبلين على الزواج بمساعدة متخصصين في علم النفس والاجتماع والعلوم الشرعية.
وقال الدكتور شوقي علام، مفتى مصر، خلال افتتاح الجلسات، إن "دار الإفتاء المصرية تبذل جهودا كبيرة من خلال لجانها المختلفة للحفاظ على استقرار الأسرة المصرية، ونشر الوعي لدى المقبلين على الزواج، ولمواجهة إشكالية الطلاق، حيث تمر فتاوى الطلاق بعدة لجان ولا تجاز إلا عقب توقيعي عليها، حرصا على صيانة المجتمع من كل التهديدات التي تواجهه وخاصة الأسرية منها". وأشار علام إلى أن "دار الإفتاء دربت كل المأذونين على مستوى الدولة بالتعاون مع وزارة العدل المصرية في الفترة الماضية على مبادئ وأحكام وأسس تساعد على الحفاظ على كيان الأسرة المصرية".
وبلغ عدد حالات الطلاق عام 2021 نحو 245 ألف و777 حالة طلاق وفق تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بزيادة 13 في المائة عن عام 2020 حيث بلغ العدد 222 ألف حالة طلاق، وبحسب التقرير الذي صدر في أغسطس (آب) الماضي، بلغ عدد حالات الزواج الرسمية عام 2020 نحو 876 ألف عقد زواج، ارتفع عام 2021 إلى 880 ألف عقد زواج. ووفق التقرير "تحدث حالة طلاق واحدة كل دقيقتين في مصر، و25 حالة في الساعة".
واعتبرت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن مبادرات نشر الوعي بقيمة الأسرة من شأنها أن "تعيد القيم والثوابت المجتمعية التي ضمنت استقرار الأسرة ومفهوم الزواج عبر العصور". وقالت لـ"الشرق الأوسط" إن "التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية أثرت على أمان الأسرة ومفهوم الزواج، لذلك مبادرات المؤسسات الدينية لها أهمية كبيرة في استعادة المفاهيم القديمة للتماسك الأسري".
لكنها اعتبرت أن "العودة إلى أصول تربية الأبناء بطريقة صحيحة هو الأساس، فتماسك الأسرة الجديدة التي يكونها الأبناء ينبع من تربيتهم في أسرة أبويهم المتماسكة أيضا".
في غضون ذلك، بدأ المشروع القومي للحفاظ على كيان الأسرة المصرية "مودة" الذي تنفذه وزارة التضامن الاجتماعي أولى معسكراته التدريبية (الأربعاء) بمدينة الاسكندرية، والذي يستمر لمدة أربعة أيام.
وقام مشروع "مودة" الذي تنفذه وزارة التضامن الاجتماعي بتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتدريب نحو 375 ألف شاب وفتاة على مستوى محافظات مصر، ووصل عدد متابعي منصته الرقمية- بحسب وزارة التضامن - إلى 4.5 مليون شخص.
ويستهدف المعسكر الذي يقام بمدينة الاسكندرية أبناء المناطق المطورة بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي "سكان المشروعات السكنية الجديدة" ومنها، أحياء الأسمرات وبشاير الخير، ويتضمن التدريب الذي يشارك فيه قادة دينيين من دار الإفتاء والكنائس المصرية، وقادة مجتمعيين، ورشا متنوعة لتوعية المتدربين بالعديد من القضايا المتعلقة ببناء كيان أسري مستقر قائم على مبادئ المودة والرحمة، بدءا من أسس اختيار شريك الحياة، والتعريف بمفهوم الزواج وأسس التواصل الفعال، وسبل إدارة الخلافات الأسرية، وصولا إلى أسس إدارة الموارد الاقتصادية للأسرة، والتربية الإيجابية للأبناء.
من جانبه قال الدكتور أحمد محمد غنيم، أستاذ الاجتماع والإنثربوجيا بجامعة المنصورة، لـ"الشرق الأوسط" إن "مبادرات المؤسسات الدينية والاجتماعية لها تأثير كبير في مواجهة المشكلات الأسرية وإشكالية الطلاق، ويمكن أن تؤدي توعية الأجيال الجديدة بقيمة الأسرة وتماسكها أن يساعد الأزواج على تجاوز مشكلاتهم"، لكن "يجب أن نعود مرة أخرى إلى طرق التربية الصحيحة داخل الأسرة، هذا هو جوهر الاستقرار الأسري، ويجب أن يتبنى الإعلام خطابا داعما لقيم الأسرة وتماسكها، لأن ما يحدث هو التركيز على السلبيات بين الأزواج والجرائم، وهو ما يساهم في نشر الخوف من فكرة الزواج".