قالت منظمة حقوقية إن التجار الإيرانيين في 22 مدينة كردية أضربوا الخميس عن العمل تلبية لمناشدات التضامن مع المناطق التي تواجه حملة قمع عنيفة، فيما أوقفت السلطات الإيرانية الخميس لاعب كرة القدم الشهير وريا غفوري، بتهمة «إهانة وتشويه سمعة المنتخب الوطني والانخراط في الدعاية» ضدّ الدولة.
وقالت منظمة «هنغاو» الحقوقية الكردية إن المحلات التجارية في المدن الكردية الموزعة على محافظات كردستان وكرمانشاه وأذربيجان الغربية وإيلام، أغلقت أبوابها الخميس بعدما وجهت أحزاب سياسية كردية معارضة للنظام الإيراني، نداء إلى الإيرانيين الأربعاء للاحتجاجات على حملة القمع التي طالت المدن الكردية خلال الأسبوع الأخير وأوقعت أكثر من 50 قتيلاً.
وقال وكالة نشطاء حقوق الإنسان «هرانا»، في إحصائيتها اليومية، إن 440 محتجاً قتلوا، من بينهم 61 طفلاً منذ اندلاع الاحتجاجات في 17 سبتمبر (أيلول) إثر وفاة الشابة الكردية مهسا أميني. وأشارت تقديرات المنظمة إلى اعتقال 18059 شخصاً في 156 مدينة و143 جامعة شهدت احتجاجات.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن أجهزة الأمن أوقفت اللاعب البارز وريا غفوري بعد حصة تدريبية لفريقه (فولاد خوزستان) بناء على قرار من السلطة القضائية.
وكان لاعب كرة القدم البالغ 35 عاماً، والذي يتحدّر من سنندج عاصمة محافظة كردستان الإيرانية، قد نشر صورة على حسابه على «إنستغرام» مرتدياً فيها الملابس الكردية التقليدية. واضطُرّ القائد السابق لفريق استقلال، الأشهر في البلاد، إلى مغادرة الفريق في يوليو (تموز) بسبب انتقاداته المتكرّرة للسلطات.
ويعد غفوري رابع لاعب كرة قدم إيراني بعد اعتقال الحارس السابق للمنتخب الإيراني وفريق استقلال طهران، برويز برومند، واللاعب السابق حسين ماهيني، واللاعب حميد رضا علي عسكري.
واستدعت السلطات مدرب فريق برسبولين واللاعب السابق في المنتخب يحيى غل محمدي للتحقيق. وكانت قد تدوولت تقارير عن حجز جواز سفر الهداف التاريخي للمنتخب الإيراني علي دايي. كما تحول اللاعب علي كريمي إلى أبرز الوجوه المؤيدة للاحتجاجات، الأمر الذي أثار غضب السلطات ضده.
في غضون ذلك، طالبت نقابة عمال البناء والحرفيين في محافظة كردستان، بمحاكمة المسؤولين عن حملة القمع في المدن الكردية. وظهر نحو 20 عاملاً في مقطع فيديو نشره حساب نقابة العمال الإيرانيين على «تويتر». وقال العمال: «خلال هذه الفترة بعض العمال المحتجين بسبب الفقر والبطالة وتراجع قدرتهم الشرائية والتمييز، قتلوا برصاص قوات الأمن».
وانتشرت الخميس فیديوهات من إطلاق نار القوات الأمنية أمس على تلاميذ مدارس في بلدة «وحدت» في ضواحي مدينة سنندج، مساء الأربعاء. وقال شهود عيان إن إطلاق النار أسفر عن جرح 3 قاصرين، أحدهم في وضع حرج.
وفي خطوة مماثلة، وقف جمع من رجال الدين السنة بمدينة أرومية، شمال غرب إيران، ووجّه رسالة مصورة تطالب بإطلاق سراح المعتقلين خلال الاحتجاجات الأخيرة فوراً، وتطالب المسؤولين بإعادة النظر في التعامل مع الاحتجاجات ووقف قتل المتظاهرين، وتلبية مطالب الحراك الاحتجاجي، و«رفع أجواء الاختناق والتمييز والقمع والقتل من دون رحمة»، حسب مقطع فيديو نشرته وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا).
ووجّه خطيب جمعة زاهدان، وأبرز رجال الدين السنة في إيران، عبد الحميد إسماعيل زهي، رسالة دعم إلى الأكراد في إيران. وكتب على «تويتر»، مساء الأربعاء، أن «الأكراد الأعزاء يتحملون متاعب كثيرة، مثل التمييز العرقي، والضغوط الطائفية، والفقر والمشكلات الاقتصادية، هل من الإنصاف أن نرد على احتجاجاتهم بالرصاص؟» حسب «رويترز».
في المقابل، قال رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، صادق لاريجاني، إن «القول بضرورة سماع الاحتجاجات صائب، لكن يجب ألا يكون شكلياً». ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن لاريجاني قوله، خلال لقاء مجموعة من طلاب جامعة شريف الصناعية، إن «الحجاب قانون في هذه البلاد، وفي الدول الأكثر ليبرالية يجب الالتزام بالقانون».
وخلال الشهر الأول من الاحتجاجات، أثار اقتحام جامعة شريف من قبل قوات أمنية لا ترتدي ملابس عسكرياً غضباً بين الأوساط العلمية في أنحاء البلاد.
وعلى غرار المسؤولين الآخرين، اتهم لاريجاني الولايات المتحدة بـ«تسليح مجموعات إرهابية» في حدود كردستان إيران. وقال: «هذا النظام لديه القدرة على إصلاح نفسه».
وبدوره، قال رئيس لجنة الشؤون الداخلية، محمد صالح جوكار: «إذا كان من المقرر أن تجري إصلاحات في البلاد، يجب أن تستند إلى أفكارنا الخاصة، دون ان يتدخل الغربيون في هذا الأمر». وأضاف: «إذا كانت هذه التغييرات تعتمد على مصدر خارجي فستكون خطيرة ولها آثار سلبية».
وأشار جوكار إلى إحصائية أجراها مركز حكومي مؤخراً حول جذور الاستياء العام في البلاد. وقال إن «النتيجة النهائية أظهرت أن هدف هذه التيارات ليس قضية اقتصادية وأن هناك جذوراً أخرى». وتابع: «في الأحداث الأخيرة، كانت أولوية المشكلات اقتصادية، لكن كانت شعارهم المرأة والحياة والحرية، ولم يكن له أي صلة بالقضايا الاقتصادية». وقال: «انخرط الشباب والمراهقون (في الاحتجاجات) الذين لم يكن لديهم هاجس المرأة والحياة، وهذا يُظهر أن الشعار مستورد».
في الأثناء، قُتل عنصر في «الباسيج» على يد «معادين للثورة» في مريوان في محافظة كردستان، الواقعة في شمال غرب إيران، على حد ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».
واعتقلت طهران، التي تصف معظم هذه الحركة الاحتجاجية بأنها «أعمال شغب»، مئات الأشخاص واتهمت قوى أجنبية بالوقوف وراء هذه الحركة سعياً لزعزعة استقرار المؤسسة الحاكمة.
وأشارت وكالة «فارس» إلى أنّ «علي فتاحي... اغتيل مساء الأربعاء على يد مرتزقة العدو والمعادين للثورة لأنه كان عضواً في الباسيج»، الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري». ونقلت الوكالة عن مسؤول الأمن في إقليم كردستان، محمد رضائي، قوله إنّ الرجل «المواطن من مريوان» أصيب «برصاصة في الظهر» أمام منزله.
ونقلت وكالة «فارس» عن قائد قوات «الباسيج» غلام رضا سليماني قوله: «لم يتم الاستيلاء على أي من قواعد الباسيج من قبل عملاء العدو في الداخل، ولم يتراجع أي من أعضاء الباسيج في هذه الأحداث».
وأعرب سليماني عن نية قواته تنظيم رحلات لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات إلى «مناطق تمكنت إيران من تحقيق التقدم فيها». وأضاف: «هذه الرحلات سترفع الشبهات والعقدة الذهنية للأشخاص».
وانتقد عبد الله حاجي صادقي، ممثل المرشد الإيراني في «الحرس الثوري»، نزع الحجاب من الإيرانيات، خصوصاً الوجوه المعروفة مثل الفنانات وممثلات السينما. وقال: «نعتبر هذا التساقط مثل غدد السرطان».
وألقى حاجي صادقي باللوم على «الأعداء» في نزول الإيرانيين إلى أكبر موجة احتجاجات مناهضة للنظام. وقال: «إنهم غاضبون لكي لا تهدأ هذه الأجواء، وسيتم الثأر منهم» وتابع: «لم يبلغوا أهدافهم، ويسعون وراء عدم تهدئة الأجواء».