لماذا انتحر ستيفان زفايغ؟

قبل ثمانين سنة وضع حداً لحياته في عز الحرب العالمية الثانية

ستيفان زفايغ
ستيفان زفايغ
TT

لماذا انتحر ستيفان زفايغ؟

ستيفان زفايغ
ستيفان زفايغ

قبل ثمانين سنة بالضبط وضع الكاتب العالمي الشهير ستيفان زفايغ حداً لحياته في مدينة بتروبوليس بالبرازيل في عز الحرب العالمية الثانية. الكاتب الأكثر شعبية في فرنسا، بالاضافة إلى شكسبير وأغاثا كريستي، لم يستطع أن يتحمل صعود النازية والفاشية في أوروبا، فكان أن قتل نفسه عن طريق تجرع السم الزعاف ليلة 22 فبراير (شباط) 1942. لقد انهار من أول صدمة، ما السبب وراء ذلك؟ تفسيري على النحو التالي: على عكس ما نظن فإن أبناء الأغنياء يعانون من هشاشة نفسية كبيرة، خلافاً لأبناء الفقراء؛ أبناء الأغنياء ضعفاء أمام المِحن، وأبناء الفقراء أقوياء، نعم أولاد الأغنياء ناعمون أكثر من اللزوم، لذلك فإنهم ينتحرون من أول صدمة، من أول اشتباك جِدّي مع الحياة، وذلك على عكس أبناء الفقراء الذين عركتهم الحياة وقَسَت عليهم فصلب عودهم وأصبحوا قادرين على الصمود أمام كوارث الوجود. مشكلة ستيفن زفايغ هي أنه ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، كان أبوه مليونيرياً كبيراً، وكانت أمه ابنة أحد كبار المصرفيين في فيينا، كان غنياً بشكل فاحش من كلتا الجهتين: الأب والأم، لذا لم يضطر إلى العمل ساعة واحدة طيلة حياته كلها، لم تعركه الحياة ولم يعركها، ولم ير منها إلا الوجه السهل الضاحك المبتسم، ولذلك انتحر من أول صدمة.
يقول ستيفان زفايغ موضحاً وضعه وفجيعته:
«كنت قد وُلدت عام 1881 في أحضان إمبراطورية كبيرة وجبارة، ولكنني أُجبرت على تركها يوماً ما وكأني مجرم! كل أعمالي الأدبية في لغتها الأصلية (الألمانية) أُحرقت وتحولت إلى رماد (على يد النازيين)، وبعدئذ أصبحت مشرداً غريباً في كل مكان، أوروبا ضاعت بالنسبة لي، لقد كنت شاهداً على أكبر هزيمة للعقل في التاريخ. والسبب هو طاعون الطواعين والداء العضال: عَنيتُ التعصب القومي الشوفيني الأعمى، لقد سمّم تلك الزهرة المتفتحة اليانعة للثقافة الأوروبية».
هذا ما قاله ستيفان زفايغ في تلك الأيام العصيبة التي شهدت صعود هتلر والنازية، بدءاً من عام 1933، وأنا مستعدّ لكي أبصم عليه بالعشرة مع فارق واحد هو أن طاعون الطواعين بالنسبة لنا ليس التعصب القومي، وإنما التعصب الديني الذي يفتك بالمشرق العربي والعالم الإسلامي كله فتكاً ذريعاً، كما فتكت النازية بروح أوروبا الحضارية. عندما فتحوا وصيته وجدوا مكتوباً فيها ما يلي:
«قبل أن أغادر هذه الحياة بمحض إرادتي وبكامل قواي العقلية والنقلية أشعر بالحاجة إلى أداء واجب أخير: إرسال أعمق آيات الشكر والاعتراف بالجميل إلى دولة البرازيل التي احتضنتني بعد أن انتحرت أوروبا؛ موطني الروحي، ولكن بعد ستين سنة من العمر تلزمني قوى خاصة جبارة لكي أستطيع بناء حياتي من جديد، وأنا استنفدت قواي بسبب سنوات التشرد الطويلة في البلدان والدروب، لهذا السبب أعتقد أنه من الأفضل أن أضع حداً لحياتي، ورأسي عالية مرفوعة. أخيراً أحيّي جميع أصدقائي وأرجو لهم أن يلمحوا أول خيوط الفجر بعد كل هذا الليل المدلهم الطويل! أما أنا فقد نفد صبري، ولذلك قررت أن أرحل قبلهم».
ماذا كانت ردود فعل الكُتاب والمثقفين على انتحاره؟
أولاً لقد وقع عليهم الخبر كالصاعقة، ولم يصدقوا في بداية الأمر. كيف يمكن أن ينتحر كاتب شهير طبقت سمعته أرجاء العالم الأربعة؟ بعضهم شتموه تقريباً، أو هاجموه بقسوة منقطعة النظير. نذكر من بينهم الكاتب الفرنسي الشهير جورج برنانوس، والكاتب الألماني الذي لا يقل شهرة توماس مان. كان جورج برنانوس الذي يعيش في البرازيل أيضاً قد استقبل في مزرعته ستيفان زفايغ قبل أربعة أيام فقط من انتحاره، وقد وجده كئيباً جداً، وربما منهاراً فاضطر إلى تقويته ودعم معنوياته، لكنه ما كان يعلم أنه وطّن نفسه على الانتحار، ولذلك عندما سمع بالخبر قال ما معناه: هذا عمل شائن، هذه عقلية انهزامية لا تليق بمثقف كبير؛ وذلك لأن الكاتب الكبير مكلف برسالة سامية في الحياة هي أن يدل الآخرين على الطريق، إنه منارة للآخرين، ومن ثم لقد أخل ستيفن زفائغ بواجبه بوصفه كاتباً تجاه ملايين القراء الذين كانوا يتابعونه ويحبونه ويتخذونه مثالاً وقدوة. علاوة على ذلك فإن الانتحار لا يجوز إطلاقاً في هذه الأزمنة العصيبة التي نعيشها. الكاتب الحقيقي، المفكر الحقيقي، لا ينهزم من الساحة في عز المعمعة ولا يتركها للأوغاد، وإنما يصمد ويشجع الآخرين على الصمود، ثم يقول بأن انتحار زفايغ يتجاوز حالته الشخصية نظراً لشهرته العالمية، ولهذا السبب يختتم الكاتب الفرنسي الشهير كلامه قائلاً: لا عذر لستيفان زفايغ ولا تفهم ولا تفاهم لعملية انتحاره، لقد وجه ضربة موجعة لقضية الحرية التي تناضل بكل ضراوة ضد النازية. ما هكذا يفعل الكُتاب الكبار يا ستيفان زفايغ!
أما توماس مان فقد كان رد فعله أكثر قسوة وأكثر عنفاً وتعنيفاً، لقد انفجر بالغضب انفجاراً عارماً عندما سمع النبأ قائلاً ما معناه: عيبٌ عليك! لماذا فعلت ذلك؟ لماذا ارتكبت تلك الخطيئة العمياء التي لا خطيئة بعدها؟! يا لها من عقلية انهزامية! يا لها من عقلية أنانية! يا له من خور وجبن! عيب على الرجال، الكُتاب الذين عضّهم الجوع من أمثالنا يحق لهم أن ينتحروا يا ستيفان زفايغ، أما أنت؟! شخص مليونير وينتحر! والله شيء مخجل. لكن الأخطر من ذلك هو أن توماس مان راح يشكك في مصداقية الدوافع التي ذكرها زفايغ في رسالته، ففي رأيه أن هذه الرسالة ناقصة جداً ولا تعطينا السبب الحقيقي لانتحاره، إنه يتحجج بالنازية والليل الطويل البهيم، وما إلى ذلك من كلام فارغ وبلاغيات جوفاء، ولكن توماس مان لا «يستسيغ» هذا الكلام حرفياً. في رأيه يوجد سبب آخر لانتحار الرجل، إنه لا يستبعد وجود فضيحة معينة كانت تتهدده، وربما فضيحة جنسية لأنه كان فعلاً زير نساء، ومن ثم فربما تورط في قضية أكبر منه، ولذلك وجد نفسه مدفوعاً دفعاً إلى الانتحار لتحاشي انفجار هذه الفضيحة كالقنبلة الموقوتة. والشيء الذي يدعم فرضية توماس مان هو أن زفايغ كان يعرف جيداً أن هتلر سوف يُهزم في نهاية المطاف بعد أن نزلت أمريكا بكل ثقلها في المعركة. ثم إنه كان يعيش في أقاصي الأرض، في البرازيل، بعيداً جداً عن أي خطر. بقيت نقطة أخيرة: الكثيرون كانوا يعيبون عليه أنه كان عُصابياً، ولكن هل كان سيصبح كاتباً كبيراً لولا أنه كان هيجانياً جنونياً؟
والآن لنقل كلمة واحدة عن زوجته «لوت» التي أقنعها بالانتحار معه وهو يكبرها بأكثر من ربع قرن، كانت في الرابعة والثلاثين فقط، وهو في الستين، فلماذا أجبرها على الانتحار معه؟ يا أخي إذا كنت تريد أن تنتحر فأنت حر: انتحر وحدك! لماذا تجر زوجتك المسكينة معك إلى الهاوية؟! لماذا لا تتركها تعيش حياتها وهي لا تزال في عز الشباب؟ هنا أيضاً سر الأسرار ومجهول المجاهيل.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.