مصر تؤكد سعيها مع اليونان لتحقيق الاستقرار في شرق المتوسط

غداة مصافحة السيسي وإردوغان

وزير الخارجية المصري ونظيره اليوناني في مؤتمر صحافي بالقاهرة اليوم (التلفزيون المصري)
وزير الخارجية المصري ونظيره اليوناني في مؤتمر صحافي بالقاهرة اليوم (التلفزيون المصري)
TT

مصر تؤكد سعيها مع اليونان لتحقيق الاستقرار في شرق المتوسط

وزير الخارجية المصري ونظيره اليوناني في مؤتمر صحافي بالقاهرة اليوم (التلفزيون المصري)
وزير الخارجية المصري ونظيره اليوناني في مؤتمر صحافي بالقاهرة اليوم (التلفزيون المصري)

غداة مصافحةٍ هي الأولى من نوعها بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، وإعلانهما أنها «خطوة أولى» لـ«تطوير العلاقات»، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن بلاده تسعى مع اليونان إلى «تحقيق الاستقرار والأمن في شرق المتوسط، وتعملان على مواجهة التحديات المشتركة».
واستقبل شكري نظيره اليوناني نيكوس ديندياس، في القاهرة، اليوم (الثلاثاء)، وأكدا «عمق علاقات التعاون التي تربط بين البلدين في شتى المجالات»، واصفاً العلاقات بين البلدين بأنها «قوية واستراتيجية».
وأوضح شكري أنه عقد ونظيره اليوناني جلسة مباحثات منفردة تركزت حول العلاقات الثنائية ومتابعة ما تم تناوله بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، بالإضافة إلى الأوضاع في شرق المتوسط، وتداعيات الأزمة الروسية - الأوكرانية على الأمن الغذائي وأمن الطاقة.
وقال شكري إن «العلاقات بين مصر واليونان تطورت خلال السنوات الماضية لتصبح علاقة استراتيجية كاملة»، مشيراً إلى أن «التنسيق على مستوى القيادتين ووزيري الخارجية والأجهزة الحكومية المختلفة والسعي لتطوير التعاون على المستوى الثنائي وأيضاً المستوى الثلاثي مع قبرص، كان له آثار إيجابية على البلدين والشعبين».
ولفت إلى الاعتزاز بالروابط القوية بين الشعبين، قائلاً: «إننا نعمل على استمرار وتعزيز التواصل على المستوى الشعبي».
وأكد وزير الخارجية أن مصر واليونان تسعيان إلى تحقيق الاستقرار والأمن في شرق المتوسط وتعملان على مواجهة التحديات المشتركة، ومن بينها قضية الهجرة.
وقال إن المباحثات شهدت توقيع اتفاقية مهمة خاصة بالعمالة الموسمية وتفتح المجال بشكل منتظم وقانوني للعمالة المصرية في اليونان؛ دعماً للاقتصاد اليوناني وأن يتم ذلك في مجال الزراعة كبداية، مع وجود فرضة للتوسع في ذلك بمجالات مختلفة.
وشدد على مدى التوافق في الرؤى بين البلدين حول القضايا الإقليمية والدولية والاهتمام المتبادل بتنمية العلاقات الثنائية في المناحي كافة مع استمرار التنسيق الوثيق، معرباً عن التطلع لزيارة أثينا في وقت قريب لنواصل التنسيق.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية اليوناني، عن سعادته بزيارته للقاهرة، قائلاً إنه يشعر بأنه في وطنه الثاني.
وأكد أهمية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مشيراً إلى أن المباحثات مع وزير الخارجية سامح شكري، تناولت القضايا والشراكات والكثير من الاتفاقيات.
وأضاف أن الاتفاقية التي تم التوقيع عليها خلال المباحثات نضع إطاراً قانونياً يسهم في تحسين الحياة الإنسانية ويرسل الكثير من الرسائل أن تلك الصداقة تستند إلى الأسس القانونية واحترم سيادة البلدين واستقرارهما.
وأشار إلى أنه تمت مناقشة كذلك مسألة العمالة وتنظيمها وفتح الفرص والآفاق، موضحاً أن الاتفاقية رئيسية ومهمة بين البلدين خصوصاً في القطاع الاقتصادي، حيث تضع إطاراً تنظيمياً وقانونياً يسهم في تطور العلاقات وتنظيم قضية المهاجرين.
ووصف اليوم بأنه «مهم في تاريخ العلاقات بين مصر واليونان»، مشيراً إلى الكثير من القواسم المشتركة بين البلدين.
وأكد وزير خارجية اليونان أن الاتفاقيات تمثل ركيزة أساس وتعاون بين الدول الإقليمية وتشكل نموذجاً يحترم القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن مصر واليونان تسهمان في تقوية العلاقات ودعم أواصر الاستقرار وفي منطقة البحر المتوسط.
وقال: «إننا نحاول أن نكون جسراً للتعاون بين أفريقيا وأوروبا، كما نسعى لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والقطاعات الحيوية الأخرى».
وهنأ وزير الخارجية اليوناني، مصر على نجاح مؤتمر المناخ (cop27)، مضيفاً أن مصر والوزير شكري قاما بدور رائع، وهناك دعم لكثير من البلدان لمصر.
وأضاف أن اللقاء مع شكري كان فرصة لمناقشة التطورات الإقليمية والوضع «الهش» في ليبيا، مشيراً إلى أنه أطلع الوزير شكري على الموقف التركي خصوصاً أن هناك الكثير من التطورات المتلاحقة.


مقالات ذات صلة

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

شؤون إقليمية خلال لقاء اليوم بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره اليوناني نيكوس دندياس في أضنة بتركيا (أ.ب)

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

أدى الزلزالان المدمران اللذان ضربا المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا إلى تقارب دبلوماسي حذر بين تركيا واليونان رغم العلاقات المتوترة بينهما، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وتوجه وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس بشكل غير متوقع إلى منطقة الكارثة اليوم (الأحد)، والتقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو. وتعانق السياسيان، كما ظهر على التلفزيون الحكومي اليوناني. وشكر جاويش أوغلو دندياس لكون بلاده واحدة من أوائل الدول التي قدمت مساعدات فورية لتركيا. وأضاف أن الدولتين ستحاولان بدء الحوار مرة أخرى وحل مشاكلهما. وشدد دندياس على أن «مساعدة اليونان للشعب التركي لا تنتهي هنا».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقات المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها وجارتها اليونان على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي منعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقة المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها ومع جارتها اليونان، على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي مُنعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلّت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، اليوم (الاثنين)، مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك، بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بالعمل على زيادة التوتر

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بتخريب المحادثات حول القضايا الخلافية

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر: لماذا تسببت مشاجرة «مدرسة التجمع» في صدمة مجتمعية؟

وزير التعليم المصري يزور المدرسة محل واقعة المشاجرة (وزارة التربية والتعليم على «فيسبوك»)
وزير التعليم المصري يزور المدرسة محل واقعة المشاجرة (وزارة التربية والتعليم على «فيسبوك»)
TT

مصر: لماذا تسببت مشاجرة «مدرسة التجمع» في صدمة مجتمعية؟

وزير التعليم المصري يزور المدرسة محل واقعة المشاجرة (وزارة التربية والتعليم على «فيسبوك»)
وزير التعليم المصري يزور المدرسة محل واقعة المشاجرة (وزارة التربية والتعليم على «فيسبوك»)

حازت واقعة مشاجرة شهدتها إحدى المدارس الدولية في القاهرة، قبل أيام، اهتماماً لافتاً في مصر، بداية من التناول الإعلامي وحتى التفاعل معها عبر «السوشيال ميديا»، في ظل صدمة من وقوعها داخل مدرسة يقصدها أبناء الطبقة «المتوسطة - العليا».

تعود الواقعة إلى يوم الخميس الماضي، في إحدى مدارس حي «التجمع الخامس» الراقي (شرق القاهرة)، وتظهر مقاطع فيديو نشرها متابعون للواقعة على «السوشيال ميديا»، تعرض طالبة للضرب على أيدي ثلاث طالبات أكبر سناً. ويُظهر الفيديو جانباً من المعركة، وإطلاق شتائم بألفاظ نابية، في حين يقف زملاؤهن في حلقة مكتفين بالمشاهدة.

وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، فصل الطالبات الثلاث فصلاً نهائياً من المدرسة، ومعاقبة من شاركوا سلبياً في الواقعة - ممن قاموا بالتصوير - بالفصل أسبوعين، كما قررت وضع المدرسة قيد الإشراف المالي والإداري للوزارة.

وزير التعليم المصري خلال زيارته المدرسة (وزارة التربية والتعليم)

ونالت الواقعة تركيزاً إعلامياً وجماهيرياً كبيراً، تجاوز البحث عن المخطئ في المشاجرة ذاتها، إلى تناول الطبقة المجتمعية التي حدثت فيها، تارة بنبرة متعجبة من وقوع مثل هذه المشاجرات في «مدرسة إنترناشيونال»، وأخرى تطالب الأهالي في هذه الطبقة بـ«تقويم أبنائهم»، على اعتبار أن «دخول مدارس مميزة لا يعني حسن التربية»، وثالثة بالحديث عن أزمة مجتمعية لم ينجُ منها حتى أبناء الطبقة المتوسطة.

وزار وزير التربية والتعليم المصري محمد عبد اللطيف، الاثنين، المدرسة بشكل مفاجئ لـ«متابعة سير المنظومة التعليمية، والتأكد من التزام الطلاب»، مشدداً على «ضرورة الالتزام بلائحة الانضباط المدرسي وتطبيقها على جميع الطلاب بحسم ودون استثناء»، حسب بيان للوزارة.

وخلقت الواقعة الأخيرة حالة أقرب لـ«المحاكمة السلوكية» لأبناء الطبقات الميسورة، جراء سلوكيات عادة لا يُلتفت لها حين تصدر من طبقات أدنى.

ويُرجع أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة القاهرة والمتخصص في الأنثروبولوجيا الثقافية، الدكتور سعيد المصري، هذا التفاعل إلى «تصور شائع» بأن أفراد الطبقات الأعلى لا يمكن أن تصدر عنهم مثل هذه السلوكيات، على اعتبار أنهم تلقوا أفضل تعليم ولم يعانوا من الحرمان، ومن ثم فحين تصدر منهم فإن ذلك غير منطقي وغير متوقع.

وتتنوع المدارس في مصر بين الحكومية والخاصة والدولية والتجريبية، وتبرز من بينها المدارس الدولية (الإنترناشيونال)، بتعليمها المميز ومصروفاتها مرتفعة الثمن، وتطبق منهجاً دولياً معترفاً به عالمياً، ومعتمداً من وزارة التربية والتعليم المصرية.

كما أن أبناء الطبقة «المتوسطة - العليا»، وكذلك العليا، هم بالنسبة للآخرين «نموذج» يطمحون للوصول إليه ومحاكاته، حسب الباحث في الأنثروبولوجيا وليد محمود، ومن ثم يُنظر لهذا النموذج بشكل غير واقعي، على اعتباره منقى ولا تشوبه شائبة، وهو تصور سرعان ما يكتشف صاحبه زيفه عند وقوع مثل هذه الحوادث.

جانب آخر من التعاطي الإعلامي والجماهيري الكبير مع هذه الواقعة يعود إلى ما وصفه المصري في «تغذية مشاعر المساواة لدى من هم خارج هذه الطبقة»، بمعنى أن أبناء الطبقة المتوسطة - العليا «ليسوا أفضل منا أو أننا لسنا سيئين»، منطلقاً من نظرية التمييز الطبقي، التي تفترض فيها كل طبقة اجتماعية أنها أفضل من الأخرى.

ويضيف المصري أن الطبقات العليا بمستوياتها تعمق هذا التمييز بسكنها في «كومبوندات»، فمفهوم المدينة المحاطة بسور يأتي من الرغبة في الحماية من أفراد المجتمع الخارجي، الذين يفترضون منهم الخطر والتدني الأخلاقي والمجتمعي.

وتعدّ الواقعة ضيفاً شبه يومي منذ حدوثها في برامج «التوك شو» على الفضائيات المصرية، ووصفها الإعلامي أحمد موسى بـ«الكارثة الأخلاقية».

ويرجع المصري التركيز الإعلامي مع الحادث إلى نظرية «الهلع الأخلاقي»، والتي ينظر أصحابها لأي انحراف سلوكي حتى لو فردي، بوصفه «خطراً كبيراً ومؤشراً على انهيار المجتمع».

نظرية أخرى يتبناها الباحث المتخصص في علم الاجتماع وصاحب دراسات في التدين الشعبي، عصام فوزي؛ وهي أن التعامل مع الحادث يأتي من منطلق «تشفٍّ» أو «شماتة»، وعنصرية مضادة من أبناء طبقات أخرى، لا ترى ما يحدث في «مجتمع الكومبوندات».