الاتحاد الأوروبي يرنو باتجاه كازخستان لثرواتها النفطية والمعدنية

الرئيس توكاييف في باريس ليومين بعد زيارة لموسكو

رئيس كازخستان قاسم جومارت توكاييف (إ.ب.أ)
رئيس كازخستان قاسم جومارت توكاييف (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يرنو باتجاه كازخستان لثرواتها النفطية والمعدنية

رئيس كازخستان قاسم جومارت توكاييف (إ.ب.أ)
رئيس كازخستان قاسم جومارت توكاييف (إ.ب.أ)

تسعى فرنسا، ومعها الاتحاد الأوروبي، لتعزيز العلاقات مع بلدان آسيا الوسطى؛ وعلى رأسها كازخستان الذي سيزور رئيسها قاسم جومارت توكاييف باريس ليومين؛ غداً وبعد غد. وقال مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مؤخراً إن آسيا الوسطى هي اليوم «في قلب الحدث إنْ بالمعنى الجيواستراتيجي أو بالمعنى الجيواقتصادي». ويريد الأوروبيون أن يكون لهم دور وموقع في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم، إلى جانب الأطراف المؤثرة مثل روسيا والصين والولايات المتحدة وتركيا. وبما أن كازخستان هي الدولة الأكبر مساحة (2.7 مليون كيلومتر مربع)، وسكاناً (19 مليون نسمة)، فإن الأنظار تتجه إليها، خصوصاً أنها دولة منتجة للنفط وتمثل 50 % من العائد المحلي الخام لكل بلدان آسيا الوسطى بفضل مبيعات النفط التي توفر لها 50 % من عائدها الوطني، البالغ وفق إحصائيات 2020، ما لا يقل عن 170 مليار دولار سنوياً.
ومن بين دول الاتحاد الأوروبي، تنشط فرنسا على درب تعزيز الحضور الأوروبي. وبالمقابل، ووفق مصادر فرنسية، فإن كازخستان التي عانت، بداية هذا العام، من حراك اقتصادي سياسي استدعى، بناء على طلب سلطاتها، تدخُّل قوات من «منظمة الأمن الجماعي»؛ وعلى رأسها روسيا، ترغب بدورها في توسيع إطار علاقاتها من خلال الانفتاح على أوروبا، ومدخلها إلى ذلك باريس. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون استقبل، السبت الماضي، رئيس أوزبكستان شوكت ميرزيوف في قصر الأليزيه، كما اتصل برئيس طاجكستان إيمومالي رحمون؛ للتشاور معه. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤولين في القصر الرئاسي قولهم إن هدف زيارة توكاييف مزدوج: سياسي واستراتيجي، وأن باريس «تريد تعزيز علاقاتها الثنائية وتوسيع الحوار معها في سياق صعب بالنسبة لدول آسيا الوسطى». وتضيف هذه الأوساط أن باريس «تواصل إظهار الأهمية التي تُوليها لهذه المنطقة المحشورة بين الصين وروسيا، والساعية للانفتاح على آفاق جديدة». وبين باريس وآستانة اتفاق شراكة يعود لعام 2008. وتقدر باريس بادرة توكاييف الذي يزورها مباشرة بعد زيارة قام بها لموسكو، حيث التقى الرئيس بوتين.
وليس سراً أن الأوروبيين، في سياق الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا التي دخلت شهرها العاشر، يضاعفون الجهود لفرض طوق من العزلة على روسيا والرئيس بوتين شخصياً. وهذا الجهد قام به ماكرون وقادة أوروبيون آخرون مثل المستشار الألماني أولاف شولتس، خلال قمة العشرين، بالتركيز على الصين والهند وحثّهما على التدخل لدى الرئيس الروسي لوضع حد للحرب الدائرة على الأراضي الأوروبية. ويتميز توكاييف بأنه تبنّى موقفاً «وسطياً» إزاء المغامرة الروسية في أوكرانيا، حيث لم يؤيد موسكو، لكنه لم يلتحق بالمواقف الغربية. ويصف موقع وزارة الخارجية الفرنسية كازخستان بأنها «تتبنى سياسة تعدد الأطراف وتسعى لحل النزاعات سلمياً وتتمسك بانتمائها لمجموعة من المنظمات الدولية والإقليمية... كما أنها تطمح لفرض نفسها بوصفها قوة أوراسية (أوروبية - آسيوية) ناشئة».
ووفقاً للأليزيه، فإن الملف الأوكراني سيكون على رأس الموضوعات التي سيجري بحثها بين ماكرون وتوكاييف، إضافة إلى أوضاع آسيا الوسطى؛ ومنها أفغانستان.
لا يخفي الأوروبيون اهتمامهم بثروات كازخستان النفطية والغازية في حين أن أزمة الطاقة مرشحة لتطول سنوات بسبب العقوبات المفروضة على الصادرات الروسية وباعتبار أنها لن ترفع قبل نهاية الحرب في أوكرانيا ووفق شروط الغربيين الذين ما فتئوا يسعون لبدائل عنها. من هنا، أهمية النظر إلى كازخستان اقتصادياً ونفطياً بحيث يمكن أن تتحول إلى شريك يمكن الوثوق به.
وبالمقابل فإن مصلحة دول آسيا الوسطى أن تنوع شراكاتها؛ حتى لا تكون ضحية جانبية للعقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي. من هذه الزاوية فإن كازخستان تمتلك احتياطيات نفطية تضعها في المرتبة الـ12 عالمياً، كما أنها تزخر بثاني أكبر احتياطي من اليورانيوم في العالم، فضلاً عن احتياطيات أخرى من الغاز والفحم، الأمر الذي يمكّنها من أن تتحول إلى شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي على المدى المتوسط. وفي حين تتوقع باريس توقيع مجموعة من العقود التجارية، فإن باريس تريد مع آستانة بحث ملف رغبتها بالحصول على قدرات لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا تتمتع بأكبر قدرات في أوروبا في هذا المجال، إذ إن نسبة 60 % من حاجتها للتيار الكهربائي تأتيها من مفاعلاتها النووية، إلا أن هذه الصناعة تعاني حالياً من مشكلات ترتبط بقدم مفاعلاتها التي تحتاج لصيانة وتجديد، حيث إن نصفها، اليوم، متوقف عن العمل، ما يلزم فرنسا على استجلاب التيار الكهربائي من ألمانيا مقابل تزويدها بكميات من الغاز الذي تستورده.


مقالات ذات صلة

كازاخستان تدرس مع روسيا مشروع أنبوب للغاز يصل إلى الصين

الاقتصاد «غازبروم» (رويترز)

كازاخستان تدرس مع روسيا مشروع أنبوب للغاز يصل إلى الصين

أفادت كازاخستان، اليوم (الجمعة)، بأنها تناقش مع روسيا مشروع خط أنابيب غاز إلى الصين سيسمح لموسكو المقيدة بعقوبات دولية، بزيادة صادراتها من الغاز، وللدولة الواقعة في آسيا الوسطى بتزويد سوقها المحلية. وقال متحدث باسم شركة الغاز الكازاخستانية «كازاغاز» في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «كازاخستان عرضت على شركة غازبروم درس طرق عبور جديدة للغاز الروسي إلى الصين مع مراعاة إمداد السوق الداخلي بالغاز». بعد العقوبات التي فرضها الغرب إثر غزو أوكرانيا وإغلاق السوق الأوروبية بالكامل تقريباً أمامها، بدأت موسكو تعزيز علاقاتها مع آسيا، حيث الطلب على الطاقة كبير. في العام الماضي، تراجعت صادرات الغاز الرو

العالم بوتين وتوكاييف يتبادلان وثائق خلال حفل توقيع بموسكو الاثنين (رويترز)

بوتين يسعى لاستعادة «الحليف» الكازاخستاني وتوجيه التجارة نحو «أسواق جديدة»

بينما أكد الكرملين، الاثنين، أن روسيا لن تنسحب من المنطقة التي تقع فيها المحطة النووية في زابوريجيا، سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعه مع نظيره الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف في موسكو، إلى إسدال الستار على مرحلة من الفتور سيطرت على علاقات البلدين، على خلفية مواقف آستانا المعارضة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وأكّد الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، أنّ روسيا لن تسحب قواتها من بلدة إنرجودار التي تقع فيها محطة الطاقة النووية في إقليم زابوريجيا.

رائد جبر (موسكو)
العالم بوتين وتوكاييف خلال لقاء لهما في أغسطس (آب) الماضي (د.ب.أ)

توكاييف يفوز برئاسة كازاخستان

قالت اللجنة المركزية للانتخابات في كازاخستان، أمس (الاثنين)، نقلاً عن بيانات أولية، إن الرئيس قاسم جومارت توكاييف، فاز بولاية ثانية في الانتخابات المبكرة التي أجريت الأحد، بعد أن حصل على 81.31 في المائة من الأصوات. وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يفوز الدبلوماسي السابق البالغ من العمر 69 عاماً بالانتخابات، ويمدد حكمه للدولة الغنية بالنفط لسبع سنوات، وأن يحصل بذلك على تفويض قوي لمواصلة سياسته الخارجية الآخذة في الاستقلال أكثر، بينما تتلمس بلاده، الجمهورية السوفياتية السابقة، طريقاً تسلكه خلال الأزمة الروسية الأوكرانية، حسب «رويترز». وأظهرت البيانات أن المشاركة في التصويت بلغت 69.44 في المائة م

«الشرق الأوسط» (أستانا)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في موسكو أغسطس 2021 (أرشيفية - رويترز)

بوتين يهنّئ توكاييف بفوزه «المستحَق» بانتخابات الرئاسة في كازاخستان

هنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم (الاثنين) رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف على فوزه الساحق في انتخابات رئاسية مبكرة أُجريت بعد أشهر من الاضطرابات الدامية في الدولة الغنية بالنفط في آسيا الوسطى. وقال بوتين في بيان نشره الكرملين: «لقد تلقّيت تفويضاً مستحقّاً بالثقة من مواطنيك، مما يفتح الباب أمام فرص جديدة لتنفيذ مسار التنمية الوطنية الذي تمضون قدماً به». وقال توكاييف: «لقد عبّر الشعب بوضوح عن ثقته بي». وكان نور سلطان نزارباييف الذي قاد كازاخستان ثلاثة عقود، أول من هنأ توكاييف على إعادة انتخابه. وأفادت التقديرات الأولى للّجنة الانتخابية بأن نسبة المشاركة في الجمهورية السوفياتية السابقة

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس توكاييف قبيل الإدلاء بصوته داخل مركز اقتراع في أستانا أمس (د.ب.أ)

انتخابات رئاسية في كازاخستان لطي صفحة «عام أسود»

أدلى الناخبون في كازاخستان، أمس الأحد، بأصواتهم في اقتراع رئاسي مبكر من شأنه أن يسمح للرئيس المنتهية ولايته قاسم جومارت توكاييف بتعزيز سلطته بعد عام أسود شهد أعمال شغب دامية ونزاعاً حاداً بين أجنحة السلطة. وبحلول الساعة 12:00، بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 67.85 في المائة، فيما أغلقت مراكز الاقتراع في أكبر دولة بآسيا الوسطى عند الساعة الثالثة عصراً. واحتجّ نحو 15 شخصاً في العاصمة الاقتصادية ألماتي للمطالبة بانتخابات حرّة، وأوقفتهم الشرطة جميعاً.


أكثر من 800 مليون مريض سكري بين البالغين حول العالم

أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما لا يتلقون العلاج (رويترز)
أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما لا يتلقون العلاج (رويترز)
TT

أكثر من 800 مليون مريض سكري بين البالغين حول العالم

أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما لا يتلقون العلاج (رويترز)
أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما لا يتلقون العلاج (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن أكثر من 800 مليون بالغ حول العالم مصابون بمرض السكري، وهو ما يعادل ضعف ما توقعته تقييمات سابقة.

كما أظهرت أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما لا يتلقون العلاج. وأضافت الدراسة المنشورة في ذا لانسيت أنه في عام 2022 كان هناك 828 مليون شخص تبلغ أعمارهم 18 عاما فأكثر مصابين بالسكري من النوعين الأول والثاني. وقال الباحثون إنه من بين البالغين الذين تبلغ أعمارهم 30 عاما فأكثر كان هناك 445 مليون مريض لا يتلقون العلاج.

وأشارت تقديرات سابقة لمنظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 422 مليون شخص مصابون بالسكري، وهو مرض مزمن أيضي يؤثر على مستويات السكر بالدم وقد يتسبب في تدهور صحة القلب والأوعية الدموية والأعصاب وأعضاء أخرى إذا لم يُعالج. وأشارت الدراسة إلى أن معدل الإصابة بالسكري عالميا قد تضاعف منذ 1990 إذ ارتفع من سبعة بالمئة إلى 14 بالمئة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع أعداد الحالات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وأوضح الباحثون أنه على الرغم من ارتفاع حالات الإصابة فإن معدلات تلقي العلاج في تلك المناطق لم تشهد ارتفاعا يذكر، في حين تحسنت الأمور في بعض الدول ذات الدخل المرتفع مما يؤدي إلى اتساع فجوة العلاج.

وفي بعض مناطق من أفريقيا جنوب الصحراء على سبيل المثال لم يحصل على العلاج سوى خمسة إلى عشرة بالمئة ممن تشير التقديرات إلى أنهم مصابون بالسكري. وقال واضعو الدراسة التي أجريت بالتعاون بين مؤسسة التعاون بشأن عوامل خطورة الأمراض غير السارية ومنظمة الصحة العالمية إنها تمثل أول تحليل عالمي يتضمن معدلات وتقديرات العلاج لجميع الدول. واستندت إلى أكثر من ألف دراسة تشمل أكثر من 140 مليون شخص.