دافع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، عن حملة القمع التي تشنها السلطات لإخماد أحدث احتجاجات عامة؛ أشعلت فتيلها وفاة الشابة مهسا أميني قبل 10 أسابيع، وأكد نائب إيراني مقرب من «الحرس الثوري» إرسال تعزيزات من «الحرس» إلى المدن الكردية، فيما أعلنت الشرطة الإيرانية مقتل عقيد لها على أثر جروح أصيب بها خلال تراشق بالحجارة مع محتجين بمدينة بانة الكردية.
وأظهر تسجيل فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي إطلاق قوات «الحرس الثوري» النار على «مجموعة من تلاميذ المدارس» في بلدة «وحدت» بمدينة سنندج. وقالت «شبكة حقوق الإنسان في كردستان» على «تويتر» إن 4 في الأقل أصيبوا بجروح في الحادث؛ «أحدهم في وضع حرج».
وحلقت مروحيات عسكرية في بعض مناطق مدينة سنندج، وسط إجراءات أمنية مشددة مع استمرار الإضرابات في المدينة. واجتمع عدد من أساتذة وطلاب جامعة كردستان في وقفة احتجاجية، مرددين هتافات تطالب بإطلاق سراح الطلبة المعتقلين. وردد الطلاب شعار: «الشهيد لن يموت».
وانتشر مقطع يظهر أحد عناصر الأمن أثناء إطلاق النار على الشخص الذي يقوم بتصوير المقطع في مدينة جوانرود التي شهدت حملة عنيفة خلال الأيام الأخيرة. وأكدت وكالة «فارس» سقوط 5 قتلى في الأقل فيها بنيران قوات «الحرس».
وقالت منظمة «هنغاو» الحقوقية الكردية إن قائد «الحرس الثوري» في كردستان، الجنرال بهمن ريحاني، «أصدر شخصياً أوامر الهجوم على مدينة سنندج». وأضافت: «بناء على المستندات المتوفرة خلال 48 ساعة؛ فـ(الحرس الثوري) ارتكب إبادة جماعية»، وطالبت بملاحقة دولية للقيادي في «الحرس» بسبب أوامره بقمع مدينة جوانرود.
في سياق متصل؛ أصدر «مركز التنسيق بين الأحزاب الكردية»؛ الذي يضم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وجناحين منشقين من حزب «كومولة» اليساري، بياناً يطالب المنظمات السياسية والناشطين المدنيين والمواطنين الإيرانيين بإضراب عام صباح الخميس، بالإضافة إلى مسيرات احتجاجية مساء الخميس دعماً لأهالي كردستان والوحدة بين الإيرانيين.
وجاء في البيان: «منذ عدة أيام؛ بدأ النظام حمام دم بكل قوته في كردستان وارتكب مجزرة عامة». وأضاف: «هذه الانتفاضة الوطنية لن تنتصر من دون التآزر والوحدة بين كل فئات الشعب الإيراني».
وقال النائب محمد إسماعيل كوثري؛ وهو من جنرالات «الحرس الثوري»، إن «الانفصاليين؛ خصوصاً (أحزاب): (كومولة) و(بيجاك) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني) الموجودة في إقليم كردستان العراق تحاول السيطرة على جزء من كردستان إيران، من أجل ذلك جرى إرسال قوات برية إلى غرب البلاد للغلبة عليهم وإرساء الأمن على الحدود».
يأتي ذلك، بعدما ذكرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، الاثنين، أن قوات الأمن «أُجبرت على إطلاق النار» ضد من وصفتهم بـ«الانفصاليين»؛ في أول تأكيد من وسائل إعلام إيرانية على استخدام الذخائر الحية ضد المحتجين.
في غضون ذلك؛ دعا الجنرال محمد باكبور، قائد القوات البرية في «الحرس الثوري»، أهالي إقليم كردستان العراق إلى إخلاء مقار ومراكز استقرار «الإرهابيين»؛ في إشارة إلى مواقع الأحزاب الكردية الإيرانية.
وقال باكبور إن قواته «ستواصل العلميات ضد الجماعات الإرهابية الانفصالية في إقليم كردستان حتى رفع التهديدات ونزع أسلحة الإرهابيين».
وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في مؤتمر صحافي بطهران: «ما دام هناك تهديد من دولة الجوار ضدنا؛ وفي إطار القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، فإن قواتنا المسلحة ستواصل أعمالها لضمان أقصى قدر من الأمن القومي للبلاد».
وأضاف الوزير أنه «بالتأكيد عندما تتمركز القوات المسلحة العراقية على الحدود المشتركة بين ايران ومنطقة كردستان العراق وتعمل على ضمان أمن هذه الحدود؛ فعندها لن نكون بحاجة إلى مواجهة ما يهدد وحدة أراضينا».
وشنت إيران ضربات صاروخية متكررة عبر الحدود؛ كانت أخراها الثلاثاء، ضد جماعات معارضة كردية في العراق.
ووفق «منظمة حقوق الإنسان في إيران»؛ ومقرها أوسلو، قتل 56 شخصاً الأسبوع الماضي في مناطق يسكنها الأكراد في حملة قمع الاحتجاجات التي تشهدها إيران على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي.
وكانت مدينة إنديمشك (الصالحية) في شمال الأحواز مسرحاً للمناوشات بين المحتجين وقوات الأمن. وأظهرت تسجيلات فيديو نشرها مرصد «1500 تصوير» تصاعد ألسنة الدخان والغاز المسيل للدموع في وسط المدينة.
وقالت «وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)» في إحصائيتها اليومية؛ التي نشرت في وقت متأخر الثلاثاء، إن 437 محتجاً قتلوا في الاحتجاجات؛ من بينهم 61 طفلاً، في 155 مدينة و142 جامعة عصفت بها الاحتجاجات. وأشارت الوكالة إلى اعتقال 18055 شخصاً بناء على معلومات قالت إنها قيد المراجعة. وأشارت إلى مقتل 55 عنصراً من قوات الأمن.
وقالت وسائل إعلام إيرانية، الأربعاء، إن العقيد تورج أردلان توفي في أحد مستشفيات العاصمة طهران، على أثر إصابته بجروح بالغة في الرأس عقب تراشق بالحجارة بين قوات الأمن والمحتجين في مدينة بانة.
في غضون ذلك؛ أفادت إحدى وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية باعتقال مواطن بريطاني - إيراني في إقليم أصفهان الإيراني، الأربعاء، بتهمة مشاركة معلومات مع محطات إخبارية في الخارج.
ونقلت «رويترز» عن الإعلام الحكومي الإيراني أن «جهاز المخابرات التابع لـ(الحرس الثوري) اعتقل مواطناً بريطانياً - إيرانياً تواصل مع (هيئة الإذاعة البريطانية - بي بي سي) و(إيران إنترناشيونال)»، وأضافت أن هذا المواطن مولود في بريطانيا.
وتتهم طهران الوسيلتين الإعلاميتين المتمركزتين في الخارج وتبثان الأخبار باللغة الفارسية، بدعم الاحتجاجات.
في الأثناء، نشرت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية تقييماً من الاحتجاجات يستند إلى فيديوهات وأخبار شبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الحراك الاحتجاجي «لا يقتصر على جغرافية محددة»؛ لكنها قالت إن المسيرات المناهضة للنظام «تعتمد على تحركات الطبقة الوسطى».
وذكرت الصحيفة أن وفاة مهسا أميني والإعلان عنها في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، أشعلت أحد أكثر الاحتجاجات الشعبية انتشاراً في السنوات الأخيرة. وأضافت: «المدن والمحافظات المختلفة في أنحاء البلاد شهدت احتجاجات في الشارع».
ووفق الصحيفة؛ كانت طهران والمدن الكردية أكبر بؤر الاحتجاجات خلال الشهرين الأولين. وشهدت 14 منطقة و4 جامعات احتجاجات ذات كثافة عالية جداً في العاصمة طهران. ومن بين المدن الكردية؛ كانت أشد الاحتجاجات في 9 مدن.
وبدرجة أقل؛ شهدت محافظات بلوشستان وخراسان وفارس والبرز ومازندران، مسيرات احتجاجية ذات كثافة عالية. وكانت مدينة مشهد وجامعة «فردوسي» بؤرتي الاحتجاجات في محافظة خراسان. بالتوازي؛ كانت مدينة شيراز بؤرة الحراك في محافظة فارس الجنوبية. أما محافظة بلوشستان؛ التي سجلت أكبر عدد من القتلى خلال الاحتجاجات، فقد كانت مدن زاهدان وخاش وتشابهار بؤرة المسيرات الاحتجاجية. وشهدت محافظات أصفهان وأذربيجان الشرقية، وجيلان، والأحواز، احتجاجات متوسطة.
إلى ذلك؛ نفى محسن هاشمي، نجل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، تقريراً نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، ذكر أن الأمين العام لمجلس الأمن القومي، علي شمخاني، طلب الشهر الماضي من أسرة رفسنجاني وكذلك المرشد الإيراني الأول (الخميني) التدخل لتهدئة الشارع. وأضافت أن شمخاني قدم عرضاً بمنح بعض الحريات التي يطالب بها المحتجون. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى «رفض العرض من أسرتي هاشمي رفسنجاني والخميني». ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن رئيسي قوله؛ خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإيرانية، أن «الحكومة لديها أذان صاغية لكلام الاحتجاج والمعارضة، لكن الاحتجاجات تختلف عن أعمال الشغب والاضطرابات»، وأضاف: «الاضطرابات تمنع الحوار وأي نوع من التنمية»، ودافع رئيسي عن حملة القمع التي تشنها السلطات ضد الاحتجاجات، وقال إن «الناس تتوقع منا مواجهة حازمة»، وعدّ «انعدام الأمن بمثابة خط أحمر للحكومة».
وقال متحدث باسم البرلمان إن اجتماعين سيعقدان بين رئاسات الحكومة والبرلمان والقضاء الأسبوع المقبل لمناقشة المخرج من «المشكلات الحالية»؛ خصوصاً ما يتعلق بمعيشة الناس.