الرنين المغناطيسي يكشف تشوهات كبيرة بالدماغ بعد التعافي من كورونا

الرنين المغناطيسي يكشف تشوهات كبيرة بالدماغ بعد التعافي من كورونا
TT

الرنين المغناطيسي يكشف تشوهات كبيرة بالدماغ بعد التعافي من كورونا

الرنين المغناطيسي يكشف تشوهات كبيرة بالدماغ بعد التعافي من كورونا

وفقا لدراسة جديدة ستُعرض نتائجها الأسبوع المقبل في الاجتماع السنوي لجمعية الطب الإشعاعي لأميركا الشمالية (RSNA)، سيصاب نحو واحد من كل خمسة بالغين بتأثيرات طويلة المدى من كوفيد-19، بحسب المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وتشمل الأعراض العصبية المرتبطة بكوفيد الطويل الأمد الصعوبة في التفكير أو التركيز والصداع ومشاكل النوم والدوار والإحساس بالوخز والتغير في الشم والتذوق والاكتئاب أو القلق.
فباستخدام نوع خاص من التصوير بالرنين المغناطيسي، اكتشف الباحثون تغييرات دماغية لدى مرضى كوفيد-19 تصل إلى ستة أشهر بعد تعافيهم من العدوى. لكن مع ذلك، وجدت الدراسات أن كوفيد-19 قد يكون مرتبطا بتغيرات في القلب أو الرئتين أو الأعضاء الأخرى حتى في المرضى الذين لا يعانون من أعراض، وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص.
ومع إصابة المزيد بالعدوى وتعافيهم من كوفيد-19، بدأت الأبحاث في التركيز على العواقب الدائمة للمرض. لكن في هذه الدراسة استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الموزّن بقابلية التمغنط (Susceptibility weighted imaging)، لتحليل الآثار التي يخلفها كوفيد-19 على الدماغ؛ إذ تعتمد هذه التقنية الحساسية المغناطيسية أو قابلية التمغنط، والتي تشير إلى مقدار مغناطيس بعض المواد، مثل الدم والحديد والكالسيوم، في مجال مغناطيسي مطبق. حيث تساعد هذه القدرة في الكشف عن مجموعة من الحالات العصبية ومراقبتها، بما في ذلك النزيف الدقيق وتشوهات الأوعية الدموية وأورام الدماغ والسكتة الدماغية.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قالت الدكتورة سابنا إس ميشرا المؤلفة المشاركة في الدراسة من المعهد الهندي للتكنولوجيا في دلهي «لم تركز الدراسات على مستوى المجموعة سابقا على تغييرات كوفيد-19 في قابلية التمغنط لدى الدماغ على الرغم من العديد من تقارير الحالة التي تشير إلى مثل هذه التشوهات. دراستنا تسلط الضوء على هذا الجانب الجديد من التأثيرات العصبية لكوفيد-19 وتبلغ عن تشوهات كبيرة في الناجين من كوفيد».
وفي هذا الاطار، قام الباحثون بتحليل بيانات التصوير لـ 46 مريضا تعافوا من كوفيد و30 فردا سليما في مجموعة المقارنة. وتم التصوير في غضون ستة أشهر من الشفاء. ومن بين المرضى الذين يعانون من كوفيد طويل الأمد، كانت الأعراض الأكثر شيوعا هي التعب وصعوبة النوم وقلة الانتباه ومشاكل الذاكرة.
وتبين ميشرا «ان التغيرات في قيم حساسية مناطق الدماغ قد تكون مؤشرا على التغيرات التركيبية المحلية. كما قد تعكس قابلية التمغنط وجود كميات غير طبيعية من المركبات المغناطيسية، في حين أن قابلية التمغنط المنخفضة يمكن أن تكون ناتجة عن تشوهات مثل التكلس أو نقص الجزيئات البارامغناطيسية التي تحتوي على الحديد».
وأظهرت نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي أن المرضى الذين تعافوا من كوفيد-19 لديهم قابلية تمغنط أعلى بشكل ملحوظ في الفص الأمامي وجذع الدماغ مقارنة بالضوابط الصحية. فيما تظهر المجموعات التي تم الحصول عليها في الفص الأمامي بشكل أساسي اختلافات في المادة البيضاء. بالاضافة الى ذلك وجد الباحثون أيضا اختلافا كبيرا في منطقة الدماغ البيني الأيمن من جذع الدماغ. حيث ترتبط هذه المنطقة بالعديد من الوظائف الجسدية الحاسمة، بينها التنسيق مع نظام الغدد الصماء لإفراز الهرمونات ونقل الإشارات الحسية والحركية إلى القشرة الدماغية وتنظيم إيقاعات الساعة البيولوجية (دورة النوم والاستيقاظ).
وتؤكد ميشرا «تشير هذه الدراسة إلى مضاعفات خطيرة طويلة الأمد قد تكون ناجمة عن فيروس كورونا، حتى بعد شهور من التعافي من العدوى. والنتائج الحالية هي من نافذة زمنية صغيرة. ومع ذلك، فإن النقاط الزمنية الطولية عبر عامين سوف توضح ما إذا كان هناك أي تغيير دائم».
جدير بالذكر، يجري الباحثون حاليا دراسة على نفس مجموعة المرضى لتحديد ما إذا كانت هذه التشوهات الدماغية تستمر لفترة زمنية أطول.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً

ميدان التحرير بعد تطويره ضمن  القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ميدان التحرير بعد تطويره ضمن القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً

ميدان التحرير بعد تطويره ضمن  القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ميدان التحرير بعد تطويره ضمن القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ضمن توجه لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً، تدرس مصر مقترحات بإنشاء كيان مستقل لإدارة المنطقة بوصفها أحد معالم السياحة الثقافية في العاصمة المصرية، بما تملكه من بنايات تراثية ذات طرز معمارية فريدة.

المقترحات التي ناقشها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري خلال اجتماع مع الوزارات والجهات المعنية، الاثنين، تهدف إلى إعداد رؤية متكاملة لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» التي تشهد أعمال تطوير واسعة، واستثمارها سياحياً. ووفق بيان لمجلس الوزراء، ناقش الاجتماع مقترحاً بتكليف أو إنشاء «كيان» مختص لإدارة المنطقة وتشغيلها.

وأكد مدبولي خلال الاجتماع أن «هناك اهتماماً كبيراً بإعادة إحياء منطقة القاهرة الخديوية، والاستغلال الأمثل لها، خصوصاً بعد انتقال الوزارات للعاصمة الإدارية الجديدة»، مشيراً إلى أن «تجارب الدول التي قامت بإحياء المناطق التاريخية عمدت إلى تكليف (كيان) مستقل لإدارة هذه المناطق، ولذا فهناك رؤية ومقترح بإنشاء كيان مستقل يختص بإدارة هذه المنطقة؛ وذلك بما يسهم في الاستغلال الأمثل لها، والحفاظ عليها»، وفق بيان لمجلس الوزراء.

خطط لترميم مباني القاهرة الخديوية وتطويرها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتقع القاهرة الخديوية في وسط العاصمة المصرية، ويُطلق عليها «وسط البلد»، وتمتد من منطقة الجزيرة وكوبري قصر النيل غرباً إلى منطقة الأزبكية وميدان العتبة شرقاً، وبلغت مساحتها في مخطط الخديو إسماعيل نحو 20 ألف فدان، واستغرق إعداد وتصميم وتنفيذ مشروع القاهرة الجديدة 5 سنوات، وفق المجلس الأعلى للثقافة.

وتتميّز القاهرة الخديوية بطرز معمارية فريدة ساهم فيها معماريون فرنسيون وإيطاليون وألمان ومصريون، فقد أنشأها الخديو إسماعيل عقب زيارته للمعرض العالمي في باريس عام 1867، وعلى نهج تطوير باريس على يد هاوسمان، قرّر الخديو الاستعانة بالمعماري الفرنسي نفسه لتخطيط القاهرة، وتعيين علي باشا مبارك وزيراً للأشغال العمومية للإشراف على تنفيذ المخطط العمراني للقاهرة على غرار باريس. وفق وزارة السياحة والآثار المصرية.

ويرى الخبير الآثاري، مفتش الآثار في وزارة السياحة والآثار المصرية الدكتور، أحمد عامر أن «إعادة إحياء القاهرة التاريخية وتطويرها يأتيان ضمن التوجه الحكومي للاهتمام بالسياحة الثقافية لتحقيق التوازن بين جميع أشكال المنتج السياحي، إذ إن السياحة الشاطئية هي الأكثر رواجاً»، وقال عامر لـ«الشرق الأوسط»: إن «إسناد إدارة وتشغيل المنطقة إلى (كيان) مختص أمر جيد سيساهم في استعادة القاهرة الخديوية لرونقها وشغلها مكانة متميزة على خريطة السياحة الثقافية العالمية بما تملكه من مقومات فريدة».

ووجه رئيس الحكومة المصرية بتشكيل مجموعة عمل لدرس المقترحات الخاصة بـ«القاهرة الخديوية»، محدداً فترة لا تتعدى شهراً واحداً للانتهاء من دراستها حتى يتسنى البدء في التنفيذ.

بنايات تراثية في القاهرة التاريخية وطرز معمارية فريدة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وخلال الاجتماع أكد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المهندس شريف الشربيني أن «الرؤية الاستراتيجية للقاهرة الخديوية تتضمن وضع إطارٍ مؤسّسي لإدارة الأصول في المنطقة»، موضحاً أن «فكرة إنشاء (كيان) مختص لتشغيلها وإدارتها تهدف إلى تحسين بيئة الاستثمار وجذب الاستثمارات السياحية».

واقترح عامر أن يجري «استثناء القاهرة الخديوية من القرارات الحكومية الخاصة بتحديد مواعيد رسمية لإغلاق المحلات والمتاجر، وكذلك استثناؤها من تطبيق خطة ترشيد استهلاك الكهرباء التي تقضي بإطفاء إنارة الشوارع في مواعيد محدّدة»، ففي رأيه أن «السياحة الثقافية لها خصوصية، وعندما يأتي السائح إلى القاهرة الخديوية فإنه يميل إلى السّهر ليلاً، خصوصاً في فصل الصيف، والتّجول والتّسوق».

وحدّدت وزارة التنمية المحلية منذ عام 2020 مواعيد لعمل المحلات والمتاجر، حيث تبدأ فتح أبوابها شتاء في السابعة صباحاً حتى العاشرة مساء، ويُمدّد الموعد في أيام الإجازات والأعياد ويومي الخميس والجمعة حتى الحادية عشرة، بينما يسمح للمطاعم والكافيهات بالعمل حتى 12 مساء، وفي فصل الصيف يكون موعد الإغلاق الرئيس الحادية عشرة مساء، كما تُطبّق الحكومة خطة لترشيد استهلاك الكهرباء تقضي بإطفاء جزئي لإنارة الشوارع.

وتتضمن مقترحات إعادة إحياء القاهرة الخديوية وضع خطط للترويج والتسويق السياحي للمنطقة، ودراسات السوق، ومعدّلات الطّلب على مختلف أشكال المنتج السياحي، وفق بيان مجلس الوزراء.

ويرى الخبير السياحي الدكتور زين الشيخ أن تسويق المنتج السياحي في القاهرة الخديوية يحتاج إلى رؤى وخطط مختلفة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «مصر تمتلك تميّزاً وخصوصية في السياحة الثقافية بجميع أشكالها، من متاحف وحضارة وبنايات تراثية، لذا يجب أن تكون خطط تسويق القاهرة الخديوية غير تقليدية، مباشرة مثل المشاركة في المعارض السياحية الدولية، والدعاية في الأسواق السياحية المختلفة، وغير مباشرة، مثل استخدام القوة الناعمة، عبر الأعمال الفنية، من أفلام ومسلسلات، ودعوة المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي من دول العالم إلى الحضور لمصر».