اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الملك الراحل للأعمال الإنسانية

عبد الله.. «فاعل للخير» في الحياة ومن بعد الممات

الأمير خالد بن عبد الله يتوسط إخوته والدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي
الأمير خالد بن عبد الله يتوسط إخوته والدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي
TT

اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الملك الراحل للأعمال الإنسانية

الأمير خالد بن عبد الله يتوسط إخوته والدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي
الأمير خالد بن عبد الله يتوسط إخوته والدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي

«لا تنسوني من دعائكم».. كلمات أطلقها الراحل الملك عبد الله رحمه الله، في حياته، ستبقى وما يتبعها من دعاء لعقود طويلة، وسيتذكر العالم حجم ما أنفقه وقدمه الملك الراحل لأبناء الأمة الإسلامية قاطبة، قياسًا بحجم المشروعات التي تنوعت بين إنشاء العيادات المتنقلة ومساعدة المجتمعات المسلمة المحتاجة في آسيا بجوانب التعليم والصحة والإيواء مع التركيز على المجتمعات ذات الأوضاع الخاصة «الأقليات المضطهدة»، إلى جانب إنشاء المجمعات التعليمية والآبار العميقة إضافة إلى كفالة 2000 من الأطفال الذين فقدوا ذويهم في زلزال تسونامي 2004.
أي قلب كان يحمله الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.. سؤال يتبادر للذهن لدى مشاهدة حجم المشروعات التي أسس لها بدعم شخصي منه للأقليات المسلمة المضطهدة والمجتمعات الإسلامية المحتاجة بمسمى «فاعل خير» ابتغاء لوجه الله، مع حرصه على عدم معرفة أي كان لما يقدمه من أعمال، حتى وإن كانوا أبناءه.
لم يستغرب أبناء الملك الراحل حجم الأعمال الخيرية لوالدهم، حيث شهدت حياته الكثير من المبادرات غير المعلن عنها، وذلك عندما كشف عنها الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي، عبر معرض مصاحب لاجتماع مجلس الأمناء الثالث لمؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للأعمال الإنسانية الذي انعقد في جدة مساء أول من أمس.
وكان خالد بن عبد الله رئيس مجلس الأمناء، بحضور الأمير متعب بن عبد الله نائب رئيس مجلس الأمناء وأبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد ناقشوا رسالة المؤسسة التي أوصى بها الملك عبد الله التي هدفت أن تكون مؤسسة أعمال إنسانية عالمية المستوى لتحقيق الغايات والمقاصد النبيلة والإنسانية، والمشاركة في أنشطة العمل الإنساني التي تخدم الدين والبلاد والأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع، ونشر قيم التسامح والفضيلة والسلام، وذلك من خلال سبعة محاور رئيسية للمؤسسة التي تشمل التعليم والتنمية الاقتصادية والرعاية الصحية وتطوير العلوم والتقنية والإغاثة الاجتماعية وحوار الأديان ونشر السلام والأمن.
فيما ناقش الاجتماع مبادرات المؤسسة التي تمت ومشروعات الكيانات التابعة للمؤسسة التي شملت مناطق ومحافظات عدة مختلفة في «المدينة المنورة، والرياض، وجدة، والمخواة، والأحساء، وأملج، وينبع، والليث والغزالة، وصامطة»، كما تابع المجلس مشروعات المرحلة الثانية للمؤسسة التي تهدف إلى إنشاء 700 وحدة سكنية في كل من «الرياض والقصيم ونجران وعسير والحدود الشمالية والجوف وتبوك».
وأشار المجتمعون إلى الأعمال الإنسانية الأخرى التي تقوم بها المؤسسات التابعة مثل مكتبة الملك عبد العزيز العامة، وكذلك ساهمت المؤسسة في دعم التنمية الاقتصادية في المجتمعات من خلال تمويل مشروعات متبناه من قبل مؤسسات محلية مثل مشروع باب رزق جميل، بالإضافة إلى تعاون المؤسسة مع كبرى الهيئات والمؤسسات العالمية لدعم المشروعات الإنسانية التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية في آسيا وأفريقيا، حيث بلغت ثمانية مشروعات في الصومال والنيجر ومالي وسيراليون وغينيا وليبيريا وإندونيسيا وبنغلاديش واليمن وأفغانستان وباكستان والهند وطاجكستان وقيرغيزيا والروهنجيا الأقلية المسلمة في بورما والبهاريين في بنغلاديش وشملت المشروعات أعمال الإغاثة والخدمات الطبية والتعليم والإسكان وحفر الآبار وغيرها وحضر الاجتماع الأمير عبد العزيز وفيصل وتركي وسعود ومنصور ومحمد وماجد ومشهور وسعد وبدر وسلطان وبندر أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وبالعودة إلى رئيس البنك الإسلامي الذي قال لـ«الشرق الأوسط» عن مواجهتهم تساؤلات عدة حيال المتبرع إلا أن جملة واحدة كانت حاضرة دومًا هي «فاعل خير» مشيرًا إلى أنها تأتي نزولاً عن رغبة الملك عبد الله رحمه الله، وحرصه على عدم معرفه أي طرف آخر ما يقدمه من دعم حتى أبناءه، منوهًا إلى 8 مشروعات خيرية كبرى كانت تحت إدارة البنك الإسلامي للتنمية بقيمة تجاوزت 2.6 مليار ريال.
وأرجع رئيس البنك الإسلامي إقامة المعرض المصاحب لاجتماع مجلس الأمناء، إلى أن المشروعات تحت مظلة مؤسسة الملك عبد الله العالمية للأعمال الإنسانية، إلا أنها كانت مباشرة من الملك عبد الله مع البنك الإسلامي، دون مرورها بالمؤسسة واطلاع مجلس الأمناء عليها وكان يتوجب اطلاعهم عليها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».