طالب نائب إيراني، الأحد، بمساءلة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير داخليته، على خلفية استخدام الذخائر الحية ضد المحتجين، فيما أخذت الإضرابات المواكبة للحراك الاحتجاجي أبعاداً جديدة بانضمام سائقي الشاحنات إلى إضراب عمال مصانع وشركات في قطاع النفط، فيما يواصل المحتجون حراكهم بأشكال مختلفة، في تحدٍ للإجراءات الأمنية المشددة في أنحاء البلاد.
وتجددت الاحتجاجات الليلية، مساء السبت، في عدة مدن إيرانية، مع دخول الاحتجاجات أسبوعها الحادي عشر، بما في ذلك طهران وأصفهان (وسط) ورشت (شمال البلاد). وعاد الطلاب، الأحد، لمواصلة التجمعات الاحتجاجية في عدة جامعات، حسب فيديوهات نشرتها اللجنة التنسيقية لنقابات الطلاب.
وقال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي: «مع الأسف، يتماشى بعض من في الداخل مع أوهام الأعداء، إنهم يحلمون، يرون سراباً». وأضاف: «النظام والباسيج سيهزمون القوى الكبرى».
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد منح قوات «الباسيج»، أول من أمس، ضوءاً أخضر لتكثيف دورهم في حملة القمع التي تشنها السلطات ضد المحتجين.
ودعا عضو البرلمان من مدينة مهاباد، النائب جلال محمود زاده، إلى مساءلة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وزير داخليته، الجنرال أحمد وحيدي، عن إدارة الاضطرابات الأخيرة، خصوصاً إطلاق النار على محتجين في المدن الكردية خلال حملة القمع التي تشنها السلطات لإخماد الاحتجاجات التي تهز البلاد منذ 10 أسابيع.
وذكرت وكالة «إيسنا» الحكومة أن محمود زاده، في خطابه، أشار إلى إحصائية قتلى مهاباد والمدن الكردية، دون الإشارة للعدد الذي ورد على لسان النائب. وذكر موقع «اعتماد أونلاين» الإخباري أن النائب أشار إلى سقوط 105 قتلى في المدن الكردية.
وقال: «يجب مساءلة وزير الداخلية بوصفه رئيس لجنة الأمن في البلاد»، مشدداً على ضرورة تقديم من ارتبكوا تجاوزات إلى المحكمة، بحسب «إيسنا». وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن محمود زاده كان يطالب باعتقال من استخدموا الذخائر الحية ضد المحتجين.
وتعهد محمود زاده بمتابعة من يتقدمون بشكوى في هذا الصدد، منتقداً فرض الأجواء الأمنية على المدن الكردية، بما في ذلك مهاباد، مطالباً وزير الداخلية بوضع حد لهذه الأوضاع. وأضاف: «لقد وجّهت سؤالاً إلى الوزير في لجنة الشؤون الداخلية بسبب مواجهة المحتجين»، منتقداً رئيس اللجنة على رفض استدعاء الوزير.
ويرأس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان، النائب محمد صالح جوكار، وهو أحد جنرالات «الحرس الثوري». ونقلت صحيفة «همشهري»، التابعة لبلدية طهران، عن جوكار قوله رداً على محمود زاده: «لماذا لا تتركون الناس في سلام، وتثيرون هواجسهم، ليس من مصلحة الوطن والأمة إثارة الشغب، والعنف، والفتنة. يتوقع الناس من النواب حل المشكلات، وعدم تغذية وسائل الإعلام الأجنبية». وقال إن «انعدام الأمن أضرّ باقتصاد البلاد... لا ينبغي أن ندخل البرلمان لإثارة الفتنة، وسلب هدوء الناس، بأي شكل من الأشكال».
ولاحقاً، قال محمود زاده، في تصريح لموقع «اعتماد أونلاين»، ماذا يعني الانتشار العسكري وفرض الأجواء الأمنية على مهاباد والمدن الكردية واعتقال المدنيين العزل، والهجوم الليلي على المناطق السكنية، وتخريب وسائل الناس، وكتابة الشعارات على الجدران الداخلية للعمارات، وتفتيش الممتلكات الشخصية، وإقامة نقاط تفتيش متعددة في مداخل المدن الكردية، على غرار بداية ثورة 1979؟!
أتت انتقادات محمود زاده بعدما أعلن الأربعاء الماضي أنه تلقى أوامر استدعاء قضائية متكررة بسبب موقفه الداعم للاحتجاجات. وكتب في تغريدة: «رفعت الجهات القضائية دعوى ضدي كممثل لمن هم في حداد بدلاً من الحفاظ على الحقوق القانونية للمحتجين وأسر الضحايا في مهاباد والمدن الكردية».
وقالت منظمة حقوق الإنسان في كردستان إيران، السبت، إن عدد القتلى في المدن الكردية وصل إلى 104 أشخاص حتى مساء الجمعة، بينهم 41 قتيلاً في المدن الكردية بجنوب محافظة أذربيجان الغربية، و13 شخصاً في مدينة مهاباد، ومقتل 11 طفلاً. كما أشارت إلى مقتل 21 شخصاً في الهجمات التي شنتها إيران على مواقع أحزاب كردية معارضة في إقليم كردستان.
وبلغ عدد القتلى في صفوف المحتجين 450 شخصاً، من بينهم 63 طفلاً، بحسب إحصائية نشرتها وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، في وقت متأخر السبت. وقالت الوكالة إن عدد المعتقلين وصل إلى 18173 شخصاً في 156 مدينة و143 جامعة هزتها الاحتجاجات.
وأظهرت تسجيلات فيديو، نشرتها منظمات حقوقية، تجمع مجموعة من أهالي المعتقلين أمام سجن إيفين.
وفي الأثناء، ذكرت «هرانا»، الأحد، أن الادعاء العام الإيراني استدعى النائب الإصلاحي في البرلمان السابق النائب محمود صادقي، إلى مقره في سجن إيفين. ويواجه النائب تهمة «الدعاية ضد النظام» و«نشر الأكاذيب». ووجّه صادقي رسالة مفتوحة إلى رئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي بوقف التدخلات «غير القانونية» لأجهزة المخابرات والأمن في الشؤون القضائية والمحاكم.
جاء ذلك في وقت، وجّه القضاء الإيراني تهماً إلى النائبة السابقة بروانة سلحشوري، بعد مثولها أمام محكمة، الأحد، قبل أن يقرر القاضي إطلاق سراحها، حسبما ذكرت مواقع إيرانية.
وقالت اللجنة الدولية لحماية الصحافيين، على حسابها باللغة الفارسية، إن عناصر جهاز استخبارات «الحرس الثوري» اعتقلت رضا أسد آبادي، الصحافي بوكالة «إيلنا» العمالية، الأسبوع الماضي.
وأطلقت السلطات سراح الناشط في مجال حقوق الإنسان، حسين رونقي، مقابل كفالة مالية. وأعلنت أسرة الناشط الذي أضرب عن الطعام، وتدهورت حالته الصحية الأسبوع الماضي، أنه نقل إلى المستشفى.
كما أطلق سراح الممثلة هنجامة قاضياني، التي نشرت تسجيل فيديو من دون حجاب، الأسبوع الماضي، وأعلنت تأييدها للاحتجاجات، بعد مقتل الطفل كيان بيرفلك (9 أعوام)، قبل اعتقالها على يد أجهزة الأمن.
وتضاربت الأنباء، السبت، بشأن إطلاق سراح لاعب كرة القدم الكردي وريا غفوري. وفيما أفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» معلومات عن خروجه من السجن، نفت وكالة «إرنا» الرسمية ذلك.
وأفادت تقارير أن سائقي الشاحنات أضربوا في مدن أصفهان، وكاشان، وكرمانشاه، وقزوين، وبندر عباس. وقال مجموعة من السائقين إنه على الرغم من تلقيهم وعوداً بالحصول على وقود إضافي لكنهم قرروا الإضراب. وأرسلت السلطات رسائل عبر خدمة الجوال للسائقين، كتب فيها إن «السفن المحملة بالسلع الأساسية ترسو في الموانئ، وسيخصص وقود إضافي للسائقين».
وأظهرت الفيديوهات استمرار الحركة الاحتجاجية، في جامعة علامة، وسط طهران؛ حيث ردد الطلاب شعار «المرأة، الحياة، الحرية». وفي جامعة شريف الصناعية، التي هاجمتها قوات الأمن في الشهر الأول من الاحتجاجات، نظم الطلاب وقفات متعددة ضد حرمان زملائهم من الدراسة. وانتشر تسجيل فيديو، من جامعة أصفهان، يظهر أطباقاً مليئة بالطعام في باحة الجامعة.
في غضون ذلك، كشف المحامي وأستاذ جامعة طهران، محسن برهاني، على «تويتر»، عن تغيير اللوائح التأديبية على يد اللجنة العليا للثورة الثقافية التي تخضع لصلاحيات المرشد الإيراني علي خامنئي، محذراً من إجراءات إضافية لتقييد الحريات. وقال النائب إن اللوائح الجديدة تمنع إنشاء غرف طلابية على شبكات التواصل الاجتماعي تتجاوز 100 عضو. وأضاف: «اللوائح بحذف بعض الحقوق والواجبات، تفتح المجال أمام مواجهة أكثر صرامة مع الطلاب».
وأفادت منظمة «هنغاو» أنه قد تم اعتقال أستاذ في الأدب، بمحافظة كردستان، شمال غربي إيران، وأن مكانه الحالي غير معروف. وقالت منظمة «هنغاو» إن الأكاديمي المحتجز اسمه بهروز شامانارا، وهو من جامعة «سنندج»، عاصمة المحافظة.
وفي سياق متصل، قالت وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) إن السلطات أوقف محمد راغب أستاذ الأدب الفارسي بجامعة بهشتي. وكتب راغب، على صفحته في «إنستغرام»: «تم تعليقي قبل المثول أمام اللجنة التأديبية، وإعلام الحكم الصادر منها، لكني لم أمنع من دخول الجامعة حتى اللحظة».