حرب أوكرانيا تدخل شهرها العاشر... وإمدادات السلاح تسابق دعوات التهدئة

استهداف البنى التحتية يشل المدن الكبرى... والأطراف تترقب شتاء قاسياً

بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)
بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)
TT

حرب أوكرانيا تدخل شهرها العاشر... وإمدادات السلاح تسابق دعوات التهدئة

بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)
بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)

مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا شهرها العاشر صباح الجمعة، بدا أن الأطراف المنخرطة في الصراع تواجه صعوبات متزايدة، خصوصاً مع اقتراب استحقاق فصل الشتاء، وتفاقم المشكلات المتعلقة بنقص إمدادات الطاقة الكهربائية ومياه الشرب عن غالبية المدن الأوكرانية. يتزامن ذلك مع تصعيد في سقف مطالبات الجانب الأوكراني على خلفية التقدم المحرز في خيرسون ومناطق الشرق، وخصوصاً حول خاركيف. في الوقت ذاته، تستعد موسكو التي وجهت رسائل حول استعداد لاستئناف عملية التفاوض وفقاً لشروطها المعلنة، تحديات إضافية مع استمرار إمدادات السلاح الغربي، وتداعيات تفاقم العزلة الغربية المفروضة عليها.
- شروط تعجيزية للتفاوض
ومع انقضاء الشهر التاسع للحرب التي غيرت وجه العالم، وأعادت ترتيب أولويات الفاعلين الأساسيين المنخرطين في المواجهة، ما زالت تبدو بعيدة مقدمات وضع حد للمواجهات أو إطلاق عملية سلام في ظل التباعد الواسع في مواقف الأطراف، والشروط «التعجيزية» التي وضعتها موسكو وكييف للجلوس على طاولة مفاوضات. وتتمسك موسكو بشروطها المعلنة لإحراز تقدم في ملف مفاوضات السلام وتحمل الجانب الأوكرانية المسؤولية عن رفض الاعتراف بالأمر الواقع الجديد على الأرض.
وكررت القيادة الروسية مراراً شروطها للسلام، وهي تقوم على الاعتراف بسيادة روسيا على القرم، والاعتراف بنتائج عمليات الضم، ما يعني سيادة روسيا على أجزاء من أوكرانيا، وهو ما تسميه موسكو «التعامل مع الأمر الواقع»، لكن اللافت في هذه النقطة أن انسحاب خيرسون قد يفتح على أسئلة في هذا الشأن، ومع أن موسكو أكدت أن الانسحاب لا يعني التراجع عن قرار الضم، لكن مسؤولين عسكريين أقروا بأن السيطرة الأوكرانية على المنطقة قد تستمر لفترة طويلة. أيضاً من بين الشروط الروسية الأساسية إعلان حياد أوكرانيا وعدم سعيها إلى الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية. وضمان حماية دونباس، والمناطق الروسية المحيطة بها، بما يعني إعلان أوكرانيا بشكل نهائي أنها لن تقوم بأي عمليات عسكرية ضد المنطقة. ويضاف إلى تلك الشروط المعروفة سابقاً، مطالبات روسية بمحاكمات مَن شاركوا في عمليات عسكرية واستهداف للروس.

في المقابل، حددت كييف خمسة شروط للتفاوض مع روسيا هي: استعادة وحدة الأراضي؛ ما يعني الانسحاب الروسي من كل المناطق الأوكرانية، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، لجهة سيادة أوكرانيا على أراضيها، والتعويض عن كافة الأضرار التي تسببت فيها الحرب، ومعاقبة جميع مجرمي الحرب، وتقديم ضمانات بعدم تكرار ما حدث.
هنا يبدو لافتاً أن المطالب الأوكرانية لم تشتمل مبدأ عدم التفاوض مع الرئيس فلاديمير بوتين وانتظار «الحوار مع قيادة روسية جديدة»، وفقاً لمرسوم وقعه زيلينسكي أخيراً. ويبدو التباعد واضحاً في مواقف الطرفين ما انعكس على الأرض في جمود عملية المفاوضات والاكتفاء بتدابير محدودة مثل التوافقات على تبادل الأسرى أو الانخراط في مفاوضات لتسهيل صادرات المواد الغذائية.
- تصعيد ميداني يسابق الشتاء
في الأثناء، تسابق موسكو وكييف حلول فصل الشتاء بمحاولة تحقيق إنجازات واسعة على الأرض، وسط ترقب لتزايد الصعوبات الميدانية مع هطول الثلوج، وتفاقم مشكلات إمدادات الطاقة التي أصابتها المعارك خلال الشهر الأخير بأضرار قاسية. وأسفرت عمليات استهداف البنى التحتية للطاقة في أوكرانيا عن تدمير نحو نصف منشآت إمدادات الكهرباء ومياه الشرب في المدن الأوكرانية الكبرى، ما يهدد ببقاء غالبية المدن من دون كهرباء في فصل الشتاء، وهذا ما دفع السلطات الأوكرانية إلى الشروع خلال الأسبوع الأخير بتجهيز عمليات إجلاء السكان عن المناطق الأكثر تضرراً، وبعد حملة لإجلاء سكان خيرسون في الجنوب، تحدثت إدارة مدينة كييف عن خطة لإجلاء جزء كبير من سكان العاصمة إلى مناطق أخرى بشكل مؤقت خلال فصل الشتاء.
في الأثناء، بدا أن الجانب الأوكراني الذي شعر بنشوة التقدم المحرز في خيرسون بدأ برفع سقف مطالبه العسكرية، عبر تعزيز الهجمات على طول خطوط التماس دونيتسك ولوغانسك ونيكولايف وزوباروجيا، وعلى طول خطوط المواجهة في مناطق جنوب خاركيف. وتلقت تعهدات المسؤولين العسكريين الأوكرانيين بالوصول بالهجمات المضادة إلى شبه جزيرة القرم في غضون أسابيع، رداً سريعاً وحاسماً من جانب موسكو التي سرعت عمليات تعزيز المواقع العسكرية في شبه الجزيرة، وتزويدها بأسلحة حديثة. بالتزامن مع إعطاء الرئيس الروسي توجيهات خلال اجتماع عسكري قبل يومين بتسريع عملية إنتاج طرازات حديثة من الأسلحة وتوزيعها على القطعات العسكرية، وتحديد مهل زمنية لإنجاز عمليات الإمدادات.
في غضون ذلك، لم تنجح التحذيرات الروسية المتتالية إلى الغرب بوقف عمليات إمدادات السلاح إلى أوكرانيا في وقف التدفق الكبير من الأسلحة والمعدات. وبعد سلسلة زيارات قام بها مسؤولون دبلوماسيون وعسكريون إلى كييف في الأسابيع الأخيرة، كررت بريطانيا، الجمعة، تأكيد التزامها بمواصلة دعم كييف بالسلاح ومستلزمات «تعزيز صمود كييف» خلال زيارة قام بها وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، وأعلن خلالها تقديم مساعدات جديدة للأوكرانيين. وكان رئيس الوزراء البريطاني زار كييف قبل ذلك، وأعلن السبت الماضي عن مساعدة عسكرية تبلغ قيمتها 50 مليون جنيه إسترليني (57.4 مليون يورو)، ومساعدات إنسانية بقيمة 16 مليون جنيه إسترليني (18.3 مليون يورو). كما أعلنت لندن التي تعد من أكبر مؤيدي كييف منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) الماضي، الأربعاء، عن إرسال مروحيات لدعم الأوكرانيين. وترى موسكو أن استمرار تدفق السلاح الغربي يهدد ليس فقط باستمرار المعارك خلال فصل الشتاء، بل في إضاعة أي أمل في استئناف مفاوضات السلام خلال الفترة المقبلة.
- مخاوف من تصدع الجبهة الغربية
ومع توجيه رسائل روسية عدة خلال الشهر الأخير باستعداد موسكو لاستئناف الحوار، وفقاً للشروط الموضوعة، وتحميل كييف المتواصل المسؤولية عن تعطيل الحوار السياسي، وهو أمر شهد تتويجاً خلال محادثات روسية أميركية جرت في تركيا على مستوى مسؤولين أمنيين بارزين، تنطلق موسكو في موقفها من حاجة الأطراف إلى «هدنة مؤقتة» ربما تكون خلال فصل الشتاء، تمنح الأطراف فرصة لالتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب مجالات لعملية تفاوضية شاملة. وتحتاج موسكو هذه المهلة لإعادة ترتيب وضعها العسكري ومواصلة تأهيل وحدات المتطوعين، فضلاً عن سد النقص الذي أحدثته الحرب بالمعدات والأسلحة على الجبهات. وهي ترى أن الفرصة مواتية نظراً لأن أوروبا تترقب الفصل البارد بمزيد من القلق بسبب نقص إمدادات الطاقة وارتفاع الأسعار وتفاقم مشكلات التضخم، كما أن واشنطن قد لا تمانع في هدنة مؤقتة لمراجعة ترتيبات المرحلة اللاحقة وتوحيد صفوف حلفائها في أوروبا ومناطق أخرى.
على هذه الخلفية جاءت تحذيرات القيادة الأوكرانية من أن القبول بمنطق الهدنة المؤقتة قد يؤسس للإقرار بشكل غير مباشر بإنجازات الكرملين على الأرض، كما أنه يمنح موسكو فرصة لاستعادة ترتيب قواتها وتعزيز تموضعها العسكري على الأراضي الأوكرانية. وجاءت دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي الأوروبيين، الجمعة، إلى البقاء صفاً واحداً في مواجهة الحرب الروسية، وخفض سعر النفط الروسي لأقصى حد لتعكس مستوى المخاوف الأوكرانية من حدوث شرخ في الموقف الغربي بسبب المخاوف من صعوبات فصل الشتاء.
أبلغ زيلينسكي مؤتمراً في ليتوانيا: «لا يوجد انقسام، ولا يوجد انشقاق بين الأوروبيين، وعلينا الحفاظ على هذا. هذه هي مهمتنا الأولى هذا العام». وأضاف أن «أوروبا تساعد نفسها. إنها لا تساعد أوكرانيا في الوقوف ضد روسيا، فهذا يساعد أوروبا على الوقوف في وجه العدوان الروسي». كان زيلينسكي شدد في الوقت ذاته على أن بلاده «عصية على الكسر»، في إشارة إلى الغرب بأنه لا يمكن ترك أوكرانيا تقاتل وحدها نيابة عنه. ورأى أن استراتيجية موسكو الجديدة، الهادفة إلى إغراق أوكرانيا في الظلمة، لن تنال من عزيمة البلاد. وقال في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، نشرت الجمعة، إنها «حرب قوة وصمود لنرى من هو الأقوى».
وكان انقسام مواقف حكومات الاتحاد الأوروبي برز بشكل جلي أخيراً خلال مناقشات بشأن مستوى الحد الأقصى لأسعار النفط الروسي؛ بهدف كبح قدرة موسكو على تمويل الحرب. وفشلت دول الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق حول تحديد سقف لسعر النفط الروسي المنقول بحراً يوم الأربعاء.


مقالات ذات صلة

ستارمر يضغط على أبراموفيتش لتحويل أموال بيع تشيلسي إلى أوكرانيا

رياضة عالمية رومان أبراموفيتش (أ.ب)

ستارمر يضغط على أبراموفيتش لتحويل أموال بيع تشيلسي إلى أوكرانيا

حذّر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، المالك السابق لنادي تشيلسي فيما يخص مبلغ (3.4 مليار دولار) المجمّد من عائدات بيع النادي الذي خصص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ) play-circle

بوتين يصف الدعوات الغربية للاستعداد لحرب كبرى مع روسيا بـ«هستيريا» و«أكذوبة»

بوتين يصف الدعوات الغربية للاستعداد لحرب كبرى مع روسيا بـ«هستيريا» و«أكذوبة» وموسكو «ترفض» نشراً محتملاً لقوات غربية في أوكرانيا لكنها «مستعدة لمناقشة» الموضوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوهدان ليفتشيكوف يمشي بمحاذاة مبنى سكني متضرر في مدينة بالاكليا (أ.ف.ب)

جيل الحرب في أوكرانيا... تعليم قاسٍ وندوب نفسية عميقة

شباب أوكرانيا يدرسون تحت الأرض أو عبر الإنترنت ويحملون ندوب حرب مستمرة منذ أعوام.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وزير الدفاع الروسي: أوكرانيا تحاول دون جدوى السيطرة على كوبيانسك

قال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، اليوم الأربعاء، إن القوات الأوكرانية تحاول دون جدوى السيطرة على بلدة كوبيانسك في شمال شرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)

إيطاليا: استخدام الأصول الروسية المجمدة لا يزال أمراً «بالغ الصعوبة»

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية إن إيجاد آلية قانونية لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا لا يزال أمراً «بالغ الصعوبة».

«الشرق الأوسط» (روما )

منصة «روبلوكس» الأميركية تتعهد بإجراء تغييرات لرفع الحظر الروسي المفروض عليها

صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)
صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)
TT

منصة «روبلوكس» الأميركية تتعهد بإجراء تغييرات لرفع الحظر الروسي المفروض عليها

صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)
صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)

قالت منصة «روبلوكس» الأميركية لألعاب الأطفال، الأربعاء، إنها مستعدة لإجراء تغييرات على بعض خصائصها في روسيا، في الوقت الذي تسعى فيه لإلغاء الحظر الذي فرضته عليها موسكو هذا الشهر.

وأعلنت هيئة مراقبة الاتصالات الروسية (روسكومنادزور) الحظر في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) لأسباب تتعلق بسلامة الأطفال، مما أزعج بعض المستخدمين الروس، بل وأثار احتجاجاً نادراً بمدينة تومسك السيبيرية في مطلع الأسبوع.

ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، الأربعاء، عن روسكومنادزور قولها إن المنصة الأميركية اتصلت بها وعبّرت عن استعدادها للامتثال للقانون الروسي.

وقالت الوكالة نقلاً عن الهيئة الرقابية: «إذا لم يكن هذا مجرد تصريح، وإنما رغبة حقيقية من المنصة في تغيير نهجها لضمان سلامة الأطفال على الإنترنت، فستتعامل معها روسكومنادزور مثلما تتعامل مع أي خدمة أخرى تمتثل للقانون الروسي».

وأكد المتحدث باسم «روبلوكس» لوكالة «رويترز» للأنباء في رسالة بالبريد الإلكتروني، أن المنصة تواصلت مع الهيئة الرقابية.

طالب هندسة تكنولوجية يقوم بتطوير ألعاب ذات طابع حربي لمنصة ألعاب «روبلوكس» في مونتيري بالمكسيك يوم 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وقال المتحدث إن «روبلوكس» مستعدة «للحد مؤقتاً من خصائص التواصل في روسيا ومراجعة عمليات الإشراف على المحتوى لدينا لاستيفاء المتطلبات القانونية اللازمة لوصول جمهورنا من جديد إلى المنصة».

وأحجم المتحدث عن التعليق على موعد رفع الحظر.

وحظرت دول عدة، منها العراق وتركيا، المنصة بسبب مخاوف من استغلال الأطفال. وتقول المنصة إنها تحترم القوانين الوطنية وتلتزم بشدة بسلامة المستخدمين.

وسيكون أي اتفاق لاستعادة الوصول إلى «روبلوكس» تسوية نادرة لأحد الخلافات طويلة الأمد بين روسيا وشركات التكنولوجيا الأميركية.

وفرضت روسيا رقابة خلال سنوات الحرب مع أوكرانيا، وحجبت أو قيّدت الوصول إلى منصات تواصل اجتماعي، مثل «سناب شات» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» و«يوتيوب».

ويقول مسؤولون روس إن هذه الإجراءات ضرورية للدفاع عن البلاد في «حرب معلومات» معقدة تشنها قوى غربية، ولحمايتها مما يصفونه بالثقافة الغربية المنحلة التي تقوّض القيم الروسية التقليدية.


شرطة أستراليا توجه 59 اتهاماً للمشتبه به في هجوم سيدني

أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)
أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)
TT

شرطة أستراليا توجه 59 اتهاماً للمشتبه به في هجوم سيدني

أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)
أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)

وجّهت الشرطة الأسترالية، الأربعاء، 59 اتهاماً للمشتبه بتنفيذه هجوماً على شاطئ بونداي بمدينة سيدني، وذلك بعد أسوأ عملية إطلاق نار جماعية تشهدها أستراليا منذ عقود.

وقالت شرطة نيو ساوث ويلز إن الشرطة ستتهم في المحكمة نافيد أكرم، ذا الأصول الهندية، الذي يحمل الجنسية الأسترالية، «بالقيام بسلوك تسبب بالقتل وبإصابات خطيرة، وبتعريض حياة أشخاص للخطر من أجل الدفاع عن قضية دينية وإثارة الخوف في المجتمع».

وإلى جانب تهمتي الإرهاب وقتل 15 شخصاً، تشمل الاتهامات 40 تهمة بالإيذاء بنية القتل، فيما يتعلق بسقوط جرحى ووضع عبوة ناسفة قرب مبنى. وأفادت الشرطة، في بيان، بأن المؤشرات الأولية تدل على أن الهجوم هجوم إرهابي مستوحى من تنظيم «داعش»، المدرج على قائمة الإرهاب في أستراليا.

وأقامت أستراليا أول جنازة لضحايا الحادث، وتجمعت حشود كبيرة لتأبين الحاخام إيلي شلانغر، الذي كان بين القتلى حين أطلق ساجد أكرم، الهندي المقيم في أستراليا، وابنه نافيد، النار على جمع من المحتفلين بعيد «حانوكا» اليهودي على الشاطئ الشهير، مساء الأحد.

من جهته، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، الأربعاء: «قلبي مع المجتمع اليوم وكل يوم». وأضاف، في تصريح لمحطة إذاعية محلية: «لكن اليوم سيكون بالغ الصعوبة مع بدء أولى الجنازات».

وكان قد قال، الثلاثاء، إن المسلحَين كانا مدفوعين بـ«آيديولوجية الكراهية»، مضيفاً أن نافيد أكرم (24 عاماً) لفت انتباه وكالة الاستخبارات الأسترالية عام 2019 «بسبب صلته بآخرين»؛ لكن لم يُعتبر تهديداً وشيكاً وقتها. وأضاف: «لقد حققوا معه، وحققوا مع أفراد أسرته، وحققوا مع محيطين به... ولكنه لم يُعتبر في ذلك الوقت شخصاً مثيراً للاهتمام».

وأطلق ساجد (50 عاماً) وابنه النار على الحشد المتجمع عند الشاطئ لمدة 10 دقائق، قبل أن تفتح الشرطة النار على ساجد وتقتله، في حين أصيب نافيد بالرصاص، ونُقل إلى المستشفى في حالة حرجة.

واتفق قادة أستراليا، الاثنين، على تشديد القوانين التي سمحت للأب بحيازة 6 أسلحة نارية.

ولم تشهد أستراليا حوادث إطلاق نار مماثلة منذ قتل مسلح 35 شخصاً في مدينة بورت آرثر السياحية عام 1996. وأدّت تلك الحادثة إلى حملة، تضمنت برنامجاً لإعادة شراء الأسلحة، وفرض قيود على الأسلحة نصف الآلية. لكن في السنوات الأخيرة، سجّلت أستراليا ارتفاعاً مطرداً في عدد الأسلحة النارية التي يملكها أفراد.

زيارة للفلبين

وتجري الشرطة تحقيقات لمعرفة ما إذا كان الأب وابنه قد التقيا متطرفين خلال زيارة قاما بها للفلبين، قبل أسابيع من الهجوم. وأكّدت إدارة الهجرة في مانيلا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنهما أمضيا معظم شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في البلاد، وكانت دافاو وجهتهما النهائية.

ولهذه المنطقة، الواقعة في جزيرة مينداناو الجنوبية، تاريخ طويل من حركات التمرد والتطرف.

عناصر من الشرطة متجمعون الثلاثاء قرب شاطئ بونداي في سيدني الذي شهد واقعة إطلاق نار خلال احتفال اليهود بعيد حانوكا (رويترز)

لكن الفلبين نفت، الأربعاء، استخدام أراضيها لتدريب «إرهابيين». وقالت الناطقة باسم الرئاسة، كلير كاسترو، لدى تلاوتها بياناً صدر عن مجلس الأمن القومي: «لم يُقدَّم أي دليل لدعم المزاعم بأن البلاد استُخدمت لتدريب إرهابيين».

وأضافت: «لا يوجد أي تقرير معتمد أو تأكيد بأن أفراداً تورطوا في حادثة شاطئ بونداي تلقوا أي شكل من أشكال التدريب في الفلبين».

وكان مكتب الهجرة في الفلبين قد ذكر، الثلاثاء، أن المسلحَين المتهمَين بتنفيذ إطلاق النار الجماعي بشاطئ بونداي سافرا إلى الفلبين في أول نوفمبر على متن الرحلة «بي آر 212» التابعة لـ«الخطوط الجوية الفلبينية»، من سيدني إلى مانيلا، ومنها إلى مدينة دافاو.

وغادر الرجل وابنه الفلبين في 28 نوفمبر على الرحلة نفسها من دافاو عبر مانيلا إلى سيدني. ولم تتضح بعد الأنشطة التي قام بها الرجلان في الفلبين، أو ما إذا كانا قد سافرا إلى مكان آخر بعد الهبوط في دافاو.

وفي عام 2017، سيطر مسلحون متأثرون بفكر «داعش» على أجزاء من مدينة ماراوي في جنوب الفلبين، وتمكنوا من الاحتفاظ بها 5 أشهر، رغم عمليات برية وجوية ظل الجيش يشنّها.

وأدّى حصار ماراوي، الذي شكَّل أكبر معركة تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، إلى نزوح نحو 350 ألف شخص ومقتل أكثر من 1100، معظمهم من المسلحين.

«قوى الشر الإرهابية»

من جانبه، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، إلى حرب دولية ضد «الإرهاب المتطرف»، وقال في حفل استقبال في البيت الأبيض بمناسبة عيد حانوكا: «يجب على كل الدول أن تتّحد ضد قوى الشر الإرهابية الراديكالية، ونحن نفعل ذلك».

واتفق الرئيس الأميركي مع توصيف السلطات الأسترالية للهجوم بأنه «هجوم إرهابي»، كما اتفق مع الوصف الإسرائيلي لما حدث بأنه «مظهر من مظاهر تصاعد معاداة السامية»، وقال: «هذا هجوم إرهابي شنيع معادٍ للسامية»، مشدداً على تكاتف جميع الدول «ضد قوى الشر الإسلامي الراديكالي».

وربط ترمب هجوم الشاطئ الأسترالي بهجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، التي شنّتها حركة «حماس» على بلدات إسرائيلية في غلاف غزة، قائلاً: «رأيت أشرطة تمنيت لو لم أرها»، ومحذراً من تكرار الهجمات الإرهابية.

وقال: «يجب أن تكونوا حذرين جداً، فأمور سيئة يمكن أن تحدث؛ رأيتم ما حدث في أستراليا وما حدث في السابع من أكتوبر».

السوري الذي أنقذ العشرات

أما السوري أحمد الأحمد (44 عاماً)، الذي أصيب بطلقات عدة خلال انتزاعه سلاح أحد المهاجمين، تفادياً لإصابة ومقتل آخرين، فقد توالت التعهدات بمساعدته مادياً.

لقطة من فيديو على حساب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على «إكس» تُظهره وهو يلتقي السوري أحمد الأحمد الذي انتزع سلاح أحد المهاجمين خلال هجوم شاطئ بونداي في مستشفى بسيدني (أ.ف.ب)

وجذبت صفحة لجمع الأموال أنشأها أستراليون لم يلتقوا الأحمد قط تبرعات من نحو 40 ألف شخص، حيث تبرعوا بـ2.3 مليون دولار أسترالي (1.5 مليون دولار أميركي)، بحلول مساء الثلاثاء. ومِن بين الداعمين الملياردير مدير صندوق التحوط وليام أكمان، الذي تعهّد بتقديم 99 ألف دولار أسترالي.

وقالت مديرة الإعلام في جمعية «الأستراليون من أجل سوريا»، التي زارت الأحمد في المستشفى في ساعة متأخرة من يوم الاثنين، إنه خضع لجراحة، ومن المقرر إجراء مزيد من العمليات الجراحية.

من جهة أخرى، أُعلن إلغاء احتفالات ليلة رأس السنة التي كانت مقررة على شاطئ بونداي إثر الهجوم الدامي.

وقال منظمو الاحتفالات، في بيان، الأربعاء، إن القرار اتُخذ بالتشاور مع المجلس المحلي.


الصين تعرب عن دعمها لفنزويلا... وتعارض أساليب «الترهيب»

وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)
TT

الصين تعرب عن دعمها لفنزويلا... وتعارض أساليب «الترهيب»

وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)

قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، لنظيره الفنزويلي، الأربعاء، إن الصين تعارض أسلوب «الترهيب بشكل أحادي» وتدعم الدول في حماية سيادتها، في الوقت الذي يكثف فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

وقال وانغ، في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الفنزويلي إيفان جيل، إن الصين وفنزويلا شريكان استراتيجيان، وإن الثقة والدعم المتبادلين تقليد في العلاقات الثنائية، حسبما ورد في بيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية.

وأضاف: «تعتقد الصين أن المجتمع الدولي يتفهم ويدعم موقف فنزويلا في الدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.