بولسونارو يظهر محاطاً بالجنرالات

وسط مخاوف من انقلاب عسكري في البرازيل

بولسونارو مع نائبه وكبار الجنرالات خلال حفل التخريج في المدرسة العسكرية في 26 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
بولسونارو مع نائبه وكبار الجنرالات خلال حفل التخريج في المدرسة العسكرية في 26 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

بولسونارو يظهر محاطاً بالجنرالات

بولسونارو مع نائبه وكبار الجنرالات خلال حفل التخريج في المدرسة العسكرية في 26 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
بولسونارو مع نائبه وكبار الجنرالات خلال حفل التخريج في المدرسة العسكرية في 26 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من شهر من تواريه عن الأنظار إثر الهزيمة الانتخابية الأولى التي مُني بها وحرمته من تجديد ولايته الرئاسية، وبعد ساعات من رفض المحكمة العليا طلب الطعن الذي تقدّم به في نتائج الانتخابات، عاد جايير بولسونارو إلى الظهور، محاطاً بقيادات القوات المسلحة، ومعمّقاً المخاوف من انقلاب عسكري قبل موعد تسليمه السلطات إلى الرئيس المنتخب لولا مطلع العام المقبل.
واختار بولسونارو مسرح ظهوره بعناية في المدرسة العسكرية التي تخرّج فيها ضابطاً في الجيش إبّان النظام الديكتاتوري العسكري، ومنها أعلن منذ 8 سنوات أنه يعتزم الترشّح لرئاسة الجمهورية من أجل «إعادة البلاد إلى الطريق الصحيح»، ليقول قبل أشهر من نهاية ولايته عشيّة الانتخابات الأخيرة: «الله هو الذي أوصلني إلى هنا، والله وحده يزيحني عن هذا الكرسي»، قبل أن يقرّر المواطنون إزاحته بعد أشدّ الانتخابات تنافساً في تاريخ البرازيل، لكن منذ خسارته الانتخابات تتزايد المخاوف من إصراره على عدم مغادرة السلطة؛ إذ يواصل المناورة منعزلاً عن العالم الخارجي، ومحاطاً بعدد من ضبّاط القوات المسلحة، من غير أن يدلي بأي تصريح أو ينشر تغريداته المعهودة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول مقربون منه، إنه منذ صدور نتائج الانتخابات لم يغادر مقرّ إقامته في العاصمة برازيليا سوى مرتين للذهاب إلى مكتبه الرسمي ليجتمع بعدد من معاونيه الذين لم يصدر عنهم أي تعليق حول نياته بشأن مراسم التسلم والتسليم التي من المفترض أن يكون برنامجها قد أنجز منذ فترة.
وتعيش البرازيل مرحلة انتقالية غريبة وغامضة، في الوقت الذي يرتفع فيه منسوب القلق في الأوساط الشعبية والاقتصادية من الخطوة التالية التي يمكن أن يقدم عليها الرئيس المنتهية ولايته، الذي لم يعترف بشكل رسمي وصريح حتى الآن بهزيمته. وتتمّ عملية النقل القانوني للصلاحيات بشكل طبيعي، حيث يعقد الرئيس المنتخب، الذي سبق أن تولّى الرئاسة مرتين في السابق، اجتماعات يومية مع أعضاء الحكومة الحالية، لكن من غير أن يعلن حتى الآن عن اسم واحد من أعضاء الحكومة الجديدة.
ومن ناحية أخرى، تستمر المظاهرات المطالبة بانقلاب عسكري أمام ثكنات الجيش في معظم أنحاء البلاد، ويزداد القلق من تحرّك عسكري يمكن أن تقوم به وحدات موالية لبولسونارو لإجهاض العملية الديمقراطية، خاصة في ولاية ماتو غروسو التي تعتبر قلب الصناعات الزراعية وعماد الاقتصاد البرازيلي، حيث يتمتع الرئيس الحالي بشعبية واسعة ومتطرفة وأنصار يناشدون القوات المسلحة «القيام بواجبها لإنقاذ الوطن».
وكان بولسونارو قد دافع، في الكلمة الوحيدة التي ألقاها منذ هزيمته، عن المتظاهرين الانقلابيين الذين يطالبون بعدم تسليم السلطة إلى لولا، متعمداً إثارة الغموض والفوضى على عادته منذ وصوله إلى الحكم؛ إذ كان يكرر أمام مؤيديه أن النظام العسكري السابق أسدى خدمات كثيرة للبلاد، وأن وصوله إلى السلطة «سيخلّص البلاد من الشيوعيين».
وما يزيد المخاوف من الخطوات التي قد يقدم عليها بولسونارو، أن هزيمته في الانتخابات الرئاسية بعد 3 عقود من الحياة السياسية المتواصلة، ستحرمه من الحصانة البرلمانية للمرة الأولى اعتباراً من مطلع السنة المقبلة، وأن تعرّضه للملاحقة القانونية والمحاكمة بات مسألة محتومة.
وكان بولسونارو، مدعوماً من الحزب الليبرالي الذي ترشّح عنه، طلب في الطعن الذي قدّمه منذ أسبوع أمام المحكمة العليا، إلغاء نصف نتائج الدورة الثانية من الانتخابات بذريعة أعطال مزعومة في صناديق الاقتراع الإلكترونية، لكن المحكمة الانتخابية العليا رفضت طلبه بعد 24 ساعة من تقديمه، لعدم استناده إلى أي أسس أو حجج مقبولة، ولأن الهدف من ورائه هو التشكيك في النظام الديمقراطي وزرع الفوضى وتقويض السلم الاجتماعي. كما قررت المحكمة تغريم مقدمي الطعن مبلغ 4 ملايين دولار، بتهمة «التحريض على مخالفة القانون ومناهضة الديمقراطية».
وفي انتظار ما يمكن أن تحمل الأيام المقبلة من مفاجآت، يترسّخ اليقين عند البرازيليين أن بولسونارو لن يسلّم الوشاح الرئاسي إلى الرئيس الجديد في اليوم الأول من العام المقبل، وأنه سيخسر الحصانة التي تحميه من الملاحقات القانونية والمحاكمات، لكنه سيتربّع على رصيد شعبي يناهز 60 مليون ناخب صوتوا له في الانتخابات الرئاسية.
ليس واضحاً بعد ما إذا كان بولسونارو سيقود المعارضة، أو أنه سيواصل التشكيك في شرعية المؤسسات والحكومة الجديدة، في حين يميل المراقبون إلى الاعتقاد بأن «البولسونارية» ستبقى بوجود بولسونارو أو من دونه.


مقالات ذات صلة

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

الرياضة رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

يُطلق نجم كرة القدم البرازيلي رونالدينيو دوريا مخصصا لكرة قدم الشارع في جميع أنحاء العالم، وذلك لمنح اللاعبين الشباب الموهوبين فرصة لإظهار مهاراتهم واتباع نفس المسار نحو النجومية مثل لاعب برشلونة السابق، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس». قال المنظمون اليوم (السبت) إن دوري رونالدينيو العالمي لكرة قدم الشارع سيبدأ في «أواخر عام 2023»، وسيتضمن في البداية عملية اختبار على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للاعبي كرة القدم في الشوارع من جميع الأعمار تحميل أفضل مهاراتهم وحيلهم في محاولة للانضمام إلى أحد فرق المسابقة. ستقام المباريات وجهاً لوجه في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، وستتنافس الفرق في الدور

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليوم الأربعاء في مدريد أن «تحديد الطرف الم»" في النزاع بين روسيا وأوكرانيا «لا يفيد في شي»، مؤكدا أن مفاوضات السلام لها الاولوية. وقال الرئيس البرازيلي الذي يزور اسبانيا في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز «لا يفيد أبدا تحديد الطرف المحق والطرف الخاطئ (...). ما يجب القيام به هو إنهاء هذه الحرب»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أميركا اللاتينية لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

يعود لويس إينياسيو لولا إلى أوروبا، لكن رئيساً للبرازيل هذه المرة، بعد أن أثارت مواقفه وتصريحاته بشأن الحرب في أوكرانيا موجة من الاستغراب والاستياء في العديد من البلدان الغربية لاعتبارها منحازة إلى موسكو وبعيدة حتى عن موقف الأمم المتحدة. وكان لولا قد وصل مساء الجمعة إلى العاصمة البرتغالية، لشبونة، التي هي عادة البوابة التي يدخل منها البرازيليون إلى القارة الأوروبية، ومن المتوقع أن ينتقل غداً إلى مدريد التي تستعد منذ فترة لتحضير القمة المنتظرة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، في مستهل رئاسة إسبانيا الدورية للاتحاد خلال النصف الثاني من هذه السنة. وسيحاول الرئيس البرازيلي في محادثاته مع رئ

شوقي الريّس (مدريد)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

أعلن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، اليوم (السبت)، رفضه «المشاركة» في النزاع بشأن أوكرانيا، ورغبته في المساهمة بإيجاد «حل تفاوضي» بين كييف وموسكو، بعدما انتقد الغربيون تصريحاته الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا. وصرح لولا للصحافة عقب لقاء في لشبونة مع نظيره البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، أنه «في الوقت الذي تدين فيه حكومتي انتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، ندافع أيضاً عن الحل التفاوضي للنزاع».

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
أميركا اللاتينية بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بدأ الطوق القضائي يضيق حول الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، تمهيداً لإقصائه فترة طويلة عن العمل السياسي، بعد أن وجهت النيابة العامة الانتخابية طلباً إلى المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، لمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة لا تقل عن ثماني سنوات بتهمة إساءة استخدام السلطة. وكان بولسونارو قد انتقد النظام الانتخابي الإلكتروني، وشكّك في نزاهته خلال اجتماع مع السفراء الأجانب العام الماضي عندما كان لا يزال رئيساً. وتعود تلك التصريحات لبولسونارو إلى مطلع الصيف الماضي، عندما كانت البرازيل في بداية حملة الانتخابات الرئاسية.

شوقي الريّس (مدريد)

لولا يفرش السجاد الأحمر احتفاءً بالرئيس الصيني في برازيليا

شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

لولا يفرش السجاد الأحمر احتفاءً بالرئيس الصيني في برازيليا

شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

استقبل الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس الصيني، شي جينبينغ، الذي يجري زيارة دولة إلى البرازيل، الأربعاء، احتفاءً بالتقارب بين بلديهما، على خلفية «الاضطرابات» المتوقعة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض. واستُقبل شي بفرش السجاد الأحمر وبالتشريفات العسكرية والنشيد الوطني. فبعد لقائهما بقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو، خصّ لولا، برفقة زوجته روزانجيلا دا سيلفا، نظيره الصيني باحتفاء مهيب قبل اجتماعهما في ألفورادا؛ مقر إقامته الرئاسي في العاصمة برازيليا، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وكتب الرئيس الصيني، في مقال نشر بالصحافة البرازيلية قبل الزيارة، إن «الجنوب العالمي يشهد حركة صعود جماعي».

سياق دولي معقّد

شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

ويتبع اجتماعهما في ألفورادا إعلان مشترك في سياق دولي مشحون كما اتضح خلال قمة «مجموعة العشرين»، التي هيمنت عليها أزمة المناخ والحرب في أوكرانيا. وتُنذر عودة دونالد ترمب بتحول انعزالي من جانب واشنطن؛ القوة العظمى في العالم، فضلاً عن موقف أكثر تشدداً تجاه الصين، خصوصاً في المسائل التجارية. وقال شي، على هامش اجتماع أكبر اقتصادات العالم، إن «العالم يدخل مرحلة جديدة من الاضطرابات والتغيير». وكما حدث في «قمة آسيا والمحيط الهادئ» قبل أيام قليلة في ليما، ظهر الرئيس الصيني بوصفه الرجل القوي في اجتماع ريو، حيث عقد لقاءات ثنائية عدّة في مقابل تراجع هالة جو بايدن المنتهية ولايته.

جانب من الاستقبال الرسمي الذي حظي به شي في برازيليا يوم 20 نوفمبر (د.ب.أ)

ويريد شي ولولا مزيداً من توطيد العلاقة القوية بين الصين والبرازيل؛ الدولتين الناشئتين الكبيرتين اللتين تحتلان المرتبتين الثانية والسابعة على التوالي من حيث عدد السكان عالمياً. ويعتزم الرئيس الصيني مناقشة «تحسين العلاقات التي تعزز التآزر بين استراتيجيات التنمية في البلدين»، وفق «وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)».

أما البرازيل، فتسعى إلى تنويع صادراتها بـ«منتجات برازيلية ذات قيمة مضافة أعلى»، وفق ما قال أمين شؤون آسيا بوزارة الخارجية البرازيلية، إدواردو بايس. ويُعدّ العملاق الآسيوي أكبر شريك تجاري للبرازيل التي تزوده بالمنتجات الزراعية. وتُصدّر القوة الزراعية في أميركا الجنوبية فول الصويا والمواد الأولية الأخرى إلى الصين، وتشتري من الدولة الآسيوية أشباه الموصلات والهواتف والسيارات والأدوية.

طرق الحرير

لولا وشي يصلان إلى المؤتمر الصحافي المشترك في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

مع ذلك، كانت حكومة لولا حذرة حيال محاولات الصين إدخال البرازيل في مشروع «طرق الحرير الجديدة» الضخم للبنى التحتية. وانضمّت دول عدة من أميركا الجنوبية إلى هذه المبادرة التي انطلقت في عام 2013، وتُشكّل محوراً مركزياً في استراتيجية بكين لزيادة نفوذها في الخارج.

أما الإدارة الديمقراطية في واشنطن، فتراقب ما يحدث بين برازيليا وبكين من كثب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ناتاليا مولانو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن واشنطن تنصح البرازيل بأن «تُبقي أعينها مفتوحة لدى تقييم مخاطر التقارب مع الصين وفوائده». وعقّب مصدر دبلوماسي صيني على ذلك بقوله إن «لدى الصين وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي القول الفصل في تطوير العلاقات بينهما». أما لولا، فهو يهدف إلى اتخاذ موقف دقيق متوازن، فيما يتعلق بهذه القضية كما هي الحال مع قضايا أخرى، وهذا ما عبر عنه قبل بضعة أشهر بقوله: «لا تظنوا أنني من خلال التحدث مع الصين أريد أن أتشاجر مع الولايات المتحدة. على العكس من ذلك؛ أريد أن يكون الاثنان إلى جانبنا».