توم فورد يتقاعد وفي رصيده 2.8 مليار دولار

ما بدأه عطراً يتيماً في 2006 غيّر ثقافة العطور واستمال الغرب إلى العُود والعنبر

توم فورد في إحدى المناسبات (أ.ف.ب)
توم فورد في إحدى المناسبات (أ.ف.ب)
TT

توم فورد يتقاعد وفي رصيده 2.8 مليار دولار

توم فورد في إحدى المناسبات (أ.ف.ب)
توم فورد في إحدى المناسبات (أ.ف.ب)

أخيراً تنفست شركة «إيستي لودر» الصعداء، بعد خوضها منافسة شرسة لامتلاك شركة «توم فورد». لم يكن منافسوها عاديين، كانوا بقوة «مجموعة كيرينغ» المالكة بيوت أزياء عالمية مثل «غوتشي» و«إيف سان لوران» اللتين عمل فيهما توم فورد في التسعينات. المبلغ الذي قدمته «إيستي لودر»، وهو 2.8 مليار دولار، ضمن لها الفوز بجوهرة ثمينة تعرف أنها ستدر عليها أرباحاً طائلة في مجال التجميل والماكياج تحديداً. في الأقل؛ تأمل بيع منتجات تبلغ قيمتها مليار دولار سنوياً في غضون عامين؛ بالاعتماد بشكل خاص على نجاح العطور الفاخرة في الولايات المتحدة والصين. رغم المبلغ الضخم؛ فإن «إيستي لودر» كانت تعرف جيداً أنه من الضروري أن تدخل المنافسة بكل إمكاناتها لكي تضمن ملكيتها التامة لاسم له رنة الذهب في السوق وتربطها به علاقة عمل ناجحة منذ 2006. وكانت الشركة قد أعلنت أنها تنوي إتمام الصفقة خلال النصف الأول من العام الماضي، على أن تُموِلها على شكل نقد وقروض... ستدفع مثلاً 2.3 مليار، فيما ستدفع شركة «ماركولين» التي تتولى تصنيع وتسويق نظارات «توم فورد» مبلغ 250 مليون دولار. وبحكم أن «إيستي لودر» مختصة في العطور ومستحضرات الجمال والتجميل وليست لها خبرة في مجال الأزياء، فإنها ستُحول هذا الجانب لشريك مُتمرس تعامل معه توم فورد طويلاً في مجال تفصيل تشكيلاته الرجالية والنسائية، هو شركة «إرمنيغيلدو زينيا» الإيطالية. ووفقاً لشروط الصفقة؛ سيستمر توم فورد في منصبه حتى نهاية 2023، في حين سيستمر شريكه دومينيك دو سول رئيس مجلس إدارة «توم فورد إنترناشيونال» مستشاراً للشركة خلال الفترة نفسها، بعدها تتحول الملكية الفكرية إلى «إيستي لودر».

جانب الأزياء ستتولاه شركة «إرمنيغيلدو زينيا» (رويترز)

المصمم؛ البالغ من العمر 61 عاماً حالياً، يُلمِح منذ مدة إلى أنه يريد الابتعاد عن عالم الموضة، وهو ما بدأ بعد انتهاء مدة رئاسته «مجلس الموضة الأميركي» وتسليمه المشعل إلى المصمم ثوم براون في شهر مايو (أيار) الماضي، والآن ببيع شركة أطلقها بعد نحو عام فقط من خروجه في عام 2004 من دار «غوتشي» التي أعاد لها البريق وضخ فيها جرعة قوية من الإثارة والأنوثة. رغم دخوله عالم العطور والتجميل متأخراً مقارنة بغيره من شركات مختصة وبيوت أزياء عالمية، فإنه وبلمسته الميداسية المعروفة، استطاع أن يسبقها بأشواط؛ وفق ما تؤكده أرقام المبيعات. لم تؤثر عليه في أي فترة من الفترات تذبذبات الأسواق العالمية، وكان دائماً يخرج منها منتصراً. الدليل على هذا أن ما بدأ بعطر يتيم منذ نحو 16 عاماً تحول إلى إمبراطورية عالمية. يُحسب له أنه كان أول من أدخل العود إلى العطور الغربية في عطره «بلاك أوركيد». لم يكن الغرب قبل ذلك مُعتاداً أو مُتقبلاً له؛ بل كان يتجنب إدخاله مكوناً أساسياً في عطوره إلى جانب مكونات أخرى مثل الباتشولي والعنبر والصندل، من منطلق أنها نفاذة لا تروق لغير السوق العربية. جاء توم فورد وغيّر هذه الفكرة تماماً، خصوصاً بعد أن حقق عطره أعلى المبيعات في الغرب والشرق على حد سواء. نجح في التخلص من تأثيره النفاذ وجعله مثيراً للحواس. شجعه نجاحه على دخول مجال الماكياج في عام 2010 بأحمر شفاه واحد سرعان توسع إلى مجموعة كاملة في عام 2011. رغم سعره العالي مقارنة بما كان مطروحاً في الأسواق حينذاك (نحو 55 دولاراً)، فإن الإقبال كان منقطع النظير. الفضل يعود إلى جودته وأيضاً إلى الاستراتيجيات الذكية التي اعتمدها في التسويق والترويج. تعمّد أن يكون كل ما فيها ينبض بالإثارة والأنوثة. الطفرة التي شهدتها سوق العطور في العقد الأخير كان وراءها بشكل أو بآخر؛ فبقدر ما كان له الفضل في الترويج لروائح شرقية تعتمد على العود وورد الباتشولي... وغيرهما، كان له الفضل في فتح الباب على مصراعيه أمام عطارين شباب باتوا يطرحون عطوراً مختصة بأسعار تتعدى 200 دولار لقارورة صغيرة بحجم 50 مل، مثل «بيريدو» و«ميزون فرنسيس كوركدجيان» و«فريدريك مال» و«لو لابو»... وغيرها.

بعد نجاح عطره ومجموعة أحمر الشفاه توسع إلى مستحضرات أخرى (رويترز)

نظراً إلى كل هذا؛ لم يكن غريباً أن تدخل «مجموعة كيرينغ» المنافسة لامتلاك شركة «توم فورد»... أولاً لما تحققه من أرباح، وثانياً لأن المجموعة الفرنسية تنوي دخول مجال التجميل والعطور بقوة. فقطاع التجميل هو الأكثر انتعاشاً في سنوات ما بعد وباء «كورونا»، ففي عام 2021 زاد نمو مستحضرات التجميل بنسبة 23 في المائة، وكانت أسماء عالمية مثل «شانيل» و«ديور» و«توم فورد» هي الأكثر استفادة من هذا النمو.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».