الشعر في الشمال المغربي

الموسيقى ليست وحدها ما يميزه

جانب من الأنشطة الشعرية في تطوان
جانب من الأنشطة الشعرية في تطوان
TT

الشعر في الشمال المغربي

جانب من الأنشطة الشعرية في تطوان
جانب من الأنشطة الشعرية في تطوان

اعتاد الشعر العربي في المغرب على العيش منسجماً مع سياقات المشهد الثقافي وعناصره الحية، فضلاً عن تفاعله البناء مع شتى الحساسيات الفنية والإبداعية، ذلك أن الكتابات الشعرية المغربية على اختلاف مراحلها، عبرت دائماً عن تواصلها الثقافي مع روافد التاريخ الإنساني في المنطقة والعالم بصيغ مركبة لكنها ثرية وراسخة... بعض هذه الروافد حملته رياح المشرق إلى فضاء شمال أفريقي متنوع ومنفتح، يحتفي بالثقافات ويفتح قلبه لأسئلة العالم، وبعضها الآخر ينبع من عمق الخصوصيات المحلية مجسداً حالة الكتابة الشعرية الواعية التي تقرأ فيها الذات نفسها من زوايا مختلفة تتحد فيها الغايات وتتكامل، دون أن تفضي بوضوح إلى شيء آخر سوى الشعر. القصد، هو أن الشعر العربي في المغرب بقي في سياق الشمال الثقافي والرمزي مخلصاً لروحه دون أن ينأى بهواجسه عن نبض العالم، ودون أن يبتعد عن بقية الأشكال الأخرى للفن واللغة.
لقد تزينت حدائق الشعر المغربي بقصائد عربية تنضح بسياقات الشمال وتتغنى بمفاتنه وتتساءل عن هويته وقضاياه، وعن رمزياته في الفن والتاريخ... إنها دلالات عالية جعلت الشمال يشكل في ذهنية الشعر وخياله ذلك الفضاء الذي يُقارب هواء المغرب الثقافي بتنوعاته الجمة، ويجعله في حالة من التماهي مع النسمات الأندلسية الدافئة التي حملها الزمن الإيبيري إلى مدن الضفة الأخرى من المتوسط، إنه تماهٍ فني لا يعني انصهار عنصر في العنصر الآخر، بل يمثل قمة التعلق الإيجابي بين حضارتين متناظرتين من حيث الرؤية والمنجز، ليس الصراع وحده هو المهيمن على العلاقة بينهما، وليس الشعر بعيداً عن قراءة جماليات العلاقة ومساجلتها.
لم يكن الشعر المغربي، وهو يحتفي برمزيات الشمال، بعيداً عن ذلك المد النفسي الذي يغلب عليه الحنين، في نوستالجيا شعرية تعانق زمن الوصل القديم بكثير من حساسية الشعر، فلطالما تعلقت أفئدة العرب بالأندلس، والمغرب في هذا السياق النفسي الخاص كان هو حلقة الوصل الأكثر بروزاً في المشهد. لقد عبّر الشعر المغربي عن هذا الدور واحتفى به وأرّخه لغةً وموسيقى وقصائد مقروءة وأخرى بصرية، أصبحت اليوم جزءاً من مادة فنية متكاملة الروح تقدّمها مؤسسات حديثة تُعنى بالشعر وتعتني به، منها دار الشعر في تطوان، التي جاءت ثمرة تعاونٍ بنّاء بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة في إمارة الشارقة.
تستضيف الدار على امتداد السنة لقاءات وبرامج وأماسِيَ وندوات، كلها تستضيف الشعر في الفضاء العام، وهذا هو المميز في الفكرة، لقد استطاعت أن تُخرج الشعر إلى الشارع والحدائق والمسارح المفتوحة، وجعلت القصيدة كائناً متنقلاً بين الأجيال، يقرأه الشاعر والباحث والطالب، كما تقرأه ربات البيوت، ويكسر به العمال روتين يومهم الوظيفي الطويل، وفي ورشات تربوية يتعلمه الأطفال في المدارس، ويتدربون على إلقائه بكثير من الزهو الطفولي، كل ذلك ضمن محاولات تسعى بكدّ إلى خلق ثقافة جديدة يصبح فيها الشعر كائناً بديهياً في الحياة الاجتماعية لمدن الشمال المغربي. لقد حدث ذلك من بوابة التقاء الشعر باليوميّ الـمَعِيش، ومن خلال تواصله مع الفنون الأخرى في سعي دؤوب لإضفاء طابع شمالي واضح على مادة الشعر الثقافية التي تُقدّم للجمهور والمشاركين في الفعاليات، ولرواد السياحة الثقافية في الشمال. يمكن القول إن الشعر هنا مغربي شمالي، وهذا هو ما يمكن لأي زائر أن يميزه في أنشطة دار الشعر بتطوان.
هكذا تصبح مواسم القصيدة الشعرية في شمال المغرب معجونة بكلاسيكيات الطرب الأندلسي الذي تعكف على تقديمه فرق تراثية من تطوان وطنجة وأصيلة وشفشاون وباقي ربوع الشمال المغربي، لا يكتمل مشهد الشعر في أي أمسية إلا والموسيقى تملأ بصداها فضاء المسرح فتصل إلى مدى تختلط فيها الأصوات بحكايات الممالك الغراء، يرى الزائر ويندهش من منظر النساء وهن ينشدن مع الفرقة مقاطع طويلة من قصائد أندلسية خالدة تتغنى بزمن الوصل القديم في الأندلس... إنه مشهد لا يُرى إلا في الشمال. وفي مدينة تطوان مثلاً، أصبح للشعر سياقه المسرحي عالي الحساسية، والذي لا يستقيم العرض الشعري من دونه، قبل بضعة أسابيع اختُتِمَت فعاليات مهرجان الشعراء المغاربة في تطوان، وقد عملت دار الشعر هناك على اختيار فضاء مسرحي بديع يليق بالطابع الأندلسي القريب من روح أوروبا، فاختارت «سينما إسبانيول» الذي احتضن أكثر من ألف متابع للشعر جاء ولم يغادر إلا بعد انتهاء الأمسية الافتتاحية، إنه عدد يعيد إلى الأذهان سؤال أزمة المتلقي في الأنشطة الثقافية التي تُعنى بالشعر، أي دور يمكن أن يلعبه اختيار المسرح وحضور الموسيقى وتماهي الشعر مع جماليات العناصر الفنية الأخرى في محاولات الخروج من أزمة العزلة الجماهيرية للشعر في عالمنا؟
نفس الأمر يحدث طوال السنة في دار الصنائع والفنون بتطوان، حيث الشعر ونغمات الموسيقى الأندلسية، وحيث الجمهور الغفير، لكن قد لا يكون توصيفنا هنا للحالةِ دقيقاً إنْ نحن نظرنا إلى أهمية الطابع الشمالي للشعر في المغرب من زاوية الجماهيرية وحضور المتلقي كمّاً، فالأمر ليس كذلك، إنه يتجاوز هذا الحد إلى مستوى معقول من النجاح في خلق تفاعل نوعي جاد مع المادة الشعرية، وتتجلى مظاهر هذا النجاح في حالة الاستمتاع التي يعبر عنها الجمهور بتلقائية وهو يتفاعل مع ألوان مختلفة من القصائد، فالأمر بعيد تماماً عن التهليل العام لأبيات منبرية لا تُقراُ عادة إلا في المناسبات، كما أن الأمر لا يتعلق مطلقاً بأسماء معينة تُستدعى كي تجذب الجمهور بوهج حضورها النادر، بل إن جوهر الفكرة بقي هو إضفاء نوع من الرمزية الثقافية للشمال في مادة الشعر المقدمة لغةً وعرضاً، ويمكن أن نجمل كل وصفنا للمشهد في كلمة واحدة، هي الاستمتاع، الاستمتاع بالشعر.
الموسيقى ليست وحدها ما يميز الشعر المغربي في الشمال، فهنالك قصائد بصرية أصبح حضورها عادة مرسخة في كل فعاليات دار الشعر بتطوان، إذ تُستضاف قصائد الشعراء في لوحات حرة تتحول عبرها من حالة اللغة إلى حالة التشكيل، بألوان وحروف يحافظ فيها الشعر على حضوره متنقلاً من الكتابة إلى الرسم، عبر هذا النوع الآخر من التفاعل، والذي لا يحضر إلا شمال المغرب، يتواصل الشعراء بالفنانين التشكيليين ويتعرفون على بعضهم البعض، فتخرج إلى العلن مشاريع ورؤى تزاوج بين روح الشعر وأدوات الرسم، مساهمةً في خلق نوع آخر من الجسور بين الأشكال الفنية، ومشكلةً بدلالاتها حضوراً مميزاً لرمزيات الشمال في الشعر المغربي الذي يبدو اليوم عنواناً للثقافة في تطوان، كما في أصيلة وفي غيرها من المدن التي جعلت ضفاف المتوسط الجنوبية تنضح بروح الشعر من جديد.

- شاعر وكاتب من المغرب


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».