الجزائر: الإعدام لـ49 متهماً بقتل شاب اشتبهوا بتورطه في «حرائق القبائل»

أنزلت محكمة الجنايات في العاصمة الجزائرية، اليوم، عقوبة الإعدام بحق 49 شخصاً متهمين باقتراف جريمة مروعة العام الماضي بحق شاب ثلاثيني في منطقة القبائل (شرق)، جاء إليها للمساعدة في إطفاء حرائق مهولة خلفت قتلى ودماراً كبيراً، علماً بأن الجزائر جمّدت تنفيذ أحكام الإعدام منذ نحو 30 سنة، على الرغم من أن القضاء لا يزال ينطق بها.
وانتهت حالة الترقب التي استمرت 10 أيام (مدة المحاكمة)، إثر صدور الأحكام ضد أشخاص اتهمتهم المحكمة أيضاً بالانتماء إلى تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، التي تطالب باستقلال المنطقة، والتي صنفتها السلطات منظمة إرهابية. وتم الحكم على 15 متهماً موقوفاً بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ، في حين حُكم على 7 آخرين غير موقوفين بعقوبات تتراوح بين 3 سنوات و10 سنوات مع التنفيذ، في حين نال 17 متهماً البراءة.
وصدرت أحكام الإعدام ضد المتهمين، الذين قدّرت المحكمة أن مسؤوليتهم ثابتة ومباشرة في مقتل الشاب جمال بن إسماعيل، عن طريق التنكيل به، وحرق جثته في الساحة العامة لبلدة الأربعاء ناث اراثن. وهذه المرة الأولى في تاريخ القضاء الجزائري التي يصدر فيها هذا العدد الكبير من أحكام الإعدام في قضية واحدة. وتضمنت لائحة الاتهامات 11 تهمة، منها «القيام بأعمال إرهابية تستهدف أمن الدولة واستقرار مؤسساتها»، و«التعذيب والتحريض عليه»، و«إضرام النار عمداً في الحقول»، و«نشر خطاب الكراهية». كما اتهم بالتحريض على إشعال الحرائق فرحات مهني، زعيم التنظيم الانفصالي، المعروف اختصاراً باسم «ماك»، اللاجئ في فرنسا. لكنه نفى هذه التهمة في شريط فيديو بثه على منصات التواصل الاجتماعي.
وقال صحافيون تابعوا مراحل المحاكمة، اليوم، إنهم بقوا مشدوهين لهول التفاصيل التي رواها المتهمون حول سحل وقتل وحرق جثة جمال، الذي عُرف بأنه فنان موسيقي وبرسوماته الجدارية في مليانة، غرب العاصمة حيث كان يقيم.
وفي 11 أغسطس (آب) 2021، ظهرت لقطات مصورة تبين بن إسماعيل وهو يتعرض لهجوم داخل سيارة الشرطة، لكن لا أثر لرجال الأمن في المشهد. وجاء ذلك بعد أن اشتبه بعض سكان ناث اراثن فيه زوراً في اندلاع الحرائق، وهاجموه وعذبوه وأحرقوه، قبل نقل جثته إلى ساحة القرية. وأثناء محاصرته داخل سيارة الشرطة، سُمع جمال يقول للمتربصين به، إنه بريء من حرق الغابة وتدمير حقولهم وبيوتهم، وتوسل إليهم أن يتركوه؛ لأنه، كما قال، حضر إلى بلدتهم للمساعدة في إخماد النيران.
وعلقت الجزائر تنفيذ الإعدام منذ عام 1993، في سياق حملة دولية رافضة لهذه العقوبة. وكان آخر من نفذت فيهم هذه العقوبة 3 إسلاميين أدينوا بتهمة بتفجير مطار العاصمة في صيف 1992، وقد نجم عنه سقوط 42 قتيلاً. وطالب برلمانيون إسلاميون، منتصف الشهر الحالي، بالعودة إلى تنفيذ الإعدام، على خلفية استفحال جرائم القتل وخطف الأطفال. ورد وزير العدل رشيد طبي على ذلك بقوله، إن «السبب الوحيد الذي أدى إلى تجميد هذه العقوبة هو التزام الجزائر الثابت باحترام المواثيق والعهود الدولية».
وفي 24 مايو (أيار) الماضي، ذكرت «منظمة العفو الدولية (أمنيستي)»، في تقريرها السنوي حول تنفيذ الإعدام في العالم، أنه يوجد ألف شخص محكوم عليهم بهذه العقوبة في الجزائر على «الرغم من أنها تعد دولة لا تطبق عقوبة الإعدام في الواقع الفعلي؛ مما يعني أنهم يعيشون بـ(سيف ديموقليس) فوق رؤوسهم لسنوات عديدة»، مشيرة إلى أنه «في كثير من الأحيان، يتم تخفيف أحكام الإعدام إلى السجن مدى الحياة بعد بضع سنوات في السجن». كما لفتت إلى أن الجزائر تدعو على الصعيد الدولي إلى إلغاء عقوبة الإعدام «لكن السلطات لا تتعهد بوضع حد نهائي لهذه العقوبة، التي لا رجعة فيها على الصعيد الوطني».