غرق المنتخب الإيراني بأزماته في ظهوره الأول بمونديال قطر 2022، عندما سقط بسداسية قاسية أمام نظيره الإنجليزي، في خسارة أعادها مدربه البرتغالي كارلوس كيروش، إلى ضغط «الظروف المحيطة باللاعبين».
دخل الإيرانيون المباراة على استاد خليفة الدولي في الدوحة، الأربعاء، عازمين على تسجيل موقف من الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية، فامتنعوا عن أداء النشيد الوطني، في خطوة جاءت بعد مناقشات وبقرار «جماعي»، كما أشار سابقاً لاعبه علي رضا جهانبخش.
وتشهد إيران منذ قرابة شهرين، احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
باتت تلك الاحتجاجات من بين التحديات الأكبر لنظام الجمهورية الإسلامية منذ ثورة عام 1979، مع مقتل نحو 378 شخصاً في حملة لقمعها وفقاً لمنظمة حقوقية. ذلك الضغط تزامن مع مشاركة «تيم ملي» في كأس العالم، وبات محط أنظار ومطالبات من الجماهير الإيرانية لاتخاذ موقف حاسم من الاحتجاجات والسلطات التي استقبلت الفريق قبل التوجه إلى الدوحة.
بلا نشيد وبلا احتفال بهدفين لم يغنيا من جوع أمام الإنجليز، كان الجمهور الإيراني الحاضر في الملعب منقسماً.
مشجعة تجهش بالبكاء، وآخرون يرفعون أعلاماً مؤيدة للاحتجاجات والنساء، وبعض يهتف «آزادي آزادي» أي «حرية» باللغة الفارسية، وقسمٌ أتى من أجل كرة القدم فقط. من بين هؤلاء خالد (28 عاماً) الذي قال إن «لا أحد يتحدث عن السياسة عندما تلعب فرنسا. هذا ليس حدثاً سياسياً. نحن هنا لدعم لاعبينا الذين عملوا بجد للوصول إلى هنا».
«فرصة لدعم الناس»
رأي لا يشاركه إياه سام (34 عاماً) الذي جاء من سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة مع أصدقائه، مرتدين قمصاناً كتب عليها بالفارسية «مرأة، حياة، حرية»، وهو شعار المتظاهرين في إيران.
يقول سام إن «هذه المباراة (أمام إنجلترا) هي فرصة لنا لدعم الناس الذين يضحون بأرواحهم من أجل الحرية».
على وسائل التواصل الاجتماعي، تهافتت الدعوات إلى الجمهور الإيراني الحاضر في الملعب للهتاف أيضاً باسم أميني في الدقيقة 22 من المباراة. مسعود هاشمي (44 عاماً) يؤكد أيضاً أنه كان حزيناً، وآخر عرف عن نفسه باسم «مو» أعرب عن «سعادة لأن اللاعبين لم يغنوا النشيد الوطني. لو فعلوا ذلك، فهم سيظهرون دعمهم للحكومة. إنهم أناس عاديون، مثلنا. وهم يتعرضون لضغط هائل».
ذلك الضغط كان محور حديث كيروش في مؤتمره الصحافي بعد المباراة.
سُئل البرتغالي عن الخسارة القاسية 6 - 2 للمنتخب في باكورة مبارياته ضمن منافسات المجموعة الثانية، فقال من وجهة نظر فنية أولاً إن ذلك سببه «الفرق الواضح في المستوى وبالخبرة وبالسرعة (عند اللاعبين الإنجليز)». لكنه ما لبث أن حمل على الجماهير الإيرانية، التي بدا أنها أطلقت صافرات استهجان لدى دخول سردار آزمون بديلاً في ربع الساعة الأخير من المباراة، ما أكد انقساماً جماهيرياً.
قال كيروش إن «الظروف المحيطة باللاعبين ليست الأفضل. هم بشر ولديهم أطفال ولديهم أحلام أن يلعبوا للبلد والناس، وأنا فخور بهم وبما فعلوه». وأضاف لكن «في عام 2018 كان لديهم دعم الجماهير الإيرانية. اليوم لا. أدعو المشجعين إلى دعم المنتخب، وإلا فليعودوا إلى البلاد. إذا لم يكونوا هنا لدعم الفريق فلا داعي لوجودهم».
وأردف المدرب الذي يقود إيران مونديالياً للمرة الثالثة: «مهما فعل اللاعبون أو قالوا يريدون قتلهم، وهم لا يريدون إلا أن يلعبوا كرة القدم. اتركوهم يمارسون كرة القدم. ذلك لا يعني أنه ليس لدينا آراء، ولكن لها وقتها».
ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي سيكون فيها المنتخب الإيراني تحت الأضواء. لكن تلك الضغوط قد تُنهي حلم العبور إلى الدور الثاني من كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ، مرة جديدة. فهل يجد «تيم ملي» التوازن في مواجهتيه المقبلتين؟