«إنستغرام»... بين دعم صُناع المحتوى وجذب المعلنين

«إنستغرام»... بين دعم صُناع المحتوى وجذب المعلنين
TT

«إنستغرام»... بين دعم صُناع المحتوى وجذب المعلنين

«إنستغرام»... بين دعم صُناع المحتوى وجذب المعلنين

أثيرت تساؤلات بشأن خيارات شركة «ميتا» بعدما وضعت خطة «باهظة» التكلفة، ودفعت باقتصادها نحو عالم «ميتافيرس»، حتى أصبح «إنستغرام»، إحدى منصات الشركة، هو الملاذ. وهكذا بات عليه دفع فاتورة الاستراتيجية «غير المحسوبة» للشركة منذ البداية، التي أفقدت سهم شركة «ميتا» أكثر «من 70 في المائة من قيمته هذا العام»، حسب بيانات نشرتها وكالة «بلومبرغ» مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
حسب تصريحات أطلقها آدم موصيري، رئيس منصة «إنستغرام» لـ«بلومبرغ»، فإن «ثمة مسارين لتعويض الخسائر، الأول طويل الأجل ويتمثل في الاستثمار في (ميتافيرس)، والإسراع في جاهزيته (سوفت وير وهارد وير). أما الثاني فيتمثل في آمال ضخمة تتعلق في دعم المحتوى القيم على (إنستغرام)، ودفع المستخدمين نحو المزيد من التفاعل عبر تقنية المقاطع المصورة القصيرة (الريلز)، التي يأمل فيها مزيداً من جذب المعلنين». غير أن بعض الخبراء أبدوا مخاوف حيال الرهان على «إنستغرام»، لا سيما وإن اضطرت الشركة إلى «السماح بمحتوى غير لائق بهدف التعويض الاقتصادي وجذب المعلنين».
الكاتب الإماراتي عبد العزيز سلطان، الحاصل على ماجستير في دور استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الجهات الحكومية، يرى أن «الرهان على جذب المعلنين لتعويض خسائر وصلت إلى نصف القيمة السوقية لشركة (ميتا)... خطوة غير مضمونة». وتابع سلطان في لقاء مع «الشرق الأوسط»، موضحاً: «لا يمكن غض الطرف عما تتعرض له الشركة العملاقة، سواءً من خسائر اقتصادية دفعت إلى تسريح 11 ألف موظف حول العالم، أو الأعطال التقنية التي باتت تتكرر في منصاتها، مثلما شاهدنا مع (إنستغرام) خلال الفترة القريبة الماضية. كل هذا يرمي بظلاله على سمعة الشركة، وعلى مدى رضا المستخدمين والمستثمرين كذلك، ومن ثم فهم يبحثون عن بدائل».
حسب بيانات أدلى بها موصيري، فإن «إنستغرام»، «محرك نمو رئيس للشركة الأم، بعدما اكتسب 2 مليار مستخدم نشط شهرياً في جميع أنحاء العالم، ما يعني أنه يقترب من (فيسبوك)، منصة التواصل الأقدم الذي يتفاعل عليها 2.96 مليار مستخدم حول العالم». لكن سلطان ربما لا يرى في هذه البيانات ما يدفع برهاناً حثيثاً كهذا. وهو يشير إلى أن «ثمة معايير تحدد مدى نجاح خطة (ميتا) في جذب المعلنين، أهمها التصدي للأعطال التقنية، وانقطاع الخدمة المتكرر». ويتابع: «ثم هناك توقعات بانخفاض نمو المستخدمين النشطين لـ(إنستغرام)... وأفادت بأن هذا الانخفاض ربما يصل إلى 5.8 في المائة هذا العام، وبحلول 2025 ربما يقدر بـ3.1 في المائة. وهذه البيانات تعكس أهمية أن يعمل فريق (إنستغرام) على الحفاظ على المستخدمين الحاليين قبل التفكير في زيادتهم، بجانب عمل خطط منطقية تضع الحلول الفنية أولوية». غير أن الكاتب الإماراتي لمح أيضاً إلى فرصة «إنستغرام» في «استقطاب المعلنين على خلفية عزوفهم عن (تويتر) بعدما استحوذ عليه الملياردير الأميركي إيلون ماسك».
من جهة ثانية، يرجع خبراء جزءاً من أزمة شركة «ميتا» (مالكة «إنستغرام») إلى بزوغ العملاق الصيني «تيك توك»، الذي وصفه الكاتب الإماراتي بأنه «مكسب كبير لمجال صناعة المحتوى». وأردف أن «(تيك توك) دفع إلى المنافسة، ومن ثم التطوير، الذي يصب في صالح المستخدم... والدليل الدفع بخدمات (الريلز)، وكذلك تشجيع صناع المحتوى ودعمهم بوعود ربحية».
ووفق جيمس لي، العضو المنتدب في شركة «ميزوهو» اليابانية العملاقة للأوراق المالية، فإن «إنستغرام» هو أحد الأصول الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية لـشركة «ميتا» مقارنة بجميع تطبيقاتها، لا سيما أن عدد مستخدمي «فيسبوك» شهد بعض الجمود واستقر على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، بينما انخفض المبلغ الذي يحققه لكل مستخدم إلى أدنى مستوى في ستة أرباع مالية»، حسب ما نشره موقع «ياهو فاينانس» منتصف نوفمبر الحالي.
وهنا يقول فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، إن «(إنستغرام) بات الحصان الرابح بعد خروج (فيسبوك) من المنافسة». وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «الأرقام تؤكد أن جيل الألفية ما عاد معنياً بمنصة (فيسبوك)، وعلى العكس (إنستغرام)، التي تمتلك ثلاث أدوات من شأنها المراهنة عليها، هي: (الريلز) و(الستوري) والبث المباشر. غير أن هذه الخطة القصيرة المدى لن تحظى بمردود سريع كما تظن الشركة الأم».
رمزي يرهن خطة جذب المعلنين بعاملين هما: زيادة عدد المستخدمين من جانب، ودعم التطبيق بخدمات مستحدثة من جانب آخر، ما يعني الابتكار والخروج من شرنقة نسخ خدمات المنصات الأخرى. ويشير إلى أنه «خلال الأسابيع الأخيرة قدم (إنستغرام) نسخة (ويب) مدعمة بخدمات كانت مقتصرة على تطبيق الهاتف المحمول. وهذا من شأنه أن يسهل على المستخدم التعامل مع المنصة من أي جهاز بالتجربة ذاتها».
ومن ثم يصف رمزي صناع المحتوى بـ«الرهان الرابح»، ويوضح: «بنظرة على تطبيق (تيك توك) تتكشف لنا أدوات النجاح... فهذا العملاق الصيني نجح في دعم صُناع المحتوى، سواءً من الناحية الربحية أو الرواج، وهو ما لم تستطع (ميتا) اللحاق به». وهو الآن يتوقع أن «تذهب الشركة الأميركية العملاقة إلى الدعم المادي لصُناع المحتوى مع بداية العام الجديد».

الاشتراكات والمحتوى الحصري
في سياق متصل، ثمة اقتراحات تلوح في الأفق عن أطروحة الاشتراكات للمحتوى الحصري كنموذج عمل، لا سيما بعد تحقيقه أرباحاً لكيانات صحافية مثل «نيويورك تايمز» و«تلغراف»، وكذلك منصات الترفيه مثل «نتفليكس» و«شاهد». غير أن الخبراء يعدون منصات التواصل الاجتماعي «نموذجاً له خصوصيته ما يحول دون نسخ التجربة».
عودة إلى سلطان الذي توقع أن يواجه «تقديم محتوى حصري وخدمات لمشتركين يتميزون بدفع اشتراك، بموجة اعتراضات عارمة في البداية، ولكن بعد ذلك ربما يحقق هذا النموذج مردوداً بين الراغبين بالرفاهية والتميز، على شاكلة تجارب منصات الترفيه والقنوات الرياضية». أما رمزي فيرى أن نموذج الاشتراكات لم يحقق نجاحاً فيما يخص منصات التواصل الاجتماعي. ودلل على ذلك بأنه «حين اقترح إيلون ماسك ربط العلامة الزرقاء بتحصيل رسوم 8 دولارات شهرياً، تابعنا ردود الفعل الرافضة التي أجهضت التجربة قبل انطلاقها. الأمر الذي يعني اعتياد جمهور السوشيال ميديا على المجانية، وأنه ما زال غير جاهز لنموذج بديل». ومن يشير إلى أن «الأزمة الراهنة بحاجة إلى حلول مبتكرة... وعلى المنصات أن تقدم خدمات جاذبة، وإلا واجهت مزيداً من العزوف من قبل المستخدمين، ومن ثم خسائر أكثر قسوة».


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».