8 أسباب وراء «الاعتراف الأوروبي المتأخر» بخطر إيران

(تحليل إخباري)

رئيسة المفوضية الاوروبية اروسلا فاندرلاين خلال القائها خطاب الافتتاح في «حوار المنامة» في 18 الشهر الجاري ( أ ف ب)
رئيسة المفوضية الاوروبية اروسلا فاندرلاين خلال القائها خطاب الافتتاح في «حوار المنامة» في 18 الشهر الجاري ( أ ف ب)
TT

8 أسباب وراء «الاعتراف الأوروبي المتأخر» بخطر إيران

رئيسة المفوضية الاوروبية اروسلا فاندرلاين خلال القائها خطاب الافتتاح في «حوار المنامة» في 18 الشهر الجاري ( أ ف ب)
رئيسة المفوضية الاوروبية اروسلا فاندرلاين خلال القائها خطاب الافتتاح في «حوار المنامة» في 18 الشهر الجاري ( أ ف ب)

اختارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين منصة «حوار المنامة»، كي تبوح بـ«اعتراف متأخر»، مفاده بأن الأوروبيين أخذوا وقتاً طويلاً كي يدركوا أن «التهديد الإيراني للمنطقة لا يأتي فقط من السلاح النووي، بل أيضاً من الصواريخ الباليستية والمسيرات (الدرون)».
هذا «الاعتراف»، الذي جاء من أرفع مسؤولة أوروبية، وعلى منصة خليجية، فاجأ الحاضرين في جلسة الافتتاح العلنية لـ«حوار المنامة»، بمن فيهم عشرات من كبار المسؤولين والعسكريين في الإقليم والعالم.
واقع الحال، أن هذا الموقف - التصريح، لم يكن سوى دليل إلى الموقف الذي وصلت إليه الدول الغربية في الفترة الأخيرة، إذ لاحظ مشاركون أن البارز في هذه النسخة من حوار العاصمة البحرينية هو تصاعد مستوى خطاب المسؤولين الأميركيين والأوروبيين ضد طهران وسياساتها في الإقليم والعالم، بالتزامن مع تعاقب حزمات العقوبات الغربية على شخصيات وكيانات إيرانية.
لكن... ما أسباب هذا «الانقلاب الأوروبي»؟
بحسب تحليلات مسؤولين غربيين في جلسات مغلقة على هامش «حوار المنامة»، يمكن الحديث عن تراكم سلسلة أسباب:
أولاً، المفاوضات النووية. هناك اعتقاد بأن الدول الغربية وافقت على تقديم «عرض عادل وجيد» للوفد الإيراني في فيينا في مارس (آذار) الماضي. لكن طهران لم ترد بعد، كما أنها لم تتراجع عن الخطوات التي اتخذتها نووياً، بل إنها صعدت نووياً في تخصيب اليورانيوم، وخارجياً بتحريك وكلائها في أكثر من ساحة في الإقليم والعالم. والتقدير أن عتبة السلاح النووية انخفضت إلى «أسابيع» بعدما كانت «أشهراً».
ثانياً، الوكالة الدولية للطاقة. فقد أظهرت تقارير أممية استمرار العمل على تخصيب اليورانيوم في ثلاث منشآت، ورفضت طهران التعاون مع المؤسسة الأممية وطلباتها، الأمر الذي أدى إلى صدور قرار مجلس محافظي الوكالة بدعم 35 دولة. ويبدو أن طهران ردت ببدء تخصيب بمعدل 60 في المائة في منشأة «فوردو» باستخدام أجهزة الطرد المركزي (آي آر6).
ثالثاً، احتجاجات وتصدعات. فقد أظهر صمود واتساع الاحتجاجات في إيران بعد مقتل الشابة الكردية مهسا أميني لدرجة غير مسبوقة، وارتفاع مستوى العنف من الأجهزة الأمنية الإيرانية «هشاشة في النظام». ويعتقد خبراء استخباراتيون ودبلوماسيون، على هامش «حوار المنامة»، بأن انهيار النظام مستبعد، لكن هناك تساؤلات عن مآلات هذه الاحتجاجات، سواء حول خليفة «المرشد» علي خامنئي أو البرنامج النووي أو هيكلية النظام.
رابعاً، أوراق ووكلاء. فقد رصد مسؤولون غربيون تحريك إيران وكلاءها وميليشياتها في العراق وسوريا واليمن وغيرها، وجرى الحديث عن اعتراض غربي لأسلحة إلى الحوثيين في الخليج وإلى «حزب الله» في سوريا، وقصف كردستان العراق، وتمددات في دول مثل ألبانيا.
خامساً، تهديدات. إذ رصدت دول غربية، بما فيها بريطانيا وكندا، وصول تهديدات جدية من أجهزة إيرانية لمعارضين وصحافيين يتابعون الشأن الإيراني والاحتجاجات، الأمر الذي قوبل باستدعاءات دبلوماسية من قبل لندن وأوتاوا، وإجراءات أمنية ردعية وحمائية لمواقع وشخصيات إعلامية وسياسية في بريطانيا وكندا.
سادساً، مسيرات أوكرانيا. وربما السبب الأبرز هو الانخراط الإيراني، إلى جانب روسيا، في حرب أوكرانيا، إذ بات ثابتاً استخدام الجيش الروسي مسيرات (درون) إيرانية في قصف مناطق في أوكرانيا. وتحدث أكثر من مسؤول غربي في اجتماعات مغلقة، عن أدلة على وجود خبراء عسكريين إيرانيين في القرم، وإشارات إلى قرب وصول صواريخ باليستية إيرانية إلى أوكرانيا. وتساءل أحدهم: «كيف سيكون شعور الغرب عندما يستيقظ على خبر سقوط صاروخ إيراني في كييف، وهي عاصمة أوروبية؟»، بينما تساءل آخر: «ما مصير الرهان على دعم روسيا في سوريا وغيرها لتقليص دور إيران؟».
هنا، كان لافتاً ذاك الحديث عن الخيط الإيراني - الروسي، إذ قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، إن سياسات موسكو وطهران «تهديد للمنطقة والعالم».
سابعاً، أثر الطاقة. فهناك سبب إضافي لـ«الغزل الغربي» نحو الخليج، يتمثل بتجدد القناعة بأهمية الغاز والنفط والممرات البحرية في الخليج. وأمام سلوك طهران وتنامي أهمية الدور الخليجي، جاءت بيانات المسؤولين الأوروبيين والغربيين وزياراتهم العلنية اعترافاً بالمعادلة الجديدة.
ثامناً، الحياد. فسر مشاركون ذلك أيضاً برغبة غربية في دفع دول عربية للخروج من حالة الحياد في حرب أوكرانيا. وفي صفوف الحاضرين همس مسؤول عربي بعد بيان أورسولا فون دير لاين: «فجأة يريدون منا تأييد مواقفهم... ماذا عن قضايانا؟»، بينما قال آخر إنها محاولات غربية لـ«إخراجنا من الحياد وتأييد الموقف الغربي في أوكرانيا».
واضح أن هناك موقفاً خليجياً - عربياً آخر. بداية، لوحظ حذر في البيانات والمواقف إزاء إيران خلال «حوار المنامة»، وإزاء سعادة بعض المشاركين الإقليميين من البوح الأوروبي المتأخر.
فلم تكن هناك مواكبة خليجية للاندفاعة الغربية و«الاستعجال» الأوروبي للشراكة، ولوحظت مواقف حذرة هي امتداد لمواقف سابقة، بل كان هناك «هجوم دبلوماسي» من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف.
في خطاب الافتتاح الذي تضمن الحملة على إيران، انتقدت أورسولا فون دير لاين «بطء» مجلس التعاون في توقيع اتفاق مشترك جماعي مع الاتحاد الأوروبي، وحذرت من احتمال اللجوء إلى اتفاقات ثنائية مع كل دولة خليجية إذا لم تثمر مفاوضات العقود الطويلة عن اتفاق بين الكتلتين.
هذا الانتقاد قوبل برد مماثل من الحجرف، إذ طلب أن يلقي خطاباً فورياً للرد عليها. وجرت مفاوضات وعقد لقاء ثنائي سريع لحل الإشكال، وساد الاعتقاد بأن الصفحة طويت. لكن في اليوم التالي، عاد الحجرف إلى الأمر، وقبل إلقاء خطابه عن موضوع آخر، حرص على الرد على انتقادات أورسولا فون دير لاين، قائلاً: «نحن جاهزون عندما تكونوا جاهزين».
في جلسات «حوار المنامة» العلنية ولقاءاته الثنائية الخاصة والدردشات، اختبارات إضافية لمعالم المعادلة المعززة بفضل تغييرات كثيرة وتوسيع الخيارات، عبَّر عنها أحد المشاركين بالقول: «يمكن الحديث عن مركزية الخليج وتنامي الاهتمام الغربي والصيني بالمنطقة... واستضافة الرياض قمة مجلس التعاون الخليجي، والقمة العربية مع الرئيس شي جينبينغ الشهر المقبل، بعد قمة مماثلة مع الرئيس الأميركي جو بايدن، دليل إضافي على هذه المركزية».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

نتنياهو: إسرائيل «ليست لديها مصلحة في مواجهة» سوريا

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: إسرائيل «ليست لديها مصلحة في مواجهة» سوريا

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إن إسرائيل «ليست لديها مصلحة» في خوض مواجهة مع سوريا، وذلك بعد أيام على إصداره أوامر بدخول قوات إلى المنطقة العازلة بين البلدين في هضبة الجولان.

وجاء في بيان بالفيديو لنتنياهو: «ليست لدينا مصلحة في مواجهة سوريا. سياسة إسرائيل تجاه سوريا ستتحدد من خلال تطور الوقائع على الأرض»، وذلك بعد أسبوع على إطاحة تحالف فصائل المعارضة السورية، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، بالرئيس بشار الأسد.

وأكد نتنياهو أن الضربات الجوية الأخيرة ضد المواقع العسكرية السورية «جاءت لضمان عدم استخدام الأسلحة ضد إسرائيل في المستقبل. كما ضربت إسرائيل طرق إمداد الأسلحة إلى (حزب الله)».

وأضاف: «سوريا ليست سوريا نفسها»، مشيراً إلى أن إسرائيل تغير الشرق الأوسط، وفقاً لموقع «تايمز أوف إسرائيل».

وتابع: «لبنان ليس لبنان نفسه، غزة ليست غزة نفسها، وزعيمة المحور، إيران، ليست إيران نفسها».

وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أنه تحدث، الليلة الماضية، مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب حول تصميم إسرائيل على الاستمرار في العمل ضد إيران ووكلائها.

وصف نتنياهو المحادثة بأنها «ودية ودافئة ومهمة جداً» حول الحاجة إلى «إكمال انتصار إسرائيل».

وقال: «نحن ملتزمون بمنع (حزب الله) من إعادة تسليح نفسه. هذا اختبار مستمر لإسرائيل، يجب أن نواجهه وسنواجهه. أقول لـ(حزب الله) وإيران بوضوح تام: (سنستمر في العمل ضدكم بقدر ما هو ضروري، في كل ساحة وفي جميع الأوقات)».